سعيد علم الدين
لا يسعنا الا ان نحي نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان على مواقفه السياسية الوطنية الصريحة التي عبر عنها كأعلى ممثل ديني للطائفة الشيعية اللبنانية الكريمة في حفل إفطار"الوحدة الوطنية" في مقر المجلس في 17 أيلول 08.
هذه المواقف هي بحد ذاتها تعبير حقيقي عن ضمير ووجدان الطائفة الشيعية المغلوب على أمرها والمصادر قرارها من خلال هيمنة السلاح والمال وأدوات القمع المخابراتية التي يمارسها إرهابا وبلطجية حرس الثورة الإيراني اللبناني المسمى تقية "حزب الله" وتوابعه.
إنها لمفاجأة رمضانية مباركة وسارة أن يتوجه الشيخ قبلان، بالكلام إلى الرئيس السنيورة، قائلاً:" ثقتنا بك كبيرة، ونطالبك بإقفال المكاتب المسلحة في بيروت، ونزع السلاح المنتشر في كل لبنان".
هذا الكلام وبهذه الصراحة والوضوح افتقدناه منذ سنوات من رموز الطائفة الشيعية الكبار، التي تعتبر أحد أعمدة قيام الدولة اللبنانية السيدة المهابة القادرة المستقلة، وفيه بلسمة للجروح بعد الحملة العدوانية الشرسة، والإرهابية المجرمة، والظالمة الكاذبة المفترية التي تعرض لها دولة الرئيس فؤاد السنيورة على يد "حزب الله" وتوابعه.
أما حسن نصر الله فإنه يتحدث في النهار عن الدولة القوية القادرة ويعمل في الليل مع سرايا دفاعه وحلفائه على تخريب اقتصادها والعبث بأمنها، وضرب أسسها الديمقراطية والهيمنة على مؤسساتها الدستورية، وزعزعة استقرارها، وشل قرارها من خلال الاعتداءات المتكررة على الجيش وعلى الآمنين من اللبنانيين كما حدث مؤخرا في تعلبايا. وَعَدَ نصر الله بتسليم الجاني وحتى الان لم نسمع خبر تسليمه للقوى الأمنية لتتم محاكمته لكي يرتدع الآخرون عن الاعتداء على المواطنين الصالحين.
فالمعتدي هنا هو انسان شرير مفسد ومخرب ومن يحميه هو شريرٌ ومفسد ومخرب مثله حتى ولو تعمم بأكبر عمامة، والتحى بأطول لحية، وتسربل بأفخر جبة.
ألا يعتبر هذا الكلام المباشر من الشيخ قبلان أعلى رمز ديني للطائفة الشيعية في لبنان دعوة صريحة الى الدولة لتشمر عن ساعديها وتقوم ببسط سلطتها الشرعية على أراضيها وتعمل على تطبيق القرارات الدولية ونزع أسلحة الميليشيات كلها من دون استثناء ومن ضمنها منظمة حزب الله المتمردة على الشرعية اللبنانية والقرارات الدولية.
أصلا من له مكاتب مسلحة وميليشيات منفلتة في بيروت سوى جماعة 8 آذار وبالأخص منظمات حزب الله وأمل والقومي السوري وباقي الشلل والزعران؟
إنها لمفاجأة رمضانية مباركة وسارة أن يؤكد سماحة الشيخ قبلان على لبنان التعددي الحضاري ، لبنان الرسالة في صيغة عيشه المشترك للمذاهب والأعراق والأديان، والأهم قوله " لبنان الجوهرة في محيطه".
ولماذا لبنان جوهرة في محيطه؟
ولماذا الدول الأخرى المحيطة به ليست الجوهرة؟
ولماذا لبنان هو الواحة الوارفة الظلال الغناء في محيطه الصحراوي؟
السبب هو نظامه الديمقراطي البرلماني الليبرالي الحر، والحرية التي يتمتع بها شعبه الطيب المنفتح الخلاق، وصحافته الحرة الجريئة وإعلامه المتفوق، وتعملقه بشهداء ثورة الأرز الأبرار، ودوره الوسطي المميز في محيطه العربي. أي أراد الشيخ أن يقول أن لبنان هو جوهرة العالم العربي وهو لم يبالغ في ذلك مع أملنا أن تصبح كل الدول العربية جوهرة مشعة في هذا العالم المتسارع الخطى نحو الأفضل. والبقاء على هذه الكرة الأرضية هو فقط للأفضل: علماً واشعاعاً. ولبنان رغم المآسي والمؤامرات يشع كالجوهرة علما وإعلاما وانفتاحا على الآخر !
يدحض الشيخ قبلان في كلامه أيضا مزاعم كل من يردد صباح مساءً على مسامع اللبنانيين كجماعة "حزب الله" فكرة العداء لإسرائيل. وكأن اللبنانيين يهرولون لمصافحة ومصالحة ومفاوضة العدو الإسرائيلي، بقوله: " لبنان وحده بكل طوائفه ومناطقه، هو يحمل راية العداء ضد إسرائيل".
نعم يا سماحة الشيخ قلتها وهي كلمة حق يجب ان تقال. فلبنان وحده اليوم وبكل طوائفه هو من يحمل راية العداء لاسرائيل على اكتافه المرهقة ويتحمل الحروب والكوارث والأعباء التي يكاد يندثر تحتها بفضل غباء بعض الابناء ولؤم بعض الاشقاء. ولبنان وشعبه بكل طوائفه لا يحتاج الى فحص دم في العروبة والمقاومة والنضال والفداء.
إنها لمفاجأة رمضانية مباركة وسارة أن يؤكد سماحة الشيخ قبلان التالي "مجتمعنا اللبناني من أفضل المجتمعات ونحن نعتز به مع احترامنا للآخرين". هو هنا يرد على اتباع نظام ولاية الفقيه الشمولي الذين يريدون تخريب المجتمع لاستتباعه بإيران. وهو يرد ايضا على اذناب النظام الشمولي السوري الفاسد الذين يريدون عودة كابوس الوصاية السورية لتمزيق ما تبقى من طيبة في المجتمع اللبناني.
نعم المجتمع اللبناني التعددي الديمقراطي الحالي افضل بملايين المرات من مجتمع ولاية الفقيه الشمولي الظلامي ومجتمع البعث الدكتاتوري المخابراتي.
الشيخ قبلان يطلب بطريقة غير مباشرة ممن اعتدى على كرامة بيروت والجبل في غزوة 7 ايار بالتراجع عن هذا الخطأ الفادح بقوله" من منا لم يخطئ كلنا أخطأنا ولكن الرجوع عن الخطأ والعصبية والاهانة فضيلة".
ويتابع الشيخ قبلان قائلاً " لبنان زينة الشرق وجوهرته".
ولكن للاسف يا سماحة الشيخ فان حزب الله وحلفائه يجهدون في تخريب هذه الزينة بزرعها بمربعات شريعة الغاب واحتلال الجرود والجبال، وتوزيع السلاح على الأزلام، ويعملون المستحيل لتحويل هذه الجوهرة المشعة التي يعتز بها كل لبناني وعربي إلى قطعة حديد صدئة.
وفخرا بلبنان الرسالة والتنوع والأديان والمذاهب والحضارة والعلم والحرية والديمقراطية والتعددية والصحافة والاحزاب والتيارات والفكر المستنير يقول الشيخ: " لا يوجد في العالم دولة كلبنان" .
صدقت يا سماحة الشيخ قبلان!
فلنحافظ جميعا على هذا البستان المزركش بأبهى الألوان!
الجمعة، سبتمبر 19، 2008
ولماذا لبنان جوهرة في محيطه؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق