الثلاثاء، ديسمبر 09، 2008

عيد استثنائي لشعب استثنائي

محمد داود

من غزة المحاصرة ،.. غزة الموت والجوع والمنع والحظر والخوف والهلع الذي يحاصر أهلها من كل جانب، من غزة الجمود والتراجع ، والحصار .. من غزة التي إن حدثتك عنها أصابك الصداع والحزن والألم ، في زمن ساد فيها الجنون ولذة المنصب والحزبية المطلقة المحصورة.

فمثل كل عيد ومناسبة : تجولت في شوارعها وأزقتها، سألت الناس عن حالهم ؛ فشعرت بهم عن قرب .. سمعت صرخات الأمهات الثكلى .. قرأت حال الناس ومآسيهم التي لا تسر صديق أو عدو، التي لو أردت أن أحصرها في هذا المقام الرفيع فلا يسعني ذلك، وعليه أدركت تماماً أن هذا العيد استثنائي لشعب استثنائي يعيش على هذا الكون "سكان قطاع غزة "، الذين وصفوا العيد بالحزن والبؤس عليهم، لأنه عيد أفتقر معانيه وطقوسه التي حدثنا عنها الله سبحانه، وتليق بأمة أعزها وأكرمها الله تعالى بالإسلام، لماذا كان العيد استثنائي لشعب فلسطين.!؟

- عيد استثنائي لشعب استثنائي جاء في وقت يشتد عليه الآلام ولهيب الانقسام الفلسطيني حتى حصد مقدرات ومؤسسات الوطن ، فكرست الانقسام والتفسخ الاجتماعي والعنف، بل القتل والتعذيب والإهانة.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي جاء والفقر والحصار يأكل الأخضر واليابس ولم يبقي للحياة لوناً، فلم يستبشر السكان خيراً.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي جاء وجيوب الناس فارغة من المال والرواتب لدرجة أنه لم يتوفر لديهم أبسط الحقوق الحياتية والإنسانية .

- عيد استثنائي لشعب استثنائي محاصر بين إرهاب ونار الاستيطان والمستوطنين في خليل الرحمن والقدس، وبين القصف والاغتيال والاجتياح للمدن والقرى الفلسطينية بلا رادع أو مدين.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي والظلام الدامس يعم أرجاء وأحياء قطاع غزة

- عيد استثنائي لشعب استثنائي تقطعت بهم السبل بين الطهي على نار الحطب والبابور ونور الشمع.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي أنتظر موسم الحج إلى بيت الله الحرام ، فلم تتحقق أمنيته حتى في أضحية العيد.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي وضع الأمل على جهود نجاح الحوار الداخلي في القاهرة فلم يجد إلا التعنت والرفض وشدة الاحتقان.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي يعيش داخل سجن كبير محاصر يحصد الموت يومياً جرحاه ومرضاه، فيما العالقين لا يزالون رهينة الحالات الإنسانية.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي أخذ الحصار جوانباً حتى وقود محطة توليد الكهرباء و المساعدات الإنسانية التابعة لوكالة الغوث مرهونة بقذيفة تطلقها المقاومة رداً على الجرائم الإسرائيلية.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي حتى التهدئة التي أتفق عليها قوبلت بالتصعيد الإسرائيلي وسقوط الشهداء.

- عيد استثنائي لشعب استثنائي محاصر حصاراً شديداً، على كل المستويات سياسياً واقتصادياً ومالياً، ونفسياً واجتماعياً .

- عيد استثنائي لشعب استثنائي وقضيته العادلة ومشروعه الوطني المقاوم أصبح محط جدل وتشكيك وإهمال، أرهقها الانقسام الداخلي.

لذلك كله كان العيد استثنائي لشعب استثنائي ، ولكن رغم شدة الجراح والقسوة فشعبنا قمة في الصمود، وكل عام وأنتم بألف خير.

كاتب وباحث.

ليست هناك تعليقات: