لاحظ س. حداد
بعد كل اجتماع لتكتله، يتحفنا الجنرال بنظريات إصلاحية يريد اعتمادها وصولاً إلى التغيير المنشود،
ويصدر ما يشبه الفرمانات الهمايونية التي يتراكضُ أتباع السلطان العثماني أو الفوهرر الألماني،
إلى التقيّد بها وتنفيذها استنساباً ومرحلياً!
أولى هذه النظريات كانت : نظرته إلى الديمقراطية وفهم معانيها،
ثاني هذه النظريات كانت : نظرته إلى المقاومة وسلاحها،
الثـالثة والأخيـرة كانت : نظرته إلى المعتقلين في السجون السورية...
في هذا الجزء الثاني نتناول مطالعة الجنرال المعلم ميشال عون حول المقاومة وسلاحها ,.
بعد اتضاح صورة البيان الوزاري بما فيه الفقرة المتضمنة الاشارة إلى المقاومة، لم نعد نستغرب ما صدر من مواقف لرئيس تكتل التغيير والاصلاح من هذه المقاومة..
أفلح الجنرال عون، مدعوماً من حزب الله [ المقاومة ] ومن رئيس حركة أمل [ رئيس مجلس النيابي ] ، افلح في فرض إضافة أو حشر كلمة مقاومة في الفقرة المتضمنة حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير أو استرجاع أرضه في مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر..
قد نفهم اضطرار فريق الموالاة إلى التخلي عن بعض منطق الدولة وقرارها السيادي لمصلحة المقاومة، لكننا لا نفهم كيف يمكن لهذه الموالاة أن تقنع اللبنانيين بوجود وقبول هذه المقاومة، بعد انتفاء أسباب وجودها تماماً..
على أية حال، لسنا، في مجال مناقشة البيان الوزاري وهو لم يصدر بعد رسمياً.. ستناول في هذه المقالة موضوعنا الأساس وهو مواقف الجنرال عون من المقاومة وتأثيرها على عامة اللبنانيين الذين ما أن يخرجوا من ذهولهم من موقفٍ ما لهذا الجنرال حتى يدخلهم في ذهول آخر لموقف جديد آخر..
... . ...
خطاب عون المقاوماتي،
أول ما يُدخِلنا الجنرال في خطابه السياسي المتجدد هو ربط وجود المقاومة ك "نقطة قوة" لا يتنازل عنها قبل أن تُحل كل القضايا المتعلقة بإسرائيل ومنها حق العودة للفلسطينيين وعدم التوطين!
تعليقنا:
غريب أن يزايد الجنرال، ليس على الدولة اللبنانية وحدها بل على الدول العربية مجتمعة ويأخذ الشعب اللبناني بأسره إلى استراتيجية ايران، وحليفها حزب الله، القائلة بتحرير القدس وزوال إسرائيل نهائياً! وكأني به يتهم الدول العربية كلها بالتخلّي عن واجبها في إعادة الفلسطينيين إلى دولتهم التي لم يُستكمل قيامها بعد.. ونسأل: هل يدّعي الجنرال أن القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الشتات، ومنها فلسطينيي لبنان، يتخلون عن حق عودتهم إلى دولتهم متى قامت وقد يرغبون باستيطان أماكن تواجدهم، ومنها لبنان!
ويزيد: والدول التي أخذت القرار بإنشاء دولة إسرائيل تتحمل جزءاً من هذا الموضوع.. لذلك: قبل أن يطالبنا أحد بسلاح حزب الله وقبل أن يقرر إذا كان سلاح حزب الله إرهابياً أو لا، يجب أن يجدوا الحل لقضية حق العودة.. ويضيف: نحن لا نقبل توصيف أحد لهذا السلاح بالارهابي.. ويتابع هذا سلاح مقاومة وسيبقى قوياً بكل عناصر القوة الموجودة فيه، ومن يمكنه أن يزيدها حتى تُحلّ هذه قضية... إلى أن يُنهي: سياسة الاسترخاء بقضية اللاجئين الفلسطينيين، ستوصلنا إلى أمر واقع مفروض علينا!
تعليققنا:
ها نحن نرى أن الجنرال يعيد استراتيجية وطننا إلى أحضان القضية الفلسطينية من جديد.. تماماً كما فعل السوريون حين واكبوا خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن حتى إدخالهم الأرض اللبنانية بُعَيدَ تَدَخُّل عبد الناصر في عقد اتفاقية الشؤم التي حملت اسم القاهرة.. وكأن المقاومة الفلسطينية قد أخذت الإذن العربي لبدء احتلال لبنان تحويله إلى وطنٍ بديل..
من التاريخ، ننقل بعض ما وردَ في السيرة الذاتية للجنرال ميشال عون نشرتها صحيفة الدياراللبنانية: عدداً ممتازاً بقياس A2 في التسعينيات..
في تلك الآونة كان الجنرال لا زال ضابطاً صغيراً عينته قيادته، عام 1967، مراقباً على الحدود الجنوبية حيث شاهد فصلاً من الحرب الحزيرانية، ما زاد من تخوفه على لبنان ومستقبله.. وأهم ما استخلصه خلال خدمته على الحدود نأكده من " عقم المقاومة من الخارج والتي لا تؤدي إلاّ إلى تعريض لبنان للخطر ".
في العام 1970، [ نتيجة أحداث "أيلول الأسود"]، تمكن عدد كبير من الفلسطينيين من دخول الأراضي اللبنانية وتحصنوا في المخيمات الموزعة في المحافظات.. ومضوا في استيراد السلاح جهراً، أو في غفلة من الدولة.. وبدا واضحاً، انطلاقاً من مبدأ التناقض بين منطق الثورة ومنطق الدولة، ان صداماً محتملاً لا بد أن يقع بين الجيش والمنظمات الفلسطينية [ المقاومة الفلسطينية ] خاصةً على اثر التحرشات والاعتداءات التي كانت تطال عناصر الجيش، سواء لدى مرورهم على الحواجز الفلسطينية أم في بعض المراكز الثنوية، وهذا ما حصل فعلاً في العام 1973..
في هذه الأثناء كان ميشال عون قائداً لكتيبة المدفعية في صيدا، وعانى مثلما عانى غيره من الضباط والجنود من التجاوزات غير المسئولة، وتولَّد في داخله نقمةٌ على تخاذل المسئولين في الحكومة آنذاك.. ونقلاً عن الصحيفة عن لسان قائد الجيش يوم ذاك العماد اسكندر غانم، نسجل الرواية التالية: عندما طوق الفلسطينيون [ المقاومة ] مدينة صيدا وقطعوا الاتصال بين الجيش الوجود هناك والقيادة في بيروت، كان عون آنذاك قائد كتيبة مدفعية.. وبلغ به الانزعاج حداً جعله أثناء اجتماع في نادي الضباط في صيدا وفي حضور ضابط الشعبة الثانية في صيدا، يقول: " فلنقم بإنقلاب على الحكومة ونتخلّص منها ".
تعليقنا: ترى ألم تزعجه الاعتداءات الدموية على عناصر الجيش اللبناني وعملية ذبحهم وهم في مهاجع نومهم؟
وتحت عنوان: المسرحية الدائمة واتفاقية القاهرة، يضيف كاتب السيرة الذاتية للجنرال ما يلي:
في العام 1974، كتبت مجلة الشراع في إحدى مقالاتها تقول: في عيد المدفعية عام 1974 قدمت عناصر من الجيش اللبناني مسرحية كتبها المقدم ميشال عون، تروي قصة سيّاح يتفقدون مناطق أثرية في لبنان، فيشاهدون مجموعة من المسلحين من غير الجيش يتدربون فيتساءلون: هل هؤلاء من الجيش؟ فيُجيبهم الدليل: لا إنهم أعداء لبنان، لقد جعلو أنفسهم بديلين عن الجيش.. فيسأل أحد هؤلاء: وماذا يفعل جيشكم؟ فيجيب الدليل: إنهم يريدون منه أن يفعل كل شيء دون أن يعطوه شيئاً..
في الحقيقة، يقول كاتب المقالة، ان المقدم ميشال عون كتب هذه المسرحية في صيدا، وكانت من وحي تجاوزات المقاومة الفلسطينية التي ظهرت كالمارد بعد الهزيمة الشنعاء في 5 حزيران..
ويعلق كاتب السيرة مضيفاً: وجاءت اتفاقية القاهرة، لتزيد من في حجم التجاوزات، وتعقيد الوضع السياسي والاجتماعي، وتعمّق الشرخ بين اللبنانيين.. بين مؤيد للثورة [ المقاومة ]، وبين من يستغل شعاراتها.. بين خائف منها وخائفٍ عليها، بين من يرى فيها فرصة تاريخية ليزيل أسباب الحرمان، ومن يرى فيها الفرصة لتضخيم الخوف على لبنان..
تعليقنا:
إذا كانت تحرشات المقاومة الفلسطينية أزعجت المقدم عون الحد الذي جعله يفكر بالقيام بانقلاب عسكري على الحكومة! ألا يزعجه أن المقاومة الاسلامية، التي ماثلت أهدافها أهداف تلك الفلسطينية، قامت وتقوم مقام الدولة اللبنانية بل وتفرض على هذه الدولة استراتيجيتها الخاصة المنبثقة من استراتيجية غريبة ليست في صالح الوطن.. وبكل بساطة أضحت في نظره نقطة قوة لن يتنازل عنها قبل أن تُحل كل القضايا المتعلقة بإسرائيل!
لم يرى قائد الجيش اللبناني السابق ورئيس حكومة إنقاذ النظام اللبناني أية خطورة في تمدد نقطة القوة المزعومة لتصبح بحراً وسيعاً تحيط بالوطن، من أعاليه حتى أخامص قدميه! وَ.. ألم يرى أي فرق بين مقاومةٍ دعمتها جميع القوى والأحزاب الوطنية اللبنانية، كانت أزعجته، وبين مقاومة لا تحظى بسوى دعمه الشخصي ودعم كافة المنتفعين من أموالها النظيفة!
كلنا يعلم أو بات يعلم، أن هدف المقاومة الفلسطينية كان ظاهره محاربة إسرائيل وتطهير فلسطين والعودة إليها؛ أما باطنه فكان محاربة الجيش اللبناني وتفكيكه للسيطرة على الدولةاللبنانية بكاملها وإقامة دولتهم مكانها أو أقله توطين اللاجئين في لبنان.. وفي كلا الحالتين فشلت تلك المقاومة ليس بسبب إنزعاجه بل بطولة المقاومة اللبنانية التي هبّت لتحاربها بأسنانها وفيما بعد، بيقظة اللبنانيين ووعيهم الذي دفع ثمنه شهداء لبنانييون كبار كان أولهم كمال جنبلاط وتلاه بشير الجميل وذهب ضحيته مئات آلاف الشهداء اللبنانيين!
كلنا يعلم أو بات يعلم، ان المقاومة الاسلامية كان ظاهرها محاربة إسرائيل أيضاً وتطهير لبنان وتعطيل جيشه كي يُتاح لها اسباحة الساحة اللبنانية فالسيطرة عليها وإقامة دولة تكون امتداداً لدولة ولاية الفقيه الفارسية، التي افتخر نصرالله بانتسابه إليها! ألم يزعجه كل هذه التصرفات التي قام ويقوم بها نصرالله ضد دولته وفرض قراره المقاوماتي عليها، إن باستدراج إسرائيل إلى شن حربٍ تدميرية على وطنه أو باستكمال أشوط السيطرة باحتلال العاصمة والتهديد باحتلال مؤسسات الدولة!
أيظن الجنرال أن ورقة تفاهمه مع نصرالله سوف تحمي وطنه، وهل ينسى عشرات الاتفاقات والتفاهمات التي تمت بين الدولة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية ولم يُكتب لها النجاح حتى اضطر العالم للسماح لإسرائيل باجتياح لبنان وطرد تلك المقاومة من لبنان؟
ويعود الجنرال اللبناني جداً إلى القول: "نحن لا نقبل توصيف هذا السلاح بالارهابي.. هذا سلاح مقاومة ولبنان سيبقى قوياً بكل عناصر القوة الموجودة فيه ومن يمكنه أن يزيدها إلى أن تُحل هذه القضية".
تعليقنا: جميل هذا القول الذي لا يُفسّر إلاّ دعوة للمقاومة الفلسطينية، كما لجميع الميليشيات الحزبية التي ترى رأيه، إلى النهوض مجدداً وتجهيز عديدها من أجل حلّ القضية الفلسطينية - لم يذكر الأرض اللبنانية المحتلة - وحلّ مشكلة التوطين، وهذه في نظره ليست أسلحة إرهابية على الاطلاق!
هكذا وبكل بساطة يريد جنرالنا القومي العربي الكبير أن يحلَّ محل قادة الأمة العربية في مقاومة إسرائيل ولعل نسي في مطالعته أن يطالب الدول العربية التي عقدت معاهدات الصلح مع إسرائيل أو تلك التي تتعامل معها، يدعوها للعودة عن معاهداتها السلامية ومساعدة مقاومته الإسلامية التي وحدة تملك القوة لاسترجاع الحق العربي في فلسطين وإعادة فلسطينيي الأردن ولبنان وسوريا إلى فلسطين.. ومن هنا رأينا عدم تجاوبه مع مبعوثي قادة الأمة العربية وجامعتها في موضوع انتخاب رئيس للبلاد!
أما موضوع سلاح المقاومة الإرهابي فحدث ولا حرج عن أهمية هذا السلاح وعلاقته بكل من سوريا وايران والمنظمات الفلسطينية المتعاقدة مع المقاومة الاسلامية المدعية لبنانياً..
لعله من المفيد التذكير أن السيد حسن نصرالله شخصياً، الذي استعمل سلاحه للتهديد بذبح لبنانيي الجنوب بعد انسحاب اسرائيل منه ما لم يسنسلموا لمقاومته الباسلة.. فكان أن لجئوا أولاً، إلى حماية عدوة الأمة العربية الكبرى إسرائيل بسبب إرهاب المقاومة الفلسطينية، ثم هربوا إليها إثر ذالك التهديد العلني الارهابي لحسن نصرالله الذي دانه الجنرال وقتذاك وعاد فمنع نائبه ابراهيم كنعان من الاجهار به في مجلس النواب..
إنه السلاح ذاته الذي استعمله الجنرال لإرهاب اللبنانيين وربما حماية قتلة رئيس حكومة بلدهم والعديد من نوابهم ورجالات الفكر السيادي الاستقلالي.. إنه السلاح نفسه الذي اقتصر ظرفياً على احتلال ساحات العاصمة وأحيائها في أيار الماضي.. إنه السلاح الذي يرفضه جميع اللبنانيين الشرفاء ولا يصدقون تعهدات قادته بعدم استخدامه داخل لبنان.. وكما قال صاحب الشراع مؤخراً عنه: " لو أكل قادة حزب الله ونوابه واعلامه وخطباؤه المعممون أو الملتحون وإعلامه صفحات القرآن الكريم وأحاديث الرسول والأئمة حلفاناً وأيماناً ووعوداً بأنهم لن يستخدموه في الداخل اللبناني.. فلن يصدقهم أحد".
ونحن نزيد إلى ذلك: لو أكل الجنرال الكتاب المقدس بجزئيه القديم والجديد وازدرد كافة قوانين الايمان المسيحي لن نصدٌق أنه يصدق حزب الله وحلفائه بل هو يستخدمهم وأسلحتهم المتعددة المصادر والأهداف من أجل تحقيق غاية وحيدة هي فرض وصايته على الدولة وتغيير نظامها بما يسمح له الاستيلاء على السلطة وحكمها بنظام يشابه النظام السوري أو النظام الفارسي وما همه التضحية بنصف المسيحيين والدروز والمسلمين.. وما كل ذلك لا زال هناك من يُصدّق مقولة استرداد حقوق المسيحيين!
نعود إلى الجنرال ومطالعتهحيث يقول: "ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هو الزعيم العربي الوحيد الذي هزمَ إسرائيل ومن المعيب احالته في قرارات حكومية على المحاكمة فيجب على الأقل إعطاؤه حصانة النانئب".
تعليقنا: عجيب غريب هذا الغرام بالسيد نصر الله.. شكراً لأنه لم يطلب له أكثر من حصانة نائب ربما كان الأولى به أن يعيّنه خاقان فارس والعربية!
هذا الرجل أيها الجنرال، في عنقه أطنان من دماء آلاف القتلى والجرحى الذي تسببت به غلطته ( لو كنت أعلم )، كما عشرات مليارات الدولارات التي اقتطعت من أموال الشعب اللبناني من أجل تهديم ما دمرته الحرب على لبنان، منذ نشأة حزب هذا الرجل وإلى اليوم..
ثق لو أن هناك قانون في لبنان لكان علق هذا الرجل على حبل المشنقة ولوجب إعدامه الاف المرّات.. لكن من يدافع عن المجرم إلاّ صنوه الذي ضحى بمئات الجنود، قتلاً وإعاقة، في سبيل شبقٍ تملك نفسه.. وهذا أيضا، لو كان في البلاد قانون لكان وَجب اعتقاله ومحاسبته ومحاكمته على ما جنت يديه وما سهل من مؤامرات على الوطن وشعبه..
حبذا لو كان لنا في لبنان حاكم كأسد سوريا، فقط لمدة سنة واحدة فقط ، لكنّا رأينا هذين الرجلين يحفران أخاديد القبور الجماعية في تدمر السورية.. ولكان أجرى محاكمتهم عسكرياً لما اقترفت أيديهما من مجازر في حق شعبهم ووطنهم!
إنه الشبق المزمن للحكم والسلطة هو الذي يسيطر على هذين الرجلين، صاحب المقاومة الاسلامية التي لا تمت إلى الاسلام بصلة، وصاحب الصولجان المسيحي الذي لم يتعلّم حرفاً واحدا من الجزء الأخير في الصلاة الربانيّة..
إلى اللقاء في الجزء الثالث والأخير،
صانك الله لبنان
التيار السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا
الثلاثاء، أغسطس 05، 2008
التغيير والإصلاح لا يتم بواسطة فرمانات ـ الجزء الثالث
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق