الخميس، يناير 31، 2008

من ذاكرة الأسر 20

راسم عبيدات
المناضلان علاء العلي وسائد سلامة
شموع على طريق الحرية

.........سلوان بلدة ملاصقة لأسوار البلدة القديمة،تتعرض لحملة شرسة من التهويد والأسرلة، حيث يدعي اليهود أنه وفق رؤيتهم التوراتية المشبعة بالعنصرية والتطرف،أن تلك البلدة هي مدينة داود، ومن هنا فهم يجندون كل امكانياتهم وطاقاتهم على كل الصعد والمستويات من أجل السيطرة عليها، فهناك عشرات البيوت التي تم الاستيلاء عليها بالقوة في سلوان وهناك عشرات يجري التخطيط للاستيلاء عليها، ناهيك عن ان الملياردير اليهودي "ماسكوفيتش" والذي يدير شبكة من النوادي الليلية ونوادي القمار في أوروبا، قام ببناء حي استيطاني في قلبها يدعى"عليه زيتيم"، ويخطط بالتعاون مع الجمعيات الاستيطانية والحكومة الإسرائيلية، لإقامة حي استيطاني أخر ملاصق له مكان مركز الشرطة هناك، والذي سيتم إخلائه لصالح المستوطنين.
وسلوان قدمت الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل الدفاع عن أرضها وعروبتها ووجودها، فهي بلد الشهيد اسحق مراغة ،والذي استشهد في سجون الاحتلال عقب إضراب أسرى سجن نفحة عام 1980،وبلد الأسرى فؤاد الرازم أقدم أسير مقدسي، والذي مضى على وجوده في المعتقل أكثر من ربع قرن، والأسرى عبد الناصر الحليسي وطارق الحليسي وحازم عسيلة وعصام جندل، والذين مضى على وجودهم في المعتقلات الإسرائيلية أكثر من عشرين عاماً، وعدنان مراغة والذي دخل عامه الاعتقالي الثامن عشر وغيرهم، وضمن هذه الرؤيا والتوجه ،رأت مجموعة من الشباب المتحمس والمتقد بالعطاء والنضال والتضحية، أنه لا بد لسلوان ،الا أن تستمر مشعلاً للعطاء والتضحية،فمع بداية الانتفاضة الثانية أيلول/ 2000 ، قامت مجموعة من الشباب الممتلئين حيوية ونشاط،بدور نضالي وكفاحي في اطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهؤلاء الشباب هم مجد بربر ومحمد الغول، والذين سيكونون عنوان حلقة قادمة، وعلاء العلي وسائد سلامة عنوان هذه الحلقة،والذين شكلوا كابوساً للاحتلال ليس على صعيد سلوان فحسب، بل وعلى صعيد منطقة القدس، حيث كان لهم دور نضالي وكفاحي بارز، ومن هنا كانوا هدفاً للاحتلال وأجهزته المخابراتية، فعلاء العلي استهدفته المخابرات الإسرائيلية، قبل أن يعتقل في نيسان/2001، ويحكم عليه بالسجن اثني عشر عاماً، ويبدو أنه كان هناك قرار إسرائيلي بتصفيته، حيث كان يجري اعتقاله لفترات قصيرة، وتهديده بالقتل والتصفية، وكذلك على الحواجز المنتشرة في القدس والضفة، كان يتم إنزاله واحتجازه لفترات طويلة،مع تعريضه للضرب والاهانات، مما اضطره لرفع قضية على شرطة الاحتلال ومخابراته، والاحتلال ومخابراته، كان يتخوفون من قناعات واراء وأفكار علاء، ودوره المؤثر والبارز في تأطير وتنظيم الشباب، ودفعهم لخيارات نضالية عنيفة، وعلاء اعتقل ضمن خلية للجبهة الشعبية عام 2001، وبدأ رحلته مع مراكز تحقيق الاحتلال وسجونه،واهم ما يميز المناضل علاء العلي روحه المرحة وخفة دمه، وما يتمتع به من قدرات ومواهب في الفن والتراث، فله قدرات عالية على التقليد، تقليد الأصوات والتصرفات والهيئة والمشية للمناضلين والقادة والزعماء وغيرهم ، وهذا الرفيق الشاب محبوب من قبل الجميع، ومن هنا ترى علاقاته الاجتماعية الاعتقالية الواسعة، مع كل الأخوة والرفاق والمجاهدين المعتقلين، وهو لديه قدرات جيدة في العمل الحرفي ألاعتقالي، وقاريء الى حد ما، وتراه في بعض الأحيان يسرح في عالمه الخاص، ويتذكر الأصدقاء والصديقات قبل الاعتقال، ويواظب على مراسلة من تبقى منهم.
أما ابن خالته الأسير المناضل سائد سلامة ، خريج الشهادة الجامعية الأولى في الرياضيات من جامعة القدس، فهذا الرفيق المحبوب والمخلص،والذي يقل من الكلام، ولا يستخدمه الا في محله ومجاله، فقد تعرفت عليه في سجني عسقلان ونفحة عامي 2001و2002 ، فعدا عن خصاله الإنسانية في التواضع والإخلاص وصدق الانتماء، وحرصه العالي على الاطار والرفاق، فانه إنسان قارىء من الدرجة الأولى، ويقضي ساعات طويلة على سريره"البرش" في القراءة والكتابة وسماع الموسيقى الهادئة، وتشعر أحيانا أنه لا يغادر "برشه" إلا من أجل الوقوف على العدد عندما يأتي السجانيين أو الخروج "للفورة" ساحة النزهة للمعتقلين، أو الذهاب للحمام أو الأكل، ومن هنا أطلقنا عليه لقب"تابوت"، والمناضل سلامه لديه خيال أدبي خصب وواسع، واصدر ديوان شعري أنجزه في المعتقل، وهو الآن تحت الطباعة، وسائد كان مثار فخر كليته العلوم وجامعته القدس، حيث عندما جرى اعتقاله،علقت له صورة ضخمة داخل سور الحرم الجامعي، والذي ربما تفاجيء الكثيرين منهم، كما تفاجئت أنا وغيري من الأهل والأصدقاء،أن يكون سائد ضمن خلية الجبهة الشعبية، والتي أطلق عليها خلية السيارات المفخخة، وسائد والحق يقال يتمتع بعقلية علمية ومنهاجية، ولدية قدرات عالية على التحليل واكتساب المعرفة، وله قدرة عالية على التكيف مع الظروف والأوضاع التي يوجد أو يوضع فيها، فهو عندما ترحلنا أو رحلنا معاً ، من سجن عسقلان الى سجن نفحة في أوائل عام 2002، لم يكن له مكان في غرف رفاق الشعبية، وعاش فترة في غرف المجاهدين من حركة حماس وكان مثالاً ونموذجاً لاحترام المشاعر والعلاقات الدافئة، وسائد عميق في أفكاره وقناعاته، ولا يبدل أو يغير هذه الأفكار والقناعات،الا اذا توصل الى قناعات أخرى تغايرها جذرياً، وهو يرى أن المعتقل، بحد ذاته مدرسة نضالية ، تزود المناضل في الكثير من المعارف والخبرات والقدرات والتجارب، اذا ما أحسن المناضل استغلال وجوده ودوره فيه.
والمناضلان علاء علي وسائد سلامة، يبقيان نموذجاً ومثالاً صارخاً ، على قصورات السلطة والأحزاب بحقهم، السلطة التي سلمت بالاشتراطات الإسرائيلية بحقهم، وهي عدم شملهم بأية عمليات إفراج،ضمن ما يسمى بحسن النوايا الإسرائيلية، والسلطة أيضاً والفصائل والأحزاب، بعدم إعارة قضيتهم الاهتمام الكافي واللازم، وترك قضية تحررهم من المعتقلات ، هم وأسرى مناطق عام 1948 ، رهناً بيد الاسرائيلين وأجهزة مخابراتهم، والتي تنظر لقضيتهم خاصة وقضية الأسرى عامة، على أنها ملف يجب ابتزاز الشعب الفلسطيني فيه ودفعه لتقديم تنازلات سياسية .
ومن هنا فإنني أدعو الى عدم ترك أسرى القدس والثمانية وأربعين فريسة لحسن النوايا والتصنيفات والتقسيمات الإسرائيلية.


القدس – فلسطين

Quds.45@gmail.com

ليست هناك تعليقات: