الجمعة، ديسمبر 26، 2008

هل فشل مشروع المحور الإيراني وتابعه السوري؟-1

سعيد علم الدين

اولا، نهنئ من القلب أهلنا المسيحيين في لبنان والعالم العربي، وعموم اللبنانيين والعرب، وكل الشعوب المحبة للسلام والتآخي في العالم بميلاد السيد المسيح وقدوم السنة الجديدة ونقول:
ميلاد مجيد وسنة مباركة وكل عام وانتم في العراق وفلسطين ولبنان وباقي الدول العربية بألف خير.
ثانيا، ليسمح لنا القراء الأعزاء، رحمةً بهم وتفاديا لتكرار اسم "المحور الإيراني - السوري" بالرمز اليه بكلمة "ميس".
ثالثا، سنعالج في مقالنا الأسئلة التالية: هل وصل ميس بمخططاته الشريرة للهيمنة على المنطقة العربية من خلال نشر الفوضى وتعميمها، وزرع الفتنة وإشعالها، وتأليب الجماهير على أنظمتها السياسة لإسقاطها والحلول مكانها، وتعطيل مسيرة السلام المتعثر اصلا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقطع الطريق على الحركة الديمقراطية العربية البطيئة اصلا في سيرها كالسلحفاة، الى الطريق المسدود؟
أو بالأحرى هل يلفظ حاليا مشروع ميس أنفاسه الأخيرة؟
نعم، وأكررها بالثلاث نعم! ليسمع المشايخ حسن ونعيم وخالد مشعل المقيم في بلاد الأمويين التي استولى عليها ورثة كسرى الحاقدين! وإليكم البراهين:
بعد انهيار نظام طالبان المتخلف في أفغانستان وهروب قادة تنظيم "القاعدة" الإرهابي الى باكستان وإيران تحول هذا التنظيم بعد ان التقت استراتيجيته مع الاستراتيجية الإيرانية إلى أداة سهلة بيد ميس لتضرب به استقرار الأنظمة العربية وتحرجها أمام شعوبها إسلاميا:
تحت يافطة مقاومة الغزاة الامريكيين في العراق لاحتلالهم لبلاد المسلمين، وتحت يافطة تحرير القدس وفلسطين وإزالة اسرائيل عن الخارطة التي ما فتئ أحمدي نجاد يرددها شعاراتيا لشحن عواطف وتطلعات الإنسان العربي والمسلم في مخططه.
استراتيجية ميس هذه وحدت التطرف السني مع التطرف الشيعي مع واجهة مسيحية مشتراة بالمال الطاهر.
ولا عجب بعد ذلك ان تلتقي تحت ظلال استراتيجية ميس مصالح نصر الله الشيعي الى جانب فتحي يكن السني الى جانب اميل لحود ووريثه الحالي ميشال عون الماروني.
ولا عجب ان يستقبل اميل لحود في القصر الجمهوري السلفي الطرابلسي المقرب من المخابرات السورية هاشم منقارة.
ولا عجب ايضا ان تصلي الجماهير السنية الشيعية وراء السني فتحي يكن في ساحة الحرية البيروتية تضليلا للمسلمين عامةً. والذي كان قد احضر بسيارته بعض افراد فتح الاسلام من سجون المخابرات السورية الى نهر البارد.
ومن هنا فعصابة "فتح الاسلام" مثلا، ومِثْلها في المنطقة امثال:
هي فرنكشتاين بشع بلا مشاعر وأحاسيس تمت فبركته في اقبية وسجون مخابرات ميس.
فتنظيم "القاعدة" انطلق في الأساس من السعودية للقتال مع المجاهدين في افغانستان ضد الغزو السوفيتي. وكانت له قاعدة جماهيرية صلبة من خلال انتشاره العلني الفكري الواسع بين الشباب الاسلامي المتحمس. وكانت له قدرة مادية هائلة على جمع التبرعات بحرية وتنظيم خلاياه الجهادية بسهولة في المجتمع السعودي المنسجم أصلا مع شعارات القاعدة عقائديا. أي ان التنظيم استغل هذه الأرضية لضرب السعودية!
ومن هنا فلا عجب:
-أن يكون معظم الإرهابيين الذين ضربوا البرجين في نيويورك 11 سبتمبر 2001 من التابعية السعودية.
- وأن يكون الكثير من الإرهابيين الذي فخختهم ميس لضرب دولة العراق الجديدة تحت يافطة مقاومة الأمريكان من التابعية السعودية.
- وأن نرى عددا لا بأس به من جماعات فتح الاسلام من التابعية السعودية. كل ما في الأمر هو تضليل الشباب السعودي الساذج والمتحمس والمأخوذ بضجيج إعلامي هائل جدا من قنوات كالجزيرة والمنار والسورية وغيرها وعبر نافذة الانترنيت وزجه في مخططات ميس ضد ارادة السعودية نفسها وفي محاولة خبيثة للتشويش على سياستها، ومحاولة إعطاء الرأي العام العالمي الانطباع الخاطئ، وكانها هي من يلعب هذه اللعبة الدموية ويرسل هؤلاء الارهابيين، وارباكها وضرب استقرارها ومحاولة اسقاط العرش السعودي. وهذا ما حصل حيث شنت" القاعدة" حربا ارهابية شعواء وهمجية ضد المملكة حققت من خلالها ضربات امنية موجعة اسقطت المئات من الضحايا الأبرياء عدا العشرات من شهداء قوى الأمن السعودية. النتيجة اليوم ان السعودية خرجت من هذه المعمعة في مواجه أذناب ميس منتصرة، واستطاع النظام السعودي بحكمة الملك عبد الله الثبات واحتواء آفة الارهاب الى درجة كبيرة. والتحرك دبلوماسيا وعربيا بقوة لدعم الدول المهددة في وجودها من مخططات ميس كلبنان مثلا.
قلق ميس على انهيار مشروعه دفعه الى الإيعاز لأبواقه اللبنانية، للردح الصبياني والقدح الفارغ ضد المملكة العربية السعودية، المناصرة الدائمة والمساندة الداعمة الأولى في العالم للبنان شعبا ووطنا.
لا بد هنا من لفتة تاريخية الى تطور ميس. حيث استيقظت ايران مذهولة على سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ووجدتها فرصتها الذهبية القادمة من السماء وليس من امريكا والتي لا يمكن ان تفوت للهيمنة بشعاراتها على العالم العربي. وكان حافظ الاسد قد اسس لعلاقة استراتيجية قوية بين نظامه الخانع ونظام التقية المنافق، ولهذا لم تتعب ايران كثيرا في اقناع بشار بالانخراط معها في مشروع ميس.
فمثلا كان كلما زار مسؤول ايراني دمشق من احمدي نجاد الى وزير خارجيته الى غيرهم يجتمع ليس فقط مع بشار الاسد والمعلم، وانما ايضا مع "حزب الله" وامل والقومي السوري والفصائل الفلسطينية الأخرى المتخذة من دمشق مقرا لها ك "حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"الجبهة الشعبية القيادة العامة وغيرهم. وهكذا بدأت ميس تستقطب وتدعم بالسلاح والمال كل من يلتقي معها تحت شعار مقاومة الاحتلال الأمريكي حتى ولو كان نائب صدام حسين عزت الدوري نفسه. وفي هذا السياق كان لا بد من التمديد للحود الخانع أصلا لبشار ولحزب الله، ولكي لا يأتي رئيس للجمهورية لا يفهم من الإشارة على بشار الأسد. فقرار التمديد للحود هو قرار ميس والدليل تشبث حزب الله بلحود حتى اللحظة الأخيرة. بل ومناشدة نصرالله له قبيل انتهاء تمديده بان يقوم بأي عمل كتشكيل حكومة عسكرية، تكون مدعومة من اذناب ميس بالطبع، والانقلاب بالقوة على قوى 14 آذار.
إلا ان لحود كان قد وعد البطريرك صفير، الذي كان قد زاره لهذا الغرض قبيل انتهاء ولايته في بعبدا رغم الجفاء الحاصل بين الاثنين، بترك قصر الرئاسة في اللحظة الأخيرة. هذه هي الحسنة الوحيدة التي ختم لحود عهده البائس بها.
في هذا السياق يأتي في لبنان اغتيال الشهيد رفيق الحريري وموجة الاغتيالات والتفجيرات الأخرى للهيمنة عليه وليبقى طرفا في محور ميس، يستطيع من خلاله تمرير حروبه ومشاريعه كحرب تموز مثلا. فخطف شاليط في غزة لم يكن سوى حلقة في مخطط ميس أتبعها بعملية حزب الله التي فجرت كارثة تموز.
ولكن أين هو ميس اليوم؟
وماذا حقق سوى الانقلاب على السلطة الشرعية الفلسطينية من خلال حماس وتقسيم الفلسطينيين وجر اسرائيل لحصار غزة. والانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة في لبنان من خلال حزب الله وتقسيم اللبنانيين من خلال محاولاته المستمرة بالهيمنة على قوى الأكثرية وحتى ابادتها جسديا وسياسيا كما رأينا في مسلسل الاغتيالات والانفجارات واحتلال بيروت في 7 أيار.
ولهذا فما قلناه عن الصمود والانتصار السعودي نستطيع قوله ايضا عن مصر والاردن والكويت والبحرين ولكن يبقى المحور المصري السعودي هو السد المنيع في وجه هذه الهجمة الإيرانية على المنطقة العربية.
والا لما قال الرئيس حسني مبارك في فرنسا بجانب ساركوزي " نحن مع لبنان حتى اللحظة الأخيرة" هذا الكلام له دلالاته الكبيرة، لأنه يصدر عن اكبر واقوى دولة عربية. هو يخاطب ايران بلغة دبلوماسية راقية تهديدية خافتة لتقف عند حدودها ولا تكرر حماقاتها من خلال أذنابها، وزير خارجته الأستاذ احمد ابو الغيط وضع النقاط على الحروف
الأحد 14 ديسمبر في اتهامه إيران بالتلاعب ببعض الفلسطينيين، قائلا إن الأخيرة لا تسعى لخير الشعب الفلسطيني وإنما لتحقيق مآرب خاصة. وان "هناك للأسف البعض من الفلسطينيين الذين هم لعبة في أيدي إيران".
وعلق أبو الغيط على أحاديث بعض المسؤولين الإيرانيين بالقول، إن "حقيقة الأمر أنهم لا يقدمون أي شيء للقضية الفلسطينية سوى المزاعم والأحاديث والادعاءات ، وكل ما هو كلام فارغ في فارغ".
وأضاف أن الايرانيين "يحاولون الانتشار وفرض الايديولوجية الخاصة بهم على هذا الإقليم".
وشدّد أبو الغيط على أن السياسة الخارجية المصرية "لن يتمّ تطويعها لكي تلعب لصالح إيران". وهذا هو هدف ميس. فمن لا يطيعه ويخنع له ويرتمي في احضانه كميشال عون يصبح خائنا وعميلا وامريكيا ومتصهينا ومنتجا اسرائيليا. ولكن نرى اليوم من يدعو الى التفاوض المباشر مع اسرائيل هم من يتهمون الشرفاء والأحرار بالعمالة. مشروع كهذا مبني على الباطل والأكاذيب مصيره مزبلة التاريخ.
وهنا جن جنون ايران بطريقة هستيرية على مصر والسعودية وقامت مظاهرات غوغائية أمام مكتب المصالح المصرية في طهران وألقوا قنابل حارقة عليه وحملوا صورًا ولافتات لقاتل السادات. وفي نفس السياق أضرمت مجموعة إيرانية من الحرس الثوري تعرف ب"إخوان رضوان" مغنية بالطبع، النار في مكاتب الخطوط الجوية العربية السعودية في طهران. يتبع.

ليست هناك تعليقات: