الثلاثاء، يناير 22، 2008

هل غزة بخير ليكون الحكيم بألف خير ؟؟


عطا مناع

قبل أيام نقل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش إلى إحدى المستشفيات الأردنية بعد تعرضه لوعكة صحية ليخضع على وجه السرعة لعملية قسطرة بسبب انسداد في شرايين قلبه، وتناقلت الأنباء على لسان عضو المكتب السياسي للجبهة ليلى خالد أن الحكيم بألف خير وحالته مستقرة، وكانت بعض وكالات الأنباء قد ذكرت أن الرفيق جورج حبش نقل إلى غرفة العناية المركزة.

المتابع لمسيرة الحكيم الكفاحية وانخراطه في الهم الفلسطيني كمؤسس لحركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وانحيازه المطلق للفقراء الذين شكلوا وما زالوا أسباب استمرارية مقاومة الاستعمار بكافة اشكالة، هذا الانحياز الذي جسده الحكيم فكرا وممارسة وتوجه بالتخلي طواعية عن منصبة كأمين عام للجبهة الشعبية من منطلق ايمانة بقيادة المؤسسة وبان الرموز السياسية يصنعون التجربة ويحافظوا على ديمومتها بانتقالها لرموز فاعلة متحيزة لصالح الطبقات القادرة على إحداث التغير والحفاظ على جذوة النضال، المتابع لمسيرة الحكيم الكفاحية يستطيع أن يفهم القهر والألم الذين عاشه خلال الأشهر الماضية ليرى الاقتتال الداخلي يمزق شعبة ، هذا الاقتتال الذي يعرض المشروع الوطني الذي ناضل من أجلة طويلا لخطر الاندثار.

ليس صدفة أن ينقل الدكتور جورج حبش إلى المستشفى في وقت يتعرض أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع لعملية ذبح على الهواء مباشرة وسط صمت عربي وفلسطيني مشبوه، ليتحول هذا الصمت إلى عملية مساومة غير مباشرة تقول القوا سلاحكم لتملؤا امعاكم، وإلا فالموت نصيبكم ولن ينفعكم عمقكم العربي ولا تاريخكم النضالي وارتباطكم بملايين الفلسطينيين في الوطن والشتات، هذا المنطق الإجرامي الذي يعبر عن أيدلوجية عنصرية عكس حالة من الغضب في أوساط الشرفاء الفلسطينيين والعرب، وعلى رأسهم من تبقى ممن أشعلوا جذوة المقاومة في صدور أبناء الشعب الفلسطيني .

إن ما تتعرض له غزة من إبادة جماعية يمارسها جنرالات الاحتلال بوقاحة غير مسبوقة لدرجة أنهم تسابقوا في إظهار عنصريتهم المقيتة، فها هو رئيس وزرائهم يقول: لا داعي لركوب سكان غزة السيارات فليمشوا على أقدامهم، ولن تغيب عن الأذهان اللعبة العنصرية التي مارسها جيش الاحتلال اتجاه إخواننا في غزة والمتمثلة بوضع علامات على بنادقهم عند مقتل كل فلسطيني ليجسدوا بشكل صارخ صهيونيتهم في تعاملهم مع شعبنا، لقد تفاخر وزير الحرب الإسرائيلي يهود باراك بأنة قتل من رجال المقاومة الفلسطينية أكثر ما قتل حزب اللة من الجيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب الثانية على لبنان، هذا بعض ما يصدر عن قادة الدولة العبرية، قادة يسوقون أنفسهم كحمام سلام في لعبة مكشوفة للغالبية العظمى من الفلسطينيين واستثني بعض السياسيين الذي انخرطوا في اللعبة المتاهة المسماة بالسلام، هذا السلام الوهم الذي يبنى من جماجم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

لقد خاطب الرئيس الشهيد ياسر عرفات الدكتور جورج حبش قائلا: أنت حكيم الثور وضميرها، لقد عرف الرئيس الشهيد ما تمتع بة الحكيم من فكر وقدرة على التحليل العلمي والسياسي واشتراف للمستقبل وانتصارا لفلسطين وفقراءها، لقد أدرك الحكيم حجم الأزمة التي نغرق بها نحن الذين نسكن الأرض المحتلة، ليخاطبنا قائلا: رسالتي إلى الشعب الفلسطيني أن الدم الفلسطيني حرام حرام، ولا يجب أن يراق إلا في مواجهة العدو الأكبر، لقد أكد الحكيم على عبثية الصراع على السلطة الوهمية وتغليب الخلاف الداخلي على الخلاف مع العدو الذي يتربص بنا لبث الشقاق في أوساط الحركة الوطنية للانقضاض عليها.


الحكيم ليس بخير، لان 2000 فلسطيني في مستشفيات غزة يصارعون الموت واستشهاد أكثر من 75 فلسطيني مريض بسبب الحصار وعدم توفر الدواء العلاج، لن نكون بخير ونحن نتابع ببلادة منقطعة النظير مشاهد الموت والجوع ولا نحرك ساكنا سوى الترحم على أرواح الشهداء الذي يدفعوا ضريبة عجزنا وانحطاطنا وتساوقنا مع القاتل الذي نظهره بصورة الحمل لنحول أنفسنا إلى مجموعة من "الارهابين وقطاع الطرق"، لن يكون الحكيم وشعبة بخير عندما يتكثف الفعل العربي والإسلامي في مسيرة شموع لا حول لها ولا قوة، وليس غريبا أن يدخل الحكيم غرفة العناية المركزة عندما يغيب المشهد الفلسطيني بشخوصه العظام الذي دافعوا عن عدالة قضيتهم ووقفوا في وجه العاصفة ليحتل مكانهم غلامان المرحلة الأمريكية المطبوعين على قفاهم بشعارها الداعي إلى نسيان الماضي والاستسلام للأمر الواقع.

غزة ليست بخير ولن تكون بخير ، الأيام القادمة ستحمل الموت لغزة، وقد أعلن جنرالات الاحتلال عن إستراتيجيتهم العدوانية المتدحرجة والخطيرة، ولمواجهة رياح الموت القادمة من دولة الاحتلال لا بد من مصالحة وطنية تأخذ بالاعتبار المخاطر المحدقة بالشعب الفلسطيني، مصالحة بعيدة عن الاشتراطات الحمقاء التي تبقي على حالة الدوران في حلقة مفرغة يستغلها الاحتلال في تهويد ما تبقى من الضفة الغربية والانقضاض على قطاع غزة مستغلا ما يسمى بالمفاوضات التي أكدت مراكز الدراسات الاسرائيلية فشلها قيل ولادتها، ان من يدير الظهر للمصالحة الوطنية سيتحمل المسؤولية التاريخية للمجازر التي سيتعرض لها الشعب الفلسطيني، ويبدوا أن فشل المحاولات المتكررة لراب الصدع الفلسطيني يعطينا إشارات لمستقبلنا كشعب علية أن يتوقع الأصعب، ويناء على ذلك لن تكون غزة بخير، ولن يكون الحكيم وشعب الحكيم بخير.

ليست هناك تعليقات: