راسم عبيدات
.......منذ سنين طويلة في تاريخ الوساطات العربية في المشاكل العربية الداخلية والمشاكل والخلافات داخل الدولة الواحدة،وبما فيها وساطات الجامعة العربية،كانت النتيجة الفشل ،وكان الجبل يتمخض ليلد فأراً في كل مرة،إلا الوساطة القطرية والتي حققت نصراً يتيماً في المصالحات العربية – العربية،والمصالحات الداخلية بين قوى وأحزاب في السلطة والمعارضة ،تماماً كما هو حال نصر حزب الله على القوة العسكرية الإسرائيلية في حربها العدوانية على لبنان في تموز/2006، واللافت هنا أن المصالحة اللبنانية تحققت على يد دولة قطر ذات الإمكانيات والقدرات المتواضعة،ولم تتحقق على يد دول عربية أخري،لها وزنها ودورها وقدراتها وإمكانياتها وتأثيرها على الساحتين العربية والإقليمية(سوريا ،مصر والسعودية)، ولعل الإجابة على مثل هذا التساؤل ،تقول بأن هذه الدول غير مؤهلة أو قادرة على القيام بهذا الدور،لأنها جزء من الأزمة وليس الحل،على اعتبار أن لها أهداف ومصالح منحازة لها مع الأطراف التي تدعمها وتؤيدها وتتبنى وجهات نظرها ومواقفها على الساحة اللبنانية،في حين قطر دورها الإقليمي يتعدى قدراتها وإمكانياتها، وتحتفظ بعلاقات جيدة مع كل اللاعبين داخل لبنان وعربياً وإقليميا ودولياً، وهذا بحد ذاته يؤهلها للعب هذا الدور، ويجب أن لا يغيب عن بالنا أن الوصول لمثل هذا الاتفاق، لم يكن بالإمكان تحقيقه،لو استمرت القوى والإطراف اللبنانية،تضع مصالحها وعلاقاتها الإقليمية والدولية فوق المصلحة اللبنانية وتحديداً قوى الرابع عشر من آذار، والتي ربما أحدث عندها مثل هذا التغير والتبدل بالأساس، هو ما قام به حزب الله من حسم عسكري على الأرض، وأظهر وكشف حقيقة هذه القوى ومدى عجزها وتواضع إمكانياتها وقدراتها وعدم إمساكها بالسلطة فعلياً على الأرض،والتي رأت أن استمرار رهانها على قوى خارجية إقليمية ودولية، لا تقدم لها سوى الوعود والشعارات،سيزيد من تآكل هيبتها وعزلتها عن الجماهير المعزولة عنها بالأساس، وهو ما ثبت على ارض الواقع, ولربما نذهب بعيداً في القول،بأن النجاح القطري تحقق في حل مشكلة الاستعصاء اللبناني، ربما بفضل توافقات إقليمية ودولية،أطرافها بالأساس سوريا وإيران وأمريكيا والسعودية ومصر، والتي قد تكون قد شملت أكثر من ساحة،ولعل ما يجري على الساحة الفلسطينية،من محاولات لتثبيت تهدئة بين قوى المقاومة الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية،يندرج في هذا الإطار والسياق .
وبغض النظر عن هذا التحليل وهذه الاستنتاجات،فإن ما تحقق من مصالحة لبنانية على يد الحكومة القطرية،يشكل نصراً للدبلوماسية القطرية، ويفتح الباب والأمل على أن تنسحب الوساطات العربية الجادة والمخلصة، لفكفكة الأزمات العربية الأخرى، والتي نرى أن قطر قد تكون مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور مماثل فيها على الساحة الفلسطينية ،والتي رعت السعودية اتفاق مكة بين قطبي سياستها(حماس وفتح)، ولكنه لم يصمد لكون البعض كان يسعى لنسف الاتفاق من الداخل،وكان يراهن على قوى خارجية وإقليمية، تبيعه وعود وشعارات،كما هو الحال عند قوى الرابع عشر من آذار اللبنانية،وباختصار غابت عن الاتفاق المصالح الفلسطينية العليا،لصالح المصالح الفئوية والمراكز والامتيازات، والتقاسمات الوظيفية وغيرها .
أن هذا الاتفاق المتحقق بفضل الجهود والمساعي القطرية والجامعة العربية، أخرج لبنان من دائرة الولوج والايغال في حرب أهلية مدمرة، يكون الخاسر فيها كل لبنان بمختلف ألوان طيفه السياسي وطوائفه ومذاهبه، كما أن هذا الاتفاق ضمن لكل الفرقاء موالاة ومعارضة،حفظ ماء الوجه وتحقيق جزء مما كانت تطالب به،وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وأهم شيء تحقق هنا،هو إعادة الحياة للمؤسسات الدستورية اللبنانية، لكي تقرر في الشأن اللبناني، بعد أن كان شبح التدويل يتهدد لبنان ومؤسساته،بفضل محاولة قوى الرابع عشر من آذار تجاوز هذه المؤسسات، ولكن يمكن لهذه القوى القول أن الاتفاق على دعوة مجلس النواب للانعقاد ،من أجل انتخاب العميد ميشيل سليمان بالتوافق رئيساً للجمهورية، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمثل فيها ب16 وزيراً،أي النصف +1 وكذلك تحقيق شرطها بعدم استخدام السلاح ، والمقصود هنا سلاح المقاومة في تحقيق أهداف سياسية ، وكذلك الشرط العام ببسط سيادة السيادة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، يمنحها القول بأنها حققت جزء من شروطها، بأنها حكومة دستورية وشرعية وليس كما تقول المعارضة، وأنها لم تسقط بفعل الاعتصامات الجماهيرية المتواصلة التي قامت بها المعارضة، بل بفضل التوافق والمصالحة، كما أنها ضمنت لنفسها النصف زائد 1 في الحكومة، وفي المقابل فإن المعارضة تستطيع القول بأنها حققت انجازات هامة وجوهرية،بحصولها على الثلث المعطل والضامن في الحكومة، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية،وانتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق ومن خارج إطار قوى الرابع عشر من آذار،والاتفاق على صياغة قانون انتخابي جديد،على أن يعتمد حالياً قانون الانتخابات لعام 1960 ،وكذلك سقوط القرارات غير الشرعية حول شبكة اتصالات حزب الله وإقالة مدير أمن المطار العميد وفيق شقير.
إذا ما كان مستحيلاً تحقيقه لبنانياً خلال أزمة مضى عليها أكثر من ثمانية عشر شهراً، كان الجميع يتوقع لها،أن تتجه تداعياتها نحو حروب داخلية أهلية مذهبية،تعيد لبنان لشبح الحرب الأهلية في منتصف السبعينات، ولكن على نحو أشد وأشرس،حيث التجاذبات والتعارضات والصراعات الإقليمية والدولية،كانت ترى أنه لا مناص من حسم الصراع على الساحة اللبنانية، على اعتبار أنه المدخل والبوابة لحسم الصراع على كامل المنطقة، وتحديد موقع لبنان في هذا الصراع،بأنه جزء من دول وقوى المعارضة والمقاومة والممانعة العربية والاسلامية،أو جزء من منظومة دول الاعتدال العربي الرسمي المحسوبة على أمريكيا، يحسم الكثير من هذا الصراع، ولكن على ما يبدو أن اللبنانيين جميعاً ،غلبوا المصالح العليا للبنان على المصالح الفئوية والحزبية، وكذلك جهود الوساطة القطرية المخلصة والبعيدة عن لغة المصالح والصراعات، ساهمت في تحقيق هذا الاتفاق، والذي أصر على أنه ، ساهم في تحقيقه تفاهمات إقليمية ودولية بين الأطراف والقوى المتصارعة( سوريا وإيران وحلفائهما اللبنانيين والفلسطينيين من جهة،وأمريكيا وإسرائيل والسعودية ومصر)، بحيث تشمل هذه التفاهمات التهدئة على أكثر من جبهة وساحة (الجبهتين اللبنانية والفلسطينية ،وكذلك الجبهة السورية حيث تشير المعلومات المتوفرة الى أن هناك محادثات سورية – إسرائيلية غير مباشرة برعاية تركية، وطبعاً بضوء أخضر أمريكي،فإسرائيل لا تجرؤ على القيام بهذه المحادثات والتي تتناول الانسحاب من الجولان خارج الأذن والقرار الأمريكي.
وفي النهاية يبقى ما تحقق من مصالحة لبنانية داخلية نصراً لكل اللبنانيين، وحافزاً لتحقيق مصالحات عربية أخرى وتحديداً على الساحة الفلسطينية،التي ترزح تحت الاحتلال ويخنقها الحصار ويضعفها الانقسام الداخلي بل ويقتلها.
.......منذ سنين طويلة في تاريخ الوساطات العربية في المشاكل العربية الداخلية والمشاكل والخلافات داخل الدولة الواحدة،وبما فيها وساطات الجامعة العربية،كانت النتيجة الفشل ،وكان الجبل يتمخض ليلد فأراً في كل مرة،إلا الوساطة القطرية والتي حققت نصراً يتيماً في المصالحات العربية – العربية،والمصالحات الداخلية بين قوى وأحزاب في السلطة والمعارضة ،تماماً كما هو حال نصر حزب الله على القوة العسكرية الإسرائيلية في حربها العدوانية على لبنان في تموز/2006، واللافت هنا أن المصالحة اللبنانية تحققت على يد دولة قطر ذات الإمكانيات والقدرات المتواضعة،ولم تتحقق على يد دول عربية أخري،لها وزنها ودورها وقدراتها وإمكانياتها وتأثيرها على الساحتين العربية والإقليمية(سوريا ،مصر والسعودية)، ولعل الإجابة على مثل هذا التساؤل ،تقول بأن هذه الدول غير مؤهلة أو قادرة على القيام بهذا الدور،لأنها جزء من الأزمة وليس الحل،على اعتبار أن لها أهداف ومصالح منحازة لها مع الأطراف التي تدعمها وتؤيدها وتتبنى وجهات نظرها ومواقفها على الساحة اللبنانية،في حين قطر دورها الإقليمي يتعدى قدراتها وإمكانياتها، وتحتفظ بعلاقات جيدة مع كل اللاعبين داخل لبنان وعربياً وإقليميا ودولياً، وهذا بحد ذاته يؤهلها للعب هذا الدور، ويجب أن لا يغيب عن بالنا أن الوصول لمثل هذا الاتفاق، لم يكن بالإمكان تحقيقه،لو استمرت القوى والإطراف اللبنانية،تضع مصالحها وعلاقاتها الإقليمية والدولية فوق المصلحة اللبنانية وتحديداً قوى الرابع عشر من آذار، والتي ربما أحدث عندها مثل هذا التغير والتبدل بالأساس، هو ما قام به حزب الله من حسم عسكري على الأرض، وأظهر وكشف حقيقة هذه القوى ومدى عجزها وتواضع إمكانياتها وقدراتها وعدم إمساكها بالسلطة فعلياً على الأرض،والتي رأت أن استمرار رهانها على قوى خارجية إقليمية ودولية، لا تقدم لها سوى الوعود والشعارات،سيزيد من تآكل هيبتها وعزلتها عن الجماهير المعزولة عنها بالأساس، وهو ما ثبت على ارض الواقع, ولربما نذهب بعيداً في القول،بأن النجاح القطري تحقق في حل مشكلة الاستعصاء اللبناني، ربما بفضل توافقات إقليمية ودولية،أطرافها بالأساس سوريا وإيران وأمريكيا والسعودية ومصر، والتي قد تكون قد شملت أكثر من ساحة،ولعل ما يجري على الساحة الفلسطينية،من محاولات لتثبيت تهدئة بين قوى المقاومة الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية،يندرج في هذا الإطار والسياق .
وبغض النظر عن هذا التحليل وهذه الاستنتاجات،فإن ما تحقق من مصالحة لبنانية على يد الحكومة القطرية،يشكل نصراً للدبلوماسية القطرية، ويفتح الباب والأمل على أن تنسحب الوساطات العربية الجادة والمخلصة، لفكفكة الأزمات العربية الأخرى، والتي نرى أن قطر قد تكون مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور مماثل فيها على الساحة الفلسطينية ،والتي رعت السعودية اتفاق مكة بين قطبي سياستها(حماس وفتح)، ولكنه لم يصمد لكون البعض كان يسعى لنسف الاتفاق من الداخل،وكان يراهن على قوى خارجية وإقليمية، تبيعه وعود وشعارات،كما هو الحال عند قوى الرابع عشر من آذار اللبنانية،وباختصار غابت عن الاتفاق المصالح الفلسطينية العليا،لصالح المصالح الفئوية والمراكز والامتيازات، والتقاسمات الوظيفية وغيرها .
أن هذا الاتفاق المتحقق بفضل الجهود والمساعي القطرية والجامعة العربية، أخرج لبنان من دائرة الولوج والايغال في حرب أهلية مدمرة، يكون الخاسر فيها كل لبنان بمختلف ألوان طيفه السياسي وطوائفه ومذاهبه، كما أن هذا الاتفاق ضمن لكل الفرقاء موالاة ومعارضة،حفظ ماء الوجه وتحقيق جزء مما كانت تطالب به،وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وأهم شيء تحقق هنا،هو إعادة الحياة للمؤسسات الدستورية اللبنانية، لكي تقرر في الشأن اللبناني، بعد أن كان شبح التدويل يتهدد لبنان ومؤسساته،بفضل محاولة قوى الرابع عشر من آذار تجاوز هذه المؤسسات، ولكن يمكن لهذه القوى القول أن الاتفاق على دعوة مجلس النواب للانعقاد ،من أجل انتخاب العميد ميشيل سليمان بالتوافق رئيساً للجمهورية، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمثل فيها ب16 وزيراً،أي النصف +1 وكذلك تحقيق شرطها بعدم استخدام السلاح ، والمقصود هنا سلاح المقاومة في تحقيق أهداف سياسية ، وكذلك الشرط العام ببسط سيادة السيادة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، يمنحها القول بأنها حققت جزء من شروطها، بأنها حكومة دستورية وشرعية وليس كما تقول المعارضة، وأنها لم تسقط بفعل الاعتصامات الجماهيرية المتواصلة التي قامت بها المعارضة، بل بفضل التوافق والمصالحة، كما أنها ضمنت لنفسها النصف زائد 1 في الحكومة، وفي المقابل فإن المعارضة تستطيع القول بأنها حققت انجازات هامة وجوهرية،بحصولها على الثلث المعطل والضامن في الحكومة، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية،وانتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق ومن خارج إطار قوى الرابع عشر من آذار،والاتفاق على صياغة قانون انتخابي جديد،على أن يعتمد حالياً قانون الانتخابات لعام 1960 ،وكذلك سقوط القرارات غير الشرعية حول شبكة اتصالات حزب الله وإقالة مدير أمن المطار العميد وفيق شقير.
إذا ما كان مستحيلاً تحقيقه لبنانياً خلال أزمة مضى عليها أكثر من ثمانية عشر شهراً، كان الجميع يتوقع لها،أن تتجه تداعياتها نحو حروب داخلية أهلية مذهبية،تعيد لبنان لشبح الحرب الأهلية في منتصف السبعينات، ولكن على نحو أشد وأشرس،حيث التجاذبات والتعارضات والصراعات الإقليمية والدولية،كانت ترى أنه لا مناص من حسم الصراع على الساحة اللبنانية، على اعتبار أنه المدخل والبوابة لحسم الصراع على كامل المنطقة، وتحديد موقع لبنان في هذا الصراع،بأنه جزء من دول وقوى المعارضة والمقاومة والممانعة العربية والاسلامية،أو جزء من منظومة دول الاعتدال العربي الرسمي المحسوبة على أمريكيا، يحسم الكثير من هذا الصراع، ولكن على ما يبدو أن اللبنانيين جميعاً ،غلبوا المصالح العليا للبنان على المصالح الفئوية والحزبية، وكذلك جهود الوساطة القطرية المخلصة والبعيدة عن لغة المصالح والصراعات، ساهمت في تحقيق هذا الاتفاق، والذي أصر على أنه ، ساهم في تحقيقه تفاهمات إقليمية ودولية بين الأطراف والقوى المتصارعة( سوريا وإيران وحلفائهما اللبنانيين والفلسطينيين من جهة،وأمريكيا وإسرائيل والسعودية ومصر)، بحيث تشمل هذه التفاهمات التهدئة على أكثر من جبهة وساحة (الجبهتين اللبنانية والفلسطينية ،وكذلك الجبهة السورية حيث تشير المعلومات المتوفرة الى أن هناك محادثات سورية – إسرائيلية غير مباشرة برعاية تركية، وطبعاً بضوء أخضر أمريكي،فإسرائيل لا تجرؤ على القيام بهذه المحادثات والتي تتناول الانسحاب من الجولان خارج الأذن والقرار الأمريكي.
وفي النهاية يبقى ما تحقق من مصالحة لبنانية داخلية نصراً لكل اللبنانيين، وحافزاً لتحقيق مصالحات عربية أخرى وتحديداً على الساحة الفلسطينية،التي ترزح تحت الاحتلال ويخنقها الحصار ويضعفها الانقسام الداخلي بل ويقتلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق