محمد داود
أزمة المحروقات .. شتم وحرائق .. وفقدان للصواب
أزمات متعاقبة،.. مواطنون في حيرة من أمرهم، بعد أن استنفذوا كل البدائل المتاحة،... إنها أزمة الوقود، التي أصبحت حكاية المواطن الفلسطيني، فباتت شغله الشاغل لتضاف له في سجل الهموم اليومية والحياتية التي يلعقها بفعل الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة، بعد أن أخذ وتيرة من الذل والإخضاع، والتجويع من ناحية ثانية... فهذه الأزمة الجديدة المتجددة، تركت انعكاسات سلبية على نفسية المواطن الفلسطيني، بفعل انقطاع غاز الطهي البيتي، الذي يمثل عصب الحياة دون استغناء، مما استوجب علينا أن نعد هذا التقرير الذي ينقل بعض الوقائع اليومية من معاناة المواطنين نتيجة انقطاع الغاز كأحد أهم العناصر الحياتية.
فكان لنا اللقاء الأول مع عائلة المواطن "حسن.د" هذه الأسرة التي أصبحت في حيرة من أمرها بعد نفاذ غاز الطهي من بيتها، حيث يقول رب الأسرة :" إننا منذ أسبوع ونحن نطهو الطعام على أوراق الكرتون وبعض الحطب، الذي جلبناه من طرقات الأسواق، وهذه مشكلة. إذ تسبب هذه الوسيلة الحرائق خاصة وأن بيتنا لا يسمح بأن نشعل النار به لأنه ضيق المساحة ويعج بالأطفال الصغار، وهذا ينذر بخطر شديد وتلوث بفعل الدخان السام الذي ينتج عن تلك المحروقات، مما يشكل خطراً على صحة أبنائي وأحفادي. هذا بالإضافة للحرائق التي ينتج عنها وهو ما حدث بالفعل في بيت جيراننا حيث اشتعلت النيران في المنزل، بعد أن فقدت الأم سيطرتها على النيران، هذه حادثة تضاف لسجل حوادث طويلة ويومية، وإذا أردت أن تعرف المزيد فاذهب لقسم الاستقبال وشاهد بعينك عشرات الحروق التي أصبحت تعج بها مستشفياتنا بفعل استخدام الوسائل الأخرى ".
من جهته تحدث أحد السائقين "تيسير.ق" قائلاً " لقد حيرونا والله، نفذ السولار فلجأت للغاز رغم أنني بحاجة ماسة له في بيتي للطهي به، كنت محتاراً جداً، بين أن أوفره للسيارة التي أعتاش منها باعتبارها مصدر رزقي الوحيد، وبين منزلي للطهي به، فلجأت لاستخدام الزيوت الأخرى منها زيت الطهي، والذي هو الأخر لا نقدر على شرائه، هذا بالإضافة إلى الضرر الذي سيلحق بالماتور نتيجة استخدام تلك الزيوت، فعندما نطلب من المواطن أن يدفع الأجرة يتذمر ويتهمنا بأننا نستغل الظرف"
إلا أن المواطن "فايز.غ" اعتبر مقتل المواطن أبو الكاس هو أحد إفرازات أزمة الغاز مضيفاً أن مشكلة غياب الوقود وارتفاع أجرة المواصلات، هي التي أفقدت الضحية أبو الكاس صوابه والاحتجاج على الأجرة التي طلبها السائق "شحيبر"، حيث دارت مشادة كلامية أسفرت في نهاية المطاف عن مقتل المواطن أبو الكاس بدم بارد، وبثمن بخس".
لكن المواطن "مازن.ر" وصف ما يحدث بأنه استهتار واستخفاف بالقيم الإنسانية، يهدف الاحتلال من ورائها إذلال المواطن الفلسطيني في غزة، وجعله يفكر بأمور حياتية بحتة، أفقدته صوابه، قائلاً "إنني أمضي معظم أوقاتي وأنا أتنقل بين محطات الوقود برفقة أسطوانة الغاز لعلى وعسى أن أفلح في تعبئتها، فقبل يومين اصطففت طابوراً طويلاً وكنت على أمل أن استطيع تعبئة الأنبوبة، ولكن عندما اقترب دوري، اعتذر صاحب المحطة، وقال لنا بأن الغاز قد نفذ "
فيما يضيف المواطن " أحمد.ق" قائلاً إنه البؤس بعينه " لقد أصبحت في حالة عصبية دائمة، مشاكل في البيت وصراخ، لم أعد أحتمل، بعد أن استنفذنا الأنبوبة الصغيرة "الشمبر"، رغم أننا لا نستخدمها إلا في حالات الضرورة أو أثناء انقطاع التيار الكهربائي، فمعظم الطعام أصبحنا نشتريه من الأسواق ومن البقالة جاهزاً، لقد أخذت عهداً بعدم الذهاب لتعبئة الأنبوبة من المحطة لأنني شهدت الامتهان لكرامتنا بعينه حيث أخذ صاحب المحطة يسب ويشتم بنا، بكلمات وألفاظ نابية ما أنزل الله بها من سلطان وكأنه يريد أن يعبئ لنا الأنبوبة مجاناً، دون أن يحترم مكانتنا الاجتماعية، بينما آخرون قدموا دون منازع لتعبئة أنابيبهم، وهذا يدخل في إطار الاحتكار والواسطات.
فيما يعقب أحد المواطنين، بعد أن لمس جزءاً من حل أزمة الغاز في بيته قائلاً : لجأت في اليوم التالي لشراء "منصب طهي" يعمل على الكهرباء، وهذه مشكلة كبيرة أواجها في بيتي، وهو ما حذرني به الكهربائي، لما قد يسببه من تحميل زائد على شبكة الكهرباء، لذلك يفصل التيار الكهربائي بين الفينة والأخرى في منزلي.
فيما المواطن "ماجد.س" والذي عالج المسألة من ناحيته أضاف "إنني أحب المشي خاصة وأني بصدد تخفيف الوزن لذلك أعمد للخروج إلى الجامعة باكراً برفقة زملائي ونعمل على مناقشة دروسنا ونتبادل الحوار حتى لا نشعر بطول مسافة الطريق "، ففي المدة الزمنية التي ننتظر بها على جانبي الطريق لنجد مركبة تقلنا إلى الجامعة، أكون قد وصلت الجامعة بارتياح، إذ لم يكتفي عادة السائقين بعدد الركاب المسموح لهم وفق القانون، لذلك لم أجد ارتياح في الركوب في هذه المركبات".
هذه بعض الأحداث والوقائع والمعاناة لأهلنا في القطاع والتي تمكنا من رصدها، بفعل أزمة الغاز وانعكاساتها كأحد أهم الأزمات التي يتأثر بها المواطن، لتشمل مناحي أخرى من حياته فأصابت قطاعات ومؤسسات خدامتيه أخرى لا تقل وزناً عن هموم المواطن في بيته، أهمها قطاع الصحة والبيئة وعمل البلديات والصرف الصحي والتعليم و....الخ. مما يزيد من حالة الاختناق وينذر بانهيار شامل في كل أوجه الحياة بشكل لم يعد بالإمكان احتماله أو الصبر عليه.
فأين أصحاب الضمائر الحية، لإنقاذ هذا الشعب المنكوب المظلوم، وقضيته التي أُفرغ منها، فيما يباع الغاز مجاناً لإسرائيل التي تتحكم في منعه عن الفلسطينيين.
كاتب وباحث
فكان لنا اللقاء الأول مع عائلة المواطن "حسن.د" هذه الأسرة التي أصبحت في حيرة من أمرها بعد نفاذ غاز الطهي من بيتها، حيث يقول رب الأسرة :" إننا منذ أسبوع ونحن نطهو الطعام على أوراق الكرتون وبعض الحطب، الذي جلبناه من طرقات الأسواق، وهذه مشكلة. إذ تسبب هذه الوسيلة الحرائق خاصة وأن بيتنا لا يسمح بأن نشعل النار به لأنه ضيق المساحة ويعج بالأطفال الصغار، وهذا ينذر بخطر شديد وتلوث بفعل الدخان السام الذي ينتج عن تلك المحروقات، مما يشكل خطراً على صحة أبنائي وأحفادي. هذا بالإضافة للحرائق التي ينتج عنها وهو ما حدث بالفعل في بيت جيراننا حيث اشتعلت النيران في المنزل، بعد أن فقدت الأم سيطرتها على النيران، هذه حادثة تضاف لسجل حوادث طويلة ويومية، وإذا أردت أن تعرف المزيد فاذهب لقسم الاستقبال وشاهد بعينك عشرات الحروق التي أصبحت تعج بها مستشفياتنا بفعل استخدام الوسائل الأخرى ".
من جهته تحدث أحد السائقين "تيسير.ق" قائلاً " لقد حيرونا والله، نفذ السولار فلجأت للغاز رغم أنني بحاجة ماسة له في بيتي للطهي به، كنت محتاراً جداً، بين أن أوفره للسيارة التي أعتاش منها باعتبارها مصدر رزقي الوحيد، وبين منزلي للطهي به، فلجأت لاستخدام الزيوت الأخرى منها زيت الطهي، والذي هو الأخر لا نقدر على شرائه، هذا بالإضافة إلى الضرر الذي سيلحق بالماتور نتيجة استخدام تلك الزيوت، فعندما نطلب من المواطن أن يدفع الأجرة يتذمر ويتهمنا بأننا نستغل الظرف"
إلا أن المواطن "فايز.غ" اعتبر مقتل المواطن أبو الكاس هو أحد إفرازات أزمة الغاز مضيفاً أن مشكلة غياب الوقود وارتفاع أجرة المواصلات، هي التي أفقدت الضحية أبو الكاس صوابه والاحتجاج على الأجرة التي طلبها السائق "شحيبر"، حيث دارت مشادة كلامية أسفرت في نهاية المطاف عن مقتل المواطن أبو الكاس بدم بارد، وبثمن بخس".
لكن المواطن "مازن.ر" وصف ما يحدث بأنه استهتار واستخفاف بالقيم الإنسانية، يهدف الاحتلال من ورائها إذلال المواطن الفلسطيني في غزة، وجعله يفكر بأمور حياتية بحتة، أفقدته صوابه، قائلاً "إنني أمضي معظم أوقاتي وأنا أتنقل بين محطات الوقود برفقة أسطوانة الغاز لعلى وعسى أن أفلح في تعبئتها، فقبل يومين اصطففت طابوراً طويلاً وكنت على أمل أن استطيع تعبئة الأنبوبة، ولكن عندما اقترب دوري، اعتذر صاحب المحطة، وقال لنا بأن الغاز قد نفذ "
فيما يضيف المواطن " أحمد.ق" قائلاً إنه البؤس بعينه " لقد أصبحت في حالة عصبية دائمة، مشاكل في البيت وصراخ، لم أعد أحتمل، بعد أن استنفذنا الأنبوبة الصغيرة "الشمبر"، رغم أننا لا نستخدمها إلا في حالات الضرورة أو أثناء انقطاع التيار الكهربائي، فمعظم الطعام أصبحنا نشتريه من الأسواق ومن البقالة جاهزاً، لقد أخذت عهداً بعدم الذهاب لتعبئة الأنبوبة من المحطة لأنني شهدت الامتهان لكرامتنا بعينه حيث أخذ صاحب المحطة يسب ويشتم بنا، بكلمات وألفاظ نابية ما أنزل الله بها من سلطان وكأنه يريد أن يعبئ لنا الأنبوبة مجاناً، دون أن يحترم مكانتنا الاجتماعية، بينما آخرون قدموا دون منازع لتعبئة أنابيبهم، وهذا يدخل في إطار الاحتكار والواسطات.
فيما يعقب أحد المواطنين، بعد أن لمس جزءاً من حل أزمة الغاز في بيته قائلاً : لجأت في اليوم التالي لشراء "منصب طهي" يعمل على الكهرباء، وهذه مشكلة كبيرة أواجها في بيتي، وهو ما حذرني به الكهربائي، لما قد يسببه من تحميل زائد على شبكة الكهرباء، لذلك يفصل التيار الكهربائي بين الفينة والأخرى في منزلي.
فيما المواطن "ماجد.س" والذي عالج المسألة من ناحيته أضاف "إنني أحب المشي خاصة وأني بصدد تخفيف الوزن لذلك أعمد للخروج إلى الجامعة باكراً برفقة زملائي ونعمل على مناقشة دروسنا ونتبادل الحوار حتى لا نشعر بطول مسافة الطريق "، ففي المدة الزمنية التي ننتظر بها على جانبي الطريق لنجد مركبة تقلنا إلى الجامعة، أكون قد وصلت الجامعة بارتياح، إذ لم يكتفي عادة السائقين بعدد الركاب المسموح لهم وفق القانون، لذلك لم أجد ارتياح في الركوب في هذه المركبات".
هذه بعض الأحداث والوقائع والمعاناة لأهلنا في القطاع والتي تمكنا من رصدها، بفعل أزمة الغاز وانعكاساتها كأحد أهم الأزمات التي يتأثر بها المواطن، لتشمل مناحي أخرى من حياته فأصابت قطاعات ومؤسسات خدامتيه أخرى لا تقل وزناً عن هموم المواطن في بيته، أهمها قطاع الصحة والبيئة وعمل البلديات والصرف الصحي والتعليم و....الخ. مما يزيد من حالة الاختناق وينذر بانهيار شامل في كل أوجه الحياة بشكل لم يعد بالإمكان احتماله أو الصبر عليه.
فأين أصحاب الضمائر الحية، لإنقاذ هذا الشعب المنكوب المظلوم، وقضيته التي أُفرغ منها، فيما يباع الغاز مجاناً لإسرائيل التي تتحكم في منعه عن الفلسطينيين.
كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق