السبت، يناير 26، 2008

غزة تحاصر المجتمع الدولي


سعيد الشيخ

لا يحتاج الكيان الصهيوني الى ذرائع ومبررات ليستمر في دفع عجلة عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني اينما كان واينما حل منذ ان قام هذا الكيان على التراب الوطني الفلسطيني.

كيف يحتاج الى هذه المبررات وبذرة الاجرام تكمن في عمق فكره منذ ان تطلعت قيادة الحركة الصهيونية الى بلادنا لاقامة وطنا لليهود عليها. وكان من نتيجة هذا الفكر الجهنمي ان وجد شعبنا نفسه في بقاع الارض مقتلعا ومنفيا، مشتتا ومشردا. اما القلة الباقية التي بقيت على أرضها من جماهير شعبنا وجدت نفسها تعاني القهر والاضطهاد من سياسات التمييز العنصري. هذه الوقائع باتت من المسلمات المعروفة للقاصي والداني في هذا الكوكب المترامي، ولكن المنطق المقلوب كيف يطالب الضحية بالهدوء والسكينة لمنح المجرم الامن والسلام؟

لا يمكن حجب الشمس بغربال.. ان القضية الفلسطينية باتت تتمتع بشفافية تستطيع العين المجردة عن بعد آلاف ألاميال ان ترى وتتلمس حجم المعاناة التي يكابدها شعبنا، وهي معاناة تاريخية ومتراكمة لو انزلت بثقلها على الجبال الشاهقة لانهارت هذه الجبال. الا ان شعبنا الفلسطيني يأبى الانهيار.

لماذا لا يريد قادة الكيان الصهيوني ومن خلفهم الادارات الامريكية المتعاقبة فهم هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس؟ ويقبلوا الى سلام حقيقي باعادة الحقوق لاصحابها بدل سياسة اشعال الحرائق هنا وهناك في العالم العربي... وهنا نطرح الكثير من علامات السؤال حول جولة الرئيس الامريكي جورج بوش في المنطقة التي حاول الاعلام الامريكي تسويقها على انها تندرج في اطار العمل من اجل السلام في "الشرق الاوسط"...ولماذا كلما اكثروا من الحديث عن السلام رأينا تساقط الكثير من الضحايا على جبهتنا؟ وكأن السلام في قواميسهم ملهاة تختبئ في كواليسها مأساتنا التي لا تنتهي... وهذا السلام ان لم يكن في مصالحة وارضاء الضحية في عودتها الى الوجود بكرامة مع كامل الحقوق فهو لن يكون ابدا! هذا الدرس الاول لشروط السلام الذي لا يريد تعلمه اباطرة القوة والمال وبدل ذلك يمعنون في خنق شعبنا ويسوغون مبررات الحصار على انه دفاعا عن النفس.

اذا كان قطاع غزة اليوم تحت حصار النار والجوع والضفة الغربية مكبلة بحديد الاحتلال،
فان غزة هي التي تحاصرهم وهم لا يدرون .هي تحاصرهم وتحاصر المجتمع الدولي كله وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية ، حيث كيف لمبادئ وشرائع العالم الحر ان تمر وهناك "اسرائيل" تقترف ابشع المجازر والجرائم وتدوس على كل الاعراف والشرائع الدولية وهي فوق المساءلة والعقاب بل وابعد من ذلك انها تتلقى الدعم والتأييد والمساعدة اللوجستية اذا لزم الامر. فهل مقياس الحضارة هو مع الذي يملك ادوات القتل والابادة على مستوى ابادة شعب كامل؟

ان هذه الحضارة امام امتحان عسير وعليها اعلان اصطفافها بشكل شفاف غير قابل للجدل او التمترس خلف الكلام والخطابات المجوّفة.عليها القول انها مع الضحية ضد جلادها ام مع الجلاد ضد ضحيته ...لئلا يتحول عالمنا المعاصر الى بريّة يسودها صراع غريزة الافتراس الحيوانية، وبالتالي فان على هذه الحضارة الانتصار لانسانيتها.. وقضية فلسطين كانت ولا زالت اول هذه القضايا.

ستون عاما وجنرالات الكيان الصهيوني يحاولون بشتى السبل ابادة ونفي شعبنا من الوجود. ولكن ها هو شعبنا يناضل ويكافح من اجل تأكيد وجوده فوق هذه الارض.. تحت هذه السماء. فلا حصار
يستطيع تفتيت عزيمته، ولا بقاء الا له على هذه الارض.

سعيد الشيخ/ كاتب وشاعر فلسطيني

ليست هناك تعليقات: