الأحد، أكتوبر 26، 2008

ليد ظلت تقاوم ... لكفر قاسم

د. عدنان بكريه

فلسطين الداخل

كفر قاسم //إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني //فدعيني أستعّر صوتي من جرح توهّج //وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج //إنني مندوب جرح لا يساوم علمتني ضربة الجلاّد أن أمشي على جرحي وأمشي... ثم أمشي... وأقاوم!
في ذكراك يا كفر قاسم نستعيد التاريخ من جديد ونطلق الصرخة من جيل لجيل قاومت فقاوم .... آه يا كفر قاسم ... أيتها الطفلة الذبيحة من الوريد إلى الوريد في كل عام نقبل ثراك المغمس بالدم والدمع من جديد... وفي كل عام نحتضن الورود النازفة على حيطانك الراسخة وجدرانك الراعفة !!
يا كفر قاسم... يا ابنة الشعب الجريح ، ستبقين شعلة دم تضيء طريق العبيد !!وتضيء طريق الشعب الصابر الصامد المعذب المشرد ،الحالم بالعودة والرجوع .. ستبقين فينا ونبقى فيك نورا ونارا .. أنت التي على جدرانك انتحر الغزاة ولم تهوني وبقيت شامخة فوق الجراح ... فيا كفر قاسم لا وقت للبكاء ... لا وقت للنواح .. هذا أوان الشد فضمدي يا أختي الجراح !!
أنت التي أطلقت العواصف والرعود !! أنت التي قطعت على نفسك العهود مدوية تزمجر مع الرياح ... أنا يا أخي إن سقطت فخذ مكاني في الكفاح ولا تخشى على دمي إن سال من حد السلاح !! .
آه! يا خمسين لحنا دمويا
كيف صارت بركة الدم نجوما وشجر؟
الذي مات هو القاتل يا قيثارتي ومغنّيك انتصر!
إفتحي الابواب يا قريتنا
افتحيها لرياح الاربعة
ودعي خمسين جرحا.. يتوهج:
كفر قاسم
قرية تحلم بالقمح.. وازهار البنفسج
وبأعراس الحمائم
احصدوهم دفعة واحدة..
احصدوهم!
حصدوهم

****
على ثراك يا كفر قاسم تسعة وأربعون وردة... سقطت وما ذبلت وما ماتت !!... لكنها أينعت من جديد باسقة تطاول جلاوزة العصر تحطم أصفاد الحديد... أغصانها أقوى وأعلى من قامات الجنود ...ريحانها يتطاير مع النسائم يتساقط طللا على عواصم الرماد النائمة.. فيا كفر قاسم يا مغناة الفقراء وقامة الشعب ومنارة العرب.. يا عروسا نتوجك كل عام بأكاليل الذهب..اليوم يا ابنة الأرض هلَ عيد الضحايا فانهضي مع الفجر يا كفر قاسم... واطلقيها فوق الجبال الله اكبر
الله اكبر على كل من تكبر وتجبر .فعلى أعين أطفالك يا أم العيون الجارحة يبس النهر وماتت فيّ أغاني الحمائم وأنا يا كفر قاسم أنا لا أنشد الموت... ولكن ليد ظلت تقاوم .

" أيها الأهل يا فخار العقود ** يفخر الدهر والثرى والجدود
أنتم من وهبتم الأرض روحا ** وبذلتم دماءكم لم تحيدوا
وكتبتم سطور مجد ستبقى ** رغم كيد الظلام مجدا تعيد
وصمدتم رغم المجازر والتشر ـ م ـ ** يد والليل حين عز الصمود
وصبرتم على النوائب تترى ** لا يكافيكم ، والاله ، القصيد
يا قصيدي صغت البيان عقودا ** فاهد للأهل ما تضم العقود
لشهيد أضاء إثر شهيد ** فاهدهم ما أفضى إليه الشهيد
وإلى الآتين المجازر أرخ ** " ضل شر ، زال انتهى ، أم يعود
(الشاعر محمود مرعي)

****
أذهلت العالم أيتها الصبية الحالمة .. أذهلت (شدمي ) وجنرالات المجزرة لأنك أحببت الحياة والبقاء ... أحببت الرقص على وقع جرحك المكابر وعلى خطى شهدائك وعزف أوتار بقائك كبرت يا كفر قاسم وصرت نورا ونارا حارقة.. صرت أنشودة الفرح المقاوم .. صرت بسمة الأمل الدائم وعنوانا لكل صابر مقاوم.
فيا كفر قاسم ...أعينيني على الغضب الذي ينز من مآقي حزنا ودموع ... أعينيني على الفرح الذي أبى أن يساوم ... أعينيني على قتل الحزن المضطجع على صدري يا كفر قاسم !أعينيني على وأد مأساتي .. لقد ضجت بها العواصم !
نطل عليك اليوم في عيد الضحايا ... يعزف لك تسعة وأربعون وتر.. مغنيك يا عروس فلسطين ما انتحر! ومغنيك يمر بين كروم الدوالي يلملم ما تبقى من مواويل الشجر... تسعة وأربعون وتر.. صنعنا منها قيثارة شعب تعمد بالدم والدموع ..فاعذريني يا كفر قاسم فانا لا اغني للموت .. لكن ليد ظلت تقاوم !

آه، يا سنبلة الموت على صدر الحقول
ومغنّيك يقول:
ليتني اعرف سر الشجرة
ليتني ادفن كل الكلمات الميتة
ليت لي قوة صمت المقبرة
يا يدًا تعزف، يا للعار، خمسين وتر
ليتني اكتب بالمنجل تاريخي..
وبالفأس حياتي..
وغناء القبرة (الشاعر محمود درويش)

****
آه يا كفر قاسم ... يا دما نازفا من رقبة شعبي الذبيح.. أعينيني يا أخت على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج ...أعيريني صوتك لأصرخ بالعالم النائم ولا تغادري عرس الضحايا ... لقد تحطمت يا كفر قاسم تحت أقدامك كل المرايا.. لقد تحطمت على صخرة الموتى الرياح العاتيات ... وبقيت يا كفر قاسم تطلقين مواويل التحدي وتعزفين على أوتار مأساتك أجمل الألحان... فيا بلد التجدد والعنفوان... على وقع خطى شهداؤك ومعك نتجدد في كل عام ... نردد سورة التحدي ونرفع قبضاتنا حجارة من صوان... نردد


وطني! يعلمني حديد سلاسلي عنف النسور، ورقة المتفائل
ما كنت أعرف أن تحت جلودنا ميلاد عاصفةٍ… وعرس جداول
سدّوا عليّ النور في زنزانةٍ //فتوهّجت في القلب… شمس مشاعل
كتبوا على الجدران رقم بطاقتي //فنما على الجدران… مرج سنابل
رسموا على الجدران صورة قاتلي //فمحت ملامحها ظلال جدائل
وحفرت بالأسنان رسمك دامياً //وكتبت أغنية العذاب الراحل
أغمدت في لحم الظلام هزيمتي //وغرزت في شعر الشموس أناملي
والفاتحون على سطوح منازلي //لم يفتحوا إلاّ وعود زلازلي!
لم يبصروا إلاّ توهّج جبهتي //لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلي
فإذا احترقت على صليب عبادتي //أصبحت قديساً… بزيّ مقاتل
(الشاعر محمود درويش)

ليست هناك تعليقات: