الجمعة، يناير 11، 2008

من اغتال بطل الجمهورية إذن ؟(2)

سعيد علم الدين
وهنا لا بد من التذكير بأنه إثر الجريمة النكراء التي ارتكبها الجبناء دان وليد المعلم في مؤتمر صحافي في مطار دمشق اغتيال العميد فرنسوا الحاج قائلاً "ندين هذا العمل الاجرامي الذي اودى بحياة مدير العمليات في الجيش اللبناني الباسل اشد الادانة وندين كل اجراء يهدد امن واستقرار لبنان".
وصدر في الوقت نفسه تقريبا بيان إدانة مماثل من جانب الحزب اللاهي ، جاء فيه "ان الاغتيال الآثم والمجرم الذي استهدف الشهيد العميد فرانسوا الحاج هو استهداف واضح ومكشوف للجيش اللبناني قيادة ومؤسسة واستهداف لدوره الوطني الكبير وحمايته للسلم الاهلي وعقيدته القتالية المقاومة للاحتلال والحريصة على الاستقلال".
من إداناتهم تستطيع أن تدينهم. كيف لا، ونحن أمام تلاميذ وليس معلمين تريد التذاكي علينا بذرف دموع التماسيح، بعد أن أثبتت بالبرهان القاطع خلال السنوات الثلاث المنصرمة أنها بلا قاعدة أخلاقية وأساس، فاقدة المصداقية والمشاعر والإحساس، بوجهين ولسانين أي بوجه وقفا. وصدق بهم المثل الشعبي اللبناني القائل "بالوجه مرايه وبالقفا صرماية". وهم حقا كذلك وأكثر! فكلماتهم تفضح سرائرهم، وتصرفاتهم تفضح ممارساتهم، وافتعالهم للأزمات ولكل ما يؤذي شعب لبنان ويغتال أحراره أصبح شغلهم الشاغل، وحدودهم المفتوحة أمام شتى أنواع الإرهاب ليدخل منها إلى لبنان بأحدث أنواع الأسلحة وبتوجيه مخابراتهم ومشاركتها موثق، ومربعاتهم الخارجة عن سلطة الدولة والقانون تشير إلى القتلة المجرمين بالإصبع.
أيها الناس! كيف يمكن تصديق دموع التمساح المتظاهر بالبكاء وفمه ملطخ بالدماء؟
مشكلة هؤلاء الكبرى عند قيادة الجيش أنها نفذت قرارات الحكومة التي لا يعتبرونها غير شرعية وكسرت خطوطهم الحمراء. أي كسرت خطوط المشروع الإيراني السوري الحمراء في تركيع الإرادة اللبنانية وجر لبنان كما يريد نصر الله وبقية العملاء خانعا إلى الحظيرة السورية.
وهنا لن يشفع للشهيد فرنسوا الحاج تاريخه الوطني الناصع في رفض جيش لحد والالتحاق بالجيش الوطني وقتاله عون و"القوات اللبنانية" إلى جانبهم، ولن ينفعه كثيرا أنه نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية، ولن تفيده بشيء عقيدته القتالية التي يشيد بها الحزب اللاهي.
فهؤلاء موقف العداء من إسرائيل لا يعنيهم كثيرا. والدليل على ذلك أن رئيس الحكومة الأستاذ فؤاد السنيورة أعلنها عشرات المرات أن إسرائيل دولة عدوة رافضا في الوقت نفسه كل نداءات أولمرت لتحقيق السلام. ورغم ذلك فهو في نظر الحزب اللاهي وشلل 8 آذار والنظام السوري عميل إسرائيلي. مع أنه لا مشكلة أبدا عند نصر الله المزدوج المعايير أن يقول وزير الخارجية السوري في مقابلة مع قناة العربية الاربعاء 08.01.09 "ان سوريا لا تتطلع الى حل عسكري مع اسرائيل وهي مستعدة لاستئناف مفاوضات السلام". وأين حق الرد أيها المعلم على الغارة الأخيرة؟ كلام بكلام لتخدير النيام.
كل قوى 14 آذار وفي مقدمتهم "القوات اللبنانية" أعلنت أكثر من مرة موقفها الثابت بأن إسرائيل دولة عدوة. إلا أن هذا الموقف لا يؤخذ بعين الاعتبار عند حسن نصر الله الجبار ومحوره الإلهي.
كيف لا، ومشكلتهم مع الحكومة، ومع قوى 14 آذار، ومع أحرار اللبنانيين، ومع قيادة الجيش والعماد سليمان ومع لبنان الجديد أنه خرج من بيت الطاعة السوري الإيراني. ومن يخرج من بيت الطاعة يجب أن يدفع الثمن. فإقرار المحكمة الدولية هو بالنسبة لهم خروج من بيت الطاعة. وإرسال الجيش إلى الجنوب خروج من بيت الطاعة. وقيامة لبنان السيد الحر الديمقراطي العربي المستقل أيضا خروج من بيت الطاعة. وتطبيق الطائف بحذافيره خروج من بيت الطاعة. وقطع خطوطهم الحمراء هو خروج استفزازي من بيت الطاعة. فهؤلاء وفي مقدمتهم شركة حسن نصر الله ليس المهم أن تقول لههم أن العدو هو إسرائيل، وأن تقدم خمسين شهيدا بسببهم في حرب تموز، وإنما الأهم بنظرهم أن تطيعهم وتخنع لقراراتهم، ولا تراقب كابلاتهم، ولا تفتش شاحناتهم، ولا تصادر أسلحتهم، وإلا أصبحت مغتصا تجوز عليك اللعنة، فكيف إذا قالوا لك أن البارد خط أحمر وأنت لم تكترث لخطهم، ولم تطعهم وكسرت قرارهم؟
هنا تكمن مشكلتهم مع قيادة الجيش التي يَحُلُّوها على طريقتهم الدموية البشعة وبأسهل الطرق، أي الاغتيال.
لقد دفع الشهيد البطل فرنسوا الحاج ثمن كسر الخط الأحمر!
هذا يجب أن يدفع أحرار لبنان الشرفاء وفي مقدمتهم قوى 14 آذار إلى عدم التنازل قيد أنملة عن حق لبنان والشعب اللبناني في دولة سيدة حرة مستقلة. لا بد من إنهاء وضع دول في قلب الدولة. وسيظل لبنان رهن الإرادة السورية الإيرانية ما دامت دولة الحزب اللاهي قائمة. واليوم كرسي الرئاسة هو رهينة عندهم. وخلاص لبنان من وضع الرهينة بحاجة ماسة إلى دعم فعلي عربي ودولي وقرارات بأسنان تطبق على الأرض، وليس بتكرار نفس الكلام.
أيها العرب المخلصون لشقيقكم الصغير لبنان! قيامته هو قيامة هذه الأمة وخنوعه هو خنوعها للمحور الإيراني السوري الذي دمر العراق وقسم فلسطين ويحاول وبكل الوسائل شل لبنان بالكامل. بعد أن جر البلاد إلى حرب تموز الكارثية، وأغلق البرلمان، وأفرغ رئاسة الجمهورية واحتل الساحات وشل الاقتصاد، ويهدد الحكومة وأحرار الوطن علنا بالشر المستطير.
أيها الناس! كيف يمكن تصديق دموع التمساح المتظاهر بالبكاء وفمه ملطخ بالدماء؟
كيف سنصدق إدانات هؤلاء المتألمين على ما يحدث من مآسٍ في لبنان وهم المسببون الأساسيون لها ولاستمرارها، واستفحالها والمستفيدون الوحيدون من عدم الاستقرار، ومنع قيام الدولة، وخلق أسباب لنشر الفوضى والخراب؟
كيف سنصدق هؤلاء:
- إذا كان الأول هو من أرسل العبسي وعصابته "فتح الإجرام" مدججة بأحدث أنواع الأسلحة المتطورة، ممهدا لها قبل ذلك الطريق لاستلام ترسانات منظماته "القيادة العامة وفتح الانتفاضة" في نهر البارد للغدر بالجيش وقتل مئات العسكريين،
- وإذ كان الثاني هو من وضح الخطوط الحمر لتستمر هذه الظاهرة الإجرامية وتمتد إلى باقي المناطق الشمالية، ليتسنى له بالتالي السيطرة على الجنوب والبقاع وبيروت ومن ثم الجبل. وتحقيق حلمه الذي يعمل له ليل نهار بإعلان دولة الفقيه الصفوية.
كيف سنصدق هؤلاء وهم يحرضون على من يخالفونهم الرأي ويتهمونهم بالعمالة لأمريكا وإسرائيل ويهددون يوميا اللبنانيين الآمنين بالخراب والتكسير، ومن حدودهم يدخل الإرهاب المنظم إلى لبنان، وفي مربعاتهم ومخيماتهم الخارجة عن سلطة الدولة، وبدعم قدراتهم الهائلة يجد هذا الإرهاب الملاذ الآمن للاغتيال وضرب الأمن والاستقرار وتقويض الدولة، وليقول شخص أعمى البصيرة والبصر كميشال عون أن الحكومة عاجزة، بل ويتهمها وقاحة بالمشاركة.
كيف سنصدق هؤلاء بعد أن عرتهم مواقفهم الشرسة في رفض المحكمة الدولية من العباءات والجبب وحلقت لهم الشوارب والذقون.
وكما ان هذا الحلف الإلهي المتذاكي أخذ عون واجهة مسيحية لضرب القوى المسيحية، أيضا فإنه اخذ القوى السلفية والاصولية السنية المتطرفة لضرب السنة في لبنان من خلال عصابته المسماة تضليلا "فتح الاسلام"
الاغتيال بحد ذاته هو إحدى أدوات الأنظمة والأحزاب الشمولية في إسكات الآخر. أي الأنظمة والأحزاب التي تعتقد أنها تمتلك ناصية الحقيقة فقط لا غير ومن يخالفها الرأي تصنفه فوراً عدوا يريد النيل من صحة حقيقتها التي لا يأتيها الباطل: لا من بين يديها ولا من خلفها ولا من فوقها ولا من تحتها، متكلةً في فرضها على مهارة مخابراتها.
ولضحالة فكرها وضيق صدرها، وعجزها عن إقناع المخالف بالفكر السليم والرأي السديد بحقيقتها، فإنه عندما يشكل خطرا عليها بأقواله أو أفعاله تتربص به الشر وتغتاله.
فلا فرق هنا بين الفكر التكفيري الإلغائي السلفي الأصولي للقاعدة وتوابعها التي تلغي الناس علنا، وبين النظام السوري والإيراني الإرهابيين وعملائهما في لبنان الذين يفعلون ذلك سرا.
الفرق أن القاعدة تفجر وتقتل وتنحر وتنتحر كما حدث في نيويورك وإسبانيا والعراق والسعودية عامة الناس، أما النظام السوري وعملاؤه فإنه يغتال قادة لبنان الأحرار ورجالاته الأفذاذ.
فاليد الخفية في لبنان التي تملك المربعات المستقلة، والقدرات الهائلة، والتحرك الفوري بحكم خبرتها المكتسبة من حروبها، ومهارتها في التستر والتكاذب والنفاق والخبث هي نفسها التي تغتال ومنذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة دون شفقة.
والقادة اللبنانيون الشرفاء الأحرار يا غافل لك الله !
إنهم يريدون بعمليات الاغتيال الإجرامية إعادة لبنان المتحرر والمتمرد على مشاريعهم إلى بيت الطاعة الإلهي.

ليست هناك تعليقات: