السبت، ديسمبر 06، 2008

مؤتمر حركة "فتح" السادس .. وصراع بين الماضي والمستقبل

منذر ارشيد

(( مقدمة ))

أضع هذا الموضوع بعد حوارات جرت بين كوادر الحركة المقيمين في الأردن ومختلف الكوادر في أكثر من إقليم عربي وخارجي "
فمعظم الأخوة هنا على تواصل مع إخوانهم الفتحاويين في الوطن والشتات
توصلت إلى هذا التحليل الذي يعبر عن الهواجس المشتركة للإخوة في الكادر الفتحاوي العريض سواء ً منهم بعض أعضاء في اللجنة المركزية وعدد ليس قليل من أعضاء المجلس ثوري أو كوادر هامة وخاصة من الذين عايشوا حركة فتح منذ بداياتها


(( أزمة فتح ))

تعيش حركة "فتح" أصعب الظروف منذ انشائها ، ويعود ذلك لعدة أسباب من أهمها :
- ضعف الرؤيا السياسية وقراءة الواقع من خلال التوقيع على اتفاقية اوسلو وملاحقها ، بعد الرحيل عن بيروت ، والاستسلام للشروط الامريكية بعد حرب الخليج الاولى ومؤتمر مدريد .

- عودة ياسر عرفات والعديد من كوادر الحركة النضالية الفلسطينية الى قطاع غزة والضفة الغربية ، واندماجهم مع متطلبات الاحتلال سواء الأمنية او الاقتصادية دون امتلاك قدرة المقاومة او حتى المساومة وتقديم التنازل تلو الآخر .

- التسابق على تولي المناصب الإدارية في السلطة الفلسطينية دون توفر الشروط لهذه المناصب مما أدى الى تصاعد وتيرة الفساد وبالتالي العجز عن انجاز المهمات بالشكل الطبيعي ، واستلام المواقع والرتب دون ان يكونوا اهلا لها.

- التناقض السياسي بين مدرستين ، تقول الاولى بضرورة وقف كافة أشكال المقاومة والتفرغ الى المباحثات والحوار والعودة الى الأمم المتحدة ، وهذا الطريق الوحيد الذي يعيد الحقوق ، وتقول المدرسة الثانية بضرورة إبقاء حق المقاومة العسكرية في حال فشلت المباحثات السلمية ، وحشد كل فريق مناصريه مما عكس هذا الخلاف على وحدة الحركة وقدرتها على قيادة الشعب الفلسطيني .

- حصار ياسر عرفات ومن ثم تصفيته وهو المعروف بقدرته على إيجاد التوازن داخل التنظيمات المختلفة دون الانجراف الى الاقتتال الداخلي .

- تولي محمود عباس القيادة بعد ياسر عرفات والإصرار على إجراء الانتخابات التشريعية التي أفرزت انتصارا لحركة حماس بشكل مدوي وأظهر ضعف حركة فتح والتناقض القائم بين القيادات في الحركة من جهة وبين الجمهور الذي صوت لحماس انتقاما لتصاعد وتيرة الفساد في صفوف حركة فتح

- التحريض الاسرائيلي على حركة حماس ودفع بعض المستفيدين لتعميق الخلاف بين حركة فتح وحماس ومحاولة اجراء انقلاب على الواقع الجديد.

- انقلاب حركة حماس واستباقها للانقلاب الآخر بأيام معدودة وفرض سيطرتها في ساعات على القطاع ، الأمر الذي كشف الضعف والوهن الذي تعيشه الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ، وفرض واقع سياسي جديد دمر ونهائيا وحدة النضال الفلسطيني وصعوبة العودة الى ما كان عليه الوضع قبل الانقلاب الحمساوي .

- الخلاف الفتحاوي الداخلي بين اقطاب القيادة التاريخية من جهة وبين القيادات الشابة ، وبين فتح الداخل وفتح الخارج ، وهذا ما يتنادى به الكادر الفتحاوي ,

- انعدام الولاء للحركة وفكرها السياسي نظرا لفقدانه ، والخضوع والولاء لمن يتحكم بالمال والوظيفة والتغاضي عن باقي المبادئ التي قامت عليها الحركة.

- انهيار منظمة التحرير الفلسطينية وأجهزتها والبقاء على الجانب الشكلي فيها وخاصة بعد وفاة العديد من اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، واعضاء المجلس الوطني ، الامر الذي لا يعطي الشرعية لأية قرارات تصدر عن بقايا اللجنة التنفيذية ، بالاضافة الى عدم اعتراف حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي والتنظيمات والفرق التابعة لها بمنظمة التحرير الفلسطينية بوضعها الحالي والدعوة الى تغيير هذا الواقع والمشاركة في المنظمة وأجهزتها بالحصص التي افرزتها الانتخابات التشريعية السابقة .

اللجنة التحضيرية للمؤتمر والصعوبات :

عقدت اللجنة التحضيرية للمؤتمر اجتماعاتها التي امتدت منذ يوم السبت وحتى الاربعاء 19/11 برئاسة محمد غنيم (ابو ماهر) الذي طلب تحضير جميع اسماء وأعضاء المؤتمر المقترحين لدراستها واعتمادها ، كذلك في نفس الوقت توافقت اللجنة التحضيرية على ارجاء عقد المؤتمر الى منتصف شهر شباط عام 2009 رغم الحاح محمود عباس عل عقده قبل نهاية العام الحالي ، والذي ابلغ اللجنة التحضيرية بأنه يعتزم التخلي عن جميع مواقعه في الحركة وفي منظمة التحرير الفلسطينية ، ولم يكتف بإبلاغ اللجنة شفهيا بل عبر بيان مطبوع تم توزيعه على اعضاء اللجنة ، وهو نفس البيان الذي وزعه على اعضاء اللجنة المركزية في رام الله .

لكن اعضاء اللجنة لم يعتبروا هذا الموقف جديا، بل مناورة على طريقة ياسر عرفات في المؤتمرات الحركية السابقة ، أو المجلس الوطني لتمرير بعض القرارات ، لكن بعض الاعضاء في اللجنة حاولا التجاوب مع ذلك بكتابة مناشدة خطية لمحمود عباس للتراجع عن قراره ، لكنهم جوبهوا باعتراض من فريق آخر الذي اوقف هذه المناشدة ، وبدا واضحا ان معظم اعضاء اللجنة التحضيرية ترفض الاسراع في عقد المؤتمر نظرا لعدم جهوزية الظروف اللازمة لانجاح المؤتمر وخاصة انقسام ساحات الداخل سواء في منطقة نابلس او بيت لحم والخليل بين مؤيد لعباس ومعارض له .

كما ان بعض المناطق مثل رام الله لم تجر فيها انتخابات اعضاء المؤتمر ، وبالطبع المعضلة الكبرى في غزة ، سواء في انتخابات اعضاء المؤتمر او في معرفة اذا كانت حماس ستسمح لاعضاء المؤتمر بالخروج من قطاع غزة ، وهذا ما يحاول بعض اطراف فتح التأكد منه عبر البوابة المصرية ، حتى قبل معرفة نتائج الحوار الذي اعادت مصر محاولة احياءه

واذا كان قد تجدد موعد انعقاد المؤتمر بشكل تقريبي ، فإن مكان انعقاده ما زال تحت الدرس ، ولو ان اللجنة التحضيرية ترغب في عقده في منطقة البحر الميت، في حين انه طرح سابقا احتمال ان يعقد المؤتمر في الضفة الغربية ، لكن صعوبة نجاح هذا الاقتراح وضعت منطقة البحر الميت او العريش في مصر وهي الاقرب لغزة او حتى في الجزائر بين المناطق المتداول البحث في قابليتها .

ولا شك ان انعقاد هذا المؤتمر وتأجيل موعده أصبح ضرورة ، لكي تتضح صورة الانتخابات الاسرائيلية ، وتوجهات الادارة الامريكية الجديدة بالنسبة للشرق الاوسط ، وبعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية واستكمال الخطوات التي اعلن عنها في انابوليس(1) ! وهل سيكون هناك انابوليس(2) .؟ وكذلك هل ستنجح مصر في إعادة الاطراف الفلسطينية لطاولة الحوار ام لا !؟ بالرغم من وضوح موقف حماس من هذا الموضوع التي تتعامل مع قضية الحوار وكأنها مأزق لمواقفها السياسية ومكاسبها على الارض .

مشكلات فتح الداخلية ومواقفها السياسية :


ان أسباب ضعف حركة فتح ناجم عن عدم اجتماع اللجنة المركزية للحركة بكامل أعضاءها منذ فترة طويلة ، رغم وفاة عدد كبير من اعضاءها منذ المؤتمر الخامس للحركة ، وحتى بعد وفاة ياسر عرفات ، وتتم الاجتماعات في الداخل بمن حضر ، وكذلك في الخارج ، وهنا يظهر بوضوح عدم قدرة القيادة على اتخاذ القرارات الصحيحة والسليمة سواء السياسة او التنظيمية ، اما القرارات الاخرى فهي فردية وأنانية ، وفي محاولة للملمة الوضع الداخلي وخاصة بين اعضاء اللجنة المركزية بعد وفاة عرفات تم تقسيم الارث العرفاتي للسلطة ، فقد تم منح فاروق القدومي زعامة الحركة وتنصيبه امينا لسر حركة فتح ، وبالمقابل تعيين محمود عباس رئيسا للجنة التنفيذية ورئيسا للسلطة في الداخل ، ونظرا للتناقض السياسي الظاهر من طرفي القيادة ضعفت حركة فتح تنظيميا وجماهيريا واصبح التردي ظاهرة عادية للحركة ولاسباب اخرى هي :
- تنازلات حركة فتح عن الثوابت في اوسلو ، واثناء عملية التسوية .
- الفساد الذي مارسته عناصر فتح ، خلال فترة حكمها للسلطة
- انحيازها للخارج واملاءاته .
- التآمر على عرفات وإضعافه وحتى من داخل حركة فتح .
- تفريغ الحركة من الناشطين الوطنيين وتركها للمتكسبين
- اعداد بقايا فتح لتحقيق الصدام مع المقاومة او من يحمل السلاح
- التركيز على تدريب قوات الرئاسة وتوسيع رقعة انتشارها وتزويدها بأسلحة القمع .

القضايا الرئيسية المطروحة على المؤتمر !


باستثناء التقارير المعدة من قبل اللجنة التحضيرية سواء التقرير السياسي او التنظيمي او المالي ، فإن هنا عددا من الكوادر يريدون طرح بعض القضايا التي تراها أساسية وهي :
- أسباب وظروف استشهاد الرئيس ياسر عرفات وخلفيات الموضوع وعناصره .
- فتح ملف أملاك وأموال حركة "فتح" وعقاراتها .

- المصير السياسي والقانوني والميداني لقوات العاصفة التابعة للحركة (عملية الاحالة على التقاعد بشكل جماعي)

- تحديد وضع قوات العاصفة التنظيمي ، والدعوة لتشكيل مجلس عسكري بديلا لقوات العاصفة يتولى ادارة الامن الوطني والمخابرات والشرطة الفلسطينية وهي المؤسسات التي ورثت عمليا كادر العاصفة ، وعلى اساس عدم جواز احتفاظ الرئيس عباس بصلاحيات القائد العام لقوات العاصفة مع مؤسسة الرئاسة .

- وضع الحركة وعلاقاتها الخارجية العربية والآسيوية والأوروبية حيث يبدو ان حركة حماس تحظى بالعناية والدعم اكثر من حركة فتح .

وهنا لا بد من الاشارة ان اللجنة المركزية تحاول ابعاد هذه النقاط عن البحث بحجة الحفاظ على جسم الحركة .

لا شك ان هناك الكثير من القضايا والامور لم تذلل بعد والناجمة عن مراكز القوى داخل حركة "فتح" وتناقضاتها الناجمة عن عدم وجود مرجعية تنظيمية واحدة للداخل والخارج

وهنا لا بد من الاشارة ولو في عجالة الى ان هذا المؤتمر سيعقد في موعده ام لا ، فلن يأت بالكثير على مستوى الساحة الفلسطينية ومستقبل القضية وخاصة في هذا الوقت الذي ينقسم فيه الوطن الفلسطيني الى قسمين يصعب اعادة اللحمة بينهما رغم كل الشعارات المرفوعة ، فلا إسرائيل ولا حتى حماس وكذلك بعض من قيادات فتح في الداخل معنيين بعودة هذه اللحمة مجددا ، طبعا لكلٍ اهدافه ومكاسبه .. من ناحية أخرى فقد سقطت هالة ما سمي بالقيادة تلازما مع هذا الضعف للفكر والسياسة والتنظيم على الساحة الداخلية .
أخيراً ..أمام كل ما تقدم نجد أن حركة فتح التي تعيش أكبر أزماتها وهي عاجزة في هذه المرحلة عن إيجاد صيغة تؤسس إلى توحيد جسم الحركة توحيدا ً حقيقي ويبدوا أن تأجيل عقد المؤتمر المتكرر..... هو الحل الأمثل لإبقاء ما يمكن من أمل في تصويب الوضع الداخلي للحركة مع مرور الوقت وتغير الظروف "
لأن عقد المؤتمر في ظل هذا الوضع أضراره أكبر من منافعه

ليست هناك تعليقات: