سامي الأخرس
عندما نتأمل حالة لبنان ومنذ فترة تقف أمام حالة مُثلي من حالات الصراع العربي المتواصل منذ منتصف القرن الماضي عندما نالت العديد من الدول استقلالها الشكلي ، ومن ثم بدأت تتوالي عمليات الانقلاب العسكري التي اتخذت العديد من الذرائع حينذاك ، والتي لا زلنا نعيش نتائجها وتجلياتها ، والأخطر منها نظرية المؤامرة التي تسربت إلينا وأصبحت أهم النظريات التي نستند إليها في عملية الحراك الشعبي واستعطاف الرأي العام لتنفيذ كل فريق أجندته الخاصة.
الحالة السابقة التي شكلت ملامح النخب العربية الحاكمة ونظمها كانت أحد عوامل التأخر الديمقراطي التي لا زالت تحبو ببطء نحو الدول العربية ، والذريعة دوماً الخطر الأمني الذي يهدد هذه النظم ويمنحها الذريعة فى عمليات الاستبداد والتسلط وهو نفس الأسباب التي أرجعها العديد من السياسيين والباحثين كذلك إلى حالات العنف التي تبنتها الفصائل الإسلامية في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وعلى وجه الخصوص فى الجزائر ومصر .
أما لبنان فهو البلد العربي الذي عاش ولا يزال منذ إعلان استقلاله يخضع لعملية تجاذبات وصراعات تتسم تارة بالطائفية وأخرى بالسياسية ، عاني منها لبنان ويلات عشرات السنين بحروب أهلية لم ينتصر منها أحداً ، بل أنتجت لبنان مهزوم ، ضعيف هاجر خيرة أبنائه ورؤوس أمواله فتحلو لمستنقع فقر تدك صواريخها أمعاء الشعب اللبناني بصواريخ الساسة والطوائف والأحزاب ، وعمليات اغتيال طالت معظم قادته وشخصياته أخرهم الحريري والعديد من أعضاء البرلمان والإعلاميين .
أما ما حدث أمس من عملية التدخل العسكري من عناصر حزب الله فهي ناقوس خطر يدخل لبنان بأتون حرب أهلية جديدة ربما تأخذ شكل ومنحي أخر ، بما أن كفة الموازين والقوي قد تغير تشكيلها عن السابق وخاصة حرب سنة 1975م وأصبح لبنان بصورة مغايرة للسابق ، بعدما شهد اندثار للعديد من القوي وتراجع قوي أخرى كان لها تأثير في الساحة اللبنانية سياسيا وعسكريا ، وكذلك تراجع قوات الثورة الفلسطينية إلى المخيمات وتقوقعها هناك ، إضافة للانسحاب السوري والإسرائيلي من لبنان عسكرياً.
هذه العوامل ترتب عليها ثنائية الصراع المتمثل بحزب الله والذي وجد الدعم اللوجستي والعسكري والسياسي والمادي من إيران وسوريا ، وتيار 14 آذار المتحصن بالولايات المتحدة والمؤسسات الدولية كمجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة تيار الأغلبية الذي صعد للسلطة بعملية ديمقراطية انتخابية .
هذه الثنائية تمارس صراعها فى ساحات عديدة من أهمها الساحة اللبنانية المهيأة للصراع والتي تعتبر تربة خصبة للمعركة فى ظل القوي اللبنانية التي أصبحت تشكل أدوات للعديد من قوي الخارج كلا منها ينفذ أجندته . والمعني هنا سؤال رئيسي هل ما قام به حزب الله يخدم لبنان ؟
حزب الله استمد شرعيته وشعبيته في داخل لبنان وخارجه من هويته وشخصيته المقاتلة المقاومة التي اكتسبها من تصديه ومواجهته لإسرائيل ، وانطبع فى ذهن الشعوب والجماهير شخصية البندقية المقاتلة المقاومة التي لم تنزلق لتهديد أمن لبنان إلي الخطر ، وهو ما شهد له أنصار حزب الله والمعارضون له ولهويته المذهبية ، وعليه فإن انزلاق بندقية حزب الله للمستوي الذي شاهدناه أمس سيعيدنا لحلقات لم نلمسها من قبل .
إلي أين يسير حزب الله إذا استمر فى عملياته العسكرية التي بدأها أمس ؟ ولماذا لا يستخدم حزب الله الشعب والجماهير في إسقاط حكومة سنيوره الذي يتهمها بالتأمرك والخيانة ؟ أم انه اختار الطريق الأسرع والأسهل ؟
أسئلة عديدة تطرح للتفكير والبحث عن إجابات محددة لها ، ورؤية تستند للواقعية الجغرافية السياسية للمنطقة والتي يعاد صياغتها منذ أن سقط العراق ، لخبطت أوراقها السياسية وموازين القوي في المنطقة العربية عامة ، وتحول الصراع الإقليمي بدأ بانتشار وتوسع ثقافي لبعض القوي الإقليمية ، هذا الانتشار والتوسع الذي يشكل بالعرف السياسي إرهاصات للتوسع العسكري والجغرافي ، فالقوي تتوسع ثقافيا ومن ثم عسكريا وجغرافيا ، وهو ما يلاحظ حاليا وخاصة من قطبي الصراع الإقليمي إيران والولايات المتحدة الأمريكية .
فإيران بدأت تتوسع ثقافيا مع توسع جغرافي جزئي حيث امتدت ثقافيا إلي لبنان وفلسطين واليمن وعُمان والبحرين وسوريا وأجزاء من السعودية أما جغرافيا فالجنوب العراقي وجزر الإمارات ، في حين أن الولايات المتحدة تتوسع وفق الأدوات المتوفرة لديها اتبعته بتوسع محدود ذو شكل قواعد عسكرية في الكويت وقطر والسعودية وأفغانستان وباكستان وهذه القواعد تشكل دولة بداخل دولة لها من السلطات والسيطرة ما يتعدي سلطة الدولة الأصلية .
هذا يعيدني مرة أخري إلي أحداث لبنان ورفع حزب الله القناع عن جنده وعناصره ونشرهم فى بيروت مما يؤكد أن هناك عمليات حسم قادمة تلوح فى الأفق ولكن نتائجها لن تكون أبداً سياسية فقط بل ستدفع بلبنان إلى أتون حرب أهلية ضروس يدفع ثمنها الشعب اللبناني ، ولبنان الأرض والجغرافيا والاقتصاد والسيادة يحتاج بعدها لعشرات السنين لإعادة عملية البناء التي قادها سابقا الحريري والشعب اللبناني .
واعتقد أن حزب الله بتحركه وتصرفه الأخير قد دفع إلي الأمام مجبرا ليتخطي العديد من المراحل في إستراتيجيته التي كان ينفذها بتكتيكات مرحلية ، وربما أن عملية القفز عن المراحل المخطط لها كانت إجباريا دُفع إليها دون أن يحن موعدها ووقتها المناسب ، هذا الدفع ولدته قرارات حكومة السنيورة الأخيرة .
أُجزم أن حزب الله يخطط للاستيلاء على السلطة بلبنان سواء سيطرة بوسائل ديمقراطية أو عسكرية فهي المبتغي والهدف الأكبر لدي حزب الله ، كما إنها رغبة لدي العديد من القوي الإقليمية المحيطة بلبنان والمنطقة العربية لما يمثله ذلك من وسائل قوة لها في عملية الصراع الإقليمية ، والمرجح أن عملية السيطرة ستتخذ ملامح عسكرية قادمة دون الارتكاز إلي تحديد زمن معين بل ربما تخضع لعملية إنضاج في عوامل السيطرة ، وهو ما سيفقد حزب الله بريقه ولمعانه الذهبي وسيضعه فى مصاف القوي الانقلابية وأداة من أدوات وأساليب التغيير التي تستخدم العنف . وهو ما يعيدنا لعصر الستينات والسبعينات من القرن الماضي عصر التغيير بالبندقية ، والبندقية لا تجلب الديمقراطية قط حسب التجارب السابقة وإنما تجلب الويلات والاستبداد ضد الشعوب .
فعلي الشيخ حسن نصر الله التفكير والتفكير ملياً وجدياً قبل أن يستمر فى مغامرته وعمليته الإنقلابية العسكرية التي بدأها أمس .
الحالة السابقة التي شكلت ملامح النخب العربية الحاكمة ونظمها كانت أحد عوامل التأخر الديمقراطي التي لا زالت تحبو ببطء نحو الدول العربية ، والذريعة دوماً الخطر الأمني الذي يهدد هذه النظم ويمنحها الذريعة فى عمليات الاستبداد والتسلط وهو نفس الأسباب التي أرجعها العديد من السياسيين والباحثين كذلك إلى حالات العنف التي تبنتها الفصائل الإسلامية في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وعلى وجه الخصوص فى الجزائر ومصر .
أما لبنان فهو البلد العربي الذي عاش ولا يزال منذ إعلان استقلاله يخضع لعملية تجاذبات وصراعات تتسم تارة بالطائفية وأخرى بالسياسية ، عاني منها لبنان ويلات عشرات السنين بحروب أهلية لم ينتصر منها أحداً ، بل أنتجت لبنان مهزوم ، ضعيف هاجر خيرة أبنائه ورؤوس أمواله فتحلو لمستنقع فقر تدك صواريخها أمعاء الشعب اللبناني بصواريخ الساسة والطوائف والأحزاب ، وعمليات اغتيال طالت معظم قادته وشخصياته أخرهم الحريري والعديد من أعضاء البرلمان والإعلاميين .
أما ما حدث أمس من عملية التدخل العسكري من عناصر حزب الله فهي ناقوس خطر يدخل لبنان بأتون حرب أهلية جديدة ربما تأخذ شكل ومنحي أخر ، بما أن كفة الموازين والقوي قد تغير تشكيلها عن السابق وخاصة حرب سنة 1975م وأصبح لبنان بصورة مغايرة للسابق ، بعدما شهد اندثار للعديد من القوي وتراجع قوي أخرى كان لها تأثير في الساحة اللبنانية سياسيا وعسكريا ، وكذلك تراجع قوات الثورة الفلسطينية إلى المخيمات وتقوقعها هناك ، إضافة للانسحاب السوري والإسرائيلي من لبنان عسكرياً.
هذه العوامل ترتب عليها ثنائية الصراع المتمثل بحزب الله والذي وجد الدعم اللوجستي والعسكري والسياسي والمادي من إيران وسوريا ، وتيار 14 آذار المتحصن بالولايات المتحدة والمؤسسات الدولية كمجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة تيار الأغلبية الذي صعد للسلطة بعملية ديمقراطية انتخابية .
هذه الثنائية تمارس صراعها فى ساحات عديدة من أهمها الساحة اللبنانية المهيأة للصراع والتي تعتبر تربة خصبة للمعركة فى ظل القوي اللبنانية التي أصبحت تشكل أدوات للعديد من قوي الخارج كلا منها ينفذ أجندته . والمعني هنا سؤال رئيسي هل ما قام به حزب الله يخدم لبنان ؟
حزب الله استمد شرعيته وشعبيته في داخل لبنان وخارجه من هويته وشخصيته المقاتلة المقاومة التي اكتسبها من تصديه ومواجهته لإسرائيل ، وانطبع فى ذهن الشعوب والجماهير شخصية البندقية المقاتلة المقاومة التي لم تنزلق لتهديد أمن لبنان إلي الخطر ، وهو ما شهد له أنصار حزب الله والمعارضون له ولهويته المذهبية ، وعليه فإن انزلاق بندقية حزب الله للمستوي الذي شاهدناه أمس سيعيدنا لحلقات لم نلمسها من قبل .
إلي أين يسير حزب الله إذا استمر فى عملياته العسكرية التي بدأها أمس ؟ ولماذا لا يستخدم حزب الله الشعب والجماهير في إسقاط حكومة سنيوره الذي يتهمها بالتأمرك والخيانة ؟ أم انه اختار الطريق الأسرع والأسهل ؟
أسئلة عديدة تطرح للتفكير والبحث عن إجابات محددة لها ، ورؤية تستند للواقعية الجغرافية السياسية للمنطقة والتي يعاد صياغتها منذ أن سقط العراق ، لخبطت أوراقها السياسية وموازين القوي في المنطقة العربية عامة ، وتحول الصراع الإقليمي بدأ بانتشار وتوسع ثقافي لبعض القوي الإقليمية ، هذا الانتشار والتوسع الذي يشكل بالعرف السياسي إرهاصات للتوسع العسكري والجغرافي ، فالقوي تتوسع ثقافيا ومن ثم عسكريا وجغرافيا ، وهو ما يلاحظ حاليا وخاصة من قطبي الصراع الإقليمي إيران والولايات المتحدة الأمريكية .
فإيران بدأت تتوسع ثقافيا مع توسع جغرافي جزئي حيث امتدت ثقافيا إلي لبنان وفلسطين واليمن وعُمان والبحرين وسوريا وأجزاء من السعودية أما جغرافيا فالجنوب العراقي وجزر الإمارات ، في حين أن الولايات المتحدة تتوسع وفق الأدوات المتوفرة لديها اتبعته بتوسع محدود ذو شكل قواعد عسكرية في الكويت وقطر والسعودية وأفغانستان وباكستان وهذه القواعد تشكل دولة بداخل دولة لها من السلطات والسيطرة ما يتعدي سلطة الدولة الأصلية .
هذا يعيدني مرة أخري إلي أحداث لبنان ورفع حزب الله القناع عن جنده وعناصره ونشرهم فى بيروت مما يؤكد أن هناك عمليات حسم قادمة تلوح فى الأفق ولكن نتائجها لن تكون أبداً سياسية فقط بل ستدفع بلبنان إلى أتون حرب أهلية ضروس يدفع ثمنها الشعب اللبناني ، ولبنان الأرض والجغرافيا والاقتصاد والسيادة يحتاج بعدها لعشرات السنين لإعادة عملية البناء التي قادها سابقا الحريري والشعب اللبناني .
واعتقد أن حزب الله بتحركه وتصرفه الأخير قد دفع إلي الأمام مجبرا ليتخطي العديد من المراحل في إستراتيجيته التي كان ينفذها بتكتيكات مرحلية ، وربما أن عملية القفز عن المراحل المخطط لها كانت إجباريا دُفع إليها دون أن يحن موعدها ووقتها المناسب ، هذا الدفع ولدته قرارات حكومة السنيورة الأخيرة .
أُجزم أن حزب الله يخطط للاستيلاء على السلطة بلبنان سواء سيطرة بوسائل ديمقراطية أو عسكرية فهي المبتغي والهدف الأكبر لدي حزب الله ، كما إنها رغبة لدي العديد من القوي الإقليمية المحيطة بلبنان والمنطقة العربية لما يمثله ذلك من وسائل قوة لها في عملية الصراع الإقليمية ، والمرجح أن عملية السيطرة ستتخذ ملامح عسكرية قادمة دون الارتكاز إلي تحديد زمن معين بل ربما تخضع لعملية إنضاج في عوامل السيطرة ، وهو ما سيفقد حزب الله بريقه ولمعانه الذهبي وسيضعه فى مصاف القوي الانقلابية وأداة من أدوات وأساليب التغيير التي تستخدم العنف . وهو ما يعيدنا لعصر الستينات والسبعينات من القرن الماضي عصر التغيير بالبندقية ، والبندقية لا تجلب الديمقراطية قط حسب التجارب السابقة وإنما تجلب الويلات والاستبداد ضد الشعوب .
فعلي الشيخ حسن نصر الله التفكير والتفكير ملياً وجدياً قبل أن يستمر فى مغامرته وعمليته الإنقلابية العسكرية التي بدأها أمس .
هناك تعليق واحد:
تحليل تعبان من كاتب هاو
إرسال تعليق