محمد حسن
الأخ القيادي سمير المشهراوي "أبو باسل" عضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح وأحد الرموز التاريخيين لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ... ورجل أمن من الطراز الأول، شغل مناصب حساسة في المجال الأمني أكسبها لإخوانه الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أجل التصدي لمحاولات المخابرات الإسرائيلية التي تستهدف أسرانا الأبطال للنيل من عزيمتهم ووطنيتهم، فكان المدرسة والأب الحنون المدافع عن حقوق الأسرى كما كان لهم الحامي والمنظم، والإداري والمهني والأمني المخضرم، رغم سياسة القمع التي تنفذها إدارة السجون بحقه، حتى أصبح اسمه يجوب كافة الأقسام والسجون، فعرفته فلسطين كما عرفته فتح بل وكل الفصائل الفلسطينية على حد سواء التي تشهد بجهوده الوطنية والثورية خلف القضبان وزنازين الاحتلال وفي ساحات الوغى.
كان يتحدث بعقلانية راقية وواقعية وضرورة توظيف العمل السياسي جنباً مع العسكري، والاهتمام بالعنصر الدولي في إدارة أي صراع، رغم إدراكه لمعايير الشرعية الدولية الظالمة، وهو ما اتسم به خطابه الشهير على وكالة رمتان الإعلامية قبل انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية عندما قال : "أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى خطاب وطني يوحد الساحة الفلسطينية كما دعا إلى ضرورة أن تسير الحكومة الفلسطينية والرئيس عباس في قارب واحد لمواجهة المخاطر بعيداً عن ما وصفه بالنظرة الفئوية والضيقة والهروب من تحمل المسئوليات"، ... وبهذا التصريح انكشف اللثام عن خصومه في حركة حماس الذين يكنون له العداء والحقد والكراهية، والتي بدأت فصولها المختلفة لتسقط أوراق التوت عنهم فكانت أخرها مهاجمة بيته وعائلته الآمنة والاعتداء على أفراد أسرته المناضلة، وهي تأتي في سياق سلسلة اعتداءات سابقة نفذتها حماس وعناصرها المسلحة، لأنه قال كلمة حق أن : لا علاقة لـ حركة فتح بالانفجار الذي أودي بحياة عدد من عناصر القسام في غزة قبل شهر ونصف على الأقل، كما استنكر "المشهراوي" أسلوب حماس الإجرامي وعناصرها المسلحة بحق أبناء الشعب الفلسطيني وحركة فتح في القطاع من اعتقال وتدمير للمؤسسات والمقدرات ومهاجمة عدد من العائلات المناضلة وإعدام العشرات رمياً بالرصاص وسلب ممتلكاتهم، وهو ما أغضب كل وطني حر، غيور يخشى على شعبه، معتبراً أن حماس عار على الأمة العربية والشعب الفلسطيني، وهنا أسجل تضامني وأقول أيضاً أنها عار على ديننا الإسلامي الحنيف الذي ينبذ الجرم ويدعوا إلى احترام حقوق الآخرين في الحياة والعيش بكرامة وصون حقوقه لاسيما الإنسانية، كما دعا إليها قدوتنا رسولنا الكريم "محمد صلى الله عليه وسلم" في دولة المدينة، فما بالنا مقدمين على شهر الرحمة والمغفرة "شهر رمضان المبارك".
ربما كان الخطأ الفادح هنا عندما سمح الشهيد الرئيس "ياسر عرفات"، بأن تمتلك حماس السلاح، ظناً منه أن هذا السلاح سيكون يد عون ومساندة بجانب السلطة الوطنية الفلسطينية وفصائل العمل الوطني وعلى رأسها حركة فتح رائدة المشروع الوطني التحرري، فأطلق لهيب انتفاضة الأقصى، فكان الرد الإسرائيلي بتدمير مؤسسات السلطة واستهداف قياداتها وعناصرها، وكل ما شيدته السلطة طوال أعوامها السابقة بالحصار والقصف والاغتيال، وتدمير ما يتعلق بمعالم السيادة، بل قام الرئيس عرفات بدعم حركة حماس مادياً وعسكرياً ولوجستياً وقد دفع ثمن ذلك حياته، ظناً منه أن المشروع الفلسطيني واحد، وهذا ما لمسناه عبر خطاباته المنادية بالمحافظة على الوحدة الوطنية، ومؤازرته وتقبيله للشيخ احمد ياسين وقيادات حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية،.... في المقابل من ذلك كله كان التعاظم والتجيش في صفوف حركة حماس باسم المقاومة، لتبرز مراسيمها فجأة يوم 14/6/2007م عندما انقلبت على المشروع الوطني الفلسطيني، لتقتل الحلم الفلسطيني الواعد وتقسم ربوع الوطن الواحد، وليس فحسب بل قرارنا الفلسطيني وكفاحنا التاريخي، فأفرزت واقع جديد عنوانه الانقسام والتشرذم السياسي والجغرافي والتفسخ في النسيج الاجتماعي، نعم عنوانه القتل والفقر والكره والحقد والتخلف، والمشهد الغزي يروي لنا التفاصيل المملة لحالة التدهور والتردي في مختلف مجالات الحياة والتي كان أخرها التعليم ليؤكد لنا آلا مسؤولية الوطنية وألا أخلاقية التي بات يعيشها ويمتع بها الانقلابين أوصلوا من خلالها شعبنا إلى نكبة جديدة شبيهة بنكبته الأولى مع الاحتلال الإسرائيلي على حد وصف القيادي المشهراوي.
كانت حكاية عائلة المشهراوي التي تقطن قرب مسجد "الجولاني" في حي التفاح، هي أحد المشاهد التي تكشف صفة المتأسلمين، بعد أن شهد هذا المسجد المتواضع ظلم حركة حماس وعناصرها الدموية الخارجة عن القانون والتي حولت أحد بيوت الله إلى أقبية لتعذيب المناضلين أبناء فتح وغيرها من الفصائل، وأقصد هنا أبناء حركة الجهاد الإسلامي، الذين ذاقوا الأمرين، وللمسجد حكاية طويلة في تاريخ الجهاد الإسلامي التي شيدته بدماء أبنائها الشهداء، لتدخل في معترك دموي هي الأخرى مع حماس بعد أن هدمت الأخيرة مكتبته التاريخية وسلبت محتوياتها وحولتها إلى قلعة وسجن يعذب فيه المناضلين الشرفاء، وللقضية تفاصيل دقيقة لست بصددها الآن.
لقد كان الهجوم على منزل عائلة المشهراوي انطلاقاً من هذا المسجد الأسير بأيدي عصابات شيطانية لا تكن احتراماً لبيوت الله كما فعلت في مسجد الرباط سابقاً والتي راح ضحيتها مواطنين وإصابة آخرين وتدنيس المسجد وإطلاق النار بداخله، والهجوم على مسجدي الرحمة والهداية التابعين للجماعة السلفية، ليتضح الهدف للجميع وهو نسف البيت وهدمه، وهو أحد أساليب الاحتلال لمعاقبة المناضلين وكسر إرادتهم وإقلاعهم عن تنفيذ عمليات فدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن التحدي الذي أبداه سكان الحي الذين خرجوا عن بكرة أبيهم غاضبين منددين بهذا العمل التعسفي فتراجعت تلك العناصر الإجرامية المسلحة عن اقتراف فعلتها الدنيئة بتفجير المنزل الذي يمثل قلعة الصمود الفتحاوي في الحي، والمكون من ستة طوابق و اكتفت بطرد ساكنيه الذين يقدروا سبعون مواطناً من الأطفال و النساء و الشيوخ، بالقوة ورفعت رايات حماس فوق سطح البناية ثم قامت بإغلاقه بالكامل بواسطة لحام الأكسجين، وكتبت على جدرانه "مغلق بأمر من القسام"، بل لم تكتفي هذه الحركة الحاقدة على الشعب الفلسطيني ومناضليه الأبطال، الذين سطروا أروع البطولات في تاريخ الثورة الفلسطينية، وخلف زنازين الاحتلال، بل قامت بإغلاق منزلين آخرين أحدهما يعود لشقيقة المشهراوي المقعدة عن الحركة و قاموا بسرقة كرسيها المتحرك بعد أن قاموا بإخلائها من منزلها .
هذه الأساليب الحمساوية الدنيئة لن تثني عزيمة القيادي أبو باسل، ولا كل القيادات الفتحاوية الشابة وعلى رأسهم النائب "محمد دحلان" صاحب المشروع الفتحاوي النهضوي بالحركة وبفلسطين، من خلال تعزيز المنهج الديمقراطي ومسيرة الإصلاح في كافة مؤسساتنا الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار ووضع نهاية لفوضى السلاح والفلتان الأمني التي تكتسح الشارع الغزي بفعل انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية. وكما قال السيد المشهراوي سابقاً "إننا نسعى لتأمين جبهة داخلية فلسطينية قوية متكاتفة تستطيع أن تبلور إستراتيجية فلسطينية تقودنا إلى بر الأمان لمواجهة التحديات بثقة وباعتزاز وباقتدار تسمح بمشاركة كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في إطار عملية إصلاح شاملة وواسعة تتلقى الدعم الشعبي والوطني للخروج بميثاق ديمقراطي نزيه "
إن حركة فتح مقدمة على خطوات جريئة قد تكون مفصلية في تاريخ الحركة العملاقة، ويقود هذا المشروع النهضوي القيادات الشابة ذوي التجربة النضالية العظيمة والكبيرة، معظمها اكتوى بنار الاحتلال، وأمضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال، ولهم تجربة في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في القطاعات المختلفة، ليسجل بذلك عنوان المرحلة القادمة التي ستشمل ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، بما فيها حركة فتح، ومع بروز هذه الوجوه المنتخبة المشرقة، القادرة على العطاء والنهوض بحركة فتح، أسرعت إلى تشكيل لجان تقييم وآليات عمل ومتابعة منها : لجنة الساحة في الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل استنهاض الوضع الفتحاوي بقوة إلى مجده، وعلى كافة مستوياته في الأقاليم أو المكاتب والأطر الحركية التابعة للحركة وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو إنجاح عقد المؤتمر السادس للحركة الذي أصبح معيار وضرورة ومطلب ملح بدءاً من القاعدة الجماهيرية إلى قمة الهرم الفتحاوي، من أجل ضخ دماء جديدة للمركزية التي تعاني من حالة الترهل المؤسساتي، والمعطلة تماماً، والغائبة عن تقرير مصير العمل والبرنامج الفتحاوي، يرافقها انفلات الأوضاع وفق ما يعرف باسم "تعدد المرجعيات والمنابر"، بالتالي يجب الخلاص من هذه الإشكالية المصدعة والمزمنة لجماهير فتح الطموحة والغيورة، من أجل تدعيم أركان النظام السياسي الفلسطيني بما يسمح الشراكة والتعددية السياسية وتداول السلطة بشكل ديمقراطي، ووضع نهاية جادة للحالة المأساوية لأهلنا في قطاع غزة بفعل الظلم والطغيان التي تقوده الحركة الانقلابية الدموية الحمساوية التي لا تعرف إلا لغة القتل والنفي والخطف والترويع وفرض نظرتها الظلامية على الآخرين بالقوة رغم الدعوات المستمرة للحوار.
لذلك ندعو جماهير شعبنا الفلسطيني إلى الالتفاف حول سيدة المشروع الوطني الفلسطيني التي تقود ه صاحبة وحاضنة هذا المشروع "حركة فتح"، خلف قائد المسيرة الرئيس "محمود عباس". والتحية كل التحية للأخ النائب محمد دحلان "أبو فادي" والتحية أيضاً للأخ القائد سمير المشهراوي "أبو باسل" ولعائلته المناضلة، وعاشت غزة الصامدة، ولا ننسى الشكر للأخوة المعلمين والأطباء وكل الموظفين القابضين على الجمر والمحافظين على الثبات على مطالبهم وحقوقهم الشرعية التي تحميها الشرعية الفلسطينية وكل مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان، الرافضة لأساليب العصابات الدموية المنقلبة في قطاعنا الحبيب.
السبت، أغسطس 30، 2008
من غزة المحتلة للقيادي الفتحاوي سمير المشهراوي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق