الأحد، مايو 10، 2009

الدين وصحيحه : من يمتلك صحيح الدين ؟

محمود الزهيري

انفلونزا الخنازير , وأنفلونزا الطيور , وأنفلونزا الكاريزما والمثقفين , وأنفلونزا الوصايات السياسية والدينية, وهذه الأخيرة من أخطر أنواع الإنفلونزا التي يصل ضررها لحد القتل وإراقة الدماء .

لا أدري !! كيف لإنسان يدعي أنه ينتسب لإنسانية آدم وحواء , ويبتعد عن المشترك الإنساني في بلدان الطغيان والفساد والإستبداد والقتل , ومن ثم يذهب بعقله المريض الواهن , ليريد أن يقيم إيمان الناس أو كفرهم , ويصطنع من المساطر الإيمانية , أو المقاسات الكفرية , لينصب من ذاته إله , ويجعل الأغيار في الدين أو المعتقد شياطين , أو أبالسة , من حقه عليهم هدايتهم والعودة بهم لمقاسات مساطر الإيمان وإبعادهم عن الكفر ؟!!

ولا أدري!! كيف تتحول المؤسسات والهيئات والنقابات إلي دور ومنابر للإيمان الديني , وتبتعد عن أداء الدور المؤسساتي أو المهني أو النقابي , بالرغم من فشلها الشنيع في القيام بدورها تجاه المواطنين المنتسبين لتلك الهيئات والنقابات والمؤسسات , وبالرغم من ذلك تريد أن تنجح في ربط الناس بالسلاسل وسحبهم إلي الجنة الآجلة الغير موجودة علي أرض الناس , متناسين فشلهم في صناعة الجنة الآنية علي أرض الواقع المعاش !!

جميع المرضي با الأنفلونزا الدينية والإيديولوجية علي أتم الإستعداد للوقوف علي نصب مذبح العقل , ومذبح الحرية , ومذبح حرية الرأي ,بل ومذبح الجز من الرقبة , فهذه المذابح تبدأ إفتتاحياتها بإسم الله , وبإسم الإنبياء والمرسلين , وبإسم كتب الله المقدسة , حتي يكون القتل أو الذبح حلالاً مباحاً , فالذبح بإسم الله , والقتل بإسم الله , في كل الأحوال يكون بالتوقيع نيابة عن الله , وبالنيابة أو بالوكالة عن أنبياء ورسل الله , ولا أدري كيف يستسيغ إنسان كائناً من كان أن يعطي لذاته المتورمة بمركبات النقص المرضية المتضخمة أن يوقع نيابة عن الله أو أنبياء ورسل الله , في حالة من حالات الوصاية المجرمة والكافرة بالإنسان , والمدعية بالباطل الإيمان بالله وكتبه ورسله !!؟

حينما تعود المجتمعات بإدعاءات حماية الدين , وحماية الثوابت الدينية أو المقدسات الدينية , أو تعود المجتمعات بإدعاءات حماية الثوابت والمقدسات الوطنية , فهذه العودة ليس لها إلا معني واحد أن هذه المجتمعات مجتمعات مريضة نفسية , ومحطمة إجتماعياً , ومهترئة إقتصادياً , والحالة الدينية لديها يغلب عليها طابع النفاق , ليصل الأمر بها إلي الإتجار بالدين ذاته ليكون الربح الحاصل منه يكون فوائض مادية تخدم علي السلطات الدينية , التي تخدم بدورها علي سلطات الطغيان السياسي الحاكمة .

وهذه دائماً تؤمن بأن المجتمعات لابد وأن تكون عبارة عن مجموعات بشرية متراصة من السوقة والدهماء والجهلاء , ليكونوا في نهاية الأمر عبارة عن جمهور / شعب , وليس مجتمع منظم يمكن أن ينتج هيئاته ومؤسساته , ويديرها بطريقة ديمقراطية , علي بساط من المصارحة والمكاشفة والشفافية .

حتي وإن كانت هذه الهيئات والمؤسسات لادينية , أو وثنية , ومخالفة للديانات الإبراهيمية الثلاث , مادامت منظومة الدساتير والقوانين يتم تفعيلها علي أساس من إحترام الإنسان لذاته , وتفعيل الحقوق والواجبات بالتساوي بين أبناء تلك المجتمعات .

أما أنظمة الطغيان فإنها تريد للمجتمعات أن تكون شعب / جمهور, من السوقة والدهماء والمغيبين , حتي يكون لهم بالمرصاد أصحاب الوصايات الدينية من ذيول الحكام وخصيانهم (الأغوات ) , أو من أصحاب الوصايات السياسية السافلة المجرمة التي لاتتورع أن تكون أدوات من أدوات القتل والطغيان والإفساد في كافة المجالات الحياتية الإنسانية والطبيعية .

إن المجرمين من أصحاب الوصايات الدينية أو الوصايات السياسية علي علم تام بأن الشعوب والجماهير حينما يراد لها أن تتحول إلي سوقة ودهماء وجهلاء , وما أكثرهم , فلن ينفع معهم سياسة ولا ديمقراطية ولا حريات ولا حقوق إنسان , وإنما في هذا التوقيت المتوالي والمستمر لن ينفع معهم إلا أن يتم حكمهم بمفاهيم دينية مصنوعة بمقياس مساطر الإستبداد والفساد والطغيان , وما أصحاب الوصايات الدينية والسياسية إلا تلك الأدوات لسلطات القتل والطغيان والإفساد , والتي تذيع علي الشعب / الجمهور , بأنهم يمتلكوا صحيح الدين , ويبتغوا الحفاظ علي الثوابت الدينية والمقدسات الدينية , أو الثوابت والمقدسات الوطنية , والتي لانعلم عنها من جعلها ثوابت وبمفهوم من اصبحت هذه ثوابت .

الحملات الشنيعة ضد الأغيار في الدين قديمة قدم المصلحة , و تلك الحملات قائمة بين الأغيار في الدين الواحد من حيث المذهب , أو الفرقة , بل , وقامت الحملات الشنيعة بين المنتمين للجماعة الواحدة , والتي تصل لحد التكفير أوالتجهيل , في أبسط الحالات , ولحد الذبح أو القتل , وتفعيل نظرية الإستحلال للدماء والأموال والممتلكات فيما بينهم , والغالب في الأمر أن الجميع يدعون أنهم يمتلكون صحيح الدين ويحافظوا علي ثوابته ومقدساته , وأنهم جميعاً معهم أقلام من الله , وأنبيائه ورسله ليوقعوا بها نيابة عن الله , وعن أنبيائه ورسله .

الكوارث لم تأتي إلا ممن يعتصم بمفاهيم الأديان ,وليس بالأديان , والعنصريات منتجات تمثل فرز طائفي من منتجات مفاهيم المنتسبين للأديان , والبغض والكراهيات , والقتل والسفك وإراقة الدماء , تمثل قمة الجرائم الإنسانية التي تنهي حياة الإنسان وتحتقر وجوده وتذدريه , وكأن الأديان السماوية مراد لها أن تكون أدوات للقتل والإذدراء والتحقير للإنسان الذي أراد رب الناس أن يكونوا مكرمين لامهانين , حتي لو كانوا كافرين لهذا الرب أو الإله , أو رافضين لفكرة وجوده !!

فمن ذا الذي يمتلك صحيح الدين , وماهو دوره المتوجب عليه القيام به تجاه البشر, مؤمنيهم وغير مؤمنيهم بإله السماء أو آلهة الآرض ؟

ومن ذا الذي يكون حقيق به أن يكون نائباً أو وكيلاً عن الله , ومن ذا الذي فوضه الله بذلك ؟

إنها لعبة المصلحة , وسيناريو الوصاية , ومسلسل عرض المفاهيم التي تخدم علي أنظمة الطغيان والفساد , والقتل والإستبداد !!

وإذا غابت عن ساحة الشعوب والجماهير , تحولت بالفعل المشروط بذلك إلي مجتمعات تكون من حقها أن تنتج ماتريد من مفاهيم وأفكار ورؤي وتصورات , بل وهيئات ومؤسسات دينية أو مدنية بعيداً عن وصاية سلطات الفساد والإستبداد والقتل والطغيان , لأن الحاكم في المسألة سيكون للدستور والقانون , بتفعيلهما لمنطوق نظرية الحقوق والواجبات المواطنية , والبعيدة عن الوصايات الدينية المجرمة .

وفي هذا الوقت لايوجد من لص أو نصاب دعي , يبتغي المصلحة لذاته , ويدعي أنه يمتلك صحيح الدين , وصحيح مفاهيمه .

أذكركم بقضايا الخلافات العقيدية والمذهبية بين الشيعة والسنة , وبين فرق الشيعة والشيعة , وفرق السنة والسنة , وبين مذاهب السنة ومذاهب الشيعة ,والإحتراب العقيدي والمذهبي بين الطوائف والفرق والمذاهب داخل الدين الواحد بل والمذهب الواحد , والجماعة الواحدة , بل والقضايا الخاصة بتكفير القرآنيين , ناهيكم عن قضايا المسيحيين والنظر إليها , فما بالكم بقضايا البهائيين ؟!!

فمن ذا الذي يمتلك صحيح الدين ؟!!

ومن منكم مع الإنسان والمشترك الإنساني ؟!!

mahmoudelzohery@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: