الثلاثاء، أكتوبر 14، 2008

جامعة الأزهر والقانون

سامي الأخرس
Samyakras_64@hotmail.com
شكلت الجامعات الفلسطينية قلاعاً شامخة في وجه الاحتلال ، بل وكانت هذه الجامعات هى الحاضنة الفعلية للثورة ، ومحور الارتكاز والانطلاق لجميع القوى السياسية والعسكرية الفلسطينية والرافد الذي لا ينضب أبداً ، حيث أن جيل الشباب المتعلم والمثقف والواعي هو المخزون الاستراتيجي للثورة وقواها ، وهم الأمل في قيادة هذا الشعب وثورته ونضاله المتواصل حتى نيل حقوقه وتحقيق أهدافه .
من هذه المنطلقات استهدف الاحتلال الجامعات الفلسطينية وحاربها ضمن سياسة التجهيل والعبث بها وبمقدراتها لإدراكه أنها حاضنة التفريخ الثورية الفعالة . ورغم كل محاولاته وأساليبه فشل في السيطرة على الجامعات الفلسطينية واحتوائها ، بل واستطاعت جامعاتنا الفلسطينية من الإضطلاع بمهام إضافية لمهامها الأكاديمية والعلمية وتثبيت مهام وطنية، وثقافية ، وتوعوية اتسمت دوماً بنشر مفاهيم الوحدة ، والتعدد ، والحوار ، والديمقراطية بين كُتلها وطلبتها من خلال ممارسة عملية الانتخابات والتثقيف وإذابة الجاهلية الحزبية السياسية بين مختلف مشارب الطلبة داخل الحرم الجامعي الذي أتخذ أشكال الصراع والإلتقاء ، حتى أصبحت الجامعات الفلسطينية مقياس جماهيرية أى حزب أو حركة فلسطينية ومعيار نموها أو تراجعها .
من عمق هذه الواقعية الفعلية شهدت جامعاتنا الفلسطينية ثورة مؤسساتية ديمقراطية تميزت عن باقي الجامعات في المحيط الجغرافي العربي والإسلامي ، ورغم التجربة المميزة والفريدة التي ولدت من رحم الإرادة والتحدى إلا أن السنوات الأخيرة شهدت العديد من التحولات على الصعيد الإداري، والأكاديمي أو التركيبة السياسية في الجامعات ، وأصبحت بعض الجامعات تعتبر كواجهة لقوة أو حركة سياسية ما ، ومركز ثقل لها وبؤرة احتكار سواء على الصعيد الأكاديمي أو الطلابي أو الإداري ، وهناك من يطلب شهادة إنتماء حزبي كشرط لعملية التوظيف ، وهذا الحال لا يقتصر على جامعة بذاتها بل أصبح سمة كما هو الحال بالجامعة الإسلامية في غزة ، أو جامعة الأزهر أيضا في غزة ، هذا الاحتكار عرض البني الأكاديمية والدور الطليعي للجامعات الفلسطينية إلى الانزلاق لمنحدر خطير يتخذ من التسيس والتحزب هوية وإنتماء للجامعة ، وهذا ما تأكد عملياً في عمليات اقتحامات الجامعات والإعتداء على كادرها الأكاديمي والإداري وطلابها ومبانيها كما حدث أبان الصراع بين حركتي فتح وحماس من عملية اقتحام للجامعة الإسلامية من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية وهو ما شهد استنكار كل أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته المدنية ، وهو ما مثل تحولاً خطيراً في سياسة الصراع الأكايمي ، وتجاوز حرمة وقدسية الجامعات التي انبري العشرات من المثقفين للكتابة عن هذا الاقتحام كجريمة فعلية ضد مؤسسة أكاديمية وهو فعلاً جريمة مهما كانت مبرراتها .
ومع إنتهاء سيطرة حركة فتح على قطاع غزة أصبح المشهد يتكرر بين الفينة والأخرى ولكنه في باحة حرم جامعي أخر هو جامعة الأزهر وبدأ مسلسل الصراع يطول كل جوانب الحياة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني ، حيث تعرضت جامعة الأزهر ولا زالت تتعرض لعشرات عمليات العنف والاقتحام والإعتداء على كادرها الأكاديمي والإداري وطلبتها ، وأتخذت أشكال العنف الإعتداء بالقنابل والأسلحة النارية ضد المباني الجامعية وضرب الكادرالجامعي في مكاتبة ، واصبح منطق القوة هو السائد بين الطالب المنتمي لتيار سياسي مسيطر وبين إدارة الجامعة قاطبة ومجلس أمنائها الذي اصبح يتعرض للهجوم إذا إتخذ قرار تأديبي بحق أي طالب مخل بالنظام الجامعي والأكاديمي ، وهو ما كان دافعاً للهجوم الأخير على الجامعة لأن إدراتها إتخذت قرار بفصل بعض الطلبة الذين أخلوا بالنظام الجامعي ، وهو ما شاهدته بأم عيني وأنا في قسم الدراسات العليا حيث أتى ثلاث طلبة يهددوا أحد المعيدين بأخذه على مقر المشتل – جهاز أمني- واعتقاله وتعليمه الأدب – حسب وجهة نظرهم – والسبب أن هذا المعيد رفض أن يقوم أحد الطلبة بالغش في قاعة الإمتحان ، ورفض دخوله بسلاحه الشخصي ، فكيف يتجرأ المُعيد ويطلب من الطالب أن لا يغش ، وأن يخرج بسلاحه من قاعة الامتحان ، فقد إرتكب جريمة كيف يسمح لنفسه بطلب ذلك من تلميذ يمثل ذراع عسكري منتصر بمعركة الجاهلية .
لم يقتصر الأمر على ذلك بل تُطالعنا الأخبار بين الحين والآخر عن عملية اقتحام لحرم الجامعة والاعتداء على طلبتها بالضرب وبماء النار وبتكسير المكاتب .. إلخ والسبب أن إدارة الجامعة تصدت للمخلين بالنظام وقررت إعادة هيبة الجامعة والإدارة والتصدى للعابثين بالنظام وبالجامعه ونظامها .
وسؤالي هنا لشرطة الحكومة المقالة أين دورها في عملية ضبط النظام والدفاع عن القانون الذي دائماً يكون لسان حال الناطق باسم وزارة الداخلية بأن القانون يجب أن يفرض على الجميع وضرورة تطبيقة على الجميع ايضا والحفاظ على سيادة القانون وهو ما طبق بقوة ضد حي الشجاعية وضد عائلة دغمش وضد العديد من قادة الفصائل والشخصيات دون أدنى اعتبارات فلماذا يعجز القانون عن التطبيق عندما يتعلق الأمر بجامعة الأزهر ؟ ولماذا يتم الزج بقوات القسام في خلافات طلابية وجامعية رغم أن مهام القسام كفاحية نضالية ضد الاحتلال فقط ولا ضلع له أو دور في الخلافات والصراعات الداخلية وتطبيق القانون .
فأين قوات الشرطة الفلسطينية للحكومة المقالة التي تصدت لتجمع معلمي الجهاد الإسلامي الذين تظاهروا ضد إضراب التعليم الأخير قبل شهر ؟ وأين الأقلام المثقفة عما يحدث بجامعة الأزهر؟ وماذا لو حدث ذلك في الجامعة الإسلامية ؟ ماذا سيكون رد فعل الشرطة وإدارة الجامعة ؟
كفي تلاعباً بمقدرات الشعب الفلسطيني ومؤسساته التي أصبحت مرتعاً للمتلاعبين بمؤسسات هذا الوطن ، وأصبحت جاهلية الأحزاب تناصر إبنها ظالماً أو مظلوماً على حساب وطن ، فاتركوا المؤسسات العلمية والأكاديمية من همجية وجاهلية الحزبية ...

ليست هناك تعليقات: