الاثنين، يناير 07، 2008

حلفاء أم عملاء؟

سعيد علم الدين
من مميزات التحالف المشاركة. أي أن يكون الحليفُ صِنْواً لحليفه يشاركُهُ في السراء والضراء، في الحروب والخطوب وتقديم التضحيات، والدخولِ في المعارك وضرب الأعداء وتلقي الضربات ودفع ضريبة الحرب بأعز الأثمان وأغلى الأسعار، ألا وهي الأرواحُ والدماء. وبالتالي تحمل النتائج مشاركةً: ببلع زقوم الهزيمة والانكسار أو قطف ثمار الحرب والاحتفال بنشوةِ الانتصار.
من يقدم الأموال والمساعدات والصواريخ والأسلحة المختلفة والتدريبات ويجلس على قفاه باسترخاء متفرجا من البعيد على حليفه ساعة الملمات، وهو يتعرض للفتك الرهيب وتقطيع الأوصال، والقصف العنيف والدمار، واستمرار الحصار من الأعداء، كما حصل في حرب تموز عندما فتك العدو الإسرائيلي فتكا ذريعا بلبنان وشعبه وبنيته الفوقية والتحتية، ليس بحليف، وإنما هو متاجرٌ بدماء اللبنانيين لتحقيق مصالحة على حسابهم!
في الحربيين العالميتين الأولى والثانية لم تكتف أمريكا البعيدة عن أرض المعركة آلاف الكيلومترات وتفصلها المحيطات، بدعم فرنسا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا ضد دول المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان بالأموال والمساعدات والأسلحة المتطورة فقط، بل وانخرطت بالقتال على جميع الجبهات وسقط لها عشرات الآلاف من الجنود دافعةً ضريبةَ الدم مع بقية الحلفاء.
في الحروب العربية - الإسرائيلية كان الاتحاد السوفيتي يعلنُ نفسه ومُعْلَناً من قبل أنظمة العرب وثوارهم كحليف استراتيجي في مواجهة الصهيونية والإمبريالية وفي الحقيقة أنه كان تاجرا ناجحا لبيع العرب الخطب الحماسية والكلام الرنان والأسلحة المختلفة الأحجام وتقديم الخبراء فقط لا غير.
ختاما لما سلف، لا بد وأن يتشارك الحلفاء بالحربِ والمعاناة ووحدة المصير والألم، لا أن يتعرض الحليف الصغير لنيران الحمم ومن يفتخر نصر الله بالتحالف معهم من ثوار العجم، يتفرجون عليه مثل باقي الأمم!
من مميزات الحلفاء النِّديةُ، أي أن يكون الحلفاء أنداداً لبعض متساوون في اتخاذ القرار لا فرق بين كبير وصغير وقوي وضعيف. وأن يستطيع الحليفُ القول لحليفه: لا! وبوضوح. لا أن يتلعثم أمامه بالنعم ويتبعه كقطيع الغنم أو يكون خانعاً ذليلاً غيرَ محترم.
في الحرب التي كان يحضر لها بوش الابن لشنها على العراق وقف حليفاه في الناتو: الفرنسي شيراك والألماني شرودر ليقولا له بوضوح: لا للحرب على العراق!
هذا مع الضرر الاقتصادي الكبير الذي لحق بالجبنة الفرنسية حيث قاطعها الأمريكيون عقابا لموقف فرنسا، مما دفع ساركوزي في زيارته الأولى لأمريكا بعد انتخابه خلفا لشيراك إلى القول للأمريكيين: جئت لأربح قلب أمريكا.
أما بالنسبة للألماني شرودر فتعرض أيضا بسبب موقفه الرافض للحرب للمقاطعة ولنظرات الازدراء من بوش في أكثر من مناسبة. مع العلم أن ألمانيا الحديثة الديمقراطية مُدينةٌ بالكثير لأمريكا وخاصة لقانون مارشال الذي ساعدها بعد الحرب على النهوض السريع لتتحول إلى قوة اقتصادية عظمى.
لو لم تكن اسبانيا حليفاً نداً لأمريكا لما استطاعت الانسحاب من العراق رغم إرادة أمريكا، التي من مصلحتها إشراك أكبر عدد من الدول في ورطتها العراقية.
عندما تحدث بوش عن دعمه للأكثرية بالانتخاب بالنصف زائدا واحدا لم يأخذوا بكلامه لأنهم ليسوا أتباعه. رغم أن فكرة الانتخاب بالأغلبية موجودة بالدستور وتم انتخاب أكثر من رئيس قديما بالنصف زائدا واحدا.
ختاما لما سلف، فالحلفاء إما أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات وأندادا أقوياءً، وإلا تحولوا إلى عملاء، وربما أكثر أي خونة وأذلاء.
فهل ممكن بعد ذلك لمن يتبع مفتخراً إرشادات الولي الفقيه
خانعا مطيعا إلى درجة التأليه أي ولي الله على الأرض أن يكون حرا سيدا وحليفا، وليس تابعا مطيعا؟
وهل ممكن بعد ذلك لمن ينفذ أوامر الباب العالي الشمولي ضد مصلحة بلاده ولخراب بيته، وإنهاك شعبه، والعبث بأمن واستقرار وطنه أن يكون سيد قراره، وليس عميلا ذليلاً؟أصلا نظريات خامنئي، لا تتقبل الحلفاء وإنما الأتباع الذين يقبلون يديه بخشوع ويتلقون منه الأوامر والإرشادات الإلهية بخنوع.
قال الشيخ نعيم قاسم "اننا نفتخر بكوننا حلفاء إيران الإسلام"
الحلف الذي يدعيه نعيم قاسم افتخارا غير موجود إلا في مخيلته ومخيلة العابثين بمصير لبنان أمثاله.
والعجيب هنا أنه ما إن أنهت حكومة السنيورة بدبلوماسيتها الناجحة حرب تموز حتى: منهم من خرج من جحره، وآخر من قصره، وثالث من كهفه، يعلنون واحدا بعد الآخر نصرا إلهيا هبط عليهم من السماء ودفع ثمنه الشعب اللبناني البائس مليارات الخسائر وآلاف الشهداء.
وعلى حساب من يتبجح الشيخ قاسم بهذا التحالف؟ على حساب أشلاء أطفال قانا ومروحين، ومستقبل هذا البلد المنكوب المسكين !
وماذا يقول عون تائه الكرسي الضرير عن هذا الكلام الخطير الذي يضع لبنان الصغير في مخلب الحلف الإيراني السوري ذو الشر المستطير؟
التاريخ لن يرحم والأجيال القادمة ستلعن اللبناني الذي يتباهي بإيرانيته أكثر من الإيرانيين ويفتخر بتحالفه مع المتهم الأول باغتيال اللبنانيين.
ويا لعهر العاهرين، عندما يتهمون أحرار الوطن الذين يقدمون الشهداء، بالعمالة والتخوين!
عضو زمرة "الوفاء لسوريا وإيران" النائب اللاهي حسين الحاج حسن، وخلال احتفال أقيم لمناسبة ولادة السيد المسيح في حدث بعلبك، قال: " أننا "نفخر بأننا حلفاء سوريا وايران". ليس غريبا أن يقول ذلك! كيف لا وسيلان دولار البترول الطاهر، وتدفق شحنات السلاح من المعابر، قد أعمى أبصارهم وحولهم إلى قوادين في السياسة وعناتر، وفاجرين في الخراب وعواهر!
ماذا نقول عن هؤلاء عندما يفتخرون بعمالتهم علنا على رؤوس الأشهاد، يتلاعبون بمصير وطنهم كما تلعبُ "الغُمَّيْضَةَ" الأولاد، يزجونهُ في الحروب والمخاطر، ويعرضونه للفوضى بعناد، ولا يستحون من دمعة طفلٍ على فقدان أب أو اختناقٍ لرئة شعب، ولا يخجلُون من حرقة قلبٍ على خسارة قريبٍ أو حبيبٍ لا تثمنُ بذهب الأرض، ويخونون مستقبل شعبهم الصابر على هذا البلاء، ويتاجرون به لمصلحة باقي البلاد، متهمين بذلك الشرفاء والأسياد.
المستهجن هنا أن المدعو حسين الحاج حسن دعا الى "محاكمة فريق 14 شباط وشركة فؤاد السنيورة المساهمة المحدودة الاميركية الحليفة للعدو الصهيوني"، واتهم الحكومة بـ "الخيانة العظمى على تآمرها وتبعيتها للادارة الاميركية".
فقط يا حاج حسن من يقبض الأموال بالأكياس هو الخائن النسناس، وتشريعا لخيانته وتغطية لعمالته لا بد وأن يصف السادة الأشراف بهذه الأوصاف، ويفتخر في الوقت نفسه ببيع الوطن في سوق النخاس.
هنا الأكثرية والحكومة وقوى 14 آذار لا يحتاجون إلى من يدافع عنهم وهم يقدمون من بين صفوفهم الشهيد تلو الشهيد من أجل القرار الوطني الحر وقيامة لبنان السيد المستقل وتخليصه من براثن أسياد حسين الحاج حسن.
وهل بنى الشهيد الرئيس رفيق الحريري لبنان ليقدمه هدية لأمريكا؟
وهل استشهد سمير قصير مطالبا بالوصاية الأمريكية على لبنان بدل السورية؟
وهل قَسَمَ الشهيد جبران تويني فيه ما يدعو إلى ضم لبنان لفرنسا؟
وهل استشهد جورج حاوي مفجِّرُ المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي لكي يعود الاحتلال إلى لبنان من جديد؟
وهل استشهد الوزير بيار الجميل وهو يعمل للنهوض بالصناعة اللبنانية أم الأمريكية؟
وهل استشهد وليد عيدو لفرض التوطين أم لتقوم المحكمة الدولية وتحاكم المجرمين؟
وهل استشهد فرنسوا الحاج دفاعا عن كرامة الجيش وسيادة واستقلال الوطن أم لفرض مشروع الشرق أوسط جديد؟

ليست هناك تعليقات: