الجمعة، ديسمبر 12، 2008

المجلس السوري اللبناني الأعلى، إلى متى؟

الياس بجاني

نسأل ما هي مبررات استمرار الأمين العام للمجلس الأعلى السوري – اللبناني السيد نصري خوري في ممارسة مهامه "الإذلالية والتطويعية" للمسؤولين اللبنانيين كافة تحت مسمى "الأمين العام"، وهي مهمات – "فرماناتية المحتوى والأطر"، كان نظام البعث الشامي فصلها بعناية فائقة لهذا العضو البارز في "الحزب القومي السوري الاجتماعي" خلاله حقبة الإحتلال السوري النازيي للبنان؟

السيد خوري ومنذ أن انتُخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وهو يتصرف علناً وبحرية تامة، وبتغطية إعلامية لافتة، وكأنه المبعوث السامي بقدره وجلاله. الرجل مستمر بتنقلاته المكوكية بين قصر المهاجرين السوري وباقي أوكار حكام سوريا، وبين كل مواقع القرار والحكم في لبنان، بدءً من قصر بعبدا، ووزارة الدفاع في اليرزة، ومجلس النواب، ورئاسة مجلس الوزراء، وانتهاءً بوزارة الخارجية. وهو من جاء بكل الدعوات السورية الرسمية للمسؤولين اللبنانيين، وهو من كان بجانب من منهم قام بزيارة "الشقيقة الشقية".

ترى هل نسي أهل الحكم في لبنان، أو أنهم يتناسون عن سابق تصور وتصميم أننا في سنة 2008، وأن الإحتلال السوري العسكري انتهى سنة 2005؟

آخر زيارات هذا المندوب السامي البعثي والقومي السوري كانت يوم الخميس الفائت لوزارة الخارجية اللبنانية في بسترس، حيث استقبله وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ. وإثر اللقاء صرح خوري قائلاً: "بحثت مع معالي الوزير في إجراءات لفتح السفارات متعارف عليها دولياً تقتضي أن يبلّغ كل جانب الآخر عن المكان الذي اختاره مقراً للسفارة بهدف اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية لبت هذا الموضوع. وقد حصل اليوم تبادل المذكرتين للإبلاغ عن الأماكن التي اختيرت لإقامة السفارتين. ونحن في انتظار الخطوات اللاحقة إذ ليس من المتعارف عليه الإعلان عن مكان إقامة السفارتين".

غريب أمر معظم المسؤولين اللبنانيين هؤلاء، فهم بأكثريتهم الساحقة يتصرفون بتقية مخجلة، وكأن الوالي السوري لا يزال يحكم وطنهم ويُدير شؤونه وشجونه من مقره في عنجر.

ترى هل العّلة في تصرفات ومفاهيم ومعايير هؤلاء السادة محصورة فقط في أطر الطبع، أم أنها أعمق وأخطر وتكمن في مخزون "التَطبُع الترويضي والتدجيني"، خصوصاً وأن العديد منهم هو من نتاج تفقيس الحاضنة "العنجرية" خلال سنوات الحكم السوري المخابراتي للبنان؟

لا بد هنا من الإشارة إلى أن النظام السوري خلال حقبة احتلاله لوطننا فرض علينا بقوة السلاح والإرهاب والإجرام والتنكيل، وعن طريق مجلسي النواب والوزراء ورئاسة الجمهورية اللذين كان يعينهم تعيناً، فرض العشرات من الإتفاقيات الجائرة التي شملت كل مؤسسات ومرافق الدولة، وكل ما هو سأن معيشي، وأمني، وسياسي، وتعليمي، وثقافي، ومالي، وصحي، واتصالات، وحدود وعلاقات خارجية، وإلخ.

كل هذه الارتكابات والتعديات، بل الإجرام السوري المتعمد بحق حريتنا، وقرارنا، واستقلالنا، ومؤسساتنا، وأمننا، وهويتنا، وتاريخنا، وديموغرافيتنا، ولقمة عيشنا، جاءت تحت مسمى "المجلس الأعلى السوري – اللبناني"، وقد أوكلت "عنجر" مهمة أمانته العامة للسيد نصري خوري.

الآن وبعد أن انتهت حقبة الاحتلال السوري تلك، فإنه من أولى واجبات ومسؤوليات مجلسي النواب والوزراء اللبنانيين، ومعهما رئيس الجمهورية، أن يقوموا وفوراً بإلغاء "المجلس الأعلى السوري – اللبناني"، وبإنهاء دور السيد نصري خوري، وحصر شأن العلاقات بين لبنان وسوريا بمؤسسات الدولة الشرعية.

نذّكر المسؤولين اللبنانيين، وأيضا السياسيين عندنا، بأن القوانين والشرائع الدولية كافة، تقول بصريح العبارة، وبما لا يقبل الشك، إن كل ما يفرضه المحتل على البلد الذي يحتله من اتفاقيات ومعاهدات يعتبر غير قانون، وغير شرعي، وغير ملزم، ومن حق البلد المحتل أن يلغيه مع انتهاء الاحتلال.

لم يعد مقبولاً من الناحيتين القانونية والإستقلالية أن يستمر التعاطي من قبل المسؤوليين في لبنان مع السيد نصري خوري، بالصفة التي خلعها عليه المحتل السوري، وقد أصبح من الضرورة بمكان إنهاء خدماته.



ليست هناك تعليقات: