السبت، أغسطس 02، 2008

لا ... لا من سكوت بعد اليوم

د. عدنان الظاهر

( كلمة تحذير وليس همسة نصح لأخوتنا كرد العراق ).
كنا ـ كما قد تعلمون ـ طوال أعمارنا معكم في السرّاء والضرَاء . تحمّلنا ، نحن أصدقاؤكم من عرب العراق ، ما تحمّلنا في العهدين الملكي والجمهوري جرّاء وقوفنا الدائم معكم دفاعاً عنكم وعن أمانيكم القومية وطموحاتكم السياسية ولم نبخل في سبيل ذلك لا بجهد ولا وقت ولا من الإستعداد لكافة التضحيات . تعلمون ذلك جيداً . لسنا نادمين على مواقفنا تلك في التضامن معكم ومشاركتكم أمانيكم وتطلعاتكم أياً كانت . كنا معكم ما دمتم مظلومين مكافحين من أجل نيل حقوقكم القومية والإنسانية . كنا معكم لأنَّ قضاياكم كانت عادلة وما كان أمامنا من خيار إلا الوقوف معكم فحريّة الشعوب المقهورة وتحرير الإنسان المغلوب على أمره كانت ولم تزلْ على رأس أولويات كل مثقف أو أي إنسان نبيل لا يفرِّق بين شعب وشعب ولا بين دين ودين ولا بين قومية وأخرى فلقد وُلدَ الإنسانُ حراً أولاً وجاءَ الحياة َ ثانيا ً أبيضَ ناصعَ الصفحة طهارة ً وبراءة ً من أي دين ٍ أو قومية . ولدته أمه لايتكلم لسانَ هذه القومية ولا تلك ولا يعرف تفاصيلَ كتابِ الذين أنجبوه المقدَّس ! هكذا نريد من الإنسان أنْ يبقى طوال حياته فوراءَ مثل ِ هذا الإنسان نقف وعنه ندافع مهما كانت المخاطر والتضحيات. نعم ، كنتم أمة ً مظلومة ً كشأن أغلب أشقائكم وشركائكم في العراق ، من عرب ٍ شيعة ٍ أو سُنة ٍ ، ثم تركمان وصابئة ٍ ويزيدين وكلدو ـ آشوريين . كنتم كغيركم مظلومين فوقفنا معكم دون تحفظات ولكنْ ، ليس إلى أبد الآبدين. لم نوّقعْ لكم على ورق ٍ أبيضَ فلكل ِّ مقام ٍ مقال ٌ ولكل حال ٍ ضروراته ومتغيراته !! ها قد إنقلبتم فتغيرتم فغدوتم متكبرين مغرورين بل و ظالمين للجهتين : لأنفسكم ولغيركم وظلمُ النفس جريمة كبرى لا من محكمة ٍ تقاضي مقترفيها إلا محكمة ُ تأريخ الظالمِ نفسه والضمير الجمعي وذاكرة شعبه والكياسة في السياسة ثم بُعد النظر. أجل ْ ، غدوتم بعد إنهيار إمبراطورية صدام حسين الدموية [ جمهورية الرعب ] وبفضل الإحتلال الأمريكي للعراق ... غدوتم ظالمين لا مظلومين ، متجبرين لا متسامحين ، مغرورين لا متواضعين ، متهورين لا منضبطين. خرجتم من قمقم علاء الدين مَردة ً شياطينَ تهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور سواكم ممن يتجرأ على مخالفتكم في الموقف أو الرأي وما كان هذا من طبعكم ولا من دأبكم ولا من أخلاقكم إذْ كنتم مظلومين تنشدون عطف ومؤازرة الآخرين . كنا معكم نحب الشعبَ الكردي كما نحب باقي شعوب الأرض قاطبة ً . نحبُّ الشعب الكردي وسنبقى [ الشعب الكردي وليس مَن تسلّط عليه ] ونفهم عدالة قضاياه المصيرية ونكتب عنه ونشيد ببطولاته وتأريخه وعظمة بسطائه وكرمهم وتعلقهم بأرضهم وتراثهم منذ كاوة الحداد مروراً بجمهورية مهاباد حتى يومنا هذا . كنا نحبُّ الشعبَ الكرديَّ وسنبقى معه ولكنَّ ... لن نسكتَ على تجاوزات بعض مسؤولي قيادات حزبيه الكبيرين المستحوذين على المال والسلطة والسلاح في كردستان العراق . لقد خرج هذا الرهط من قيادييه من جلودهم وتجاوزوا الخطوط َ الحُمرَ جميعاً وركبهم غرورُ الأباليس فإنتفخوا وأبرزوا عضلاتهم ناسين أنهم في أفضل أحوالهم ما زالوا جزءا ً من العراق شعباً وأرضا ً . وإنهم ما زالوا أقلية ً بالنسبة لباقي سَكنة العراق من كافة القوميات والأديان . مَن ـ أيها السادة المنتفخون غروراً وجهلاً وصفاقة ً ـ مَن سيقف معكم إذا ما فقدتم عربَ العراق وتركمانه وبقية تشكيلاته القومية والدينية والإثنية وهؤلاء يشكلون دائرة أو شبه دائرة جغرافية شاسعة الأطراف تحيط بكردستان العراق من غربه وجنوبه ... الموصل ومحافظة صلاح الدين ثم بغداد وديالى ؟ ألا تخشون من قوة وصولة أصحاب هذا الطوق وهم الأكثرية الغالبة في العراق ومعها كل دول الجوار العربي وغير دول الجوار من العرب ؟ هل تعاميتم أو أغمضتم عيونكم عن حقيقة أنكم محاطون بدول قوية ثلاث كلها لا تحمل لكم شيئاً من رحمة أو تضامن بل وبعضها يبغضكم كل البغض وهي سوريا من الغرب وتركيا من الشمال وإيران من شرقكم ؟؟!! هل أصبحتم حقا ً لفرط غروركم بحاجة لمن يضع أمامكم هذه الحقائق الواضحة ؟
وقفات لوم وتقريع لا وقفات عتاب معكم يا قادة إخوتنا البسطاء من الشعب الكردي :
1 ـ معاهدة الذل والهوان /
طبلتم وزمّرتم ورقصتم للمعاهدات طويلة الأمد وللقواعد العسكرية وذهبتم بأقصى سرعة تستطيعونها تستجدون المحتلَّ الأمريكيَّ ليعجّل بإتمام الصفقة المشبوهة ، صفقة العار والذل والعبودية ، وفرضها على الحكومة العراقية وعلى الشعب العراقي . كنتم كمن يهوي من جبل ٍ عالٍ على أم ِّ رأسه وقد هويتم إذْ تلكأ المشروع وقد يُهمل وتكنسه رياح المزابل وأنتم ستكونون بالتأكيد معه .
2 ـ حول مسألة كركوك /
إبتداءً أوضح موقفي من مسألة كركوك بإختصار شديد . أنْ تبقى كركوك مدينة عراقية سواءً بقيت كردستان أو إنفصلت عن العراق . مدينة محايدة لكل العراقيين مهما كانت قومياتهم ودياناتهم . لا المظاهرات الصاخبة التي حشدتها قيادات الحزبين الحاكمين في كردستان ولا الخطابات والكتابات والإجتماعات النارية بقادرة على حل معضلات كركوك أبداً .
3 ـ مهزلة الكيل بمكيالين /
أسألكم بشرفكم الشخصي والسياسي يا سادة : كيف تسوِّغون لأنفسكم مبدأ {{ الدمقراطية التوافقية }} وتروِّجون له وتتشبثون به حتى الرمق الأخير في بغداد لكنكم ترفضونه في كركوك رافعين بدلاً منه مبدأ {{ الدمقراطية العددية }} كم أطلق عليهما معا ً الأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط قبل غيره من الكتاب العراقيين ؟ ما هذه الإزدواجية المرفوضة خُلقياً وسياسيا ً ودستورياً . إما أن تكونوا مع مبدأ الدمقراطية العددية في كل من بغداد وكركوك أو أن تكونوا مع الخيار الثاني في كافة الأحوال . إذبحوها على قبلة ولا تزنوا بميزانين بل زنوا بالقسطاس المستقيم .
4 ـ قبلَ عربُ العراق وهم الأكثرية برئيس كردي ووزير ٍ للخارجية هو الآخر كردي . وللأخوة الكرد مناصب عديدة في الوزارة وفي أطقم السفارات ثم الجيش العراقي والشرطه . ولهم ممثلون في مجلس النواب في بغداد . هذا الوضع يهيب بي أن أقترحَ ما يلي : أن تنفتحَ حكومة وبرلمان كردستان على عرب العراق وبقية مكوناته المعروفة لتدخل َ وزارة كردستان وبرلمانه حسب مبدأ الدمقراطية العددية والمحاصصة والتوافق و (( الإستحقاقات الوطنية )) بدل الإستحقاقات الإنتخابية التي تشبّث الرئيس جلال طالباني بها خاصة ً إبّان مرحلة تشكيل حكومة الطبيب أياد علاوي ولم يزل ْ متمسكاً بها بعناد غريب يُلفت النظر .
5 ـ قلتُ ما قلتُ اليوم َ من موقف رجل ٍ محايد فإني مستقل ٌ لستُ منتمياً لحزب أو هيئة أو تجمع أو منظومة . قلتُ ما قلتُ حسب قناعاتي وقراءاتي لما يجري اليوم على أرض العراق غير َ مُجامل ٍ ولا خائف ٍ من أحد . وما قد قلتُ جدير بالمناقشة كما أحسبُ ولا سيّما النقطة الرابعة أضعها أمام أنظار رؤوس الأحزاب الحاكمة اليوم والقيادات السياسية الأخرى وأعجبُ لِمَ لم ْ يطرأ هذا الموضوع ببال أحد ٍ من ساستنا الكبار ومن مثقفي وصحافيي العراق .
لا أذيعُ سراً إذا قلت ُ للأخوة الكرد إنكم خسرتم اليوم معاضدة الكثيرين ممن كان معكم من غير قوميتكم قلباً وقالباً في سالف الأيام . وإنكم إن ْ أصررتم على نهجكم المغامر والغبي ِّ والمنفلت هذا فلسوف تخسرون ما هو أكثر من ذلك . ستخسرون ما كسبتم من مال وقوة وجاه وسلطان وستضعون مصير كردستان العراق على كف عفريت وربما سيضيع كفدرالية إلى الأبد ولقد أُعذرَ مَن أنذر !!

ليست هناك تعليقات: