الجمعة، أكتوبر 17، 2008

لهذه الأسباب يجب الاصرار على اطلاق سراح أسرى الداخل

راسم عبيدات
.... الأسير القائد والمناضل وليد دقة والمعتقل منذ عام 1984 ،والمحكوم بالسجن المؤبد،رفع استئنافاً لمحكمة العدل العليا الاسرائيلية على قرار رئيس هيئة الاركان السابق "دان حلوتس" برفض تحديد مدة السجن المؤبد له،والمحكمة الاسرائيلية العليا حثت محامي المناضل دقة على سحب الاستئناف،لكي لا يصدر قراراً برفض تحديد مدة السجن المؤبد.
هذا القرار يبرهن ويكشف بالملموس مدى الحقد والعنصرية التي ينضح بها دعاة ما يسمى بواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط،وأنا لا أعرف أو أسمع على مر التاريخ القديم والحديث عن أحكام قضائية صدرت بحق لا مناضلين ولا مجرمين غير مسقوفة زمنياً،الا في "اسرائيل واحدة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
وبالعودة لهذا القرار والذي لم تكن حالة المناضل القائد دقة فيه استثناءاً،بل هناك عشرات الحالات الشبيهة بذلك،والذي يعني أول ما يعنيه أن مثل هؤلاء الأسرى،لن تخرجهم لا ما يسمى ببوادر حسن النوايا ولا صفقات الافراج أحادية الجانب،ناهيك عن أن أسرى الداخل بالتحديد حتى في أحسن الظروف،غير مشمولين بهذه الصفقات،وبالتالي الخيارات المتاحة والممكنة لهؤلاء الأسرى،ليست بحاجة لا لتنظير ولا شعارات ولا جهابذة افتتاء وتبرير،فالطرف الفلسطيني ووفق اتفاقيات أوسلو أسقط حقه طواعية بتمثل هؤلاء الأسرى،وبالتالي مصيرهم هو اما التحول من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين،أو أن أن يكون هناك بحث عن طرق ووسائل وخيارات أخرى تجنبهم هذا المصير المحتوم،وهذا يعني بشكل واضح ولا يقبل التأويل أنه بدون أن يخرجوا من خلال صفقات تبادل،فهم لم يروا النور،وقرار محكمة العدل الاسرائيلية ومن قبلها رئيس هيئة الأركان الاسرائيلية،برفض حتى تحديد فترة المؤبد لهؤلاء الأسرى،يسقط الرهان على أي خيار آخر غير هذا الخيار،ونحن شاهدنا ورأينا بالملموس أن عميد الأسرى العرب سمير القنطار،بعد ثلاثين عام من الأسر لم يتحرر الا من خلال صفقة تبادل وثمن غال دفعه لبنان والمقاومة اللبنانية في سبيل تحريره،وما عدا ذلك فاسرائيل كانت ليس فقط ستبقيه في السجن حتى آخر يوم في حياته،بل ستحتفظ بجثته بعد الاستشهاد،وحتى عندما تحرر من الأسر مازالت تهدد باغتياله،وهذا يكشف زيف وحقيقة العقلية الاسرائيلية،التي تنضح بالحقد والعنصرية تجاه ليس أسرانا،بل شعبنا وأمتنا العربية،ومسلسل الذل والهوان الذي يتعرض له أسرنا يبدأ من الاعتقال وهو بلا نهاية،حلقات متواصلة ومتكاملة من الآذلال والقمع،تشارك فيها كل مؤسسات الدولة على مختلف مسمياتها من محققين ومخابرات وشرطة وادارات سجون وحكام وقضاة وحتى رئيس الدولة نفسه والمناطة به قرارات العفو.
ومن هنا فإن الأسير المناضل دقة والذي دخل عامه الاعتقالي الخامس والعشرين،هو وغيره من أسرى الداخل،يجب أن يكون هناك اصرار عالي أن يكونوا من ضمن الأسرى الذين تشملهم صفقة التبادل بالجندي الاسرائيلي المأسور"جلعاد شاليط"،وبالذات الذين أمضوا عشرين عام فما فوق وليد دقه،ابراهيم أبو مخ،صالح أبو مخ،ابراهيم بيادسه،سامي يونس،كريم يونس،ماهر يونس،يحي اغبارية ،مخلص برغال،محمد زياده،سمير السرساوي ،بشير الخطيب وغيرهم.
فهذه الفرصة قد تكون الفرصة الأخيرة أمامهم للتحرر من الأسر،ناهيك عن أن تحررهم،عدا أنه يشكل كسراً للمعايير والتصنيفات والتقسيمات الاسرائيلية،فإنه يخلق حالة من الثقة والاطمئنان عند جزء هام من أسرى شعبنا،بأن نضالاتهم وتضحياتهم لم تذهب لا هدراً ولا هباء،وأنهم جزء صميمي من هذا الشعب الذي من أجله وأجل حقوقه وحريته،ناضلوا وضحوا بأرواحهم وبزهرات شبابهم،ودفعوا ثمناً باهظاً مضاعفاً،ليس على الصعيد الشخصي والاجتماعي والأسري،بل على صعيد حالة الاستهداف والقمع،من ادارات السجون وأجهزتها المختلفة،حيث العزل عن بقية أسرى شعبنا الفلسطيني في أقسام خاصة،ومنع الكثير من المكتسبات والمنجزات التي يتمتع بها أسرى شعبنا عنهم،ناهيك عن عدم شملهم في أية بوادر حسن نية أو صفقات افراج أحادية الجانب،وممارسة الضغوط عليهم،من أجل حملهم على التخلي عن انتماءاتهم الحزبية والتنظيمية،والتهديد بإسقاط الجنسية عنهم،في حال تحررهم من الأسر،وإبعادهم قسراً عن وطنهم....الخ.
ان المناضل والقائد وليد دقة،والذي تعرفه كل سجون الاحتلال واداراتها وضباط أمنها ومخابراتها،هو من المناضلين الذين كان لهم الدور والباع الطويل في بناء الحركة الأسيرة الفلسطينية،وقيادة معاركها النضالية دفاعاً عن حقوقها ومكتسباتها ومنجزاتها،ودفع ثمن ذلك في الكثير من المرات قمعاً وعزلاً في الزنازين وأقسام العزل في السجون،ورغم كل ذلك وحتى في أحلك الظروف التي عاشتها الحركة الأسيرة الفلسطينية،بعد مرحلة أوسلو وما عكسته من حالة احباط وفقدان ثقة بين الأسرى،وتفكك وتحلل منظماتهم الحزبية والاعتقالية،فإن القائد دقة بقي متماسكاً وصلباً ومحرضاً،بأن مرحلة الهزيمة والانكسار والتراجع،هي مؤقته وسرعان ما ستنهض المقاومة وتستعيد عافيتها،وتأتي الانتفاضة الثانية في أيلول 2000،لكي تؤكد على صوابية رأية ونظرته وموقفه،وفي السياق تأتي عمليات أسر الجنود من قبل حزب الله في تشرين أول/2000 وتموز 2006 وحماس في حزيران/2006،لكي تستنهض الحالة الاعتقالية في مختلف الميادين والمجالات وخاصة القدماء منهم،والذين أخرجتهم اسرائيل من دائرة أي افراجات محتملة،وبغض النظرعن ما آلت اليه صفقات التبادل بين حزب الله واسرائيل،وعدم قدرة الحزب على فرض شروطه في صفقات التبادل،بسبب كون الجنود الاسرائيليين المأسورين لم يكونوا على قيد الحياة،الا أن هذا النهج والخيار،اعاد الثقة والقناعة عند المناضلين وخاصة القدماء منهم،بأن هناك من يهتم بمصيرهم ويحاول بكل الطرق والامكانيات،أن يحررهم من الأسر بعزة وكرامة،وبطريقة تليق بنضالاتهم وتضحياتهم،وبعيداً عن اشتراطات اسرائيل وتعهداتها.
ومن هنا نقول بأن قرار محكمة العدل العليا الاسرائيلية،برفض تحديد مدة المؤبد للأسير القائد دقة ،ومن هم على شاكلته من المناضلين وبالذات من أسرى الداخل، يجعلنا متيقنين بأن الفرصة والطريقة الوحيدة لنيل هؤلاء الأسرى حريتهم،غير ممكنة بدون صفقات التبادل،ولذلك فإنه على آسري الجندي الاسرائيلي"جلعاد شاليط"،أن يجعلوا هؤلاء الأسرى على رأس قائمة الأسرى المطلوب اطلاق سراحهم في صفقة "شاليط"،وهذا ليس فقط كسراً للشروط والمعايير الاسرائيلية،بل تأكيداً على أن أسرى الداخل هم جزء ومكون أساسي من مكونات الحركة الأسيرة الفلسطينية،ولا صفقات تبادل بدونهم.

ليست هناك تعليقات: