الخميس، أغسطس 28، 2008

غزة تنتصر .. الإضراب خطوة على طريق العصيان المدني

د. احمد موسى سلامة
فلسطين تنتصر .. والوطن يكتمل فيه الحلم .. وكل يوم تتفتح ورده في بستان الدولة الفلسطينية .. وكل يوم يكبر فينا الانتماء والفرح القادم وتكبر فينا فلسطين .. كل يوم ننتصر لغزة واليوم غزة تحقق الانتصار بالشرعية الفلسطينية .. تحقق الانتصار بالوحدة والتلاحم والعمل والبناء , رغما عن دائرة الحرب الأهلية التي قادتها (حركة حماس ) وأرغمت شعبنا الفلسطيني في الدخول بدوامة العنف والقتل والدماء وممارسة السياسات الحزبية الضيقة البعيدة كل البعد عن الأخلاق الفلسطينية وإلى الممارسات القمعية والاعتداءات الصارخة والإجراءات التعسفية التي تقوم بها عصابات الانقلاب ، والتي تمثلت في عمليات الإقصاء والاختطاف وإغلاق ونهب وتدمير مقرات النقابات والجمعيات والهيئات الوطنية، وإجراء تنقلات تعسفية بين الموظفين وتحويل المؤسسات الوطنية والمدارس والمستشفيات إلى مقرات لخدمة الانقلابيين.
وفي سابقة هي الأخطر من نوعها بعد أن أقدمت عصابات الانقلاب على سرقة المؤسسات الأمنية ونهب مؤسسات الدولة الرئاسية والسيادة لجأت عصابات الانقلاب إلى اللعب بأوراق محرمة وكان يجب أن لا تلعب بها لأنها تعبث بحياة أبناء شعبنا الآمنين في بيوتهم وتعبث بمستقبل أطفالنا وصحة شعبنا , فبعد أن قاموا بتدمير كل شيء في غزة .. قاموا بفرض حملات الاستعراض الغبية والعبثية .. وفي خطوة عديمة الأخلاق والضمير قاموا بفرض قرارات جاهلة وحزبية بحق سلك التعليم في قطاع غزة من أجل تحميس المدارس وإقصاء أبناء فتح العاملين في التربية والتعليم .. وفي خطوة استعباطية تنم عن غباء أعمى تجاه من أقدم عليها ومن فكر فيها قاموا بالإجراءات القمعية بحق الموظفين الذين يبذلون الجهد والعرق للحفاظ على سمعة ومكانة الشعب الفلسطيني وإعلاء شأن العملية التربوية والصحية الفلسطينية وبناء أجيال قادرة على المساهمة في تحرير الوطن وبنائه، مما أدى إلى إعلان إضراب المعلمين في المدارس الحكومية وموظفي وزارة التربية والتعليم في القطاع الذي يتواصل لليوم الرابع على التوالي، بعد قيام سلطة حماس الانقلابية بمداهمة المقر العام لاتحاد المعلمين ومصادرة محتوياته وإغلاقه واختطاف العاملين دون أدنى مبرر سوى محاولات فرض سيطرة الانقلابيين على النقابات والجمعيات والهيئات الوطنية.
و أن الفصائل والقوى السياسية في قطاع غزة أدانت هذا الاعتداء، وأن زمرة الانقلابيين لم تكتف بهذا الاعتداء وإغلاق المقر، بل قامت باختطاف مدراء المدارس وإجراء تنقلات تعسفية لتحويل المدارس إلى مقرات في خدمة الانقلابيين، مما أدى إلى إعلان الإضراب العام من قبل المعلمين في قطاع غزة بهدف إعادة المقر وإعادة المدراء والمعلمين إلى مدارسهم كما في السابق.
إن ما يجري في قطاع غزة يكشف إفلاس الانقلابيين، وإن شعبنا الفلسطيني لن يرضخ لهذه التهديدات والممارسات الوحشية بحق أبنائه.
إن حركة حماس وانقلابها الأسود قد أوغل في الاعتداء على كل مقومات حياتنا الوطنية وتقاليدنا الراسخة في محاولة فاشلة لتركيع المجتمع وقواه الحية لمصلحة الانقلابيين وإدامة حكمهم المرفوض من شعبنا.
وهنا نوضح عدم شرعية كافة الإجراءات الصادرة عن سلطة الانقلاب التي استباحت الدم الفلسطيني ودنست مؤسساتنا التربوية والصحية والوطنية وتهدد مشروعنا الوطني الذي بنيناه بدماء الآلاف من شهدائنا الأبرار وبطولات آلاف من أسرانا البواسل وتضحيات عشرات آلاف الجرحى الأبطال.
وانه مخطئ كل من اعتقد أن فتح قد ماتت وتم قتلها , متناسين أن فتح لم يكن يوما في حسابها أن تدخل في أتون المعركة , بل كانت تضمد جراحها بصمت الأبطال وبحكمة الرجال وذلك من أجل فلسطين كل فلسطين ومن أجل الوطن وحماية لتاريخنا ومستقبل أجيالنا ومن اجل تاريخ شهدائنا قررت فتح ومن اللحظة الأولى لمعرفتها بطبيعة الصراع وأبعاده أن لا تدخل في المواجهة لان هذه المواجهة خاسرة من الأساس .. وان المنتصر فيها هو مهزوم أصلا ولا يمكن أن يشكل يوما ما حلقة للانتصار أو تحقيق أي تقدم يذكر لأنه علي حساب دماء شعبنا , فهذه المعركة يكون المنتصر فيها هو المهزوم وان أبناء وقيادات وكوادر فتح بالتأكيد لا يشرفهم أن يدخلوا في أتون الحرب الأهلية , وسيبقي أبناء الفتح وفي كل المواقع صامدين مرابطين متضامنين مع شعبهم حتى ملاحقة المهزومين الانقلابين وفرض عزلة عليهم وكشف مخططاتهم وعزلهم عن الإطار المجتمعي والنسيج الفلسطيني .
وفي خطوة هامة وتحقيقا للعدل والمساواه تحرك المعلمين الأوائل والطليعة ليكونون في مقدمة من يتصدى لعصابات الانقلاب وقاموا بتحدي قرارات سلطة الانقلاب , ومن ثم قام العاملين في المؤسسات الصحية باتخاذ خطوات تحذيرية لرفض ممارسات سلطة الانقلاب وتراجعهم عن قراراتهم الحزبية ليتصدوا لجرائم سلطة الانقلاب وممارساتهم الغير قانونية والمنافية للأخلاق على طريق إعلان العصيان المدني الشامل في قطاع غزة رفضا للانقلاب وتحقيقا لوحدة الوطن وحماية دولتنا الفلسطينية المستقلة .. ورفضا للجرائم التي تمارسها عصابات القتلة في غزة علي طريق محاكمة قادة الانقلاب الذين ارتكبوا جرائم حرب بحق أبناء الشعب الفلسطيني وقاموا بإعدام أكثر من خمسمائة مواطن في اقل من عام بدم بارد وإصابة ما يقارب ألف مواطن معظمهم إصابات بالغة وخطيرة عدا عن تدمير مؤسسات الشعب الفلسطيني وقاموا بسرقة المؤسسات الفلسطينية الشرعية والقيام بأعمال إجرامية تنم عن الحقد الأعمى للانقلابين القتلة .
إن العصيان المدني شكل من أشكال التعبير عن الرأي والرفض السلمي لاضطهاد مجموعات وعصابات تسيطر على البلد بالقوة , والعصيان المدني وأنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون .
هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع .
النتائج أو التبعات الشخصية هي جزء مهم من النشاط ولا ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية.. وتتلخص جوهر مفهوم العصيان المدني بالنقاط والقضايا الآتية :
• العصيان المدني هو نشاط شعبي

• يعتمد أساسا على مبدأ اللاعنف

• أنشطة العصيان المدني هي ليست قانونية وهي عبارة عن تحدي لأمر ما أو لقرار ما

• هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع

• النتائج أو التبعات الشخصية للنشاط هي الجزء المهم من الرسالة التي يوصلها هذا النشاط

كلمة " مدني " صفة تتصل بالمواطن ولهذا فأول ما يتبادر إلى الذهن أولا العصيان المدني يعني عصيان المدنيين أي المواطنين ولكن في حركة اللاعنف فان كلمة " مدني " تعني عكس ما تعنيه كلمة عنف وهذا معناه أن المشاركين في أي نشاط للعصيان المدني إنما أصلا يتصرفون بشكل مدني أي متحضر ويظهرون احتراما شخصيا للخصم وأعني بكلمة الخصم المشارك في عملية النقاش والذي صمم نشاط العصيان ضده.
والعصيان يقوض من سلطة الدولة إلى حد بعيد، إذ يقول 'لو أن الرجل يشعر أنه ليس من الرجولة أن يطيع القوانين الجائرة فلن يستطيع أي طاغية أن يستعبده .
إن العصيان المدني ينبغي أن ينظر له كوحدة متكاملة، حيث تكون العقوبة بنفس أهمية الأنشطة. إن العقوبات أو بالأحرى التغلب على الخوف من العقوبة هو أساس رئيسي في مبدأ العصيان المدني .
إن العصيان المدني لا يهدف فحسب إلى التأثير في الرأي العام؛ ولكنه يتجاوز ذلك ليصبح طريقة لتحفيز المواطنين على العصيان. والفعل أو النشاط وحده لا يكفي لتحقيق هذا الهدف. ولكن امتزاج عنصر الأنشطة بعنصر العقوبات يحدث الحافز القوي للعصيان والتغلب على الخوف من العقوبات.
من هنا جاءت فكرة العصيان المدني , وان شعبنا الفلسطيني والذي يرفض الانقلاب يسير في خطوات هامة علي طريق فرض العصيان المدني والاستجابة إلى نداءات الاتحادات والنقابات المهنية في تحملها المسؤولية والتصدي لعصابات الانقلاب في غزة .. فهذا من ابسط الحقوق أن تعلن إضرابك عن العمل وعدم استجابتك لفرض قرارات بقوة السلاح ورفض سياسة الاملاءات بالقوة فلا يمكن أن يكون الموظف ذليل في وظيفته ولا بد أن يعيش حر كريم مرفوع الرأس غير مهان محافظا على شخصية وغير منتقص الحقوق , فالعصيان المدني طريقنا نحو فضح جرائم الانقلابين وعزلهم بداخل المجتمع وفرض حرية الرأي واحترام الرأي الآخر هو من أهم أولويات عمل النقابات المهنية التي يجب أن تعلن عن حالة العصيان المدني بخطوات واثقة محترمة مواقف موظفيها والعاملين فيها .. على طريق حماية مؤسسات المجتمع المدني من السرقة والاغتصاب وإن العصيان المدني قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد.

0 ملاحظة : تم الرجوع إلى بعض المراجع في كتابة المقال
am111956@gmail.com

ليست هناك تعليقات: