الجمعة، ديسمبر 26، 2008

القادة الثوريون ......سعدات نموذجاً

راسم عبيدات

........الثلاثاء الماضي 25/12/2008 كانت الجلسة الأخيرة في مهزلة محاكمة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات،وفي هذه الجلسة كان الأمين العام القائد سعدات يجسد الصورة التي يجب أن يكون عليها القائد الثوري، الملتحم بقضايا وهموم شعبه،المؤمن إيماناً راسخاً وعميقاً بقيمه ومبادئه وانتماؤه،والمحقر والرافض والساخر وغير المعترف بشرعية محاكم الاحتلال والتي هي امتداد لعدم شرعيته،وسعدات لم يرتجف أو يتلعثم أو يتنكر لحزبه ورفاقه،بل أكد اعتزازه بكونه الأمين العام للجبهة الشعبية،وشكر اللجنة المركزية للجبهة على منحها إياه الثقة كأمين للجبهة الشعبية،وهو ما يزعجه ويقلقه أنه بسبب القيد والسجن لا يستطيع القيام بمهامه ودوره بالشكل الكامل والمطلوب،وكذلك ما كان يقلق سعدات في المحكمة ليس الحكم وسنوات الاعتقال،فهو مدرك جيداً لطبيعة الحكم الذي سيصدره بحقه بأنه حكم سياسي ليس له علاقة بالقضاء والقانون،بل الوضع الداخلي الفلسطيني وحالة الانقسام،وهنا كان اصراره على ضرورة العمل على انهاء ذلك من خلال مواصلة الحوار الوطني الفلسطيني الشامل الجاد وليس استمرار المناكفة حول شرعية أو عدم شرعية ولاية الرئيس ما بعد 9/1/2009 .

هذه المواقف لم تثر حقد الدفاع والحاقد بالأساس،بل أن القضاة وهم جزء من مسرحية المحكمة قالوا بأن هذا الحكم ليس بسبب التهم المنسوبة للأمين العام للجبهة الشعبية،بل هو في جزء كبير منه يأتي على خلفية انتقامية من سعدات شخصياً كقائد وطني من طراز خاص ومن الجبهة الشعبية، فالتهم المنسوبة للأمين العام للجبهة الشعبية،والتي لم يتمكن الأدعاء الاسرائيلي طوال أكثر من عامين ونصف من القدرة على اثباتها،لا تبرر مثل هذا الحكم الانتقامي،وهذا الحكم هو ليس وليد جهاز قضائي،بل قرار شاركت فيه المستويات السياسية والأمنية على أعلى المستويات،فسعدات الذي لم تستطع المحكمة ادعاء وقضاة ادانته بقضية اغتيال الوزير المتطرف"زئيفي" وجدنا أن قضية اغتياله حاضرة في محكمة سعدات،بل واصرار على مسؤوليته عنها،وهذا حتى يبرر ما أقدمت عليه قوات الاحتلال من مطاردة وملاحقة للقائد سعدات ورفاقه،ليجري اعتقالهم ووضعهم في سجن السلطة الفلسطينية- سجن أريحا،بإشراف بريطاني- أمريكي لمدة اقتربت من الخمس سنوات،ولتقوم قوات الاحتلال لاحقاً بإختطافه هو ورفاقه من سجن أريحا،ورغم الكثير من علامات الاستفهام حول دور وموقف السلطة الفلسطينية من تلك القضية،ففي حملة التضامن مع القائد سعدات في جلسة المحكمة الأخيرة،كان هناك غياب شبه كلي من السلطة وأركانها،فعدا أن سعدات أحد قادة النضال الوطني الفلسطيني وجبهته احدى المكونات الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية،فالطريقة التي جرى فيها اعتقال واختطاف سعدات تستدعي أن يكون هرم السلطة في أعلى قمته حاضراً أمام سجن"عوفر" للتضامن مع سعدات،والسلطة مطالبة أمام الجبهة الشعبية والشعب الفلسطيني،أن تكشف كل الظروف والملابسات التي أحاطت باعتقال سعدات من فترة سجنه في المقاطعة ومن ثم اختطافه من سجن أريحا،وهي ملزمة بالتحرك على المستوى الدولي من أجل تحرير سعدات من المعتقل كونها كانت طرفاً في عملية اعتقاله،ناهيك عن رفضها المتكرر لتنفيذ قرارات محكمة العدل الفلسطينية العليا والتي قضت باطلاق سراحه.

وسعدات في محاكمته ومرافعته مثل الرمزية التي يجب أن يكون عليها القائد الثوري،هذه الثورية والرمزية تجعل قطاعات واسعة من شعبنا مطمئنة،أنه بوجود مثل هذا القائد في صفوف شعبنا،فإنه لا خوف على حقوقنا ولا على ثوابتنا،ولا خوف على الجبهة الشعبية والتي مثلت القرار الفلسطيني المستقل وضمير وثوابت هذا الشعب وصمام أمانه،والجبهة ستبقى صلبة وثابتة في مواقفها ومبادئها،وان بدا موقف نافر هنا أو هناك.

وما هو صحيح وثابت هو حجم الثقة والتأييد الذي يحظى بها الرفيق القائد سعدات،ليس بين جموع رفاقه،بل بين اوساط شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته وقطاعاته،حيث خرجت داخل الوطن وخارجه مسيرات جماهيرية غاضبة تندد بالحكم القاسي واللاشرعي بحق القائد سعدات،فهي ترى في هذا القائد البوصلة والأمين على الحقوق والثوابت والنموذج،بعد أن فجعت وثلمت في الكثير من القادة،والذين لم يغادروا مواقع النضال فقط،بل وفي أكثر من واقعة وموقف لم يكونوا بالصورة التي يجب أن يكون عليها القائد،لا في الموقف السياسي ولا في التنظيم ولا في المعتقل،وهناك من غلب مصالحه الشخصية والفئوية على حساب المواقف الوطنية،تحت حجج وذرائع الواقعية وصعوبة المرحلة،وهناك من بهره بريق السلطة والمال والأعلام....الخ.

وسعدات بقي كما الأمام علي يقول لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه،وهذا زمن المغارم لا المغانم،هذا زمن صعب ويحتاج الى الرجال الأشداء القابضين فيه على مبادئهم كالقابض على الجمر،حتى أن البعض واللذين لمع نجمهم في الدفاع عن السلطة ومرحلة أوسلو،وفي محاولة للتقليل من دور النضال والكفاح في المعركة المتواصلة مع الاحتلال،كان يلقب الرفيق القائد "بالملا" سعدات،كناية عن أن الرفيق القائد يسبح عكس التيار،وأن زمن النضال والكفاح والبندقية قد ولى،وهذا زمن المفاوضات وهو وحده الكفيل بإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني،ولنكتشف لاحقاً أن " الملا" سعدات قرأ المرحلة بعمق ودقة متناهية،حيث أن المفاوضات المستمرة والمتواصلة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً،لم تنتج سوى المزيد من الانقسام والشرذمة والضعف الداخلي الفلسطيني،بل أصبحت غطاءً يستغلة الاحتلال من أجل تنفيذ مخططاته في التهويد والأسرلة وبغطاء فلسطيني.

واليوم والاحتلال يصدر حكمه الجائر واللاشرعي على القائد سعدات،فعلي من يتمسكون بأوهام التسوية والمفاوضات،أن يدركوا ويعوا جيداً،أن المطلوب هو محاكمة النضال الوطني والمقاومة الفلسطينية،ممثلة بالرفيق القائد وسعدات وغيره من قادة وأسرى شعبنا،وأنا لا أعرف كيف سيستقيم نهج التفاوض العبثي،وعدد من قادة شعبنا والمنتخبين شرعياً في سجون الاحتلال،بل وامعاناً في التحقير والاذلال والاستخفاف بالمفاوضات والطرف الفلسطيني المفاوض،تجري محاكمتهم والحكم عليهم بأحكام جائرة رغم كونهم منتخبين ديمقراطياً وشرعياً وممثلين للشعب الفلسطيني ومن مختلف ألوان طيفه السياسي.

إن الحكم الجائر واللاشرعي بحق الرفيق القائد سعدات،يجب أن يدفع طرفي الصراع الفلسطيني(فتح وحماس) إلى ضرورة مراجعة مواقفهما والتخلي عن مواقفهما ومصالحهما الفئوية في سبيل المصالح العليا للشعب الفلسطيني،والإستجابة الى النداء الذي أطلقه الرفيق القائد سعدات من قاعة محكمة "عوفر" بضرورة الشروع في الحوار الوطني كمدخل وحيد لإستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات: