الجمعة، يناير 04، 2008

مائة وثلاثة وتسعون شهيداً في السجون الإسرائيلية والحبل على الجرار

راسم عبيدات
... الشهيد تلو الشهيد يسقط في سجون الاحتلال ومعتقلاته وأقبية تحقيقه من أسرى شعبنا، ولكن لا أحد يحرك ساكناً ، وكأننا ليس بشر أو ننتمي لكوكب آخر، فمنذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام سبعة وستين ، وحتى بداية عام ألفان وثمانية،استشهد في مراكز التحقيق والسجون الإسرائيلية ، مائة وثلاثة وتسعين مناضلاً فلسطينياً ، وهؤلاء استشهدوا إما جراء همجية ووحشية وسائل التعذيب والتحقيق الجسدية والنفسية الإسرائيلية الممارسة بحقهم ، وإما بسبب سياسة الإهمال والتقصير الطبية المتبعة والمعتمدة بشكل ممنهج ورسمي من قبل إدارات السجون الإسرائيلية بحق أسرانا الأبطال، وكم من مرة ساومت وخيرت، ادارات السجون الأسرى ما بين العلاج والتعامل معها ، وفي كلا الحالتين هناك مخالفة وخرق فاضحين، لكل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ، وفي جميع الحالات التي استشهد فيها معتقلين فلسطنيين ،سواء في أقبية التحقيق التابعة لجهاز الأمن العام الإسرائيلي"الشاباك"، أو في السجون الإسرائيلية والتي تشرف عليها مصلحة السجون الإسرائيلية، رفضت إسرائيل إقامة أي لجنة تحقيق ، للتحقيق في أسباب وظروف استشهاد الأسرى الفلسطينيين، والحجة والذريعة جاهزة، أن الأسير توفي نتيجة أنه حاول الانتحار ،أو انه أصيب إما بنوبة قلبية ، أو أي مرض آخر كالسرطان أو الفشل الكلوي وغيرها ، وعلى مر كل سنوات الاحتلال، لم يتم إدانة أي محقق أو مدير سجن أو حتى ضابط في عملية استشهاد لأسير فلسطيني، واللافت للنظر هنا أن ما يسمى بمؤسسات حقوق الإنسان ودعاة الحرية والديمقراطية في امريكيا والغرب، والتي تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتعلق الأمر بإسرائيلي أو غربي،يقتلون في البلاد العربية والإسلامية، وحتى لو كانوا من القتلة والمجرمين، لم يحركوا ساكناً تجاه تلك الجرائم، والتي تصنف تحت جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وكأن الدم الفلسطيني والعربي مستباح ، أو هناك فرق بين دم ودم، مما يدل ان ذلك مرتبط بالجنس البشري ولون البشرة والمال والقوة وليس بالمباديء والقوانين، الأبيض القوي ومالك المال يفعل ما يحلو له دون حسيب أو رقيب، فأمريكيا ودول الغرب ، كم من جرائم حرب ارتكب جنودهم بحق أبناء الأمة العربية والاسلامية، وتحديداً في العراق وأفغانستان، وبقي جنودهم في مأمن عن أية محاسبة او محاكمة أو حتى مسائلة ، بل ولا أجافي الحقيقة أن البعض منهم منح الرتب والنياشين على تلك الجرائم، واليوم الذين يخوضون نضالاً مشروعاً ضد قوى الاحتلال والعدوان، تشكل لهم محاكم صورية وتلفق لهم تهم ارتكاب جرائم حرب وممارسة ودعم ومساندة"الإرهاب"، وكلكم يذكر ما حل بالعراق وقيادته وعلى رأسها القائد الكبير الشهيد صدام حسين ،ومن قبله القائد ياسر عرفات،فالأول جرت له محاكمة صورية ، واعدم من قبل طغمة طائفية مجرمة، والآخر حوصر حتى الموت بالسم، وكل ذلك لأنهم قالوا لا للمشاريع الأمريكية ، ورفضوا أن تبقى البلاد العربية مزارع ومرتع للأمريكان والإسرائيليين،والاستجابة لإشتراطاتهم واملاءاتهم بالسيطرة على خيرات الأمة ومقدراتها وثرواتها وقراراتها وسياساتها، وغيرهم من القادة والمناضلين من أبناء المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، تجهز وتحضر لهم لوائح اتهام بممارسة "الإرهاب" وبتواطؤ عربي وإسلامي، والقصور هنا ليس مقتصر على هؤلاء، فهم مواقفهم معروفة بالعداء لنا والانحياز للعدو الصهيوني، بل نحن كعرب وفلسطينيين علينا ، ان لا نترك أي محفل أو مؤسسة دولية، إلا ونطالبها بملاحقة ومحاكمة المجرمين من قادة وضابط وجنود إسرائيليين، والذين يرتكبون جرائم حرب بحق أسرانا العزل، ولعل الجميع يدرك جيداً في عملية الباص رقم 300، كيف أن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية "داني ياتوم" كان متورط شخصياً بإعطاء أوامر بقتل الأسيرين أبو جامع بعد اعتقالهما عام 1985، ولعل استشهاد الأسير فادي أبو الرب في 29/12/2007 ، في سجن جلبوع الإسرائيلي، يكون حافزاً ودافعاً، لكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني ، ولفريق السلطة الفلسطينية المفاوض، بضرورة الأصرار والتمسك ،بعدم استمرار اللقاءات والمفاوضات مع العدو الإسرائيلي ،دون إطلاق سراح أسرانا الأبطال، فالعدو الإسرائيلي المغرق في العنصرية والعنجهية، وسياسة الغطرسة والبلطجة ، ينظر إلى ملف أسرانا كقضية ابتزاز سياسي واملاءات واشتراطات، وتقسيمات وتصنيفات ليس لها أول ولا آخر، وعندما يقوم بالإفراج عن دفعة من أسرانا الأبطال، فإنها تكون في الإطار الشعاري والديكوري والشكلي، وبحيث يكون الأسرى المفرج عنهم، محكومياتهم قد شارفت على الإنتهاء، ومن ذوي الأحكام الخفيفة، وإذا ما استمر الاحتلال في تلك السياسة، فإن الكثير من أسرى شعبنا في السجون الإسرائيلية، سيتحولون من شهداء مع وقف التنفيذ، إلى شهداء فعليين، فهناك أكثر من 232 أسير فلسطيني، قد مضى على وجودهم في سجون الاحتلال ومعتقلاته أكثر من خمسة عشر عاماً ، بل ولكم أن تتصورا أن العديد من أسرانا قد دخلوا كتاب "غينتس" للأرقام القياسية ، بحيث عشرة منهم قد مضى على وجودهم في المعتقلات الإسرائيلية، أكثر من ربع قرن، وهم لن يروا ويتذوقوا طعم الحرية، إذا ما استمر دعاة نهج التفاوض من أجل التفاوض في الساحة الفلسطينية، يرهنون حرية أسرانا لحسن النوايا الإسرائيلية، فهذا الاحتلال والذي قال وزير عدله السابق"تساحي هنغبي" عندما خاض أسرانا الأبطال في سجون الاحتلال عام 2003 إضراباً مفتوحاً عن الطعام، احتجاجاً على الممارسات الإذلالية والقمعية من قبل إدارة السجون الإسرائيلية بحقهم، ، حتى لو مات جميع"الإرهابيين" فإنني لن أستجيب لمطالبهم، وهذا يجب أن يشكل ضوءاً أحمر لكل ألوان الطيف السياسي، بأنه لا مناص من البحث عن وسائل أخرى، تضمن لأسرانا أن يتحرروا من السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، بحرية وكرامة ودون أية اشتراطات تمس بكبريائهم وكرامتهم ونضالاتهم، فها هو الأسير اللبناني سمير القنطار قد مضى على وجوده في المعتقلات الإسرائيلية ،أكثر من ثمانية وعشرين عاماً، ولم تفكر الحكومة الإسرائيلية بإطلاق سراحه ولو للحظة واحدة، بل هناك إصرار من كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي من ما يسمى باليسار الإسرائيلي، وحتى أقصى يمينه على بقاءه في السجن حتى يستشهد، ولكن الحكومة الإسرائيلية ستجد نفسها صاغرة ومضطرة للإفراج عنه ، مقابل جنودها المأسورين عند حزب الله، وكما اضطرت إسرائيل في عام 1985 ،لإطلاق سراح أكثر من 1150 أسير فلسطيني ، في أكبر عملية تبادل مع الجبهة الشعبية القيادة العامة- عملية الجليل- مقابل ثلاثة من جنودها الذين كانوا مأسورين عند القيادة العامة.
وإذا ما أرادت إسرائيل أن يكون هناك سلام حقيقي، فلا مناص من تقديم خطوات جدية لبناء الثقة، تشعر الجانب الفلسطيني برغبتها الجدية في السلام، ولعل عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ، ما قبل مرحلة أوسلو أيلول 1993، تشكل إحدى البوادر الجدية في هذا الجانب، وما دون ذلك تبقى الأمور والخطوات للمشاغلة ولذر الرماد في العيون .


القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: