الخميس، مايو 28، 2009

في الذكرى 45 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية

غسان المصري

في الذكرى 45 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية زادت وتيرة المطالبة بإعادة بناء وإصلاح المنظمة وسط اجواء الاحباط والتراجع في الموقف الفلسطيني، حيث أضاف انقلاب حماس في قطاع غزه وحالة الانقسام سببا اضافيا لاهمية اعادة منظمة التحرير الى مكانتها ودورها بعد ان كان موضوعها من القضايات اوالملفات شبه المنسيه ولا تحظى بأولويات العمل او المواضيع ذات الاهمية في اجنده العمل الفلسطيني لاعادة ترتيب النظام السياسي الفلسطيني .

منذ نشوء السلطه الوطنيه الفلسطينيه بدأ التداخل في صلاحيات وإختصاصات النظام السياسي ما بين السلطة والمنظمة مع أن السلطة جاءت نتاج أوسلو وحددت صلاحياتها وإختصاصاتها بنصوص الإتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأعتبرت المرجعية الأساسية للسلطة التي إقتصرت صلاحياتها على ادارة شؤون الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة عام 1967 وفي المناطق التي نُقلت إليها السيادة وسُميت بمناطق – أ- .

الجمع بين رئاسة السلطة والمنظمة وقيادة العمل في كلا المؤسستين من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، واستمرار هذا النهج بعد تولي محمود عباس رئاسة السلطه والمنظمه معا، وكذلك استمرار الجمع بين عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة وبعض الوزارات من قبل بعض أعضاء اللجنة التنفيذية أدى إلى تلاشي حدود الصلاحيات والمسؤوليات، بين السلطة والمنظمة وغَلب ممارسة العمل السياسي بإسم السلطة، ودفع هذا النهج نحو مصادرة وإضعاف دور وصلاحيات دوائر منظمة التحرير أحياناً بشكل مقصود على أمل تقوية السلطة وصلاحياتها، وتجاوز حدود نصوص أوسلو لفرض واقع سياسي يوفر مقومات وإحتياجات الدولة، ولو كان ذلك على حساب قوة قيادة وتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، كما كان الحال عند إنشاء وزارة خارجية للسلطة وما رافق ذلك من خلافات بين رئيس الدائرة السياسية للمنظمة ورئيس السلطة محمود عباس الذي أصر على إستحداث قانون العمل الدبلوماسي ومصادرة صلاحية الإشراف وإدارة السفارات في الخارج وتحويلها لتصبح خاضعة للسلطة رغم تحذير رئيس الدائرة السياسية فاروق القدومي من سياسة إضعاف منظمة التحرير ومصادرة دورها ومرجعيتها .

كانت الصدمة قوية عند قيادة حركة فـتح بعد فوز حماس ليس فقط لخسارتها المجلس التشريعي والسلطة وخروجها من دائرة الفعل والتأثير في صياغة القرار السياسي الفلسطيني، وإنما لإدراكها بفداحة الخطأ الذي إرتكبته حينما صادرت دور منظمة التحرير وحصرته في السلطة التي أصبحت بعد سيطرة حركة حماس على المجلس التشريعي وحكومة السلطه ، وتبع ذلك الانقلاب العسكري الذي قامت به حماس في قطاع غزه وتصفيتها للاجهزه الامنيه وحجم الكارثة التي اصابت الشعب الفلسطيني وقضيته جراء التهميش وإضعاف تمثيل المنظمة وقيادتها على الصعيد الدولي، وما ترتب على ذلك من خسارة للإنجازات الكبيرة التي حققتها المنظمة عبر مسيرة 43 عام من النضال وخصوصاً شرعية النضال الوطني لإزالة الإحتلال وجميع القرارات الدولية التي تنص وتضمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة ممثلاً 194 .

هنا برزت الأزمة الكبرى بين فـتح وحماس والتي كان اساسها وبدايتها في رفض حركة حماس الاعتراف بتمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، حيث تمسكت حركة فـتح ومعها فصائل منظمة التحرير بهذا الثابت خوفاً على انجازات وحقوق الشعب الفلسطيني من الضياع ، وبالمقابل رفضت حماس جميع الدعوات التي طالبتها الانضمام للمنظمه والمشاركة بقيادتها بحجة انها ترفض برنامجها السياسي في الوقت التي دخلت فيه الانتخابات التشريعيه التي كانت نتاج اتفاقيات اوسلو التي وقعتها منظمة التحرير ، واستمرت حماس برفضها الاعتراف بتمثيل منظمة التحرير وقيادتها للشعب الفلسطيني رغم اتفاق القاهره الذي نص على ذلك مع العمل على اعادة تفعيل واصلاح مؤسساتها ، وهذا بدوره زاد من تعقيد الأمور واضعف دور المنظمة على الصعيد الدولي والعربي، ويعود موقف حماس إلى تبرير اخر وهو إنها أنتخبت من الشعب الفلسطيني في الداخل وهي تتمتع بشرعية تمثيله من قبل الأكثرية وهي المسؤولة عن إدارة الشؤون الخارجية من خلال وزارة الخارجية التي أقرتها وكرستها سلطة فـتح السابقة، وكيف تكون المنظمة هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وحماس صاحبة السلطة والشرعية لا تشارك في قيادتها .

رغم موافقة وتوقيع حماس على إتفاق القاهرة الذي ينص على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ( وكان ذلك قبل نجاحها في الإنتخابات )، إلا أنها ترفض لغاية الآن هذا الموقف وتطالب بإعادة بناء منظمة التحرير وفق أسس جديدة ليست محددة لغاية الآن، وبالمقابل تطالب أيضاً جميع فصائل المنظمة بإصلاح وإعادة تفعيل مؤسسات المنظمة لأهمية دورها في هذه المرحلة السياسية ، وقد حاولت العمل على انشاء جسم بديل للمنظمه ولكنها فشلت امام موقف فصائل وفوى المنظمه .

حركة فـتح ليست ضد هذا التوجه والإجماع لإعادة إصلاح وتفعيل المنظمة وتطالب حركة حماس والجهاد الإنضمام لها لكنها ترفض مبدأ نسف وإزالة تراث المنظمة النضالي ونظام عملها ومحو مؤسساتها والبدء ببناء منظمة تحرير جديدة وفق أسس ومعايير تفرضها موازين القوى لهذا الطرف أو ذاك، لأن منظمة التحرير هي هي الممثل الشرعي والوحيد لجميع ابناء الشعب الفلسطيني في العالم والمعترف بها عربيا ودوليا ، ولها حضورها كعضو وممثل لفلسطين في معظم المنظمات والمحافل الدوليه ، وهي المسؤوله عن جميع السفارات والممثليات الفلسطينيه في العالم وهذا ثمرة نضال الشعب الفلسطيني والتي ما زالت تتابع نضالها بمسؤوليتها عن ملف المفاوضات وتمثل مرجعية السلطه .

لذا اصبح من الواجب والضروره الوطنيه البدء فورا باعادة اصلاح المنظمه وتفعيل دوائرها ومؤسساتها لتستطيع اكمال مسيرتها النضاليه والحفاظ على انجازاتها التي اصبحت مهدده امام سياسات الحكومه الاسرائيليه المتطرفه والهادفه الى اختزال القضيه الوطنيه الفلسطينيه بالسلطه، وبمقترحات وحلول تخرجها من مرجعياتها الدوليه وشطب جميع القرارات الدوليه التي اقرت بالحقوق الوطنيه المشروعه للشعب الفلسطيني وشرعية نضاله من اجل التحرر والاستقلال

مدير مركز كنعان للاعلام والدراسات

ليست هناك تعليقات: