الأربعاء، مايو 27، 2009

لماذا الافتراء على السعودية؟

العلامة السيد محمد علي الحسيني

هناك مسائل معينة قد يکون فيها ثمة إشکال أو إلتباس أو شئ من هذا القبيل وعند التصدي لها يکون من الضروري توضيح ذلك الاشکال أو الالتباس و ماإليه، لکنه وفي نفس الوقت، هنالك مسائل أخرى هي على درجة من الوضوح بحيث تکاد تتجاوز کونها حقيقة ملموسة وترقى الى مستوى بديهية تفرض نفسها، وهکذا مسائل لاتحتاج ابدا الى أية تفاسير أو توضيحات أو تبريرات ما کي يتفهمها المتلقي، وإيجابية الدور السعودي في لبنان سيما بعد الاحداث المأساوية الدامية التي ألمت به ابان العقود المنصرمة، هي من المسائل التي تدخل في باب المسلمات و البديهيات التي لاتحتاج الى إثباتات أو براهين خصوصا وان الامور التي تجسد ذلك تفرض نفسها على المرء و تتمثل بوضوح في کل ذلك العمل الدؤوب المستمر الذي غير من المعالم المأساوية التي کانت تعبر عن حالة الحرب و الاقتتال الداخلي المؤسف الى معالم حياتية جديدة أعيد خلالها بناء ماخربته آلة الحرب بمختلف اوجهها و مشاربها.

الدور الذي لعبته و تلعبه المملکة العربية السعودية في لبنان، کان و لايزال عامل أمن و استقرار للبنان بشهادة مختلف الاطراف السياسية کما انه يمثل أيضا دورا إيجابيا مهما و حساسا على الاصعدة العربية و الاقليمية و الدولية وان دخول العربية السعودية المعترك اللبناني کان بحد ذاته إيذانا ببدء صفحة جديدة في التأريخ اللبناني يتم فيها تغليب لغة المنطق و الحوار على صوت الرصاص و المدافع وتطغي فيها أيضا صور العناق و المصافحة الاخوية بين الاطراف اللبنانية المتباينة على صور الميليشيات و التهديدات و تلبيد الاجواء إستعدادا للقتال.

إن الذي فوجئنا به وأخذنا على حين غرة، هو ماصدر أخيرا عن البعض من دعاوي فارغة و باطلة جملة و تفصيلا بخصوص دور سعودي مزعوم في عملية إغتيال السيد رفيق الحريري، وهو زعم مشبوه و يراد به أکثر من باطل ولغايات معروفة سلفا أهمها السعي للنيل من نقاوة و صفاء و نبل الدور السعودي في لبنان والذي هو مبني أساسا على البعدين العربي و الاسلامي وکلاهما في خدمة لبنان و شعب لبنان، ومامن شك بأن أي لبناني مهما کانت هويته أو عرقه أو دينه أو طائفته، فإنه قد عرف و يعرف السعودية من خلال يدها الاخوية الکريمة المدودة من أجل خير و بناء لبنان، من أجل وقف النزيف اللبناني و بث کل عوامل الامن و الاستقرار في مفاصله الحياتية، فنحن في لبنان لم نرى أو نسمع يوما عن بندقية أو رصاصة سعودية قد دخلت الى هذا أو ذاك الطرف اللبناني واستخدمت من أجل إراقة الدم اللبناني، وانما رأينا و سمعنا عن مواد البناء و الاغاثة و المواد الغذائية و الاموال السعودية التي أغدقت بکرم على لبنان و شعب لبنان من أجل تغيير واقعه نحو الافضل و بناء الانسان اللبناني الجديد وان اولئك الذين يسعون من دون طائل و عبثا لتغيير هکذا بديهيات دامغة فإنهم في النهاية لن يخدعوا سوى أنفسهم وان کلامهم و إدعائاتهم تمر کسحابة صيف عابرة وان هي إلا ‌تخرصات بعيدة کل البعد عن روح و جوهر الحقيقة و الواقع.

اننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان، قد لمسنا ونلمس إيجابية الدور السعودي و حيويته و ضرورته في لبنان وندعو الى التمسك به کالخيار الافضل و الاسلم و الاکثر أمنا لبلدنا والامن القومي العربي عدم التفريط به‌ تحت أي عذر أو مبرر مهما کان، واننا نثمن و نقدر عاليا هذا الدور و نعتبر المساس به مساسا بالمصالح الحيوية للشعب اللبناني قبل أي شئ آخر.

*الامين العام للمجلس العربي الاسلامي في لبنان.

ليست هناك تعليقات: