الأحد، ديسمبر 28، 2008

غزة تدفع بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية

سعيد علم الدين
قلبي ينفطرُ عليك يا غزة، وعلى أهل غزة، وشعب غزة، وأطفال غزة، ونشامى غزة، وأرامل ونساء وشيوخ وتلاميذ وشباب وصبايا وشهداء وضحايا وجرحى وأبرياء غزة!
وما اكثر الأبرياء الذين يسقطون في هذه اللحظات المأساوية في غزة الجريحة!
قلبي ينفطرُ حزناً وألماً على أهلي هناك واللطم والنحيب لا ينفع،
والمناشدات والتنديدات والصرخات والاستنكارات والمظاهرات لا تنفع، ولا حتى الابتهالات والصلوات والمؤتمرات العربية والدولية تنفع!
الذي ينفع في هذه الظروف الدامية فورا، هو موقف عربي حاسم واحد وبلسان واحد لتخليص غزة من فم التنين الإسرائيلي اللاهب ولوقف كرة النار المتدحرجة نحوها وقبل فوات الأوان، أي بالطلب من حماس التي ركبت رأسها، بان تتنازل قليلا لمصلحة شعب غزة أولا وفلسطين اولا وتنصاع لقرارات الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية، ليمكن انقاذ ما يمكن إنقاذه.
فما حدث كان متوقعا، واسرائيل لا تهدد عبثا، كما يهدد احمد نجادي. وكان ذهاب ليفني الأخير لمصر هو لتبرير الموقف الاسرائيلي امام القيادة المصرية. وكانت محاولات مصر العديدة للملمة البيت الفلسطيني تحظى دوما برفض صارم من قبل حماس. وكأنها تريد ان تصل الأمور الى ما هي عليه الآن.
وها هي حماس اليوم تحصد ما زرعته سياسيا ضد اتفاقية اوسلو وخريطة الطريق وفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ولكن ككل مرة الشعب الفلسطيني البائس واليوم شعب غزة البريء هو الذي يدفع بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية.
تماما كم حصل في كارثة حرب تموز في لبنان التي تسبب بها حزب الله ودفع ثمنها الشعب اللبناني بالدم خدمة للممانعات البشارية والمزايدات النجادية. وكالحمل الوديع قال بشار الاسد يوم 26 الجاري، في مقابلة مع الـ "واشنطن بوست". "حزب الله موجود على الحدود اللبنانية لا السورية. وحركة حماس موجودة على الحدود الفلسطينية. عليهم" أي امريكا واسرائيل" النظر إلى هذين المسارين وأن يتفهّموا. فمن يرد السلام عليه العمل على ثلاثة اتفاقات في ثلاثة مسارات".. أي ان يستفيد المسار السوري المسالم دون ان يطلق طلقة واحدة وينزف نقطة دم من المساريين الفلسطيني واللبناني المدميين.
وكأن النظام الممانع لا علاقة له البتة بما يحدث في فلسطين او لبنان او العراق، هو فقط يدرب الإرهابيين ويرسلهم حتى الى مملكة البحرين البعيدة لخرابها خدمة للأطماع الإيرانية.
ومن هنا فمن حرض حماس على الانقلاب على الشرعيات يتحمل المسؤولية الأولى في هذه المأساة التي تتحمل مسؤوليتها اسرائيل ايضا في عدم تلقفها لمبادرة السلام العربية لحل النزاع، وفي سياستها القمعية لحرية الشعب الفلسطيني، والاستيطانية المتوحشة لأرضه، او ما تبقى له من فلسطين التاريخية.
حتى ان المحور الإيراني وتابعه السوري وتوابعه حماس والجهاد في فلسطين وحزب الله وامل والتيار العوني والحزب القومي السوري ... الخ في لبنان، برفضهم واستهتارهم بالقرارات الدولية واهمها القرارين 1559 و 1701 في لبنان، إنما يقدمون لإسرائيل اليوم الذريعة والمبرر الكافي لعدم الانصياع لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر اليوم الاحد والداعي إلى الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية في قطاع غزة.
نعم نقولها في لبنان وباعلى صوت: لبنان أولا!
نعم يحب أن نقولها وبأعلى صوت: غزة أولا فلسطين أولا!
لا لمشاريع المحور الإيراني السوري الخبيثة وسمسراته وصفقاته المكشوفة على حساب دماء أطفال غزة وخان يونس وقانا ومروحين والخليل ونابلس والضاحية.
وخالد مشعل الحمساوي المستريح في دمشق يهدد بانتفاضة ثالثة.
وهل انتهت الانتفاضة الثانية التي فرضتها حماس على الرئيس الراحل ياسر عرفات، قبل أن تشعل الثالثة يا سيد مشعل؟
وماذا حققت الثانية للشعب الفلسطيني قبل ان تشعل الثالثة؟
نعزي شعب غزة بشهدائه الأبرار ومبروك سلفا لحماس على نصرها الالهي على شاكلة نصر حزب الله الالهي، ولكي يفرح في قِمِّهِ مرشد الامة خامنئي.
حرضوا حماس على رفض اوسلو وحرضوها على عرقلة خطوات السلام وحرضوها على الانقلاب على الشرعية الفلسطينية وعلى الفتك دون رحمة بحركة فتح ام الثورة الفلسطينية وابوها.
ولهذا فما يحدث اليوم في غزة النازفة ويدعو للأسف العميق هو نتيجة حتمية لسياسة حماس الانتحارية واستفزازاتها لعدو معروف بشراسته وقدرته الهائلة على الرد والتدمير.
اليس ما تفعله حماس هو اكبر خدمة لقيادة اسرائيل المتهالكة وتقديم انتصارات مجانيه لها؟ تماما كما يفعل حزب الله الان في لبنان في عرقلة مسيرة البلاد السلمية!
الغريب بالامر ان الدول المحرضة لحماس ولحزب الله والتي تملك مئات الالاف من الجنود والاف الدبابات والطائرات والصواريخ لا ترد على ضربات اسرائيل المتكررة لها، بل وتتحاشى الصدام معها، وتترك لمنظمات فلتانة امر استفزازها لكي يتم تدمير فلسطين ولبنان وقتل الآلاف من ابناء الشعبين.
نعزي الشعب الفلسطيني الشقيق لسقوط الضحايا البريئة في غزة النازفة. وكأنه لا يكفي هذا الشعب الجبار مواجهة الجوع والحصار، بل وعليه ايضا خدمة لنجادي وبشار أن يقاتل اعزلا ويرفع بيديه العاريتين الأنقاض ويطفئ بهما السنة لهيب النار المشتعلة بسبب القصف والغارات!
وحماس قدمت وما زالت تقدم لإسرائيل بدل العذر مئات الاعذار.
انها الاصابع الخفية لأتباع ولاية الفقيه الصفوية وما ادراك ما التقية! وكما اشعلتها ايران الفارسية في العراق واليمن واستدرجت اسرائيل لتدمير لبنان هي اليوم تلعب لعبتها في غزة المنكوبة.
وحماس تقدم لإسرائيل الأعذار ولا يهمها ما يحل بالشعب الفلسطيني من خراب ودمار. حتى ان بعض الصواريخ التي اطلقتها منذ يومين ما تسمى مقاومة على اسرائيل سقطت على بيت فلسطيني في غزة وقتلت فتاتين صغيرتين بعمر الورود.
وها هي حماس تجر اليوم الفلسطينيين العزل الى كارثة مدمرة تحت يافطة مقاومة تماما كما جر حزب الله لبنان تحت نفس اليافطة الى كارثة تموز.
فالفلسطينيون واللبنانيون يدفعون بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية. ومليشيات ولاية الفقيه لا يهمها شلال الدم الفلسطيني اللبناني النازف بقدر ما يهمها فرض السياسة والنفوذ الإيراني على الدول العربية. وما شعار ازالة اسرائيل ودعم المقاومة إلا اسلوب مكشوف من اساليب التقية في السيطرة على المنطقة العربية وسفك اكبر عدد ممكن من الدماء البريئة.

ليست هناك تعليقات: