الخميس، أكتوبر 23، 2008

الدولة الديمقراطية ليست دكاناً يا ابو جمرة

سعيد علم الدين
الدولة الديمقراطية الدستورية ليست دكان، بل هي قيم ومبادئ وعدالة وقوانين، التمسك بها هو الحرز الثمين، لمكافحة الرشوة والفساد ومعاقبة المخلين بالنظام والأشرار المفسدين، ولصيانة الأوطان من عبث العابثين، وهرطقة بعض صغار السياسيين، وقطع دابر المصطادين في المياه العكرة من المتآمرين.
ولهذا لا يمكن التنازل عن قيمها للمشاغبين، أو التلاعب بقوانينها حسب الأهواء والظروف السياسية بين الحين والحين:
لا بين أهل اليسار واليمين، ولا بين المسيحيين والمسلمين، ولا بين العونيين وباقي اللبنانيين، بل يجب أن تطبق بالتساوي على الناس أجمعين.
لأنه في الدولة الديمقراطية لا يوجد في الحقيقة حاكم ومحكوم، بل مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات حسب القانون.
وفقط في النظام الديمقراطي عندما يترك الحاكم منصبه يتحول الى مواطن عادي.
السلطة الدائمة هنا هي للشعب، أي للمواطنين ولممثليهم المنتَخَبين. حيث الكرسي في الديمقراطية لا تدوم، وعندما يخذل الشعب الحاكم في الانتخابات، فلا بد ان يطأطئ الرأس شاكرا وعن كرسيه يقوم.
والدساتير المكتوبة هي مواثيق وطنية جامعة صلبة الاساس، وليست مقدسات، ولا يمكن المساس بنصوصها إلا عبر الشرعية وأم المؤسسات. أي مجلس النواب.
وعندما يلحظ الدستور منصب نائب لرئيس مجلس الوزراء دون اعطائه صلاحيات مكتوبة، معنى ذلك ان المشترع هدف من ذلك: الرمزية.
وكما قلنا النصوص الدستورية ليست مقدسة وتغييرها عبر مجلس النواب ليس بالمعجزة.
وبدل أن يدخل نواب التكتل العوني من الباب إلى مجلس النواب بخصوص صلاحيات نائب رئيس الحكومة لمناقشتها وإقرارها دستورياً، تراهم عكس السير كما جنرالهم شمشون الجبار يدخلون من شباك مجلس الوزراء لمحاولة فرضها عنوة على جدول أعمال مجلس الوزراء لمناقشتها.
وعندما يرفض دولة الرئيس السنيورة إدراج ذلك الأمر حفاظا على النصوص الدستورية وتمسكا بالعرف والقانون. تراهم ينسحبون لعرقلة العمل الحكومي وإفساد الأجواء الطيبة وتعكير المصالحات بين اللبنانيين.
للتذكير نحن في لبنان ولسنا في السويد، حيث المناصب والمراكز ما زالت توزع بين الطوائف بالميزان. فالبارحة طالب الشيخ قبلان بإنشاء منصب نائب رئيس الجمهورية يحتله شيعي. واليوم يطالب ابو الميش وأبو جمرة بصلاحيات لنائب رئيس مجلس الوزراء الأرثوذكسي. وغدا لا ندري بماذا سيطالب أحدهم.
الحل هو الرجوع الى الدستور والبرلمان ليصل كل ذي حق الى حقه.
فقادة الوطن الكبار من قوى 14 اذار يقدمون آباءهم وأبناءهم ورفاقهم شهداء ويجهدون بإخلاص باحثين عن سبل الخلاص لهذا الوطن المأزوم المتفجر والمربوط بمحاور الإرهاب والعنف والفتن والشر غصبا عن إرادة معظم شعبه، وعون وشركاه في شركة إفلاس يبحثون عن المشاكل والحرتقات الصغيرة ليفرقعوها، ويصفق لهم بعض السذج والجهلة العوام.
كل الزعماء الشرفاء اعتذرت بطريقة ما تلميحا او تصريحا عما ارتكبته في الحروب اللبنانية الفوضوية البائسة قصداً أو من دون قصد، والتي تنذكر ما تنعاد، إلا ميشال عون وأمثاله من زعماء أنا أو الخراب وقد قالها دون خجل على المنابر وامام الملأ مع وئام وهاب.
الشعب اللبناني كله يريد الخلاص من هذه المحن المتكررة، والخصومات التي لا تريد ان تنتهي بين ابناء العائلة الواحدة، والحرتقات المبتكرة، والمشاكل المفتعلة بفعل القادة الأشقياء.
الشعب اللبناني كله يحب الحياة، وأثبت وفي أكثر من محطة آخرها كان الحفل الغنائي الشبابي الضخم، الذي أقيم في وسط بيروت مبشرا بعودة الحياة إلى قلبها بعد اتفاق الدوحة ونهاية الاحتلال التعسفي من قبل قوى 7 ايار.
الشعب اللبناني كله يعشق الحياة والسلام والعيش المشترك والانطلاق وهناك من يفرض عليه عشق الموت الحرب والاختناق في دخان القنابل والدمار.

ليست هناك تعليقات: