شوقي مسلماني
تعاظمت الدعوة إلى الإنقلاب السلمي على الملكيّة في أستراليا، وكان رئيس الوزراء الفيدرالي الأسبق بول كيتنغ هو رائد هذا الإنقلاب آملاً أن تتحوّل أستراليا إلى جمهوريّة، غير أن رئيس الوزراء الفيدرالي السابق والملكي جون هاورد الذي اشتهر بالذكاء والحنكة سرعان ما دعا إلى استفتاء في انتخابات سنة 1999 ليقرّر الشعب الأسترالي لا نخبته ما إذا كان يريد أستراليا جمهوريّة، وكانت النتيجة مخيّبة لآمال الجمهوريين.
وخلال قمّة "أستراليا 2020" التي شهدتها كانبرا أخيراً واشترك فيها أكثر من ألف شخص يمثّلون نخبة الشعب الأسترالي في كلّ حقول المعرفة تقريباً استيقظت فكرة أستراليا جمهوريّة من جديد كأنّها ترفض أن تموت على رغم نتائجها التي قد تكون وخيمة على حزب العمّال الحاكم في الإنتخابات الفيدراليّة المقبلة سنة 2010 ...
والمحافظون الأستراليّون يدركون شكليّة هذه المسألة المناسبة جدّاً لحرف الأنظار عن مسائل أكثر جذريّة ومنها حجم التبعيّة للولايات المتّحدة الأميركيّة وسياساتها حول العالم ونوعيّة البرامج الإقتصاديّة والإجتماعيّة المطروحة على الأستراليين وطبقاتهم الدنيا والوسطى ... وبالتالي لا بد من اصطياد الفرصة وإعادة تجديد شباب المعارضة انطلاقاً من هذه المسألة بالذات.
وفعلاً لم يجد وزير الخارجيّة السابق الكسندر داونر الذي طالما جرى توصيفه بأنّه رجل أميركا المعتمد أفضل من الهجوم على الحكومة العمّالية و"قمّة 2020" التي كانت مظاهرة سياسيّة وثقافيّة وتاريخيّة من القول أن القمّة ليست سوى حملة عمّاليّة للإنقضاض على الملكيّة بدفع من نخبة تتمثّل السيّد بول كيتنغ وليس السيّد راد سوى أداة، ولمزيد من التخويف أردف، ومثله يدّعي الملكيّون في تصاريح، أن العمّال سينكّلون من كل سبيل بمؤيّدي الملكيّة المعارضين للجمهوريّة ... وهو يظن حقّاً أنّه يعيد ترتيب صفوف الشريحة الواسعة من الأستراليين المتعاطفين مع التاج ...
وهذا بالضبط ما تنبّه له السيّد راد واختار الحياد مؤكّداً أن خيارات أستراليا المستقبليّة كلّها يبتّ فيها الشعب الأسترالي ولا خيار من فوق تحت أي ظرف من الظروف، وتابع أنّه يؤمن بأستراليا جمهوريّة يوماً إنّما لا يكون ذلك إلاّ باستفتاء عام وهذا الإستفتاء لن يكون في القريب المنظور.
وكذلك تمضي السياسة: مناورات ومناورات ومناورات والأقلّ خللاً له يُعقّد لواء الإنتصار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق