الاثنين، سبتمبر 01، 2008

أيها الفلسطينيون كلكم تتحملون المسؤولية

د. صلاح عودة الله
قال الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: إنّا نحبّ الورد ، لكنّا نحبّ القمح أكثر..و نحبّ عطر الورد ، لكن السنابل منه أطهر..فاحموا سنابلكم من الأعصار, بالصدر المسمّر..هاتوا السياج من الصدور..من الصدور ؛ فكيف يكسر؟ إقبض على عنق السنابل, مثلما عانقت خنجر..!الأرض ، و الفلاح ، و الإصرار, قل لي : كيف تقهر؟ هذي الأقانيم الثلاثة, كيف تقهر؟ أيها الراحل العظيم,لم يستطع العدو ورغم جبروته وقوته أن يقهر أقانيمك الثلاثة هذه..ولكن ابناء شعبك الأشاوس تمكنوا من قهرها باقتتالهم الداخلي..فهنيئا لهم..! ألاخوة والأخوات,الرفاق والرفيقات,يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل, يا أبناء أبو عمار وجورج حبش والشيخ أحمد ياسين: انه لمن المعروف لدى الجميع بأن حالة من التشرذم والانقسام تعصف بقضيتنا الوطنية لم نشهد لها مثيلا منذ انتصاب الكيان الصهيوني فوق ربوع بلادنا الغالية..حالة أدت الى اقتتال داخلي ودموي بين الاخوة الأعداء في حركتي فتح وحماس,فأصبح الدم الفلسطيني يسيل كالمياه..والنتيجة الانفصال الجغرافي بين ما تبقى من الوطن المسلوب..ونجحت خطة"دايتون" بتحويل هذا الجزء المتبقي الى كانتونات لا حول لها ولا قوة.فقطاع غزة محاصر ويعيش معيشة القرون الوسطى..وهو يعيش تحت رحمة الكيان الصهيوني, يحركه كما يحرك لاعب الشطرنج احجاره..وأما الضفة الغربية فهي محتلة بالكامل ولا سلطة لها. ومن المعروف ايضا بأنه لم تنجح أية وساطة لحل الخلاف بين الأطراف المتصارعة بما فيها اتفاق مكة المكرمة, والسبب وجود أطراف وعناصر ومن الطرفين لها مصالحها الشخصية وليست معنية بانجاح أية وساطة. المفاوضات الفلسطينية- الصهيونية: بعد أن عاد الفلسطينيون و"الاسرائيليون" الى جولة جديدة من المفاوضات لتحقيق ما يسمى بالسلام في شهرتشرين الثاني عام 2007 وذلك في اطار ما يسمى بمؤتمر السلام في الشرق الأوسط والذي انعقد في مدينة انابوليس الأمريكية, وكان هدفه المعلن هو التوصل الى اتفاق قبل نهاية العام الحالي واحلال السلام في المنطقة,وأما الهدف الحقيقي منه هو انقاذ الادارة الأمريكية الحالية من تورطها وخسارتها في تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية وفي كل الجبهات.ومن المعروف ان هذه الادارة ستودع البيت الأبيض "سود الله وجهه" في نهاية العام الحالي.
واذا قمنا بدراسة ما حصل منذ انعقاد هذا المؤتمر المشؤوم حتى يومنا هذا فسنجد ان الطرف الفلسطيني المفاوض كان الطرف الضعيف وبالمقابل كان الطرف الاسرائيلي هو القوي وهو الذي يفرض املائاته وشروطه في ادارة المفاوضات..هذه المفاوضات التي وصفها البعض بالعبثية,وانه لا جدوى منها, وبينما وصفها اخرون بأنها مضيعة للوقت ليس الا..لقد قمنا بتحذير السلطة الفلسطينية وزامتها بألا يشاركوا في مؤتمر الشؤم هذا ولكن اصرارهم تغلب على كل شيء, لأنهم ما زالوا يراهنون على وعود مجرم الحرب وزعيم الارهاب العالمي"بوش الصغير" ووزيرة خارجيته الشمطاء. ان الاصرار على مواصلة المفاوضات خلال الاشهر المقبلة سيكون مضيعة للوقت, التركيز ينبغي ان يكون على قضايا اهم في مقدمتها تحقيق وحدة الموقف الفلسطيني والخروج بمبادرة عربية لانهاء حالة الانقسام بين الضفة وغزة ودعم جهود التهدئة في غزة ومناطق الضفة وتنسيق حملة عالمية لفك الحصار المفروض على قطاع غزة, ووضع خطة عربية لحماية القدس من التهويد وحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية, وبالتزامن مع ذلك وقف الاتصالات مع "اسرائيل" بشأن العملية السلمية...فلا سلام ولا مفاوضات مع المجرمين والملطخة أيديهم بدماء ابناء شعبنا..فلا يكاد يمر علينا يوم الا ونتذكرفيه مجزرة ارتكبت بحق شعبنا على أيدي هؤلاء القتلة, ولا ابالغ حينما أقول بأن شعب فلسطين سيدخل ان لم يكن قد دخل موسوععة "غينيس" لكثرة المجازر التي ارتكبت بحقه. الوضع الفلسطيني والعربي والاسلامي: كيف لا يجرؤ الكيان الصهيوني بالاعتداء علينا وعلى مقدساتنا وهم يلحظون الغيبوبة والشلل التي يعانيها العالم العربي والاسلامي الرسمي والإفلاس السياسي الذي يميزه؟ فلم يعد عنده ما يقدمه ومنذ سنوات طويلة للصراع العربي الصهيوني سوى مبادرة سلام يعرضها بإلحاح على"إسرائيل" والتي ترفضها باستهتار. ثم أين تقع القدس وما يجري فيها في اهتمامات السلطة الفلسطينية والتي جعلت المفاوضات خيارها الوحيد واليتيم؟ الفراغ والتيه الذي يعانيه العالم الإسلامي سرعان ما تملؤها أشرطة تهدد وتكفّر وتتحدث عن مقدسات ضائعة وحكومات لا مبالية, ليجد ذلك الفكر صدى عند المحبطين من الشباب لينتقلوا من اليأس إلى التعلق بالوهم. استمرت الفتنة واستفحلت وخسر فيها شعبنا أرواحاً عزيزة ، وهدمت معاولهم في سنة أو أقل ما بناه جيل كامل من المناضلين والشهداء العظام ، بل أكثر من هذا أعمار مئات الآلاف ممن قضوها في المعتقلات وكذلك المقعدين والثكالى وغيرهم من أبناء الشعب الذي لم يبخل بكل عزيز من اجل حريته وعودة أبنائه لوطنهم. لم يشفع لهذا الشعب المبتلي بقياداته كل التضحيات ، لم يشفع له قرن من الحزن والألم والمعاناة ، فأتى هؤلاء ليكافئوه بقتل أبنائه وتدمير بنيته الاجتماعية وتأبيد تشرده وتعميق أحزانه ، وبرغم كل صرخات الألم والرجاء من كل المخلصين في الوطن والشتات ، ومعهم الأغلبية من أبناء الأمة العربية لوقف هذا النزف والعودة لجادة الصواب ، إلا أنهم استمروا في القتل والمطاردة والحصار ، واستمر شعبنا في تسديد فواتيرهم الدموية البشعة والمشبوهة من خيرة أبنائه المغرر بهم ، والذين كنا نحسبهم ذخرنا وحلمنا في مستقبل أفضل لشعبنا ولقضيتنا .ولأننا تحدثنا وكل كتابنا الكرام الوطنيين والعروبيين حول أسباب الفتنة وتداعياتها وسبل علاجها ، ولم يترك هؤلاء فكرة إلا وطرقوها بحثاً عن حل يرفع المعاناة عن كاهل شعبنا ويعطيه متنفساً لمواجهة هي الأقسى والأعنف لأي شعب ابتلى بالاحتلال المدعوم أمريكيا. وقد لاحظنا أن قسماً من كتابنا ومثقفينا يتناول موضوع الفتنة ونتائجها الكارثية من موقعه الحزبي والفصائلي ، الأمر الذي لا يساهم إيجابا في العلاج للمعضلة المعقدة التي تواجهنا ، ومع كل الاحترام لموقف هذا الزميل أو ذاك حول رؤيته لما يجري وتحميله المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك ن وهذا حق لا ننكره عليهم إلا أننا نناشدهم جميعاً على كافة انتماءاتهم الحزبية والعقائدية بان يولوا وجوههم شطر المسجد الأقصى وحيفا ويافا ، وباختصار تجاه فلسطين التي ما زالت تنتظر أبناءها منذ ستين عاماً..فهل من مجيب؟
المطلوب: ما يعني الشعب الفلسطيني الخروج من حالة الصراع ألعدمي بالتوجه للحوار الوطني الصادق، ولن يكتب لهذا الحوار النجاح بإتباع تكتيكات مكشوفة من طرفي الصراع، وببدو أن مقدمات الحوار الثنائي في القاهرة لا تبشر بخير، وخاصة أن هناك من يصب الزيت على نار الخلاف الداخلي لان مصالح هؤلاء لا تتحقق إلا بتعميق الخلاف والإبقاء على حالة الاقتتال الإعلامي، لذلك لا بد ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك المسارعة في تفعيل لجان الإفراج عن المعتقلين السياسيين في السجون الفلسطينية لان من حق الشعب الفلسطيني على قيادته أن تنتبه للحالة التي تسيطر على عشرات الآلاف من البيوت الفلسطينية التي أما فقدت أبنائها جراء الجرائم الإسرائيلية أو لا زالت تنظر أن يفك اللة أسرهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي، والأكيد لا يمكن المقارنة بين المفتاح الذي يحمله السجان الإسرائيلي ومفتاح السجون الفلسطينية ففي الثانية الإمكانية واردة لتبييض السجون ووضع حد للفتك بالوطنيين الذي آن الأوان أن يتحرروا من السجون الفلسطينية ويقضوا رمضان بمعية أسرهم لا في الزنازين المظلمة التي جلبت العار والخجل لشعبنا. أما آن لهذا الجرح الفلسطيني النازف أن يلتئم؟ وهذا العقل الفلسطيني الواعي، الذي أفشل على مر عقود من السنوات كل المؤامرات التي حيكت ضد قضيته، أما آن له أن يثوب إلى رشده، وأن ينظر إلى الأمور بالمنطق السليم الذي ينبغي أن يتم النظر إليها من خلاله؟ ألا تكفي الجسد الفلسطيني كل هذه الطعنات التي تلقاها وما يزال منذ ستين عاما ويزيد، حتى يتم الإجهاز عليه بيديه وبخنجره وبسلاحه الفردي؟! ونقول سلاحه الفردي لأنه لا منطق معقول يجيز أن يستمر هذا التدهور وهذا الانفلات غير المسؤول في التعامل بمصير الشعب والقضية، اللهم إلا إذا كان الأمر مجرد حسابات ومصالح شخصية وحزبية وفئوية ضيقة وصغيرة لا قيمة لها أمام عظم وضخامة ما تتعرض له القضية من مخاطر واستهداف. نعم لقد آن الأوان لكي يلم الفلسطينيون هذا الجرح ويخيطوه ويحرصوا على التئامه وبرئه مما علق به من تلوث. وليس معنى هذا أن الظرف كان قبل ذلك يجيز لهم أن يجرحوا أنفسهم وأن يجلدوا ذاتهم وأن يقتل بعضهم بعضا وأنه الآن فقط حان الوقت لكي يغادروا فعلتهم تلك، فسفك الدم الفلسطيني بالسلاح الفلسطيني كان دائما خطا أحمر، لكنهم، في غفلة منهم، تجاوزوا هذا الخط، وسمحوا لأيديهم بأن تمتد إلى صدورهم فتطعن وتقتل وتعتقل وتتهم، وقد آن الأوان لكي يقفوا عند حدهم فلا يوغلوا في غيهم أكثر مما أوغلوا. هل يدرك "المسؤولون" الفلسطينيون عن استمرار هذه المهزلة، مهما كان اتجاههم، أن ما سيحققه أي منهم على غريمه وخصيمه لن يكون نصرا؟ ولن يكون أكثر من نقطة سوداء ليس في تاريخه هو فحسب، وإنما في تاريخ وصفحة النضال الفلسطيني كله، الساعي للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني الجاثم على تاريخ وصدر وأرض الفلسطينيين. لا شيء يبرر استمرار الطعن والطعن المقابل، ولا شيء يبرر الامتناع والامتناع المقابل عن الجلوس إلى طاولة واحدة ووضع جميع الأوراق تحت مجهر البحث والنقاش والحل، فما بين الفلسطينيين ليس سلطة وحكومة ومناصب يجوز لهم أن يتقاتلوا عليها ومن أجلها...ما بينهم تاريخ طويل من النضال والمعاناة والصبر والجراح والألم والنضال المشترك والمصير الواحد، ما بينهم مئات الآلاف من الشهداء سقطوا فوق تراب أرضهم راضين صابرين لأنهم كانوا يدركون أنهم بتضحيتهم بأرواحهم وأنفسهم إنما يقدمون لشعبهم مستقبله ولأرضهم حريتها، ولم يدُر بخلدهم لحظة واحدة أنهم يقدمون لهذا كرسيا ولذاك منصبا. اننا وبتصرفاتنا الوحشية والهمجية هذه قدمنا للعدو ما كان يحلم به بل ما كان يحلم بجزء بسيط جدا به وعلى طبق من ذهب..نعم لقد نجح هذا العدو اللعين أن يعيدنا الى ما قبل منتصف العصر الجاهلي..الى قبائل ومجموعات كداحس والغبراء..فلا قوانين ولا شرائع وكل يغني على ليلاه...! لم تضِع الفرصة من "القادة" الفلسطينيين بعد، وما زال باب الأمل مفتوحا أمامهم، لكنّ عليهم أن يدركوا أن هذا الباب لن يظل مشرعا إلى الأبد، وأن للقلوب مرحلة من التحمل تقسو بعدها، وللنفوس حدا من الصبر تسأم عند نفاده، وحين ذاك لن يقف الشعب مكتوف الأيدي إزاء من يتخذ من دمه وقضيته ومصيره لعبة يلهو بها، وحين ذاك أيضا لا يلومنّ أحد إلا نفسه، فلا معنى لاستمرار الموت الفلسطيني من كل الجهات، وبخاصة من تلك التي تصورَ الشعبُ أنه سيسند إليها يوما ظهره المثقل بالجراحات والألم. الى الاخوة الأعداء:وأما للأخوة الفرقاء الذين يتصارعون على كراسي السلطة في فلسطين فأقول: كفى.. توقفوا، كفاكم استهتارا بأقدس قضية، توحدوا حول الأقصى وأمتكم ستتوحد من ورائكم.. فخلافاتكم وصراعكم المحموم على السلطة وقتلكم لبعضكم البعض دفع عدونا للاستهانة بنا، والتجرؤ على المساس بأقصانا، لن تنفعنا حركاتكم السياسية وخطابتكم النارية، وجهوا بنادقكم للدفاع عن الأقصى أيها السادة، وليس للدفاع عن كراسيكم الهالكة..وجهوها في صدر من ينتهك اعراضكم ويهدم بيوتكم ويقتل اطفالكم ونسائكم وشيوخكم. اليسار الفلسطيني: لقد خابت الامال في ما يطلق على نفسه اليسار الفلسطيني, فلم يقم بالدور الذي كان متوقعا منه...لقد تخطينا مرحلة الخطابات والشعارات الرنانة والقاء الخطب وكتابة البيانات المنددة والدعوة الى التجمهرات, وحان زمن العمل..لقد اخفق هذا اليسار اخفاقا شديدا,وكل تخوفي الا يعود الى عهده الذي عهدناه. اننا ومع حلول شهر رمضان المبارك نرفع الدعاء الى الله من أجل شعبنا ومن أجل أرضنا المقدسة مؤكدين تمسكنا بمقدساتنا وثوابتنا ودفاعنا عن القضية الفلسطينية التي هي أنبل قضية أنسانية عرفها التاريخ الأنساني الحديث. ان محبتنا لفلسطيننا ولشعبنا لا يعبر عنها بالكلمات وما نتمناه لشعبنا هو الحرية والكرامة والأستقلال والأنعتاق من نير الأحتلال...انني انتهزمناسبة حلول هذا الشهر الفضيل لكي أجدد مطالبتي وندائي بأن يتوحد ابناء شعبنا لكي يكونوا جبهة قوية متراصة في مواجهة المؤامرات التي تستهدف قضيتنا العادلة. فتوحدوا يا أيها الفلسطينيون وبكافة أطيافكم لأن قوتكم في وحدتكم وتشرذمكم وأنقسامكم لا يستفيد منه إلا أولئك الذين لا يريدون مصلحة شعبنا. ففي الوقت الذي نعايدكم ونعايد انفسنا بحلول شهر رمضان المبارك نتمنى منكم أن تعودوا الى طاولة الحوار وأن تتواصلوا وتتوحدوا خدمة للقدس ونصرة لمقدساتها وخدمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. نعم, لقد فشلت كل المؤتمرات باعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية..من القاهرة..الى مكة..الى الدوحة..وصنعاء, والحبل على الجرار..والسؤال الذي يطرح نفسه:هل لهذه الدرجة هانت عليكم أرواح مئات ألألوف من الشهداء الذين قضوا من أجل التحرير والتحرر؟هل هانت عليكم القدس ومن تحتضن في رحمها؟وما مع قدوم الشهر الفضيل, هل سيهون هو أيضا عليكم؟ وفي النهاية أتمنى أن يكون هذا الشهرالفضيل شهر الوحدة الفلسطينية وإنجاح الحوار الفلسطيني لمواجهة الاحتلال وتحدياته..!

-القدس المحتلة

ليست هناك تعليقات: