"والذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلا أن قالوا ربنا الله "
لقد استوقفتنا هذه الاية، ونحن نتدارس آيات سورة الحج في القرآن الكريم وتفسيرها في كتب التفسير القديمة والحديثة، وقفة طويلة، فحركت فينا ونحن -المجلس الإسلاميّ العربيّ- الشعور الذي تبعثه كل آية من آيات الكتاب الكريم، وأعادتنا الى الحديث الشريف باحثين مدققين رابطين بين حياتنا_نحن المسلمين في هذه الأيام_وحياة سيد الرسل محمد صلى الله عليه واله وصحابته الكرام البررة وآله الأتقياء الأنقياء.. فعرجت الآية بنا إلى عصرنا الحديث، وما فيه من ابتعاد عن القرآن الكريم والحديث الشريف ومسيرة نبينا محمد عليه وعلى اله الصلاة والسلام. فكم في هذا العصر من فئات لحقهم الجور والظلم {وإن الله على نصرهم لقدير}(الحج 38) كما استوقفتنا الآية 38 من السورة نفسها بقوله عزّوجلّ(إنَّ الله يدافع عن الذين آمنوا). امتد بنا البحث في أمرٍ تنطبق هذه الآيات المتوالية عليه تماماً.
إنهم مجاهدو خلق في مدينة أشرف الذين يمثلون الحق والحقيقة. إنهم مجاهدو خلق الذين يمثلون الشعب العزيز في إيران ، والذين اضطرتهم يد الحكام الملالي للفرار من بلدهم، واللجوء الى أقرب بلدٍ اليه آملين أن تهدأ الأحوال، ويوجد لهم حلّ مناسب يعيدهم إلى أرضهم ووطنهم. هؤلاء الناس كأبناء الإسلام حين هاجروا من مكة إلى الحبشة ثم الى المدينة المنورة، ولحق بهم رسول الله{ص} بعد اشتداد أذى قريش له، فأخبره الله بأنهم قرروا قتله،فعزّ الإسلام في المدينة، وغرّت به المدينة، وانتصر رسول الله {ص} نصراً مؤزراً، وكان فتح مكة وإسلام أهلها.
لقد اختار مجاهدو خلق الهجرة الى العراق، واتخذوا مدينة أشرف العراقية مأوى آملين أن يعودوا سريعاً إلى وطنهم، ولكن أنىّ لهم ذلك، والملالي في بلدهم ما يزال يلاحقهم، وسدّ عليهم باب الرجعة، ويضيّق عليهم، ويطالب العرلق بإخراجهم وإعادتهم الى بلادهمليلقوا جزاءهم الذي يستحقونه(حسب معايير الحكم الإيراني).
ما ذنب هؤلاء الناس،ماذ فعلوا حتى يطاردوا في بلدٍ فرّوا إليه، بل ما ذنبهم ليخرجوا من ديارهم؟ وضعت الحكومة الإيرانية ثقلهم كلّه آملةً أن يعادوا اليها لتقتل بعضهم، ويموت البعض الأخر في غياهب السجون. إنه الجور حقاً... الملالي يريدون يبيدوا أبناء بلدتهم، ولاذنب لهم إلا انهم يخالفونهم الرأي.. لقد رضي هؤلاء المظلمون أن يعيشوا في بلد أخر، فيمارسوا حرياتهم وان كانت منقوصة، راضيين بأنهم أحرار في الإنكباب على عبادتهم وتقواهم.
لقد رضي المظلومون، ولم يرضى الظالم، فرّوا بدينهم، واكتفوا بأن يمارسوا شعائره، ولم يرضى الجائرون بذلك. إنها واللهِ قسمة ضنقة، وحكم جائر.. والعجب العجاب ، أن القوانين الدولية، والحقوق الإنسانية أخذت على عاتقها ردّ الظلم عن المظلومين، والوقوف الى جانبهم ولو في الحدّالأدنى، ومن المواقف التي ترضي العدالة والحق، مبدأ" نان دفولمان"الذي يمنع إخراج هؤلاء الأشراف من بلدهم الى بلد آخر قسراً، وترك لهم الحرية في العودة أو البقاء حيث هم. · معاهدة اللجّوء السياسي، والحقوق الدولية الإنسانية. · معاهدة منع التعذيب والحقوق الدولية.
أجل ان هذه المبادئ الدولية والإنسانية تثلج القلب وتريح النفس إذا طبقت كما أراد لها واضعوها أن تطبق. ونحن في المجلس الإسلاميّ العربيّ في لبنان، وبعد دراسة مطوّلة، حول هؤلاء الذين جار عليهم الزمن، نرى من واجبنا الدينيّ أولاً، والإنسانيّ ثانياً والقانونيّ ثالثاً. · نطالب العالم متمثلاً بالأمم المتحدة ونخص بالذكر سيادة الامين العام بن كي مون ومجلس الأمن أن يجزم أمره ويقف الى جانب هذه الفئة المظلومة وأمثالها، وبذلك تظهر إنسانية الإنسان في عصر الديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد والتصرف. · أن نرفع صوتنا عالياً ليصل إلى المراجع الدينية الإسلاميّة والشرعيّة للوقوف إلى جانب هؤلاء المظلومين وأمثالهم، وأن يؤكدوا على تعاليم الإسلام وأوامره ونواهيه، ويرفعوا أصواتهم لئلا تضيع الحقوق ومعها حياة أناس لا ذنب لهم إلا أنهم خالفوا في الرأي، وتمسكوا بتعاليم دينهم وقالوا: ربنا الله. ·
نطالب قيادة قوات التحالف الموجودة في العراق كلّه وبيدها الحل والربط أن تواصل حمايتها لسكان مدينة أشرف، ما دامت موجودة في العراق، ونحن نعرف، كما يعرف العالم أن كلمة واحدة من هذه القيادة تكفي لحماية سكان هذه المدينة (مدينة أشرف). وتكون بذلك تطبق قوانين الشرعية الدولية، وتحمي الإنسان وحياته وكرامته ومعتقداته. · كما نطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن والحكومة العراقية لتأمين الأمن الحقيقي لمدينة أشرف قضائياً وضمن الاطر القانونية الدولية. ·
ونؤكد لمن نرفع صوتنا إيهم أننا في طلباتنا هذه انما ننطلق من الإسلام والقانون الدولي وبدافع إنسانيّ يرفض أن تمسّ حياة الإنسان أو كرامته. وأخيراً نرجو أن يلهم الله المسؤولين في العالم كله النظر الى هذه الفئة المغلوبة على أمرها، ونرجو الله أن يكون في عون من أعانها ووقف إلى جانبها، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
لبنان /بيروت 3/10/2008
المجلس الإسلاميّ العربيّ
الأمين العام محمّد عليّ الحسينيّ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق