الجمعة، يناير 18، 2008

العودة اللا أخيرة

ميشال حديّد
أون لاين

عودة عمرو موسى الى بيروت يتمنى اللبنانيون لو أنها الأخيرة. ولكن ...كم في ذمة هذه ال "لكن" من قضايا وحقوق و...ضحايا!!.
قبل ان يأتي موسى الى بيروت، أخطأ مرتين:مرة عندما اتصل بالشيخ سعد الحريري دون الجنرال ميشال عون المفاوض بإسم المعارضة. ومرة عندما سرّب فكرة "طاولة الحوار" دون تحديد أي أفق لها ودون الاعلان عن أسماء الذين سيجلسون حولها. مع ذلك، يمكن التصويب ويمكن الرهان على العودة عن الخطأ.
***
الكلام عن العراقيل والمعرقلين يكاد يكون النقطة المركزية في الخطاب السياسي اليومي. من الطبيعي أن تكون لسوريا بقايا نفوذ في لبنان كما للسعودية نفوذ من خلال "الحريرية السنيّة" ونصارى السلطة، كما لإيران نفوذ عبر "حزب الله" وحركة "أمل". لكن النفوذ الإقليمي ليس هو الذي يعطّل الاتفاق السياسي بين الأفرقاء اللبنانيين.
لقد توصّل الأفرقاء اللبنانيون اكثر من مرة الى تفاهمات سياسية صالحة لأن تكون مدخلاً لحل قضيتين أساسيتين: الانتخاب الرئاسي والتشكيلة الحكومية. فمن هي الجهة التي كانت تنسف التفاهات وتعيد الأمور الى نقطة الصفر.
***
الولايات المتحدة تلعب دور "العراب" من خلال مجموعة 14 شباط. القرار السياسي لها ولا يشاركها فيه أحد. وأما حكومة السنيورة فليست أكثر من جهاز إداري محلي تابع للخارجية الأميركية.
لم يمتدح جورج بوش، طيلة ولاية حكمه، انساناً مثلما امتدح فؤاد السنيورة. تُرى، ما القصة بين الرجلين؟ كم عمرها؟ من بناها؟ وعلام قامت؟
فؤاد السنيورة ليس "إختراعاً أميركياً" وإنما هو إختراع الشركات المالية الكبرى في العالم التي لها مقعد دائم في المنظمة السرية الدولية المهيمنة على حكومات العالم وسياساتها.
وأما جورج بوش فهو الواجهة المتقدّمة لهذه المنظمة: متقدّمة على سائر الواجهات الأخرى نظراً لقوة الولايات المتحدة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية الحديثة. وأخطر ما في الأمر أن المسؤول الأول في البيت الأبيض الأميركي ليس هو قبطان السفينة.
قصة "التابع والمتبوع" في المنظومة الدولية معقّدة جداً. ولذلك لا يتطرّق اليها السياسيون اللبنانيون بل يركّزون على اسماء دول لها نفوذ في لبنان مثل: السعودية، سوريا، ايران، مصر، فرنسا، الولايات المتحدة.
***
في المسائل الثانوية، يُسمح للمبادرات المحلية والاقليمية بأن تصل الى نهايتها السعيدة. وأما في القضايا الأساسية فتكثر المبادرات لكنها في النهاية تتهاوى الواحدة تلو الاخرى.
كمثال على ذلك، لم يصمد "اتفاق مكة" الذي كرّس المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، أكثر من بضعة أسابيع وكانت النتيجة مأسوية جداً: حكومة في قطاع غزة وحكومة في الضفة الغربية. لماذا؟ لأن الدور السعودي الإقليمي تجاوز الحدود المرسومة دولياً.
الرئاسة اللبنانية الأولى كم حجم تأثيرها على السياسة الدولية؟ بصراحة، لا شيء.
الحكومة اللبنانية، كم وزنها بالنسبة للمعايير الدولية؟ أيضاً لا شيء ...
وكانت الحكومات اللبنانية تُشَكَّل سابقاً على حاجز عنجر السوري...ولا من يسأل أو يهتمّ أو يحزن. لماذا، إذن، كل هذا الاهتمام الدولي والإقليمي اللامألوف بالإنتخابات الرئاسية وبتأليف الحكومة العتيدة في لبنان؟
***
الموضوع اللبناني كان منوّماً مغناطيساً. أُخرج فجأة من غيبوبته بقرار دولي لأن وقت المشاريع الكبرى في المنطقة ما عاد يحتمل التأجيل أو التمديد. وقد أُختير لبنان ان يكون "البوابة والممر". لذلك تصرّ الإدارة الأميركية على إفشال أي مسعى محلي أو أوروبي أو عربي من شأنه أن يُنتج حلاً للأزمة اللبنانية خارج الشروط والمعايير الأميركية.
كيف تمكنت الولايات المتحدة من التدخل في تفاصيل الشأن الداخلي اللبناني؟
الخطة الأميركية كانت مجهّزة قبل الانسحاب السوري من لبنان في ربيع 2005. وكُلّف جيفري فيلتمان تنفيذها على مراحل:
المرحلة الأولى: فرض قانون 2000 الإنتخابي لأنه لصالح التحالف الرباعي. وقد سكتت واشنطن عن التحالف المذكور على الرغم من انضمام "حزب الله" اليه، لكنها لم تسكت عن ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله ... المرحلة الأولى انتهت باستخدام "حزب الله" انتخابياً وبتطيير المجلس الدستوري لضمان أكثرية نيابية برئاسة سعد الحريري.
المرحلة الثانية: الإتيان بمهندس المديونية اللبنانية رئيساً لمجلس الوزراء (فؤاد السنيورة) . وقد ظهر دور هذه الحكومة بوضوح في بيانها الأول يوم 12 تموز 2006. فهو برّر العدوان الاسرائيلي ووضع كل الملامة على "حزب الله".
المرحلة الثالثة: فرْضُ انتخابات رئاسية لبنانية وفق الشروط الأميركية مع عدم إعطاء المعارضة أي شراكة حقيقية في السلطة كي تتمكن الأكثرية النيابية من اصدار المشاريع الأميركية الجاهزة.
ما الحل؟ الحل مرهون بمدة قدرة جماعة 14 شباط على التفلّت من الشروط الأميركية وتحرير قرارهم السياسي من التبعية، وإلا فإن على عمرو موسى أن يتقاسم وجو سركيس وزارة السياحة اللبنانية

ليست هناك تعليقات: