الاثنين، أكتوبر 13، 2008

ردا على مقال منذر ارشيد: أبو مازن..أيهما أهم..مؤتمر فتح, أم الرئاسة؟

د. صلاح عودة الله
قرأت وبتمعن مقالة الأخ منذر ارشيد"أبو مازن..أيهما أهم..مؤتمرفتح, أم الرئآسة؟",وقبل البدء بالتعقيب على ما جاء فيها أود أن اقوم بتوضيح بعض الأمور أو بالأحرى تثبيتها لكي يكون ردي موضوعيا قدر الامكان..انني لست ابنا لفتح وقد هتفت لغيرها ولكن لم ولا ولن انحاز الا لفلسطين كل فلسطين, والسبب هو أننا ما نزال نمر في مرحلة التحرر والتحرير,وهذا الأمر يتطلب وضع الانتماء الفصائلي والحزبي جانبا وجعله أمرا ثانويا, لأن الوقت الان لا يسمح الا لشيء واحد وهو النضال وبكل الوسائل والطرق من اجل اقامة الدولة الفلسطينية المتعارف عليها تاريخيا وبعدها لكل حدث حديث, بمعنى وقتها يكون الزمن المناسب لأن تقوم التيارات المختلفة بعرض فكرها وبرنامجها السياسي..ان المدخل لانهاء الصراع التاريخي بيننا وبين "الاسرائيليين" ممكن، باستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين الى ديارهم ووطنهم وتشييد دولة فلسطين الديموقراطية على كامل التراب الفلسطيني وصولا لمجتمع حضاري يكفل المساواة والعدالة والحقوق للجميع. لقد كتبت وفي عدة مقالات عن حركة فتح..ان هذه الحركة زهرة من زهرات هذا الوطن الغالي..وهي الحركة التي كان يتزعمها القائد الراحل الشهيد ياسر عرفات مطلق الرصاصة الأولى والتي اعلنت انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة..وكانت هذه الحركة اكبر تنظيم في الساحة الفلسطينية..

لقد عصفت بها رياح التمزق عدة مرات ولكنها استطاعت ان تقف على ارجلها من جديد, ولكن في السنوات الأخيرة وتحديدا منذ عام 2000 تمكنت هذه العواصف من تقليل رصيدها ومزق جسدها بعض الانتهازيون والمنتفعون من أبنائها واصبح لكل منهم تياره الخاص به, ومن بين هذه التيارات التيار الذي ادعى زورا وبهتانا بأنه "التيار الاصلاحي" وهو بالفعل التيار الانقلابي, حتى وصلنا الى ما حدث في قطاع غزة من أحداث دامية ومؤسفة, وقامت حماس بحسمها العسكري المرفوض وانفصل ما تبقى من الوطن المحتل الى محميتين لا حول لهما ولا قوة, وهنا لا أريد اطالة الحديث عن هذا الموضوع, لأن الأمر الأهم الان هو اعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية. لقد طالبنا التنظيمات الفلسطينية بأن تقوم بمساعدة حركة فتح لكي تتمكن من الخروج من أزمتها ومحنتها, لأن انهيار هذه الحركة هو بمثابة انهيار للمشروع الوطني الفلسطيني برمته, وان دل هذا الأمر فانما يدل على مدى تقديرنا لأهمية هذه الحركة, وفي نفس الوقت طالبنا قيادتها بأن تقوم بغربلتها من المنتفعين والمستغلين الذين أوصلوها الى ما هي عليه الان.

ولكن وللأسف قامت مجموعة من داخل فتح ومن خارجها بمحاولة شق هذه الحركة وايجاد بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية يسير وفق املاءات اللولب الصهيو-امريكي, وحتى كتابة هذه السطور لم تتخذ بحقهم أية اجراءات. والان الى الرد على ما جاء في مقالة الأخ منذر ارشيد: يبدا الأخ منذر مقالته بالحديث عن شخصية السيد ابو مازن, حيث يقول"أبو مازن لم يتغير منذ سمعنا عنه وعرفناه وحتى يومنا هذا..سنوات مرت وهو كما هو برأيه السياسي , لم يغير جملة واحدة, فالرجل لم نسمع عنه ما يجعلنا نشكك في مصداقيته سواءً كانت تعجبنا أو لا تعجبنا..وهناك ما أغضبنا حتى نحن الفتحاويين, ولكن في النهاية.."هذا هو أبو مازن"..اقتباس(1).

ثم يمضي قائلا:"ومهما قيل عنه سواء ً من أعدائه أو خصومه أو أصدقائه ومحبيه, وقد قيل الكثير الكثير, إلا أن هناك أموراً لا يمكن الإختلاف عليها في شخصية هذا الرجل, وأعتقد أن أهمها الصدق والشجاعة الأدبية..رغم أن بعضنا يختلف معه وخاصة بخصوص المقاومة ورأيه بها..وأسلوب المفاوضات العقيم في ظل الغطرسة الإسرائيلية والسلوك المهين الذي وصل إلى إهدار الكرامة"..!..اقتباس(2).

الأخ منذر المحترم,ألا تلاحظ التناقض الواضح في اقوالك؟ففي الاقتباس الأول نفهم بأنك معجب شديد الاعجاب بشخصية السيد ابو مازن, وفي الثاني تقول وبصريح العبارة ان البعض يختلف معه بأهم امرين يتعلقان بقضيتنا وهما المقاومة والمفاوضات.علينا أن نقوم بالتفريق بين شخصية الانسان وأعماله..فقد نعجب بشخصية انسان ما ولكن نشجب اعماله وافعاله..وقد لا نعجب بشخصية اخر ولكن قد تكون اعماله لا غبار عليها..انه لمن الواضح بأن شخصية الانسان تلعب دورا كبيرا في حياته وفي قراراته, ودعني اتفق معك بأن السيد ابو مازن يتمتع بشخصية مرموقة جدا, وبهذا نكون قد اتفقنا على شيء وان كان ثانويا..

ولكن نختلف في أمر هام جدا وهو اتخاذ القرارات والمواقف التي تخص قضية برمتها..قضية شعب ما زال يرزخ تحت الاحتلال وتمارس ضده كل انواع العنف والمجازر امام مراى ومسمع سلطته والدول العربية والاسلامية والغربية. ودعني اتوجه اليك بالسؤال التالي:كيف توافق بين قولك بأن ابو مازن يتمتع بالصدق والشجاعة الأدبية وقولك بأن البعض يختلف معه بالنسبة لموقفه من المقاومة والمفاوضات؟ انني لا أستوعب هذه الأقوال..ودعنا نأخذ المفاوضات اولا..لقد تم توقيع معاهدة اوسلو والتي كان السيد ابو مازن أحد أكبر مهندسيها في عام 1993 فماذا جلبت لنا سوى الدمار..

ومن المعروف أنه وبتوقيعها تم وقف الانتفاضة الأولى الباسلة, بل وحسب اجتهادي, جاءت اوسلو للقضاء على هذه الانتفاضة بعد ان عجز الكيان الصهيوني من القضاء عليها..وقد مهدت هذه الاتفاقية للاقتتال الفلسطيني الداخلي,حيث أن أحد بنودها ينص على أن تقوم السلطة بمكافحة قوى الارهاب الفلسطيني..ومن المعروف بأن هذه الاتفاقية ورغم انحيازها الكامل للكيان الصهيوني الا أن جميع أطيافه رفضتها ولم يتمسك بها سوى الفريق الفلسطيني المفاوض مدعوما من قيادة السلطة..

واستمرت المفاوضات بالرغم من استمرار المجازر الصهيونية بحق ابناء شعبنا في غزة, ولم تسلم الضفة من حملة الاعتقالات والاجتياحات والاغتيالات, وبالرغم من كل ذلك استمرت هذه المفاوضات رغم مطالبة الكثيرين بوقفها لأنها عبثية ومضيعة للوقت وفي نهاية الأمر تصب في صالح العدو..وما شاهدناه في الفترة الأخيرة من فضائح صهيونية للفريق الفلسطيني المفاوض لهو أكبر دليل بأن المصالح الشخصية والفئوية الضيقة وضعت فوق كل اعتبار..

وبالعودة الى توقيع اتفاقيو اوسلو المشؤومة, استذكر مقولة حكيم الثورة الفلسطينية وضميرها الراحل جورج حبش عندما عارض توقيعها,قال له الراحل ابو عمار,هذا هو الممكن,فرد عليه الحكيم قائلا:الثورة جاءت لتحقيق المستحيل وليس الممكن..وفي عام 2000 وعندما رفض الشهيد ابو عمار وفي كامب ديفيد التنازل عن حق العودة واللاجئين وقضية القدس, بدأ الاعداد لعملية تصفيته والتي تمت بعد حصار طويل في المقاطعة عام 2004 وما زال أمركيفية تصفيته مجهولا الى يومنا هذا..!.

وأما بالنسبة للمقاومة,فموقف ابو مازن واضح ومعروف منها..انه يعتبرها عبثية ولا فائدة منها, ولم يبخل علينا بتصريحاته التي تدين المقاومة الفلسطينية وصوارخها التي تطلق من غزة ومحملا اياها مسؤولية المجازر الصهيونية ضد أبناء شعبنا في غزة هاشم..

وكأن العدو الصهيوني بحاجة الى ذرائع لارتكاب مجازره الوحشية..وأما تصريحاته الأخيرة بأنه سيعمل المستحيل من أجل منع انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة معللا ذلك بأن الانتفاضتين الأولى والثانية جلبتا الدمار لشعبنا الا انه لا يزال مصرا على التمسك بالخيار السلمي مع معرفته بأن هذا الخيار قد فشل تماما رغم مرونة السيد ابو مازن ..المفاوضات فشلت والمقاومة لا معنى لها, فما هو الحل السحري الذي يملكه سيادته لقضيتنا ونحن نجهله؟؟

ومن مقولات الحكيم المشهورة أيضا والموجهة الى رفيق دربه في الكفاح الراحل ابو عمار:هذا الرجل اختلفنا معه ولكن لم نختلف عليه..والان بوسعنا القول عن السيد ابو مازن:هذا الرجل اختلفنا معه وعليه..! ويمضي الأخ ارشيد قائلا:"وبعيدا عن التفاصيل الكثيرة والتي يعرفها الجميع عن الأخ أبو مازن منذ أن إستلم السلطة وكرئيس منتخب مروراً بإصراره على إجراء الأنتخابات التشريعية التي فازت بها حماس
والتي تُسجل له بكل فخر واقتدار حيث أفسح المجال وفتح الباب بمصراعيه لممارسة الديمقراطية وشهد العالم المتحضر على أنها كانت من أنجح الممارسات قياساً بحجم السلطة وامكاناتها والظروف المحيطة بها من إحتلال..عدم إستقرار..خلافات داخلية..تداعيات خطيرة"..والسؤال الذي أطرحه عليك يا أخ منذر:هل تعتبر اجراء الانتخابات التشريعية ومشاركة حماس فيها هبة من السيد ابو مازن؟أليست الديموقراطية هي التي تطلب ذلك؟

هل نفهم من أقوالك بأنك تؤيد ما يجري في دولنا العربية بأن يقوم الزعيم العربي بالانفراد بكل شيء وهو الذي يقرر كل شيء, بما في ذلك تعيين أعضاء المجلس التشريعي,وتقرير مواعيد انعقاده وكذلك حله؟وهل تريد أن يكون نفس الوضع في وطننا المحتل والذي لا يزال يبحث عن كيان؟ نعم, لقد فازت حماس في هذه الانتخابات والتي شهد العالم كله بأنها كانت ديموقراطية..ولكن شعبا كاملا حوصر نتيجة لممارسته الديموقراطية..انهم أرادوها انتخابات ديموقراطية ولكن مشروطة,بمعنى أن لا تفوز حماس فيها لأنها في نظرهم حركة ارهابية, ولم يتوقعوا فوزها, ولكن الشعب فاجئهم وادلى بصوته وفازت حماس فوزا ساحقا..

هذا الفوز قام بمفاجئة الجميع حتى حماس نفسها..الشعب أراد التغيير حتى أن جزءا لا بأس به ممن كان يتعاطف مع فتح قام بانتخاب حماس في هذه الانتخابات..ومنذ فوز حماس قام التيار الانقلابي في فتح وبدعم صهيو-امريكي بعمل المستحيل لابعادها عن الحكومة واتخاذ القرار والسيطرة على قطاع غزة, ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن, حيث استبقت حماس الأحداث وقامت بما قامت به من حسم عسكري وسيطرت على قطاع غزة خلال ساعات, هذه السيطرة فاجئت حركة فتح والعالم اجمع وحتى حماس نفسها..وهنا تصرف السيد ابو مازن في معالجة ما حصل وكأنه قائدا لفتح وليس رئيسا للسلطة,وهذا هو أحد الأخطاء الكبيرة التي قام بارتكابها..فلا يعقل أن يقوم من يعتبر نفسه رئيسا شرعيا للسلطة والذي انتخب من قبل معظم ابناء الشعب- كما تقول-بمثل هذا التصرف..!.

والان الى المؤتمر السادس لحركة فتح:لا يعقل ولا توجد أية ذريعة بامكانها تفسير وتبريرعدم انعقاد مؤتمر فتح العام السادس, حيث ان مؤتمرها الخامس عقد في تونس عام 1989 ومن هنا بامكاننا أن نقوم بفهم ما جرى وما يجري لهذه الحركة..

وفي هذا السياق يقول الأخ ارشيد"...والرهانات كثيرة وأهم هذه الرهانات(نهاية حركة فتح)..وهو مطلب مُلح لكثير من القوى الدولية والإقليمية وحتى المحلية..يريدون أن يستفيقوا ولا يجدوا أثراً لحركة فتح..ولكن حركة فتح كغزة هاشم التي يتمنى بني صهيون أن يبتلعها البحر, ففتح كذلك عصية عن الكسر والإبتلاع حتى لو حاولوا إغراقها في المحيط,, ولا داعي لشرح الأسباب ولكن يكفي القول أنها حركة متجددة راسخة بفضل دماء الاف الشهداء وأرواحهم الطاهرة, ولا يعني أنها ان هُزمت هنا وهُناك أنها انتهت,بل الذين انتهوا هم من سببوا هزائمها في كل المراحل"...حسب معرفتي بأن حركة فتح مفضلة على حماس عربيا و"اسرائيليا" وامريكيا وخاصة اذا تحدثنا عن التيار الانقلابي فيها..وهنا يأتي كلامك يا أخ منذر مجافيا للحقيقة ومحاولة منك لاعطاء فتح ثقلا كانت تحمله في يوم من الأيام..ففتح التي نعرفها اليوم قامت بقراءة الفاتحة على روح فتح الانطلاقة..فتح ابو عمار..!

انك تدعي يا أخ منذر بأن من حاول انهاء فتح هو الذي انتهى ..وهنا تبتعد عن قول الحق واظهار الحقيقة, فالتيار الانقلابي في فتح ما زال قائما وله ثقله وهذا ما سيفرزه المؤتمر السادس للحركة اذا تم انعقاده.وحسب رأيك فان الترتيبات لانعقاد المؤتمر قد وصلت الى مراحلها النهائية وما تبقى هو تحديد المكان والزمان..وهنا تتعامل مع الحدث بسطحية عميقة جدا وتظن انك تخاطب"شلة" من الجهلة وعديمي الاطلاع على ما يجري من أحداث..فلو كان الأمر بهذه السهولة, فلماذا لم ينعقد المؤتمر منذ قرابة العشرين عاما؟ان الخلافات الداخلية في حركة فتح لها جذورها القوية وازدادت عمقا في السنوات الأخيرة وخاصة بعد رحيل الشهيد ابو عمار..هذا الرجل الذي انفرد بالقرار الفتحاوي ولو كتب له أن يبقى على قيد الحياة لما وصلت فتح لما وصلت اليه الان.

وشهد شاهد من أهلهم,يقول السيد احمد قريع" ان الصراعات داخل (فتح) تحول دون عقد المؤتمر السادس للحركة وهناك ضرورة لإجراء مصالحات في حركة فتح من أعلى سلم الهرم وحتى جميع ما يسمى بمراكز القوى وغيرها، فلا يجوز أن نذهب إلى المؤتمر ونحن نحمل السكاكين، وإنما ونحن متفقين على أن ينجح مؤتمر الحركة، هذه القضية وظاهرها شكلي ولكنها شيء موضوعي"..والى الأخ ارشيد أقول بأن هناك ضرورة ملحة لعقد المؤتمر، وهذه الضرورة ملموسة لدى كل الأطر، والهيكليات القيادية، والقاعدية وذلك لأسباب عديدة أهمها استنهاض واقع حركة فتح، فهي ليست في أحسن أحوالها، وهناك عيوب، ونواقص، وجملة من المستجدات..ففي العشرين عاما التي مرت على انعقاد المؤتمرالخامس غاب فيها الحراك الديموقراطي، وتكلست القيادات، وتقادمت اللوائح والأنظمة وتعاقبت الأجيال، وتعددت المسارات، والمستجدات من الانتفاضة للمفاوضات للسلطة الوطنية للانتفاضة الثانية؛ للانقلاب في غزة، وغيرها من الأمور، التي تستوقف أمم، فما بالك بحركة باتت شبه مشلولة؟..

وبالمقابل يشكل المكان الذي سينعقد فيه المؤتمر مشكلة رئيسية بحد ذاتها..هل سيعقد في الداخل أم في احدى الدول العربية..فاذا قرر ان يعقد في الداخل فسيغيب عنه عدد من القياديين الفتحاويين البارزين, وهذا بدوره سيشكل عائقا في انجاح انعقاده..وستنتظر فتح فترة اخرى ولكن الانتظار هذه المرة لن يكون طويلا لأنها ستنهار, فلم يعد بمقدور فتح تحمل المزيد من الانهزامات والانقسامات والتي تزداد يوما بعد يوم..!..وقليل من الواقعية وتسمية المولود باسمه والبعد عن استخدام القلب واستعمال العقل أمورمطلوبة بجدية, يا أخي منذر..!.

وأما في ما يخص "منصب الرئاسة بين فتح وحماس"..فهذا الأمر لم يعد يهمني لأنني ما زلت ومعي الكثيرون الذين نطالب بحل السلطتين والعودة الى ما قبل اوسلو أي الى مربع المقاومة كحل لقضيتنا..ولكن استوقفتني بعض العبارات في مقالك والتي تخص منصب الرئاسة وقرب نهاية ولاية السيد ابو مازن, حيث تقول:"فحماس بيدها ورقة قانونية أكدها رجل القانون المعروف الدكتور الخالدي والذي وضع النقاط على الحروف من خلال محاججة قانونية لا لُبس فيها ومفادها أن المدة القانونية لا يمكن لها أن تتجدد إلا بشروط معروفة لا يمكن توفرها في الظروف الحالية..أما الأخ ابو مازن فلماذ يريد تفسيرات أو مخارج قانونية ليجد منفذا ً يؤهله لتمديد فترة الرئآسة!؟

وهو يمتلك ما يؤهله لذلك دون اللجوء إلى كل الوسائل ولو بالتحايل على القانون..وصولا إلى لي ذراع القانون"...هذه الأقوال يا أخ منذر وغيرها والتي تمت ترجمتها الى ارض الواقع هي جزء لا يستهان به من ضمن مجموعة الأسباب التي أدت الى فشل حركة فتح, فدائما انفردت هذه الحركة بالسيطرة على منظمة التحريرومؤسساتها وباتخاذ القرار الفلسطيني دون الرجوع الى باقي التنظيمات الفلسطينية...فيحق لها ما لا يحق لغيرها وشعار" النصف زائد واحد" كان دائما مرجعيتها وهذا الأمر كان من بين الأمورالتي ادت الى انشقاقها الداخلي, والذي أثر سلبيا على مجمل المشروع الوطني الفلسطيني نتيجة لظهور تيارات انتهازية وانقلابية في داخلها..! "التحايل على القانون وصولا الى لي ذراعه"..أقوال بمنتهى العنهجية والتعالي وهي صفات لازمت هذه الحركة على مدار عدة عقود بل منذ تأسيسها..وهذا التعبير يذكرني بما يحصل قي معظم الدول العربية..فالرئيس ابو مازن لا يختلف عن أي زعيم عربي..

فمن الواضح ان الرئيس عباس سيتمترس في منصبه، ليس لعام واحد فقط، وانما لاعوام مقبلة، مثله مثل كل الزعماء العرب تقريبا، فبعضهم يتربع على كرسي الحكم منذ اربعين عاما، ولماذا يكون استثناء، فهو على الاقل، من وجهة نظر انصاره، لم يأت الى الحكم عبر انقلاب عسكري، بل من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة..وربما يرد معارضوه بالحجج نفسها التي يتهمهم بها انصاره، فقد جرت العادة على اتهام الاسلاميين بانهم يريدون الانتخابات كوسيلة للوصول الى سدة الحكم، وبعد ذلك يتمترسون فيها ولا يغادرونها، ويلغون العملية الديموقراطية برمتها طالما ان هدفهم قد تحقق..ولكن الرئيس عباس يستطيع، بتركه المنصب، ان يقلب الطاولة رأسا على عقب وعلى الجميع، وامريكا و"اسرائيل" على وجه الخصوص، لانهم هم الذين افشلوه، رغم كل ما ابداه من مرونة لا حدود لها في المفاوضات وما يسمى ب"العملية السلمية"..

ولكن سيبقى من يسأل: وما هو البديل في حال انسحاب عباس من منصب الرئاسة؟..هذا الأمرسيؤدي حتما الى انهيار السلطة، وبامكاننا القول ان البديل هوعودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل اوسلو، وتسمية الاشياء بمسمياتها، وانهاء مسلسل الكذب والضحك على النفس الذي نعيشه حاليا، وعلينا ان نتذكرأمورا مهمة وهي انه قبل السلطة كان هناك احتلال، وفي ظلها استمر الاحتلال ايضا، ونذهب الى ما هو ابعد من ذلك ونقول ان الارض المحتلة كانت موحدة قبل السلطة، ولم تنقسم الا في ظلها..ولذلك لنعد الى المربع الاول بعد فشل كل المربعات الاخرى، وتحول الشعب الفلسطيني خلالها الى شعب متسول والتصاق تهمة الفساد بقياداته، ولتكن مرحلة انتقالية يعيد فيها هذا الشعب حساباته، ويطور بعدها استراتيجية جديدة بقيادات جديدة..هذا هو الحل الذي نراه في الأفق ولا وجود لحل موضوعي وعقلاني اخر غيره..وفي هذا السياق استذكر مقولة"بنيامين بن اليعيزر" وزير الحرب الصهيوني السابق حين قال:"إن انهيار السلطة الفلسطينية بمثابة كارثة على إسرائيل"..فلتنهار السلطة الفلسطينية ولتتحقق نبوءة بن اليعيزر, وبهذا نكون قد نجحنا في اصطياد عصفورين بحجر واحد..!ورحم الله"ابو الطيب المتنبي" وهو القائل:نامت نواطير مصر عن ثعالبها**فقد بشمن وما تفنى العناقيد..!.
-القدس المحتلة

ليست هناك تعليقات: