السبت، ديسمبر 13، 2008

ولو يا استاذ كريم بقرادوني

سعيد علم الدين
حتى أنت السياسي المخضرم والكاتب النبيه والوزير الفهمان، ابن مدرسة الشيخ المؤسس بيار الجميل كمان، ورئيس سابق لحزب "الكتائب" في غابر الأزمان، تنزل إلى مستوى الدنيا كبعض الغلمان في التعرض للملكة العربية السعودية، التي تعطف على جميع اللبنانيين المنهكين من المؤامرات والطعنات والحروب، دون تفرقة بين منطقة وفئة ومذهب ودين، وتقدم بسخاء منذ عشرات السنين المكرمة تلو الأخرى للشقيق الصغير لبنان، بعد أن انتشلته في اتفاق "الطائف" من عبث المتحاربين!
آخرها كان تبرعها الشهر الماضي بمبلغ مليون دولار لبرنامج الامم المتحدة لنزع الالغام والقنابل العنقودية في جنوب لبنان، وهو الثاني بعد مبلغ 500 ألف دولار تبرعت بها المملكة سابقًا، وجرى صرفها لهذا الغرض أيضًا في مساعدة الجنوبيين للتخلص من شرور كارثة تموز.
أين هو الخطأ الذي ارتكبته المملكة بتبرعها هذا يا أستاذ كريم؟
أم هل المطلوب من جماعة "شكرا سوريا" أن تبقى الألغام والقنابل العنقودية مزروعة في أرض الجنوب لتنفجر باللبنانيين؟
أما أن ثرثرة المتسورنين صارت من صفات الشعب العوني العظيم؟
عيب والف عيب يا استاذ كريم بقرادوني ان تصبح بوقا للنظام السوري نازلاً الى هذا المستوى كبعض صغار الثرثارين العراة حتى من ورقة التوت والتين.
مع احترامي لكل الألقاب التي تحملها" كرئيس سابق لحزب الكتائب مثلا"، الا ان ما صدر عنك من كلام لقناة المنار الجمعة 08.12.12، وبالذكرى الأليمة الثالثة لاغتيال الشهيد جبران تويني، حَوَّلَ كل الألقاب التي تحملها في نظري ونظر معظم اللبنانيين الى كلمات فارغة من المحتوى والمضمون.
فأنت كنت عالةً كبيرةً، وحملاً ثقيلاً على حزب "الكتائب اللبنانية" يا استاذ كريم!
ولولا انتفاضة الاستقلال التي قلبت الطاولة على رأس المتآمرين على شرذمة الحزب، وولولا جهود الشهيد الشيخ بيار الجبارة في توحيده الحزب، ولولا مميزات الرئيس أمين الجميل القيادية في استعادة زمام أموره، لكان حزب "الكتائب اللبنانية" اليوم تحت قيادتك فرعا تابعا لريف دمشق تماما كالحزب القومي او التيار العوني السوري، أو حتى جماعة وئام وهاب.
ما هو الثمن الذي قبضته من النظام السوري ؟
هل هو كرسي الوزارة التي قعدت عليها في زمن الوصاية الكريه!
الظاهر ان الاخوان من جماعة بشار وايران وضعوا على عينيك غشاوة واصابوك بمرض النسيان. فلم تعد تتذكر حتى شكر السعودية للمساعد القيمة التي قدمتها في دفع الرسوم والمصاريف المدرسية لتلاميذ كل لبنان.
وبعض رجال السياسة الصغار في لبنان على شاكلة ميشال عون وميشال سماحة وناصر قنديل واسامة سعد واسعد حردان ... الخ، صار همهم الوحيد التجني على الأشقاء المخلصين، وتزوير الوقائع، وكالببغاوات في الأقفاص ترديد كل ما يتلقنوه من رستم غزالي، إرضاءً للنظام السوري حتى ولو كان قولا معيبا وتلفيقا وأكاذيب، كما حصل في قناة "المنار" كما اشرنا، كقولك: أنّ "سوريا لديها نفوذها السياسي وليست بحاجة الى دفع اموال في لبنان، اما السعودية فليس لديها نفوذًا سياسيًا وتسعى لسد هذه الثغرة بدفع الاموال، وهذا خطأ كبير ترتكبه".
هذا الكلام من بقرادوني مؤسف لبنانيا اولا، ومعيب بحق قائله ثانيا، ومشوه للحقيقة المجردة ثالثا، ورابعاً فيه إجحاف كبير بحق من ساعد ويساعد دولة لبنان دون مقابل لتنهض من كبوتها خاصة بعد كارثة تموز، وساعد ويساعد شعبه في كل المجالات ومنها دفع رسوم مدارس أطفاله.
أين هو الخطأ الذي ارتكبته المملكة العربية السعودية بتبرعها لجميع طلاب وتلاميذ لبنان للمرة الثالثة على التوالي أي بما مجموعه 120 مليون دولار، يا أستاذ كريم؟
أم هل المطلوب من جماعة "شكرا سوريا" أن يترعرع اطفال لبنان في الجهل والفقر والأمية، ليستطيعوا بسهولة قيادة الجهلة وشراء العوام الى حروبهم العبثية؟
نعم معك حق يا استاذ كريم فسوريا لها نفوذ سياسي ومخابراتي وإرهابي طويل الذراع:
- أولا من خلال عملاء صغار وببغاوات وابواق لبنانية أمثال بقرادوني وجماعة شكرا بشار وهم كثر،
- ثانيا عبر المعسكرات والمخيمات السورية الفلسطينية الإرهابية الخارجة عن سلطة الدولة الشرعية، والتي تعتبر ملاذا آمنا لعملاء المخابرات السورية وارهابييها،
- وثالثا من خلال تصدير المتطرفين والمجرمين واللصوص كعصابة "فتح الإسلام" المخابراتية وغيرها.
بالتأكيد كلام بقرادوني الغير صحيح بحق الشقيقة السعودية هو استفزاز لكل فئات الشعب اللبناني، الذي سيزيده ذلك حبا للسعودية واحتراما لقيادتها الحكيمة، وسيرتد بالتالي استخفافا على قائله وتعاطفا مع أحرار الوطن الشرفاء من ثوار الأرز.
ولو كان كلام المحامي كريم بقرادوني صحيحا وليس للاستهلاك الانتخابي لتفضل وعمل مؤتمر صحفي واحضر ملفاته ووثائقه ومعلوماته الموثقة ومستنداته حول موضوع المال السعودي وكيف واين ولمن يدفع لكي نصدق ما يقول!
وكان ايضا قدس الله سر اكياس ماله الإيراني الطاهر النائب المناضل اسامة سعد قد انتقد المال السياسي قائلا: "أن هناك شوائب كثيرة في العملية الانتخابية في لبنان وأخطر هذه الشوائب وأكثرها تأثيرا على العملية الديموقراطية هو المال السياسي"
ان ما يقبضه اسامة سعد لبيع لبنان ليس له علاقة بالمال السياسي، انما هو مال حلال ممانع على الطريقة البشارية ومقاوم على الطريقة الخامانائية.
عجبا ان اللذين يثرثرون عن الأموال هذه الأيام قبيل الانتخابات هم الذين يقبضونها دون حساب من المحور الإيراني السوري ليشترون بها ضمائر الناس.
الا ان كل ذلك لن ينفعهم: فلا لبنان للبيع ولا الشعب اللبناني سيفضل حفنة من الدولارات الطاهرة المسمومة على مصير وطنه ومستقبل اطفاله.

ليست هناك تعليقات: