الاثنين، أكتوبر 20، 2008

المصريون وشعار الصبر هو الحل

رشا أرنست
الصبر هو مفتاح سرّ المصريين في كل زمان ومكان، وشعارهم قول الإمام علي: سأصبر حتى يعجز الصبر علي صبري، سأصبر حتى ينظر الرحمن في أمري، سأصبر حتى يعلم الصبر أنني صبرت على شيء أمر من الصبرِ. هكذا يردد المصريون ليُصبروا أنفسهم على ما يحدث معهم ومن حولهم من مصائب بكل السبل والطرق. الصبر هو الشيء الوحيد الباقي للمصريين. فمع كل استعمارا أو حرب كان الصبر مفتاح الفرج. لكن السؤال هل الصبر سينفع هذه الأيام التي فقدت معناها وقيمتها في حياة المصريين؟ ماذا يفعل الصبر أمام انتهاك الحياة والحق والشرف؟ …. الشرف الذي لا نعرف إن كان غاب أم ضاع وسط غياب العديد من القيم والمبادئ في هذه الأيام.
كثيرون يستطيعون تعريف كلمة الشرف وخاصة في مجتمعاتنا العربية، لكنني ارفض أن احصر هذه الكلمة في معنى أو عدة معاني مثلما يفعل الكثيرون ويحصرون مفهوم الشرف في المرأة والعرض فقط. لأن هناك ما يوازي ويزيد عن هذا المفهوم الضيق. هناك شرف الواجب، شرف الوطن، شرف الضمير، شرف الكلمة ....الخ. وأخشى أن أقول إن قليلون فقط هم من لم يفقدوا شرفهم حتى الآن. فان كنا نسمع أخبار الحروب البعيدة ونقف صامتون فهذا لا يعني أننا لا نشعر بهم، ولكن حين يموت كل يوم عشرات الأبرياء ولا يتحرك لنا ساكناً، وحين نُهين مَن همّ أضعـف مِنا، ونقبل إهانة من هم أقـوى مِنـا فهذا معناه أننا فقدنا الإحساس والإدراك، فقدنا الشرف أيها الباقون شرفاء.
اسأل نفسي وأسألكم ماذا حدث للمواطن المصري؟ ما الذي جعلنا بهذه الصورة السلبية؟ هل تحوّّل الصبر إلى الحل الوحيد أم إلى استسلام للواقع المؤلم ولهزيمة الحق أمام الظلم العام؟ هل المصريون هم أنفسهم أبطال أكتوبر؟ لماذا فقدنا الأمل والحماس في النضال من اجل الحق؟ ... لم يقهرنا عدو أو مستعمر يوماً على مر السنين. أفكر واسأل وأخشى أن تكون الإجابة أن المصريون يُقهرون بالمصريين. في صمت ابعد عن أفكاري أننا سَنقهر بعضنا البعض، وسنصل إلى أن نحارب بعضنا بعضاً أو إلى أكثر من ذلك أن نُحارب أنفسنا. أحاول أن اقنع نفسي أن بيننا مَن مازالوا يملكون مصائرهم، مَن مازالوا يتصدوا للظلم والذل بالعدل والحق. بالشرفاء الوطنيون القادرون أن يدفعوا بهذا الشعب بعيدا عن فوهة البركان.
قيل إن العلم و المال و الشرف اجتمعوا مرة, وحين أرادوا أن يفترقوا قال المال:إنني ذاهب يا أخواتي, فإذا أردتم أن تجدوني فابحثوا عني في ذلك القصر العظيم. وقال العلم: أما أنا فابحثوا عني في تلك الجامعة الكبرى. وظل الشرف ساكتا فسأله زميلاه: لماذا لا تتكلم؟ فأجاب الشرف: أما أنا فإنني إذا ذهبت, فلن أعود ولن تجدونني... طريق الشرف واحد لا بديل له، ومن يريد العيش بشرف في هذا الزمن ربما يدفع حياته ثمناً. فأصبح الشرف ككل شيء في هذا العالم له ثمن، الشرف الذي وهبه الله لنا بالمجان له ثمن يباع علناً وفي مزاد كبير على جوانبه حريق وقهر وسجن لمن يرفض البيع.
لا أتكلم من تحت أنقاض حجارة المقطم، أو من وراء ستار المسرح القومي المحترق. كما أنني لا أتحدث من تحت أنقاض عمارة الإسكندرية أو من وراء قضبان سجناً سُجنت فيه لأنني كتبت كلمة حق أو نطقت بها. لكني أتكلم من عمق مشاعر مصرية تُحب هذا الوطن، وطن وُلد فينا قبل أن نولد فيه. وطن أخشى أن تكون مصائر أبنائه جميعاً كمصير أهالي الدويقة. أتكلم بلسان حال بعض المصريين الذين يناشدون أصحاب النفوذ والسلطة، والذين بأيديهم مصائر الناس أن ترفعوا عيونكم لتروا ماذا يحدث وان لم تشعروا. لكن انظروا ربما تستطيعوا أن تستوعبوا إن طاقة هذا الشعب قربت على النفاذ وان صبرهم الحالي ليس إلا الفرصة الأخيرة قبل الانفجار العظيم.
http://racha-arnest.blogspot.com


ليست هناك تعليقات: