الخميس، مايو 21، 2009

حكومة أم خازوق

عطا مناع
تسيطر المدرسة المكيافيلية على المشهد السياسي الفلسطيني الذي يمارس وبإتقان شديد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة أدى لتسطيح الحالة السياسية الفلسطينية،وما التشكيل الوزاري الجديد الذي اقسم اليمين القانوني على الخلاص للشعب والوطن إلا دليل حي على هذا النهج الذي يقلق السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني.
الغريب أن السادة الوزراء الذين انخرطوا في الحكومات المتعاقبة التي وصل عددها إلى أربعة عشرة وزارة قوامها ما يقارب أل 300 وزير اقسموا اليمين القانون على خدمة الوطن والشعب على الهواء مباشرة.
والملفت أن السادة الوزراء أصبحوا يشكلوا عبئاَ ماليا على الشعب الذي يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة لم تمس الوزراء السابقون والحاليون الذين يرهقون ميزانية السلطة الفلسطينية برواتب خيالية بملايين الدولارات سنويا تصرف كاستحقاقات لهم كونهم اقسموا اليمين.
المشكل أن الحالة الوزارية الفلسطينية بتشكيلاتها المتعاقبة وبالتحديد ما بعد الانقسام الفلسطيني وتقطيع أوصال الوطن الغارق في فقرة ودمه بؤس الغلابة باتت انعكاسا لحالة الانقسام ومعرقلا لكل المحاولات الهادفة لردم الفجوة بين الفر قاء وهذا ما ترجم بالتشكيل الوزاري الجديد الذي قد يدق المسمار الأخير في نعش الحوار الفلسطيني الداخلي المتعثر أصلا.
لكن ما يميز هذه الوزارة عن سابقاتها أنها جاءت في الزمان الغير مناسب، وفي الوقت الذي يحاوله شعبنا لملمة جراحة للخروج من أزمة الانقسام التي دفعنا ثمنها غاليا جراء تعنت حركتي حماس وفتح ما أدى للوصول للطريق المسدود على الوحدة الفلسطينية والمفتوح على مصراعيه أمام كافة السيناريوهات الغير محمودة.
الخطير أن التشكيل الوزاري الجديد غير مقبول من فصائل وتجمعات فلسطينية نقابية وشعبية، فحركة فتح غير راضية ومقاطعة وتنسجم معا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني ونقابات لها جذور عميقة مثل نقابة العاملين في الوظيفة العمومية ونقابة المعلمين والعاملين في المهن الصحية.
من الناحية العملاتية لن تختلف هذه الحكومة عن حكومات زمن الانقسام، فهي لن تعيد بناء ما دمره العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، ولن تنقذنا من البطالة المستشرية، وهي عاجزة قبل خروجها إلى النور عن تحقيق الحد الأدنى من التوافق الوطني، لن ترقى الحكومة الجديدة إلى مستوى حكومة أزمة، هي كسابقتها حكومة انتقالية مهمتها الحفاظ على وضعية اللاحركة التي تسيطر على المشهد الفلسطيني بكل تجلياته، صحيح إنها قد تحافظ على استمرار وصول رواتب الموظفين الحكوميين إلى البنوك، لكنها ستواجه عقبات داخلية ستقودها لمراكمة المزيد من الفشل السياسي والجماهيري، وأنا هنا أستثني المنتفعين من الحالة الهلامية والعمى السياسي المسيطرة على النخبة الفلسطينية.
لسان حال الشعب الفلسطيني يقول نريد وحدة وطنية تحقق الحد الأدنى من أهدافنا، فالوطن لا يتحرر بالتشكيلات الوزارية سواء في الضفة أو غزة التي قد ترد على التشكيلة الوزارة الجديدة لحكومة الدكتور فياض بحكومة موسعة في قطاع غزة ، وهذا ما صرح بة خالد عبد المجيد من دمشق، مما يزيد الطين بله وندخل مرحلة جديدة من صراع الحكومات التي تعبر عن مصالح طبقات بحد ذاتها وتنفذ أجندات بعيدة كل البعد عن المزاج الجماهيري الذي قرف طعم المرحلة بكل مكوناتها السياسية والسلطوية.


أدعي جازما أن الحال الفلسطيني بكل مكوناته لا يختلف عن واقع الوزارة الجديدة الارتجالية كما السباحة ضد التيار، لدرجة أن الساسة الفلسطينيون ارتاحوا لمخاطبة الذات ما عزز الشعور أن كل خطوة تصدر عن قيادتنا تتحول لخازوق، وما أكثر التي جلبها لنا الانقسام.
كاتب صحفي يسكن مخيم الدهيشة

ليست هناك تعليقات: