الأحد، مايو 17، 2009

الإدارة الأمريكية تسعي لتغير وجهها القبيح

خضر خلف

إننا كشعوب أصبحنا نتعاطف ونتبنى الترحيب بأي تصريح يصدر بما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بغض النظر عن من صدر هذا التصريح أو ذاك.
وان سرعة انجذابنا لهذا التصريح وتعطفنا مع القضية الفلسطينية من منطلق الويلات التي يعاني منها شعبنا الفلسطيني يجعلنا نبتعد كل البعد عن التعمق في تحليل هذه التصريحات ونسارع الى القول بان هناك تغير في السياسة نحو التعامل مع قضيا المنطقة.
إن التصريحات التي سبق وان أدلى بها الرئيس الأمريكي باراك اوباما من خلال خطابه أمام البرلمان التركي أثناء زيارته لتركيا بان الولايات المتحدة الأمريكية تدعم قيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية تتعيشان بسلام ((وامن)) .
لقد تعودنا نحن كشعوب في المنطقة على سماع هذه التصريحات ونعتبرها جرعات مسكنة تعيشنا في وهم الأمل بان تكون هذه التصريحات بداية لانفراج في حل هذا الصراع ,بعكس ما يعتبره قادة الأنظمة العربية الذين يعتبرون أن هذا التصريح هو توجه جديد وسياسة جديدة للإدارة الأمريكية في المنطقة وأنها عازمة للضغط على الحكومة الإسرائيلية وكأن مفتاح الحل قد وجد, ولم يستخلصون العبر من الإدارة الأمريكية السابقة والمتعاقبة.
جاءوا لنا بخارطة الطريق والمبادرة الرباعية الدولية والرباعية العربية والتي جميعها تشترط في الاعتراف في إسرائيل ونزع سلاح المقاومة وان تعترف التنظيمات الفلسطينية في إسرائيل ((وامن إسرائيل)) دون وجود شروط أو ضغط ملزم لإسرائيل. وأي حكومة لدى الفلسطينيين لا تنال اعتراف دولي وللأسف عربي أيضا" إلا إذا رضيت عنها إسرائيل.
ومن اجل أن نحلل التصريحات على ماذا بنيت وأسست يجب علينا أن نرجع الى تصريحات كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية في شرم الشيخ التي اشترطت بان تكون الحكومة التوافقية الفلسطينية بعد المصالحة بتشكيلتها أن تكون معترفة بإسرائيل والاتفاقات السابقة ولم يشترط ذلك على تشكيلة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة فأين مصطلحات الضغط على إسرائيل نجدها بذلك.
نعم قالوا لنا قيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية يتعيشان بسلام وبعدها تأتي كلمة (( في امن )) إن هذه الكلمة سوف تلغي ما قبلها لأنهم سوف يرجعون الى ما كانوا عليه بان الفلسطينيون لم يقدموا ما طلب منهم إنهاء المقاومة والاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات السابقة, أما إسرائيل التي يعلن وزير خارجيته بان إسرائيل غير ملزمة فيما مضى من اتفاق وعلى أمريكا أن لا تتدخل في شؤون إسرائيل ,سمعتها بألم وتمنيت يوما أن يقولها قائد عربي أو وزير خارجية عربية على الأقل لتشعر الإدارة الأمريكية أن هذه الأنظمة بدأت تفيق من سباتها العميق وان أصبح لهم حس في المسئولية نحو قضاياهم.
وبما يتعلق بالتوجه الجديد للإدارة الأمريكية نحو الدول التي وصفتها الإدارة السابقة بأنها محور الشر وإنها سوف تعتمد الحوار السياسي إنما انطلق ذلك من منطلق الانهيار العالمي الاقتصادي وان دل هذا على شيء وإنما يدل على عجز أمريكا بعد ويلات الحروب في العراق وأفغانستان وكذلك اتجاه نحو تكوين واقع سياسي جديد وخطير بحد ذاته إن تمكنت أمريكا من تكوينه .
وذلك من منطلق سياسي جديد نحو هدف جديد وهو الانتقال من ترويض الدول التي كانت تعرف بدول الطوق وتم ترويضها أمريكيا وبقيت سوريا كدولة وحزب الله كتنظيم مقاومة وليس دولة طوق.
وان هذا التوجه سوف يكون توجه سلسل بعيد كل البعد عن أي تلويح عسكري أو فرض حصار إنما انطلاقا من ادعاء السياسة الأمريكية الجديد أي البحث عن وجه جديد لأمريكا في المنطقة وحسب اعتقادي سوف يكون أبشع مما سبقه لان هذا التوجه جاء بعد إبادة غزة وشعرت أمريكا والأنظمة الأوروبية بان توجهات الشعوب وتعاطفها يتجه نحو هذا المحور وان عداء ونقمة الشعوب يتجه نحو الدول التي تم ترويضها أمريكيا وأصبحت من دول طوق الى دولا موالية وتحسن الاستماع فيجب التحول لترويض ما تبقى من خلال حوار سياسي لان العجز الاقتصادي لا يسمح في الترويض العسكري.
ومن هذا المنطلق شاهدنا كيف تتسابق الدول العربية بأنظمتها للمصالحة العربية لكي يحصل كل منهم على مقامه أمام أسياده دون أن يمعنوا في التفكير بان ما هو قادم من تفكك وسوء علا قات بين الأنظمة نتيجة هذا التوجه الأمريكي والذي هو بالتأكيد يسعى لذلك انطلاقا من فرق تسود من اجل تعطيل أي وحدة عربية في المنطقة, وتبقى القضية الفلسطينية عالقة بين هذه النزاعات والخلافات فهذا هو وجه أمريكا الجديد

ليست هناك تعليقات: