السبت، مايو 16، 2009

من منع أحياء القدس عاصمة الثقافة الى منع إحياء ذكرى النكبة

راسم عبيدات

......لا يكاد يمر يوم واحد إلا وتبتدع حكومة الاحتلال قوانين واجراءات جديدة لمعاقبة الشعب الفلسطيني،وحرمانه من أبسط مقومات الوجود والحياة،وفي أحيان كثيرة تكون القوانين الصادره أو التي يجري تشريعها،ليس لها علاقة لا بالقانون أو القضاء،بل تنطوي على حقد وكراهية وعنصرية ولغة الأقصاء ونفي الوجود للآخر،فعلى سبيل المثال لا الحصر طلبت وزارة الداخلية الاسرائيلية من كل مقدسي فلسطيني،يريد أن يستصدر بطاقة هوية جديدة أو يقوم بتجديد القديمة،عدا عن احضار أوراق وفواتير الكهرباء والماء وضريبة المسقفات"الأرنونا" وشهادات ميلاد الأولاد وشهاداتهم المدرسية،أصبح هناك شرط اضافي هو أنه على المواطن احضار رخصة البيت الذي يسكنه،وهذا الشرط التعجيزي واللا انساني يهدف الى تحقيق جملة من الأهداف،يقف على رأسها الحد من الوجود العربي في القدس،وحمل المقدسيين على مغادرة المدينة "أي التطهير العرقي" ومنع الفلسطينيين من اقامة الأبنية في القدس الا ضمن شروطهم ومواصفاتهم التعجيزية وذات الأهداف السياسية،والاحتلال الذي لم يحترم أو يلتزم بأية قوانين واتفاقيات دولية خاصة بالمدينة المقدسة كونها محتلة،فحتى ما تعهد والتزم به في اتفاقية أوسلو المجحفة والظالمة تنكر لها،أي المحافظة على وجود المؤسسات الفلسطينية القائمة،وتطبيقاً لشعارهم وقراراتهم بأحكام السيطرة على شرق المدينة واخراجها من أية عملية تسووية محتملة،قامت بمشاريع ضخمة لتهويد أرضها وأسرلة سكانها،وحذرت على سكانها العرب اقامة أية أنشطة تمت لوجودهم وتاريخم في المدينة أو تعبرعن هويتهم وقوميتهم ورفضهم لوجود الاحتلال وبطلان اجراءاته وممارساته العنصرية والمخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

واعتبر أي نشاط فلسطيني في القدس نشاط محظور وغير شرعي،بدءاً من الأنشطة الوطنية والسياسية ومروراً بالأنشطة الاغاثية والخيرية وانتهاءً بالأنشطة الاجتماعية مثل المخيمات الصيفية واقامة بيوت العزاء للشهداء.

والاحتلال مستمر في ممارساته واجراءاته بتغطية ودعم وتواطؤ من أمريكا وأوروبا الغربية،وعندما اتخذ قرار بجعل القدس عاصمة للثقافة العربية عام/ 2009،أعلنت حكومة الاحتلال أنها لن تسمح بإقامة أية أنشطة فلسطينية في القدس لها علاقة بالقدس عاصمة الثقافة العربية،وشنت حملة شعواء وبوليسية على كافة مؤسسات القدس من مدارس وأندية ومؤسسات ثقافية عملت على اقامة أنشطة لها علاقة بالفعالية،واعتقلت العديد من الفلسطينيين على خلفية ذلك،وبما يثبت بشكل قاطع لا لبس فيه،أن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بمختلف ألوانها وأشكالها وتسمياتها لا تؤمن بالسلام لا كخيار أو توجه،والمأساة هنا أنه رغم كل ما تقوم به اسرائيل من اجراءات وممارسات اقتلاعية وتهجيرية،نرى في الجانب العربي والفلسطيني من يصر على تصوير الأمور على قاعدة "عنزة ولو طارت"،ويعلن أن خيار المفاوضات هو الخيار الوحيد لاسترداد الحقوق،وتفتح الكثير من العواصم العربية لقادة اسرائيل ومن قلبها يعلنون الحرب على شعبنا ويحرضون على وجوده ومقاومته.

والاحتلال المستمر في مخططاته وأهدافه والذي يستهدف شعبنا الفلسطيني بمجموعه،يريد أن يلغي من ذاكرته جوهر وجوده وبرنامجه الوطني،ألا وهو حق العودة والنكبة،تلك التكبة التي شردت وهجرت وطردت شعبنا الفلسطيني من أرضه وبيوته،في محاولة لشطب وجود شعب بأكمله،تلك النكبة المسؤولة عنها اسرائيل قانونياً وسياسياً واخلاقياً بالكامل.

وتحقيقاً لهذا الغرض والهدف، نرى أنها تقوم بخطوات وممارسات لمحوها من الذاكرة الفلسطينية،ومنع الشعب الفلسطيني من تجسيد حقه في العودة الى أرضه،وطرد وتشريد من بقوا عليها،ومن العار وفي ظل زمن عربي رديء ومحزن،أن تجد على الساحتين العربية والفلسطينية من يشارك في هذ المخططات.

فالكثير من قادة اسرائيل يصرخون ليل نهار،أنه على الفلسطينيين اذا ما أرادوا أن توافق اسرائيل على حل الدولتين،فعليهم الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية،وكذلك ربط وجود فلسطيني الداخل- مناطق 48- بالولاء لدولة اسرائيل،وهذا عبر عنه قادة الحكومة الاسرائيلية،فرئيس الحكومة"بنيامين نتنياهو" أعلن في خطاب التنصيب،أن شرط الموافقة على حل الدولتين رهن باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة،وأعاد ذلك في الخاطب الموجهه الى منظمة "ايباك" الصهيونية في أمريكا عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة "الفيديو كونفرنس".

والمسألة لم تقف عند هذا الحد،ففي حالة الحراك السياسي التي تشهدها المنطقة،تتحدث الأنباء عن ضغوطات أمريكية على النظام الرسمي العربي،من أجل احداث تغير جوهري على ما يسمى بمبادرة السلام العربية،يتضمن شطب البند المتعلق بحق العودة منها،مقابل ضغط أمريكي على اسرائيل للقبول بمبدأ حل الدولتين وتجميد الاستيطان في الضفة الغربية،وبما لا يشمل القدس والزيادة الطبيعية في مستوطنات الضفة الغربية،وعلى أن يترافق ذلك مع اعتراف 57 دولة عربية واسلامية باسرائيل وتطبيع العلاقات معها،ومع بدء الأنشطة والفعاليات الخاصة بأحياء الذكرى الحادية والستين لنكبة الشعب الفلسطيني،أعلن وزير الخارجية الاسرائيلي المتطرف"أفيغدور ليبرمان" أنه ينوي التقدم للكتيست الاسرائيلية لسن قانون يمنع الفلسطينيين من اقامة أي أنشطة وفعاليات بذكرى النكبة،ومعاقبة كل من يقوم بفعالية أو نشاط له علاقة بالنكبة بالسجن لمدة ثلاثة سنوات فعلية.

وهذا القانون العنصري والذي يراد منه،اخلاء مسؤولية اسرائيل القانونية والسياسية والأخلاقية عن نكبة الشعب الفلسطيني ،طرده وتهجيره والاستيلاء على أرضه وممتلكاته،يريد أن يشطب ذاكرة شعب كامل ويلغي حقه في الوجود والعودة الى أرضه وفق القرار الأممي 194،كما أنه يمهد ويعبد الطريق أمام مخططات اسرائيلية يجري العمل بها،من أجل القيام بعمليات تطهير عراقي واسعة بحق عرب الداخل- مناطق 48 -،وما الزعرنات والعربدات التي يقوم بها المستوطنيين كالتي حدثت في عكا وأم الفحم قبل مدة ليس بالبعيدة،إلا "بروفات" للقيام بهذه الأعمال على نطاق واسع مستقبلاً،والتي ربما يكون التبادل الجغرافي أحد أشكالها وتجلياتها وترجماتها العملية.

ان ما يجري وما تقوم به الحكومة الاسرائيلية من ممارسات واجراءات عنصرية،تنطوي على درجةعالية من الحقد والكراهية والخطورة،وهي جزء من السيناريوهات التي يجري طبخها بحق أهلنا في القدس ومناطق 48،والتي تتطلب منا أعلى درجة الحيطة والحذر والتوحد وتصليب وتمتين الجبهة الداخلية،ووضع حد نهائي لحاليتي الشرذمة والانقسام.

ليست هناك تعليقات: