الاثنين، مايو 25، 2009

فلسطينيو الداخل……تصعيد غير مسبوق

راسم عبيدات

......ما يقلق كل قادة إسرائيل هو الوجود العربي الفلسطيني على أرضه في مناطق 48،والذي ترى فيه كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي من ما يحلو للبعض تسميته باليسار إلى أقصى أحزاب اليمين تطرفاً خطراً "سرطانياً" يتهدد يهودية الدولة،وعلى المدى البعيد لا يحولها إلى دولة ثنائية القومية،بل ربما يصبح فيها العرب أكثرية،وخصوصاً أن الإحصائيات والمراكز البحثية تتوقع أن يتساوى العرب واليهود في عام 2020 سكانياً في فلسطين التاريخية،والوجود الفلسطيني هذا المتزايد سكانياً والمتنامي في الوعي والتشبث بالأرض والوجود،والساعية أحزابه الأكثر جذرية في الداخل إلى بلورة هوية ثقافية وقومية خاصة به،لا بد من ابتداع كافة الأشكال والوسائل،التي ان لم يكن ممكناً القيام بعمليات طرد وترحيل عرقي قسري له،فلا بد من سن تشريعات وقوانين،تعمل على الحد من وجوده،وتساهم في ترحيله وهجرته الطوعية.

ونحن رأينا أن كل الأحزاب الإسرائيلية كانت تتسابق في دعايتها الانتخابية للكنيست الإسرائيلية الأخيرة على ربط الوجود الفلسطيني في مناطق 48 بالولاء للدولة، وكذلك الرفض المطلق لحق العودة.

وبعد فوز أحزاب اليمين في الانتخابات وتشكل حكومة مغرقة في اليمينية والتطرف،بدأنا نلمس ترجمات عملية للشعارات والبرامج التي رفعتها هذه الأحزاب،حيث صادقت يوم الأحد الموافق 24/5/2009،اللجنة الوزارية لشؤون القانون والدستور على مشروع قرار يحظر إحياء ذكرى النكبة،ومشروع قانون آخر يقيد حرية التعبير،ومشروع القانون المتعلق بالنكبة يقول"يمنع تنظيم أي نشاط جماهيري يعتبر قيام دولة إسرائيل كارثة"،ويحدد عقوبة ثلاث سنوات سجن للمخالفين.

وحسب زعم مقدم مشروع القرار"اليكس ميلر"( إسرائيل بيتنا)،فهذا القانون هو" مرحلة أولى لوقف عمليات التحريض" التي تقودها القيادات العربية،ونحن نقول لعل السيد "ميلر" وغيره يريد من شعبنا الذي سلبت أرضه وشرد وهجر إلى المنافي ومخيمات اللجوء والشتات،أن يعترف بشرعية الممارسة الإسرائيلية بحقه،ويعتبر يوم نكبته"يوم نصر وتحرير" ويعترف بالحركة الصهيونية بأنها حركة تحرر وطني،وليست حركة استعمارية أقامت وجودها على أرض الغير بالقوة،وهو وحكومته يريدون أن يمحو من ذاكرة شعبنا يوم نكبته.

كما وأقرت اللجنة مشروع قانون آخر يقيد حرية التعبير عن الرأي لدى،فلسطيني الداخل،ويحظر عليهم الإدلاء بتصريحات او نشر مواد تعتبرها السلطات" تحريضاً " أو " تنكراً لوجود إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية".

وقد قدم مشروع هذا القرار عضو الكنيست"زفولون أورليف".

وهذا القرار بحق شعبنا لا ينطوي على منع وتكميم أفواه شعبنا ومنعه من التعبير عن رأيه في ما تمارسه وما تقوم به إسرائيل من إجراءات وممارسات لها طابع العداء والكره والحقد والتنكر لحقوق شعبنا الوطنية،والإجحاف الكبير بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية،بل هذا القانون له أبعاد ومدلولات سياسية،فهو يستهدف تقزيم الوعي السياسي لشعبنا،وكذلك استهداف قياداته السياسية،وكذلك طمس الحقائق وإخفاء ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وإجراءات وممارسات قمعية بحق شعبنا الفلسطيني،وربما يصبح من يطالب بإنهاء الاحتلال أو إدانة جرائمه وممارسته العنصرية لا سامياً ،ولعل في ذلك وقاحة غير مسبوقة أو معهودة كما قال النائب التجمعي جمال زحالقة وكذلك من يشرح لطلبة المدارس عن تاريخ أو جغرافية فلسطين،فهو محرض ويجب أما طرده أو سجنه،فكيف من يشيد بفصائل المقاومة الفلسطينية،فسيتم محاكمته بتهمة دعم ومساندة "الإرهاب"،ومثل هذا القانون"القراقوشي" لا مكان له إلا في دولة إسرائيل،ومقدم مشروع القرار هذا يبرر فعلته وطرحه لهذا القانون،بالقول علينا أن نتعلم من قضية الدكتور عزمي بشارة،والذي سرعان ما تحولت أقواله إلى أفعال،وأخذ ينظم الزيارات لأبناء شعبنا في الداخل إلى أهلهم وذويهم في سوريا،وعلى رأي مقدم الاقتراح دولة معادية،وكذلك اشتباه في تقدمه خدمات وتسليم معلومات للعدو في زمن الحرب.

والأمور لم تقف عند هذا الحد،حد تضيق الخناق على شعبنا في مناطق 48،بل المسألة أخطر وأكثر شمولية وعمق ولها أبعاد سياسية،ومرتبطة إلى حد كبير بما يحدث من حركة وتطورات سياسية في المنطقة،وصحيح أن قادة الحكومة الإسرائيلية الحالية من "نتنياهو وليبرمان" طرحوا في دعايتهم الانتخابية،وحتى في خطاب التنصيب نفسه " المواطنة مقابل الولاء للدولة،وحل الدولتين والقبول به،رهن بالاعتراف بالطابع اليهودي للدولة،ومشروع القانون الجديد الذي سيقدمه رئيس لجنة القانون والدستور البرلمانية"دافيد روتيم" من حزب( إسرائيل بيتنا )،يصب في هذا الاتجاه والهدف،ونص مشروع القرار هو "كل من يطلب الحصول على مواطنة إسرائيلية،أو إصدار بطاقة هوية في وزارة الداخلية سيكون ملزماً بالتوقيع على تصريح ولاء حسب النص التالي:"أنا ألتزم بأن أكون مخلصاً لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية،ولرموزها وقيمها". فضلاً عن التعهد بأداء الخدمة العسكرية أو المدنية.

ومشروع القرار هذا يعني إقراره،عمليات طرد وترحيل قسرية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل،تمهيداً لفرض يهودية الدولة.



ومن المهم الإشارة إليه هنا أن ما يسمى بمبادرة "أوباما "السلمية،جوهرها يقوم على هذا الأساس،فهي تريد من العرب،تشجيع إسرائيل على السلام والقبول بحل الدولتين،من خلال تعديل البند الخاص بحق العودة،بحيث يتم شطب هذا الحق،وفي أحسن الحالات حصره في العودة إلى مناطق السلطة،وتوطين من لا يرغب في البلد الموجود فيه،واحتفاظ إسرائيل بالكتل الاستيطانية الكبرى في إطار تبادل الأراضي مع السلطة الفلسطينية،وبما يعني ضم سكان الجليل والمثلث إلى السلطة الفلسطينية،ومن يتبقى منهم قانون"المواطنة مقابل الولاء" يتكفل بطرده وترحيله.

أن مشاريع القرارات المتسارعة،والتي تتقدم بها الحكومة الإسرائيلية بأحزابها المختلفة،والتي تستهدف الوجود الفلسطيني في مناطق 48،على درجة عالية من الخطورة وهي من ضمن السيناريوهات،التي يجري تداولها على المستوى الإسرائيلي والاقليمي والدولي،لتصفية القضية الفلسطينية،بحيث تكون القدس ومناطق 48 "ضمن ما يسمى بالدولة اليهودية الخالصة"،وما يتبقى من الضفة الغربية يلحق بالأردن،وغزة يتم وضعها تحت السيادة المصرية،وهذا من السيناريوهات المقترحة في حالة استمرار حالة الانقسام الفلسطيني،والسيناريو الآخرهو التضحية بالقدس والثمانية وأربعين بمقابل،حكم بلدي في الضفة والقطاع لا يشمل لا قدس ولا لاجئين ولا 48 .

فهذه هي الأهداف الحقيقية لمشاريع القرارات الإسرائيلية،بحق سكان فلسطيني 48 والقدس،أسرلة وتهويد،وبما يخدم المشروع السياسي الذي يجري الحديث عنه،أو ما يسمى بمبادرة"أوباما" للسلام.

وعملية المواجهة والتصدي لهذه المشاريع والقوانين تتطلب درجة عالية من الصلابة والتماسك والوحدة والتحرك على كل المستويات محلياً وعربياً ودولياً ،وبكل الطرق والوسائل من أجل التصدي لها ومجابهتها ومنع نكبة ثانية لشعبنا الفلسطيني.

ليست هناك تعليقات: