الأربعاء، مايو 20، 2009

ولن تنتصر الثورة المضادة والسما زرقا

سعيد علم الدين

ولن ينتصر الشرُ على الخير، حتى ولو تسلح بأحدث أسلحة القتل والتدمير والغدر، فصلف الغرور سيهز مفاصله، كما وما طار طير وارتفع الا كما طار وقع، ووهن الفجور سينخر مع الايام عظامه، كما ينخر السوسُ في الشجر.
وما في شجرة بتوصل لربا والسما زرقا!
لا ولن تنتصر الأوهام على الحقائق، ومن يُشيِّد قصورا من رمال فسيجرفها الموج الهادر وستذريها الرياح.
لا الغلط على الصحيح، ومن يبني سياسته على تراكم الأغلاط فسيدفع الثمن غاليا ولن يستريح.
لا الباطل على الحق، واذا كان للباطل جولة، فللحق ألف جولة ودولة!
لا الظالم على المظلوم، فالظلم وكما هو معلوم، مرتع صاحبه وخيم وفي نهاية الأمر بشمع الثورة الأحمر مختوم.
لا الكاذب على الصادق، وحبل الكذب قصير وأقصر بكثير من ذيل الخنزير.
لا ولن تنتصر الهرطقة على المنطق ولا المتخلف على المثقف،
لا الرجعي على التقدمي ولا التاجر على الثائر،
لا الأمي على المتعلم ولا الجاهل على العالم،
لا المجرم على القانون ولا الهمجي على المتحضر،
لا شريعة الغابة على العدالة ولا الفوضى على النظام،
ولا ثقافة الموت والخراب على ثقافة الحياة والعمار، والا لخربت المجتمعات البشرية وما قامت لها قائمة وما ارتفع لها دار!
والتجارب التاريخية المكلفة جدا لمختلف الشعوب علمتنا، انه:
لا ولن تنتصر الشمولية على التعددية وما انتصرت،
لا ولن تنتصر الدكتاتورية على الديمقراطية وما انتصرت،
لا ولن تنتصر قوى القهر والقمع والاستعباد والظلام والعبودية والاستبداد على قوى الخير والحرية تحمل مشاعلها المنيرة الاحرار وما انتصرت.
لا ولن تنتصر الثورة المضادة الميليشياوية الدموية لجماعات 8 اذار على ثورة الارز الحضارية الديمقراطية الانسانية الأخوية للشعب اللبناني والسما زرقا!
في 14 اذار من عام 2005 حصلت في لبنان ثورة شعبية حضارية سلمية ثقافية ديمقراطية خالدة فجرت الطاقات الوطنية المكبوتة في قلوب الجماهير منذ ثلاث عقود من احتلال النظام السوري المخابراتي الشمولي العنصري، الذي هيمن بجيشه ودسائسه ومخابراته وعملائه على لبنان ومقدراته.
شاركت فيها الملايين بعفوية صادقة وانطلاق متدفق كمياه انهار لبنان العذبة تطالب بالحقيقة والعدالة والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان واستعادة استقلال وسيادة وكرامة البلد وقراره الحر الذي اصبح خلال هذه العقود الثلاث تابعا ذليلا للنظام المذكور.
هذه الثورة البيضاء اذهلت العالم بسلميتها، وارعبت في الوقت نفسه النظام السوري الذي انسحب مذعورا تاركا للبنانيين طبقة سياسية فاسدة مفسدة، فاجرة متاجرة، خادعة مخادعة، كاذبة غادرة وللضمير والحس الوطني فاقدة، مريضة نفسيا ومشوه ديمقراطيا وساقطة اخلاقيا استطاع تدجينها بوسائله الشيطانية المخابراتية خلال العقود الثلاث الى درجة انها اصبحت ملكية اكثر من الملك.
فهذا حسن نصر الله صار يحارب المحكمة وكأنه مشارك بالجريمة!
وهذا رئيس الحكومة السابق عمر كرامي يبشر بانقسام الجيش اللبناني في حال انسحاب السوري خدمة لأسياده في دمشق!
ووزير دفاعه عبد الرحيم مراد يعلن بان الجيش اللبناني عاجز دون السوري في الحفاظ على الامن والاستقرار في البلد.
اما وزير اعلامه ميشال سماحة فصار ممثلا شخصيا لبشار الاسد في التحضير مع الجانب اللبناني للقاء مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان في باريس.
ونبيه بري اغلق البرلمان نزولا عند رغبة القتلة لكي لا يتم اقرار المحكمة. ويتعطل دور الاكثرية البرلمانية لكي لا تحكم حسب الدستور.
وميشال عون انقلب في لحظة فجور سياسي لا مثيل لها في تاريخ الشعوب من وطني لبنان سيادي حر الى ذيل بعثي قومي سوري مضر وفي رابية عنجر استقر.
وامثلة كثيرة جدا من أمثال هؤلاء مما يؤكد على طبقة سياسية لبنانية مزيفة لا تمت بصلة بآلام لبنان وطموحات وآمال شعبه.
ومما زاد طين ثورة الارز بلة ان هذه الطبقة التي اشرنا اليها والتي تحكمت بمفاصل البلد وشرايينه عبر النظام الامني المخابراتي السوري اللبناني بقيادة لحود والدولة الشكلية من امام الستارة، وحزب الله ودويلته الفعلية الايرانية من خلف الستارة، كانت عبارة عن تنظيمات واحزاب وحركات ودكاكين وعصابات ميليشياوية مسلحة حتى الاسنان.
ومن صفاتها انها تعودت بطيبة خاطر على:
العبودية، أي الخنوع الكامل وبشكل اعمى للجزمة العسكرية السورية وبالتالي الايرانية،
الفوضى، أي فقدانها الكامل لكل القيم الديمقراطية والاخلاقية والدينية والانسانية ومفهوم قيام دولة القانون المدنية العصرية الحديثة،
تقديس السلاح، مقنعا بشعارات واهية لا علاقة لها، لا بالنضال الوطني ولا بتحرير ارض بقدر تعلقها بثقافة "السلاح للسلاح. وبلسان نصر الله الذي احتل بيروت وضرب الجبل تحت هذا الشعار مكشرا عن انيابه في السابع من ايار في محاولة انتحارية مع كافة ميليشياته لخنق ثورة الارز والاستفراد بحكم البلد.
ومنذ اربع سنوات وما زالت ثورة الارز تتعرض للقمع والاضطهاد والتفجيرات وجعل اكثريتها النيابية اقلية من خلال الاغتيالات التي حصدت خيرة قادتها كالشهداء جبران تويني وجورج حاوي ووليد عيدو وغيرهم.
وما زالت الثورة المضادة حتى اليوم تحاول بكل الوسائل اللاشرعية واللاديمقراطية الانقضاض على ثورة الارز ولكنها ستفشل لأنها على باطل. ولن تنتصر على ثورة الارز والسما زرقا!

ليست هناك تعليقات: