سعيد الشيخ
المشهد عبثي للغاية...
اذا مالت المؤشرات الى الحرب، نتفاجأ بالسلام . واذا مالت الى السلام ، تداهمنا الحرب.
وكأن اليوم غير البارحة، لا شيء يتشابه، النقائض وحدها هي الاحتمال الوارد في وسائل الاعلام.
اعلام على خطى السياسة يقرأ علينا بيانات النار في اشتعالاتها تارة، وبيانات الثلج في ذوبانه تارة اخرى .ونحن بين شتاء وصيف، نرتجف بردا ونتفصد عرقا.. نخلع معاطفنا ونعود نرتديها، وكل ذلك بين اليوم والبارحة.وكأن دهرا قد مر من الانتظار والترقب.
لا وجه للسياسة ، خلعته من قبل ان تبدأ طبقة الاوزون ارسال الاحتباس الحراري ليعيث خرابا بغلاف كوكبنا الارضي ويحيل المناخ البارد الى ساخن ، والساخن الى بارد... ومن قبل ان يحترف جورج دبليو بوش السياسة وتنقلب الحكمة الى حمق وصاحب الحمق يصير حكيما.
وصاحب رؤيا الدولتين اياه لا يفقه ان التنقيب في الاساطير القديمة يتناقض مع الديمقراطية وحقوق الانسان ولا يأتي بالسلام...
لأن المنطق ببساطة يقول ان التاريخ غير الخرافة.
فأن نقول ان فلسطين هي بلاد الشعب الفلسطيني، فهذا شيء من التاريخ.. اما ان يقولوا ان فلسطين ( وهذا اسمها منذ مهد الحضارات ) هي وطن اليهود ، فهذه خرافة الخرافات.
فكيف للدول العصرية، والعصرية جدا ان تؤمن بالخرافات؟ وتقيم الحروب بالتكنولوجيا الحديثة من اجل تثبيتها كأمر واقع...ان في الامر بلطجة ولصوصية وممارسات قذرة على عكس ما نراه من تهذيب ودبلوماسية في المحافل الدولية.
وبين التاريخ والخرافة تقع الحرب والسلام.
ويقع المعقول واللامعقول حتى ان الخيال يقفز فوق الواقع..
يقفزالرئيس المصري على التاريخ ويبعث ببرقية تهنئة لانتصار الخرافة.
ويقفز رئيس مجلس الشعب في مصر على اتفاقيات كامب ديفد ويقول : ان تحرير فلسطبن يحتاج الى القوة!
وقبل كل هذا وذاك يستنكر ويدين الرئيس الفلسطيني اعمال المقاومة الفلسطينية، حين دخان المحرقة يتصاعد من قطاع غزة.
وصمت يطبق على العواصم وعلى الحواضر.
وكل شيء، وكل الاحتمالات في مشهد الرماد او مشهد الدماء بانتظار لون وشكل التهدئة.
**************
للحرب شروطها كما للسلام شروطه..
وبين هذه وتلك يشخص فن الممكن الذي يخترق العجائب.
وكانت شروط الحرب الاهلية في لبنان قد اكتملت، لساعات قليلة وتنقلب ليحل مكانها اكتمال شروط السلام.
كأن في الامر سحرا.. سياسة غرائبية تبدد المعطيات وتأتي بغيرها.
ولكن ما الذي تغير بين ليلة وضحاها؟
المعقود يتفكفك، والمنغلق ينفتح،والممنوع مسموح، وافق من الدخان الاسود ينزاح عن اسراب من الحمام قد ارسلتها السماء!
هو انقلاب بالمقلوب، وعلى غير المألوف. وعلى غير معنى الفتنة التي ذهبت احدى الفضائيات على رعايته.
هو تأكيد جديد للنظرية التي تقول: ان السلام يلد من رحم الحرب.
والأهم هي بيروت المدينة الواضحة الى حد استعصاء فهمها!
هي عاصمة الفرح تجترحه كل مرة من قلب الجحيم، لتسجل فرادتها كي لا تشبهها اي عاصمة اخرى.
*************
على ابواب الصيف، وما من تحليل الا وتنبأ بصيف ساخن وقال ان الحرب ترتدي بدلتها العسكرية وتتهيأ للغمار.
كان أولا استدعاء قوات الاحتياط ، والحشودات منذ صيف العام الماضي على الحدود الشمالية ، ثم تبعتها الغارة الجوية على "دير الزور". وتلتها المناورات الاكبر في تاريخ الاحتلال.
كانت الحرب قاب قوسين او أدنى. قال المحللون هي واقعة لا محالة.
وقلت في مقال هي رائحة فقط ، يدعمني تصريح وزير الخارجية السوري بأن سوريا تلتزم خيار السلام مع "اسرائيل".
كان هو اعرف العارفين بأن المفاوضات غير المباشرة تجري عند الجيران شرقا.
مفاوضات ستفضي بنهايتها بعودة الجولان الى الوطن الام، وسيتدبر الاحتلال امره من دون استراتيجية موقع الجولان الجغرافي كما يقول "حالوتس"... فالصواريخ العابرة للحدود تفقد الهضبة أهميتها العسكرية.
كما ان صناعة السلام أصعب من صناعة الحرب.
فهل بتنا في الزمن الأصعب؟
حيث قدم في الحرب وقدم في السلم... وبين مسافة القدمين متر واحد هو الحد الفاصل بين الحرب والسلام.
انها الفانتازيا التي تجعل الحياة العربية مؤجلة ومجمدة بالرغم من شموسنا الحارقة.
سعيد الشيخ/ كاتب وشاعر فلسطيني
المشهد عبثي للغاية...
اذا مالت المؤشرات الى الحرب، نتفاجأ بالسلام . واذا مالت الى السلام ، تداهمنا الحرب.
وكأن اليوم غير البارحة، لا شيء يتشابه، النقائض وحدها هي الاحتمال الوارد في وسائل الاعلام.
اعلام على خطى السياسة يقرأ علينا بيانات النار في اشتعالاتها تارة، وبيانات الثلج في ذوبانه تارة اخرى .ونحن بين شتاء وصيف، نرتجف بردا ونتفصد عرقا.. نخلع معاطفنا ونعود نرتديها، وكل ذلك بين اليوم والبارحة.وكأن دهرا قد مر من الانتظار والترقب.
لا وجه للسياسة ، خلعته من قبل ان تبدأ طبقة الاوزون ارسال الاحتباس الحراري ليعيث خرابا بغلاف كوكبنا الارضي ويحيل المناخ البارد الى ساخن ، والساخن الى بارد... ومن قبل ان يحترف جورج دبليو بوش السياسة وتنقلب الحكمة الى حمق وصاحب الحمق يصير حكيما.
وصاحب رؤيا الدولتين اياه لا يفقه ان التنقيب في الاساطير القديمة يتناقض مع الديمقراطية وحقوق الانسان ولا يأتي بالسلام...
لأن المنطق ببساطة يقول ان التاريخ غير الخرافة.
فأن نقول ان فلسطين هي بلاد الشعب الفلسطيني، فهذا شيء من التاريخ.. اما ان يقولوا ان فلسطين ( وهذا اسمها منذ مهد الحضارات ) هي وطن اليهود ، فهذه خرافة الخرافات.
فكيف للدول العصرية، والعصرية جدا ان تؤمن بالخرافات؟ وتقيم الحروب بالتكنولوجيا الحديثة من اجل تثبيتها كأمر واقع...ان في الامر بلطجة ولصوصية وممارسات قذرة على عكس ما نراه من تهذيب ودبلوماسية في المحافل الدولية.
وبين التاريخ والخرافة تقع الحرب والسلام.
ويقع المعقول واللامعقول حتى ان الخيال يقفز فوق الواقع..
يقفزالرئيس المصري على التاريخ ويبعث ببرقية تهنئة لانتصار الخرافة.
ويقفز رئيس مجلس الشعب في مصر على اتفاقيات كامب ديفد ويقول : ان تحرير فلسطبن يحتاج الى القوة!
وقبل كل هذا وذاك يستنكر ويدين الرئيس الفلسطيني اعمال المقاومة الفلسطينية، حين دخان المحرقة يتصاعد من قطاع غزة.
وصمت يطبق على العواصم وعلى الحواضر.
وكل شيء، وكل الاحتمالات في مشهد الرماد او مشهد الدماء بانتظار لون وشكل التهدئة.
**************
للحرب شروطها كما للسلام شروطه..
وبين هذه وتلك يشخص فن الممكن الذي يخترق العجائب.
وكانت شروط الحرب الاهلية في لبنان قد اكتملت، لساعات قليلة وتنقلب ليحل مكانها اكتمال شروط السلام.
كأن في الامر سحرا.. سياسة غرائبية تبدد المعطيات وتأتي بغيرها.
ولكن ما الذي تغير بين ليلة وضحاها؟
المعقود يتفكفك، والمنغلق ينفتح،والممنوع مسموح، وافق من الدخان الاسود ينزاح عن اسراب من الحمام قد ارسلتها السماء!
هو انقلاب بالمقلوب، وعلى غير المألوف. وعلى غير معنى الفتنة التي ذهبت احدى الفضائيات على رعايته.
هو تأكيد جديد للنظرية التي تقول: ان السلام يلد من رحم الحرب.
والأهم هي بيروت المدينة الواضحة الى حد استعصاء فهمها!
هي عاصمة الفرح تجترحه كل مرة من قلب الجحيم، لتسجل فرادتها كي لا تشبهها اي عاصمة اخرى.
*************
على ابواب الصيف، وما من تحليل الا وتنبأ بصيف ساخن وقال ان الحرب ترتدي بدلتها العسكرية وتتهيأ للغمار.
كان أولا استدعاء قوات الاحتياط ، والحشودات منذ صيف العام الماضي على الحدود الشمالية ، ثم تبعتها الغارة الجوية على "دير الزور". وتلتها المناورات الاكبر في تاريخ الاحتلال.
كانت الحرب قاب قوسين او أدنى. قال المحللون هي واقعة لا محالة.
وقلت في مقال هي رائحة فقط ، يدعمني تصريح وزير الخارجية السوري بأن سوريا تلتزم خيار السلام مع "اسرائيل".
كان هو اعرف العارفين بأن المفاوضات غير المباشرة تجري عند الجيران شرقا.
مفاوضات ستفضي بنهايتها بعودة الجولان الى الوطن الام، وسيتدبر الاحتلال امره من دون استراتيجية موقع الجولان الجغرافي كما يقول "حالوتس"... فالصواريخ العابرة للحدود تفقد الهضبة أهميتها العسكرية.
كما ان صناعة السلام أصعب من صناعة الحرب.
فهل بتنا في الزمن الأصعب؟
حيث قدم في الحرب وقدم في السلم... وبين مسافة القدمين متر واحد هو الحد الفاصل بين الحرب والسلام.
انها الفانتازيا التي تجعل الحياة العربية مؤجلة ومجمدة بالرغم من شموسنا الحارقة.
سعيد الشيخ/ كاتب وشاعر فلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق