الجمعة، مايو 23، 2008

مضمون زيارة بوش

أسامه طلفاح

قام الرئيس بوش في آخر زيارة له للمنطقة بتحديد معالم الصراع الدائر بشكل أكثر وضوحاً، من خلال خطاباته النمطية المتكررة، صاحبة المضمون الواحد، التي تلاها من على منبر الدولة الصهيونية، و الدول العربية الأخرى التي قام بزيارتها، فكذب من جديد على نفسه و على العالم، حينما أشار أنه يسعى إلى نشر الديمقراطية و الحرية في الوسط العربي و في منطقة الشرق الأوسط، و أنه سعى و يسعى إلى نشر الديمقراطية و الحرية بكل المنطقة و لو بالقوة، و العمل العسكري، و طرح مثالاً يحتذى للديمقراطية و الحرية التي تتغنى بها أمريكا و تتباهى أنها نشرتها في أفغانستان و العراق، و ركز أن كل من العراق و أفغانستان قد تم تحريرهما و نشر ما يسمى الديمقراطية في كل منهما.
لكنه تناسى طرح أمثلة عملية واقعية تدل على مدى توغل الديمقراطية الأمريكية في كل من العراق و أفغانستان و خصوصاً العراق، فقد تناسى أن نتاج الديمقراطية الأمريكية في العراق، كانت مليون قتيل عراقي و مليون أرملة عراقية، و الكثير ممن فقدوا كلّ شيء جراء ديمقراطية بوش، التي يتغنى بها دوماً، مما أعاد العراق آلاف السنين للوراء.
و جعل بوش لنفسه الحقّ في الدفاع عن البشرية و عن الأقليات المتنوعة و المختلفة منذ القدم و لغاية الآن، متخذا ً من الدمار و الخراب الذي تقوم به قواته الوازع و الحقّ في ما يدعيه من إرادة تحرير الشعوب و خصوصا ً العربية و الإسلامية من قيد جماعات وصفها و غيره بأنها إرهابية.
كما جعل لنفسه الحق في الدفاع كما يقول عمّا أُرتكب من جرائم ضد اليهود و تناسى أن الجميع يعي تماماً أن مرجعيته الدينية الصهيونية تقر و تعترف بإيجاب قيام دولة إسرائيل و حدودها من الفرات إلى النيل، ليس بالضرورة جغرافيا، لتسيطر إسرائيل على المنطقة و لتسعى إلى تمكين نفسها بشكل أكبر مما هي عليه الآن.
فقد كانت كلماته على الدوام كمن يصبّ الزيت على النار، لا يريد لنار الفتنة أن تنطفئ في الوسط العربي .
و نستطيع أن نشاهد أمثلة كثيرة، من خلال خطابات بوش على مرّ فترة رئاسته تبين لنا مدى حقد السياسة الاستعمارية البشعة التي يشنها بوش و من معه على عالمنا.
فـ بعد أن تم إحباط محاولة تفجير طائرات في بريطانيا منذ عامين تقريباًًَ وبعد اتهام عدد من أبناء جلدتنا، خرج الرئيس الأمريكي لشاشات التلفزة العالمية و قال:
" إنها تذكرة قوية بأن هذه الأمة في حالة حرب مع الفاشيين الإسلاميين الذين يستخدمون أي سبيل لتدمير من يحبون الحرية منا، من اجل إيذاء أمتنا".
و من خلال كلماته يتبين لنا مدى الكراهية و البغضاء و الحقد للعالمين الإسلامي و العربي و أن ما تقوم به أمريكا و دول الغرب من حروب بمفهوم القرن الواحد و العشرين ما هي إلا حروب حاقدة لها تأريخ و مضامين كثيرة، و من أجل تمكين إسرائيل في المنطقة بشكل أكبر مما هي عليه الآن.
لم يكن بيوم من الأيام العرب أو الإسلام السبب في أي فتنة أو حرب أو اقتتال، و لم نكن السبب في فتنة الحرب العالمية الأولى و لا الثانية و لا حتى العاشرة، فقد اكتوينا بحروب صليبية و صهيونية حاقدة فُرضت علينا في القديم و الحديث، فرضها علينا اليهود الصهاينة الذين نالوا من الحرق و الشتات و الإهانة في بلدان أوروبا.
و إذا كانت هنالك فتنة في العراق و السودان و دمار و ضياع في فلسطين و مذابح لأهل لبنان فمن المسؤول عنها؟ أدعياء الحضارة و الإنسانية و البشرية و الحرية و من يجري خلفهم من أصحاب الفكر و الهوى الغربي الولاء و الانتماء الصهيوني و ممن يعزفون على قيثارة الفتنة و الكراهية للإسلام و العروبة.
فمضمون زيارة بوش الأخيرة للمنطقة كانت واضحة وضوح الشمس، فما يحدث الآن من صراعات و حروب؛ ما هي إلا صراعات أزلية قديمة متجددة، تقودها الدكتاتورية المتجسدة في السياسة الأمريكية المتصهينة تجاه العالمين الإسلامي و العربي.

otelfah@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: