الخميس، يناير 17، 2008

بوش أعطى الضوء الأخضر لمجازر غزّة!


د. عدنان بكريه

حذرنا من أن زيارة بوش تأتي لشحن الموقف العربي الرسمي باتجاه خدمة الأهداف الأمريكية الإستراتيجية وفي مقدمتها اجتياح قطاع غزة وبعدها إتمام المشروع الأمريكي الحربي في منطقة الشرق الأوسط وتهيئة المنطقة لحرب محتملة ضد إيران .
ما أن غادر بوش المنطقة حتى بدأت الآلية العسكرية الإسرائيلية بتكثيف هجماتها على أبناء شعبنا في القطاع غير آبهة لما دار من حديث عن السلام وخارطة الطريق ( خارطة الغريق ) وكأن ما كان وجرى من محادثات بين الأطراف .. ما هو إلا مورفين لتخدير الأنظمة العربية وبالتالي البدء بعملية اجتياح واسعة النطاق ضد شعبنا في غزة.
واليوم بالتحديد يشهد القطاع اكبر عملية حربية إسرائيلية راح ضحيتها العشرات من الأبرياء ، الأمر الذي يؤكد توقعاتنا بأن الهدف من وراء زيارة بوش هو إعطاء الضوء الأخضر لجنرالات الحرب في إسرائيل للبدء أولا بالقطاع وإذا ما نجحت عملياتهم في القطاع يتم الانتقال إلى الجنوب اللبناني ومن ثم إيران .
لقد عرض ايهود اولمرت على الرئيس بوش خارطة وخطة مفصلة للاجتياح وقد أثنى الرئيس على هذه الخطة الجهنمية حسب تعبير وسائل الإعلام الإسرائيلية ... إسرائيل تسعى لحصد مكسب عسكري في القطاع لاستعادة هيبة جيشها المفتقدة وتعويض الضرر الذي لحق بتجارتها العسكرية بعد خسارتها أمام حزب الله في لبنان.. تحاول جاهدة انقاذ نفسها من وحل الهزيمة في الجنوب اللبناني لذا اختارت العنصر الضعيف وهو القطاع الفلسطيني ظانة أن اجتياح القطاع وإعادة احتلاله أمر سهل ... متناسية إن فترة العام منذ انسحابها كانت كافية لتقوية الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية وإنها إذا تجرأت ودخلت القطاع برا فإنها ستواجه حرب شوارع قاسية ومريرة وبالتالي لن يكن أمامها مفر من إعلان هزيمتها وربما الاستنجاد بأمريكا ومجلس الأمن لإنقاذها كما حصل في الجنوب اللبناني .. ولا أبالغ إذا قلت أن هذه الحرب ستكون الحرب الأخيرة والحاسمة بين الطرفين .
فإذا انتصر الشعب الفلسطيني في مقاومته للاجتياح لن يكون خيار إمام إسرائيل إلا اللجوء لمجلس الأمن واستصدار قرارات قد تكون بصالح المشهد الفلسطيني إلى حد ما.. مثل فك الحصار وانسحاب الجيش الإسرائيلي .. استطيع أن أجزم بأن معركة غزة ستكون الفاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقد تشكل منعطفا حادا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بمجمله .
*****
الشعب الفلسطيني بجميع فصائله مطالب اليوم بالتوحد بوجه المخطط الإسرائيلي الأمريكي الذي بُدأ بترجمته على ارض الواقع.. مطالب بالتصدي للعدوان الإسرائيلي وتناسي أسباب الخلاف والفرقة ولو مؤقتا... إذ ليس من المقبول أن نبقى متحاربين في حين تُنتهك مدننا وقرانا أطفالنا ونساءنا شيوخنا وشبابنا.. المطلوب نبذ كل الخلافات والعودة حالا وسريعا إلى طاولة الحوار الأخوي حتى لا تضيع غزة مرة أخرى ولا يبقى قطاع نختلف عليه ! فإذا ما قُدر ونجحت إسرائيل باحتلال القطاع مرة أخرى فعلى ماذا ستختلف الفصائل المتحاربة؟؟ ... السلطة ستكون بيد إسرائيل لا قدر الله .. من هنا فان ما هو مطلوب شحذ وتجميع القوى الفلسطينية في حلف متراص ومتماسك للدفاع عن القطاع وللتصدي للعدوان الإسرائيلي... المطلوب تعليب الخلافات الداخلية والعتاب إلى ما بعد دحر الجيش الإسرائيلي .
آن الأوان لمن راهن على زيارة بوش أن يلغي رهاناته ولمن راهن على خارطة الطريق إن ينسى هذه الخارطة لأنها غرقت في بحر غزة منذ أشهر وذابت ولم يعد بالإمكان تجميعها ولملمتها .. بوش أراد من وراء إثارة موضوع السلام وخارطة الطريق ذر الرماد في أعين القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أراد تخدير الأمة العربية والنظام الرسمي العربي تماما كما حصل قبيل حرب الخليج والهجوم على العراق عندما أعلن عن مبادرة خارطة الطريق التي بقيت مجرد أوهام وأضغاث أحلام .. واليوم يحاول إعادة تذكيرنا بها من اجل تبرير مخططه الحربي الواسع على شعوب المنطقة
*****
الأجواء السياسية والدبلوماسية داخل إسرائيل توحي بأنها تتهيأ لعملية كبيرة فتصريحات جنرالات الحرب من أنهم يضعون كل قدرات إسرائيل العسكرية في خدمة الولايات المتحدة في حال تم الهجوم على إيران يدل على إن الضربة قادمة .. فبوش ليس بذالك الشخص الذي يقبل الهزيمة التي لحقت به في العراق وحتى أفغانستان ولا يقبل بالهزيمة التي لحقت بحليفته في لبنان وكذالك الأمر بالنسبة للقيادة الإسرائيلية المهتزة داخليا ( أولمرت الذي تلاحقه ملفات الفساد ولجنة فينوغراد ) والتي قد تضع حدا لحياته السياسية وضع الائتلاف الحكومي المزعزع بعد انسحاب (ليبرمان ) من الحكومة .. كل هذه العوامل تجعل اولمرت معني بأي انجاز عسكري لرفع أسهمه في الشارع الإسرائيلي وللتغطية على تقرير لجنة فينوغراد التي اتهمته بالمسؤولية عن الفشل في لبنان .. معني اليوم بأي انجاز عسكري لإخراس الأصوات المنادية باستقالته .. وليس أمامه خيار إلا اجتياح القطاع وضرب أركان حركة حماس وحتى فتح لن تكن بمعزل عن مدافعه وشهواته الحربية... فالمدافع الإسرائيلية غير قادرة على التمييز بين الهوية الفصائلية للفلسطيني... وعليه فان ما هو مطلوب من أبناء شعبنا على اختلاف انتماءاتهم الفصائلية الترفع عن الخلافات الداخلية والتصدي للعدوان الإسرائيلي لأننا سنندم حين لا ينفع الندم .
بوش جاء إلى المنطقة حاملا خططا لمستقبل المنطقة بأكملها وترك مهمة إكمالها لإسرائيل وبعض الأنظمة العربية.. فهل ستنجح مهمته التي جاء من اجلها أم أن نهايته السياسية ستكون هنا ؟؟ سؤال ستجيب عليه الأيام القادمة.

الدكتور عدنان بكريه / فلسطين/ الجليل

ليست هناك تعليقات: