الجمعة، أغسطس 22، 2008

في القدس على أبواب الشهر الفضيل جدران... كاميرات ....أسلاك شائكة .....جرائم ...مخدرات

راسم عبيدات

.......يأتي شهر رمضان الفضيل هذا العام،وليس القدس وحدها ليست بخير،بل الوطن بأكمله،حيث الانهيار الشامل ليس فقط على المستوي السياسي،بل والقيمي والأخلاقي والاجتماعي،فالوطن بدلاً أن يحرر،يقسم ويجزء،ويقتتل عليه أخوة السلاح ورفاق الدرب،قبل أن يتحرر،والحصار الظالم على القطاع، يحصد أرواح الأبرياء كل يوم، والفلسطينيون في الضفة والقطاع،ليسوا محرمون من الوصول الى بيت المقدس والمسجد الأقصى من أجل تأدية شعائرهم الدينية،بل الوطن في محافظاته الجنوبية أهله محرومين من الوصول للبيت الحرام من أجل تأدية مناسك العمرة.

أما في القدس والتي تسير عمليات تهويدها وأسرلتها بوتائر سريعة وعالية،فأنت ترى أن جدران الفصل أحاطت بها من كل جانب احاطة السوار بالمعصم،وفي القلب والداخل تم تحويل قراها الى جزر وبؤر معزولة،حيث المستوطنات في قلبها وعلى أطرافها،كما هو الحال في قرى النبي صموئيل وبيت اكسا وسلوان والمكبر وغيرها،والاحتلال في هجمته الشاملة على القدس،يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة،والتي تساعدة على تنفيذ أهدافه مخططاته،من تهجير وتطهير عرقي،فأنت ترى وعلى أبواب الشهر الفضيل قوات الاحتلال وأجهزتها الأمنية والمدنية تعمل ليل نهار،من أجل منع أي فلسطيني من خارج سكان المدينة وحملة هويتها،من الوصول للمسجد الأقصى في الشهر الفضيل،وحتى تضمن أن لا يدخل بشر أو طائر أوحيوان الى المدينة المقدسة،سواءاً جواً أو براً ،بالطيران على غرار العباس بن فرناس،أو تسلقاً وقفزاً كما هو الحال في تسلق الجبال والقفز من المظلات،فالاحتلال عمد الى تحصين كل الجدران الممتدة على طول المدينة وعرضها،بإقامة شبكة ضخمة من الأسلاك الشائكة والكاميرات،ولم يكتفي بذلك بل تم نصب مئات الكاميرات في كل شوارع وأزقة البلدة القديمة من مدينة القدس،مع اضافة المزيد من الأسلاك الشائكة حول المنطقة المحيطة بالأقصى،وطبعاً كل ذلك يندرج في اطار ما يسمى"بسياسة حسن النوايا وتقديم التسهيلات للفلسطينيين" والتي تتشدق الحكومة الاسرائيلية وأجهزتها الأمنية ليل نهار بمنحها للفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة،وعندما يعبرون عن رفضهم ومقاومتهم لهذه الممارسات القمعية والاذلالية،لم يبقى وزير أو عضو برلمان اسرائيلي أو رجل دين يهودي،الا ويتوعدهم ويهددهم بالكثير من العقوبات والاجراءات،والتي لا تقف حد هدم بيوتهم وسحب الحقوق الاجتماعية والصحية منهم، بل طردهم وتشتيت عائلاتهم،والبحث عن أحدث طرق الكشف والاختراعات لتخديد نوع جيناتهم مسبقاً.

وفي خضم هذه الهجمة الاسرائيلية الشاملة،والتي أدت الى حالة واسعة من التفكك والانهيار في الكثير من القيم والمفاهيم الاجتماعية،أصبحنا نرى بشكل جداً مثير للقلق،حالة واسعة من الانسحاب والتعصب القبلي والجهوي والعشائري والطائفي،وانفلات شبابي واسع وافتعال للمشاكل"والطوش" لأتفه الأسباب،وتحولها الى "طوش" عامة تطال من له علاقة أو ليس له علاقة،والمرجعيات الدينية والوطنية والعشائرية،في حالة عجز غير مسبوق ودورها يقتصر على بيانات الشجب والاستنكار والادانة والمناشدة والدعاوي للوحدة والتعاضد والتكاتف،وتغيب المساءلة والمحاسبة،تحت بند عطوات"الطم واللم" ونشر بيانات التسامح والصلح العربي الأصيل"والمفعول السحري "لفنجان القهوة" الذي يحل المشاكل مهما كبرت أو صغرت،حاضر في كل هذه المشاكل.

وبسبب هذا الغياب للمرجعيات بأشكالها المختلفة، وهزالة وسطحية المعالجات،وعدم اتخاذ اجراءات رادعة،نرى أن المشاكل آخذة في التفاقم والزيادة،والتي وصلت حد ارتكاب جرائم بشعة جداً،وخارجة عن كل المألوف والأعراف والتقاليد،راح ضحيتها اثنان من أبناء المدينة قبل ما لا يزيد هن أسبوعين،ومهما كانت الحجج والذرائع والدوافع لهذه الجرائم، فمن غير الممكن تسويغها أو المرور عليها مرور الكرام

.فهي تتطلب معالجات جدية وحقيقية، تشكل رادع للآخرين ويجب كما يقول المأثور الشعبي"تسمية المولود باسمه"،أي بمعنى أن لا ننافق أو نداهن ونقول عن جريمة بشعة هذا خطاً أو تصرف طائش وهو جريمة قذرة بكل الأبعاد والمعايير والمقايس.

والاحتلال بعد أن استكمل سيطرته على الأرض،يشن هجمته على السكان المقدسيين، ليس فقط من خلال الاجراءات الرسمية من فرض الضرائب بتسمياتها المختلفة واجراءات القمع والتهويد، بل من خلال استهداف الفئة الشابة،واغراقها في كل أشكال وأنواع الأمراض والموبقات الاجتماعية من جنس ودعارة ومخدرات،ونشر الوعي والثقافة الاستهلاكية،وفي هذا الجانب تشير كل المعطيات والمؤسسات التي تعمل في مجال مكافحة المخدرات،الي أنه ليس فقط هناك ارتفاع حاد في نسبة عدد المدمنين والمتعاطين للمخدرات في القدس،بل ان هذه الظاهرة لم تعد قصراً،على أزقة وشوارع البلدة القديمة،بل أصبحت منتشرة في كل حارات وقرى المدينة المقدسة،وفي الكثير من الأحيان يرى المواطن العادي هذه التجارة ،تمارس علناً وجهراً من خلال الفتحات الموجودة في جدار الفصل العنصري، بين القدس والقرى المحيطة بها،وهو لا يملك الا القول حسبنا الله ونعم الوكيل.

ان استمرار الحديث عن الأوضاع في المدينة المقدسة، وما تتعرض له من هجمة شاملة،وان رأى البعض أنه أصبح ممجوجاً ومكرراً ومملاً،والمسألة صحيح ليست بحاجة للكتابات والشعارات والبيانات،بل الى الفعل والترجمة على الأرض، ورغم صحة ذلك فعلينا أن نستمر في دق جدران الخزان،ونحن ندق جدران الحزان،يجب أن نعمل كل في موقعه واطار مهامه ومسؤولياته، من أجل احداث تغير في هذا الواقع ايجاباً،وأنا على قناعة تامة أنه مهما كانت الجهود المبذولة صغيرة أو بسيطة،فإنه يجب العمل على توحيدها وصهرها في اطار واحد ومرجعية واحدة،تأخذ دورها ومسوؤلياتها تجاه أهل المدينة المقدسة،وهذا مسؤولية الجميع وليس مسؤولية هذا الفصيل أو ذاك أو هذه المؤسسة أو تلك،ولكن بالمقابل على الجميع،ان يعي ويدرك أن معركة القدس،هي أكبر من كل الأحزاب والفصائل،ولا يجوز لنا في سبيل المصالح للبعض أن نغرد خارج السرب أو نقول اما أن اكون أنا،أو فلتذهب المدينة وأهلها الى الجحيم،وفي هذا الجانب أقول أن المؤتمر الوطني الشعبي المقدسي، الذي انعقد في رام الله في 26+27/1/2008 ،وانتخب أمانته العامة ولجانه المختلفة،والذي رسم بمرسوم رئاسي،كمرجعية وعنوان لسكان القدس، لم يأخذ دوره ولم يمارس مهامه وصلاحياته،وعليه أن يقوم بواجبه ومهامه ومسؤولياته، أو يعلن حل نفسه وعجزه عن ممارسة دوره ومسؤولياته ومهامه.

ليست هناك تعليقات: