الجمعة، أكتوبر 24، 2008

بارك والأسرى الفلسطينيون

راسم عبيدات
.......وزير الدفاع الاسرائيلي "يهود بارك" طلب من المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية"مزوز" أن يعطيه ضوءاً أخضر لفرض المزيد من القيود على الأسرى الفلسطينيين عامة وأسرى حماس خاصة،فيما يتعلق بمنع أهاليهم من زيارتهم في السجون الاسرائيلية،في اطار وسياق تشديد الضغط على حماس،لتلين شروطها ومواقفها فيما يخص اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي المأسور"جلعاد شاليط"،وعدا أن هذا الطلب يشكل خرقاً فضاً وسافراً لكل الأعراف والمواثيق الدولية وتحديداً اتفاقية جنيف الرابعة والتي نصت المادة 116 منها في الفصل الثامن على أن حق الأسرى بزيارة ذويهم مكفول،فعلي هذا الصعيد استبق "بارك" هذا الطلب، بقيام ادارات السجون بسلسلة من القرارات والاجراءات التصعيدية بحق الأسرى الفلسطينيين، فعلى صعيد زيارة الأسرى الفلسطينيين لذويهم،فهناك المئات منهم بل ربما العدد تجاوز الألف أسير محرومين من زيارة ذويهم تحت حجج وذرائع الخطورة الأمنية لهذا الأسير أو ذاك، ونفس الشيء يطبق وينفذ على ذوي الأسرى،حيث شيوخ ونساء جاوزت أعمارهم السبعين عاماً يحرمون من زيارة أبنائهم الأسرى تحت هذا البند،ومن هنا تفتقت الذهنية الأمنية الاسرائيلية،وكمقدمة لإلغاء كلي وشامل لزيارة الأسرى لأهاليهم وعائلاتهم،عن تنظيم زيارات الأسرى المحرومين والممنوعين من الزيارات لفترة طويلة،عبر نظام"الفيديو كونفرنس" والخاضع لسيطرة ادارة مصلحة سجون الاحتلال،والذي يحصي ويعد على الأسرى أنفاسهم ويمنعهم حتى من التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم تجاه أسرهم وعائلاتهم،وبالتالي تخطط ادارة مصلحة السجون الاسرائيلية،اذا ما نجحت في فرض هذه الخطوة والاجراء على الأسرى الفلسطينيين،الى تعميمه وفرضه على كل الأسرى،وبما يلغي ويمنع كلياً زيارة الأهالي لأبنائهم في السجون الاسرائيلية، ويفرض حالة من العزل الكلي عليهم،وبما يحول سجونها الى مقابر للأحياء.

والتصعيد الاسرائيلي الممنهح والمنظم ضد الحركة الأسيرة الفلسطينية،والهادف الى كسر ارادة المناضلين الفلسطينيين وتفريغهم من محتواهم النضالي والوطني،وسحب منجزاتهم ومكتسباتهم المعمدة بالدم والنضالات الطويلة والكثيرة، لم يتوقف للحظة واحدة ،وهي تستغل أي لحظة ضعف وانقسام بين أبناء الحركة الأسيرة الفلسطينية للإنقضاض عليها،وهذه الهجمات لمسناها وشاهدنها بشكل واضح،ما بعد مرحلتي أوسلو والانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني.

ومنذ فترة تقوم ادارات مصلحة السجون الاسرائيلية،بالعديد من المحاولات لفرض الزي البرتقالي الخاص بالأسرى الجنائيين والمدنيين على الأسرى السياسيين الفلسطينيين،حتى تلغي من القاموس والذاكرة شيء اسمه معتقليين وأسرى أمنين وسياسيين،وقد عزلت وقمعت العديد من اسرى الفلسطينيين والذي حاولت جس نبضهم والزامهم بارتداء هذا الزي بعد أن رفضوه.

ومن هنا فطلب"بارك" هذا ليس بالجديد ولا بالمستغرب،بل يندرج ضمن السياسة الاسرائيلية القمعية والاذلالية ضد الأسرى الفلسطينيين،والتي تشارك فيها كل أجهزة ومؤسسات اسرائيل الرسمية،من شرطه ومخابرات وجيش ورجال"بوسطه" وادارات سجون وكنيست وحكومة وحتى رئيس الدولة المناط به قرارت العفو عن الأسرى، وكذلك المحكمة العليا الاسرائيلية،والتي رفضت قبل عدة أيام تحديد مدة السجن المؤبد للأسير القائد وليد دقة والذي دخل عامه الاعتقالي الخامس والعشرين.

وطلب "بارك" يعبر عن مدى الجدية والاهتمام الذي تبديه اسرائيل حيال جنودها المأسورين،وهي لا تدخر أي جهد أو وسيلة للإفراج عنهم وتأمين اطلاق سراحهم،سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة،وهي تحاصر شعباً بأكمله وتحرمه من كل مستلزمات ومتطلبات الحياة الانسانية،كل ذلك في سبيل تأمين اطلاق سراح جنديها المأسور،والذي لم يمضي على وجوده في الأسر أكثر من عامين،أما نحن الفلسطينيون والذي مضى على وجود 87 أسير منا في سجونها أكثر من عشرين عاماً،فليس من حقنا أن نطالب ونناضل من أجل اطلاق سراحهم،بل علينا أن نستمر في استجداء اسرائيل من خلال مفاوضات عبثية وعقيمة،من أجل أن تطلق سراح البعض منهم،ووفق اشتراطاتها ومعاييرها ومقايسها،هذه المعايير والمقاييس الاذلالية،التي تستثني الغالبية العظمى منهم.

ولعل المثال الحي والصارخ على ذلك،رفض محكمة العدل العليا الاسرائيلية،ليس اطلاق سراح الأسير المناضل وليد دقة بعد خمسة وعشرين عاماً من الأسر،بل رفض تحديد مدة السجن المؤبد له،وهذا يعني بكل وضوح،أن الأسير المناضل دقة وغيره من الأسرى الآخرين من ذوي الأحكام العالية،سيتحولون من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين في أكياس الاحتلال الحجرية،وبالتالي رغم كل القصور والاهمال بحق أسرى شعبنا،من قبل السلطة الفلسطينية والأحزاب والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني،فإنه لا بد من أن يقف الجميع أمام مسؤولياته،ويقوم بدوره وواجبه تجاه أسرنا والذين شكلوا وما زال يشكلون طليعة نضاله ويقفون في الخنادق المتقدمة دفاعاً عن حقوقه ووجوده،وبحيث تصبح قضية أسرى شعبنا قضية كل بيت،ليس فلسطيني فقط بل وعربي،وكذلك طرحها في كل المحافل واللقاءات والمؤتمرات والمؤسسات الحقوقية والدولية،مع عدم تغيب أن شعبنا وفصائلنا تقع عليهم مسؤولية مضاعفة في هذا الجانب،باستخدام كافة أشكال ووسائل النضال،التي تمكنهم من التحرر من السجون الاسرائيلية،ولتعطيهم فصائلنا وسلطتنا وأحزابنا عشر الاهتمام الذي تعطيه اسرائيل للذين يأسرون من جنودها،وعليها أن لا تسقط أو تغيب أو تتخلى عن أي شكل من أشكال النضال،يمكن من تحريرهم وخروجهم بعزة وكرامة من سجون الاحتلال ومعتقلاته،فها هو "بارك وغيره من قادة الحكومة الاسرائيلية يستخدمون كل الوسائل والأساليب،حتى المتناقضة والمخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية،والتي تصل حد ارتكاب جرائم حرب،من أجل تطلق سراح جنديها المأسور"جلعاد شاليط"،وبدون أن تدفع ثمن اطلاق سراحه،وهذه النظرة العنصرية والحاقدة،يجب أن تدفع آسري"شاليط" الى ضرورة التمسك والتشبث بمواقفهم،حول صفقة التبادل ولا خيار الا ذلك،وأسرانا يجب أن لا يتحولوا الى شهداء في سجون الاحتلال،أو رهن حسن نواياه وصفقات افراجه احادية الجانب،أو ثمناً لابتزاز وتنازلات سياسية.

ليست هناك تعليقات: