الثلاثاء، مايو 19، 2009

حكومة الدكتور فياض بين الاستحقاقات الدولية والمطالب الوطنية

حسام الدجني

أقسمت حكومة الدكتور سلام فياض اليمين الدستوري أمام السيد الرئيس محمود عباس, وتتكون الحكومة من 20 وزيراً, سبعة وزراء من التشكيلة الحكومية السابقة.
يأتي تشكيل الحكومة الفلسطينية في رام الله من قبل السيد الرئيس محمود عباس في مرحلة سياسية حرجة, وبيئة سياسية إقليمية ودولية غامضة تجاه قضايا الشرق الأوسط بشكل عام والصراع العربي الإسرائيلي بشكل خاص.
ترفض حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" المشاركة في حكومة الدكتور سلام فياض, حيث ترى حركة فتح ممثلة بكتلتها البرلمانية أنها الأحق في تشكيل هذه الحكومة, كونها تشكل كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية, وهناك مبرر آخر يتمثل في تجاهل حركة فتح من قبل السيد سلام فياض عند تشكيله الحكومة, وأن من شارك من حركة فتح لم يشارك بصفته التنظيمية بل بصفته الشخصية.
وترى حركة فتح أنه من الأفضل انتظار نتائج جولات الحوار الوطني, حتى تسحب الذرائع من قبل الطرف الآخر المتمثل بحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
حيث تشهد القاهرة حواراً وطنياً بين فتح وحماس لم تحسم نتائجه بعد, ولكن يسود تفاؤل حول إمكانية نجاحه, لذا تأتي هذه الخطوة الاستباقية لنتائج الحوار وكأنها تحمل في طياتها مجموعة من الرسائل السياسية لعل أبرز هذه الرسائل موجهه إلى حركتي فتح وحماس من خلال تثبيت الانقسام بشكله الحالي وأضعاف حركة فتح في الضفة الغربية عبر ترسيخ ظاهرة الدكتور سلام فياض السياسية, حيث يحمل الدكتور فياض برنامجاً سياسياً بعيد كل البعد عن البرنامج الوطني لحركة فتح وللحركات الوطنية والإسلامية.
من المتوقع أنه قد مورست ضغوط كبيرة على السيد الرئيس محمود عباس "أبو مازن" لتشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض قبل زيارته إلى البيت الأبيض يوم 28 آيار, ومن الممكن أن السيد اوباما قد أرهن لقائه بالرئيس عباس, مقابل تكليف سلام فياض, وهنا تقع الخطورة على حركة فتح وتتكشف فصول المسرحية الأمريكية, والتي ابتدأها بوش الابن, وعلى ما يبدو سيستكملها السيد باراك اوباما, عبر إضعاف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بالضفة الغربية, وتقوية السيد سلام فياض عبر دعمه بالمال والسلاح والمشاريع الاقتصادية, وصولاً إلى سيطرته الكاملة على الضفة الغربية.

وفي المقابل قد تستمر شروط اللجنة الرباعية التعجيزية على حركة حماس في قطاع غزة, والتي تعلم الإدارة الأمريكية بأن حماس لن تقبل بها, لذلك ستفشل أي جهود مصالحة في الوقت الراهن وفي المستقبل, وهذا يدفع بحركة حماس إلى التمسك في حكمها على قطاع غزة, وتنفرد إسرائيل في القطاع, وسيصبح جوهر الصراع في المستقبل في قطاع غزة, وتصبح إسرائيل اللاعب الرئيس في إدارة الصراع من خلال تحكمها في حركة المعابر, والتلويح بالعصا والجزرة, فتذوب المقاومة مقابل متطلبات المليون والنصف مليون نسمة.

مستقبل حركتي فتح وحماس في الوقت الراهن يتمثل في خيار الوحدة الوطنية فقط ولا غير, عبر تفويت الفرص أمام هذه الظواهر السياسية المستجدة على الساحة الفلسطينية, والالتفات إلى القضايا الجوهرية التي تمثل قلب الصراع كالقدس واللاجئين والمياه والمستوطنات والأسرى الخ...

وفي حال فشلت الجهود في عقد مصالحة بين الحركتين الكبيرتين فتح وحماس فعلى فتح استحقاق طارئ وسريع يتمثل في عقد المؤتمر السادس في الخارج, حتى تحافظ حركة فتح على فلسفتها كحركة تحرر وطني, فلا يعقل أن يعقد مؤتمر تنظيمي تحت الاحتلال, وحتى تحافظ على وحدة الحركة ووحدة مؤسساتها الوطنية, وعلى حركة فتح العمل الجاد والدؤوب على استعادة قيادة المشروع الوطني المختطف منها في الضفة الغربية.
أما حركة حماس فعليها استحقاق يتمثل في مراجعة شاملة لتجربتها السياسية, وسلوكها السياسي والأمني, ومدى تطبيقها للقانون, وحفاظها على الحريات العامة, وإيمانها بالديمقراطية كأسلوب حضاري لتداول السلطة, وتعاملها مع الفعل وردات الفعل, وتحقيق أكبر قدر من النزاهة والشفافية, ومحاولة النزول من على الشجرة للوصول إلى هموم المواطن الفلسطيني الذي أصبح متسولاً بلا كرامة يبحث عن كوبونه هنا وهناك.

لذا نتمنى من الحركتين ومن باقي القوى الفلسطينية إلى نقد ذاتي, ودراسة معمقة تتمحور حول عنوان واحد إلى أين يسير المشروع الوطني الفلسطيني؟ وما هي الوسائل الكفيلة لإنقاذه؟

كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM

ليست هناك تعليقات: