الجمعة، نوفمبر 30، 2007

شارل دي فوكو (1) رجل بحث عن الله فوجده بأعماقه



رشا أرنست

"توجد دعوات مختلفة في الكنيسة، ولكني أعلم أن هناك دعوة فريدة، دعوة أخوة وأخوات يسوع الصغار، ورسالتها الحضور وسط العالم ومشاركة حياة من تعيشون معهم. إن حضوركم الإنجيلي مع الطبقة الكادحة العمالية، مع المهمشين، مع الرجال والنساء المحتقرين والذين لا يسأل عنهم أحد، مع الأوساط التي تعاني من العنف والانقسامات والفقر، هذا الحضور هو طريقكم نحو الأب السماوي. وعلي خطى يسوع والأخ شارل دعوتكم، أن تروا في كل شخص وخاصة المنبوذين إنسان محبوب مدعو إلى حياة جديدة". كانت هذه كلمات توجه بها البابا يوحنا بولس الثاني لإخوة وأخوات يسوع الصغار متأثراً بعمق رسالتهم التي تعلموها من الأخ شارل دي فوكو.

عندما تتعلق عينيك برؤية السماء وكأنها تقترب منك أو تسمع أذنيك جملة تأخذك إلى مكان بعيد أو ينطلق قلبك بقيمة تترك كل شيء لتبحث فيها وعنها. تلك كان ما يجول داخل شارل دي فوكو عندما أنطلق يوماً ما باحثاً عن يسوع الذي فاجئه بحبه ثم قرر أن يعرفه. انطلق من فرنسا إلى الناصرة حيث كان يسوع هناك، عاش ومضى حتى الجلجثة ثم بذل نفسه من اجل جميع البشر. ذهب شارل حيث قام يسوع ليقوم هو ويمضي حاملاً محبة بلا حدود.
أتذكر أول مرة عرفت من يكون شارل دي فوكو عندما كنت مستلقية على سرير احد المستشفيات الخاصة بالقاهرة بعد حادث تعرضت له عام 1999، وجاءني زائراً حاملاً بيديه كتابان أهداهما لي. لم أكن اعرف من قبل من هو بطل هذان الكتابان، ولكني تفحصتهما وللوهلة الأولى توقفت عند صورة غلاف إحداهما. كانت صورة رجل راكع أمام القربان المقدس. نظرت للصورة بإمعان وقلت في نفسي: "الآن لم يعد بإمكاني الركوع أمامك يا الله، فأجعل قلبي هو من ينحني لك شاكراً". وكانت صورة هذا الراكع دافعاً لي وسط ألآمي أن اقرأ الكتابان. كان بطلهما هو شارل دي فوكو. ولم تكن الكنيسة بعد قد طوبته. أخذت في قراءة حياته، وعرفت كيف بحث شارل عن الله وكيف كانت الصلاة طريقاً ونهجاً في حياته.
واليوم وأنا استعيد ذكرياتي مع الاحتفال بمرور سنتان على تطويبه في 13 نوفمبر 2005، والاستعداد للاحتفال بعيده في الأول من ديسمبر، أتصفح معكم سطور في حياة هذا الرجل الذي لم يؤسس جماعة في حياته، وإنما ترك رسالة عميقة، استطاع فيما بعد تلاميذه أن يحملوها لنا.

ولد شارل دي فوكو Charles de Foucauld عام 1858م في مدينة ستراسبورغ بفرنسا من عائلة ارستقراطيّة ثرية وتشتهر بعلاقتها العسكرية. عرف شارل قسوة الحياة مبكراً، فتوفيت والدته وهو في السادسة من عمره، وبعد أشهر قليلة توفى والده. اعتنى والد الأم بحفيديه شارل وأخته ماري. وكثيراً ما كان شارل يتذكر أمه في حياته: "أنا الذي كنت منذ طفولتي مُحاطاً بفيض من النعم، ومن أبرزها إني حظيتُ بأم قديسة تعلمتُ منها أن أعرفك يا الهي".
تجددت معاناة شارل من جديد عندما نشبت الحرب عام 1970 بين فرنسا وألمانيا، فقاسى عذاب الحرب والتهجير. كان شارل طفل ذكي أحب القراءة منذ نعومة أظفاره.أخذته الفضولية إلى البحث في علوم الفلسفة. حتى وصل تدريجياً لمرحلة المراهقة وهو فاقد لإيمانه المسيحي: "في سن السادسة عشرة، لم يعد لديّ أي اثر من الإيمان. وسبب ذلك المطالعات التي كنت أتهافت عليها".
تخرج شارل من المدرسة العسكرية وهو في سن العشرين. انخرط في الجيش لمدة ثلاث سنوات، وفي تلك الفترة توفي جدّه. فتألم شارل كثيراً لوفاته. ومنذ ذلك الوقت لم يعد هناك من يقف في وجه طيشه وجنونه بالحياة التي يرغب أن يعيشها بعيداً عن أي إيمان أو قيم في الحياة.
أُرسل شارل دي فوكو عام 1881 وهو ضابط في الثالثة والعشرين من عمره إلى كتيبة في بلدة ستيف شمال الجزائر ضمن الجيش الفرنسي المكلف بإدارة جزء كبير من الجزائر التي احتلتها فرنسا في ذلك الوقت. وبعد انتهاء الحملة العسكرية لم يعد شارل يتحمل رتابة الحياة ضمن نطاق الثكنات العسكرية فأخذ قرار بترك الجيش نهائياً.
بدأ شارل بعد ذلك رحلة استكشافية في بلاد المغرب والجزائر وهو متنكر وكانت الرحلة تحمل في طياتها أخطار جمة نظراً لان بلاد المغرب كانت مغلقة وأرضها مُحرمة على الأوروبيين آنذاك. ولكنه سجل رحلته تلك في مذكراته، وكانت أكثرها عمقاً تلك الخبرة التي عاشها مع المسلمين وخاصة عندما كان يراهم يُصلّون.

عاد شارل إلى فرنسا وقد استقبلته أخته وعائلته بكل فرح وحنان وكان لهذا الاستقبال وقع بالغاً في نفس شارل كونهم لم يشيروا إلى أي شيء يتعلق بماضيه المتغير المليء بالمغامرات. وفي جو العائلة المسيحية عادت حياة شارل من جديد: "لدى إقامتي في باريس، التقيتُ بأشخاص ذوي فضيلة راسخة وذكاء لامع، وهم مسيحيون بكل معنى الكلمة. فقلتُ في نفسي ربما هذه الديانة بغير معقولة". وبدأ شارل منذ ذلك الحين البحث عن الله بكل قواه.
بعد شهور من البحث، آتى من سيكون أداة لقاءه مع الله، انه الأب هوفلان، كاهن الرعية التي تصلي فيها عائلة شارل. وبأول لقاء بين الكاهن المعلم وشارل التلميذ الذي جاء يناقشه في أمور تخص الدين، طلب الأب هوفلان من شارل الركوع والاعتراف أولا أمام الله بخطاياه حتى تنجلي الحقيقة في أعماقه. وبعد تردد قـَبل شارل الطلب، فركع واعترف بكل خطاياه وشعر وقتها بفرح لا يوصف: " لم تستقبلني فقط، أنا الابن الشاطر، بطيبة لا توصف، بدون عقاب ولا توبيخ، وبدون تذكير بالماضي، بل استقبلتني بالقبلات والحلة الفاخرة وخاتم الابن.. بحثت عنى أنت الأب الحنون، فاسترجعتني من بلد بعيد". كانت تلك كلماته التي كتبها بمذكراته فيما بعد، وكان هذا الاعتراف بمثابة النور الذي غير حياة شارل وأعاده من جديد لحضن الآب السماوي.

نظر شارل إلى حياته فوجد أن كنزه الثمين هو يسوع الذي يحمله في قلبه، فقرر أن يُكرس حياته للصلاة والعبادة، فدخل دير الترابيست في فرنسا [دير سيدة الثلوج] تاركاً كل شيء من ورائه مُسلماً حياته ليسوع المخلص. عاش شارل على مثال يسوع في التواضع والفقر حتى انه رغب في حياة أكثر فقراً فطلب من رئيسه بالدير أن ينقل لأفقر دير بالرهبنة، وبالفعل انتقل شارل إلى دير فقير في سوريا [دير الشيخلي] وفي هذا الدير الفقير عمل شارل مع العمال وأحس معهم بصعوبات الحياة والمشاكل التي يتعرضون لها بسبب أعمالهم الوضيعة في نظر المجتمع. وفي إثناء زيارته لأحد المرضى أصطدم شارل بالفقر المدقع وخلق هذا المشهد صرخة عظيمة وقوية في داخل شارل: "إن ديرنا فقير ولكن ليس مثل فقر الناس، ليس مثل فقر يسوع في الناصرة....إني أحن للناصرة" وبعد سبع سنوات وبموافقة الرؤساء ترك شارل دير الترابيست باحثاً عن دعوته وفي قلبه نداء من الناصرة. وبالفعل ذهب إلى هناك وعمل خادم بدير للراهبات الكلاريس وعاش داخل كوخ داخل الدير.عاش شارل بين عمله كخادم وبين الصلاة والسجود أمام يسوع الحاضر في سرّ القربان وبالتأمل في الكتاب المقدس متأملاً زيارة مريم العذراء لأليصابات، و يسوع في أحشاء مريم يبارك يوحنا، وهكذا أراد شارل أن يحمل يسوع للآخرين ليباركهم. وأثناء تأملاته اليومية جاءته فكرة شراء أرض في قمة جبل التطويبات، وتأسيس دير للكهنة النساك. وبدأ يفكر انه يريد أن يُصبح كاهناً حتى يقوم بخدمة كهنوتية تقوم على الفقر والزهد.

وفي منتصف عام 1900م عاد شارل إلى فرنسا للاستعداد للكهنوت وأمضى عدة أشهر في دير سيدة الثلوج من جديد. بعد عام سيّم كاهناً وكان دائم التأمل والسجود أمام القربان المقدس، مُمعن التفكير في فكرته عن تأسيس دير للكهنة النساك ولكن ليس بجبل التطويبات إنما في صحراء بني عبّاس، تلك الواحة الجزائرية القريبة جداً من الحدود المغربية. وبالفعل قام شارل بالتعاون مع الفعاليات الفرنسية الجزائرية بإنشاء بيت صغير مُشرعاً بابه أمام الجميع: "أريد أن أُعوَّد كل سكان المنطقة من مسيحيين ومسلمين ويهود على أن ينظروا إليّ كأخ لهم، أخ الجميع. وقد بدءوا يسمون البيت (الأخوة) وهذا ما يحلو لي كثيراً". عاش شارل على مثال يسوع، بروح تعطي محبه بلا حدود وفرح لا ينزعه احد وخدمة مجانية مقدمة للجميع. كان لدى شارل قناعة راسخة أن يسوع حاضر في كل إنسان يُعاني من وطأة الفقر أو الاضطهاد تماماً كما هو حاضر بالقربان المقدس.أخذ شارل يتوغل في صحراء الجزائر حتى وصل إلى القبائل البدوية وقوبل بترحاب شديد من رئيس القبيلة. عاش بينهم ومثلهم دون بيت كأهل الطوارق، عاش كل ما عاشوه من فقر وجفاف أحياناً وحرب وانقسامات أحياناً أخرى، حتى انه كان يبني معهم حصناً يحتمون فيه من السهام الغادرة. وعلم شارل أن وضعه خطيراً ولكن ارتباطه بهم وتضامنه الإنساني معهم حال دون تركهم في هذه الظروف.
وفي مساء الأول من ديسمبر 1916 اقتحمت عصابة، القبيلة لنهبها وسرقتها، فأمسكت بالأخ شارل، أخذوه ثم تركوه تحت حراسة صبي في الخامسة عشر من عمره ، لكن الوصول المفاجئ لرجلين من سعاة البريد، خلق جواً من الارتباك والخوف فقد على أثره الصبي رشده ، فأطلق النار على سجينه فقتله في الحال. وكان قبل ساعات من موته قد كتب: "عندما نستطيع أن نتألم ونحبّ، ترانا نقوم بعمل كبير، بأعظم ما يمكن عمله في هذا العالم. إننا نشعر بأننا نتألم، إنما لا نشعر بأننا نحب وذلك لألم كبير يُضاف إلى تألمنا... غير أننا نعلم بأننا نريد أن نحب. والرغبة في الحبّ هي الحبّ بالذات".
كان شارل ضحية العنف مثل الكثيرون في الحروب ، وقع شارل مثل حبة الحنطة، فإذا ماتت أثمرت ثمراً كثيراً .
مات شارل واستشهد وحيداً وكأنه صار قرباناً بقوة سجوده وتأمله لمن حوله، لقد تاق الأخ شارل أن يموت هكذا فكتب: "مهما كان السبب الذي من أجله يُهدر دمنا، إذا ما تقبلناه من أعماق قلبنا كهدية منك يا الهي فإننا نموت في الحب ولا غير، سيكون له معنى في نظرك يا الهي وسيكون صورة كاملة عن موتك".

الفراغ أفضل للبنان من عون

سعيد علم الدين
إذا كان للفراغ من حسنة، فهي أنه أفضل بكثير للبنان من أن يملأه شخص مشهور بنزقاته وعنترياته وتحدياته. الذي سيسير بلبنان حتما إلى التهلكة إذا وصل إلى كرسي رئاسة الجمهورية.
فميشال عون هو من عَرَّضَ لبنان ليس فقط لحربين فاشلتين في الماضي بل ويعطل الآن بمواقفه الأنانية قيامة الدولة اللبنانية السيدة الحرة الديمقراطية المستقلة، ويعرقل ثورة الأرز عن الوصول إلى مبتغاها وتحقيق كامل أهدافها الطموحة بخلاص الوطن من أنياب الذئاب.
وهو من يتحمل المسؤولية في حرب تموز بدعمه الأعمى للحزب اللاهي. وهو من انقلب مع "معارضة" على النظام الديمقراطي، ظهر ذلك جلياً في أحداث 23 و25 كانون ثاني الدموية المفتعلة وغيرها ولولا تدخل الجيش ووعي قوى 14 آذار لما يحاك للبنان من مؤامرات لاشتعلت حتما الحرب الأهلية. وهو من احتل مع الحزب اللاهي الوسط التجاري مغلقا مئات المحلات، معطلا ألاف العمال عن وظائفها دون رحمة، مفرغا المنطقة من حياتها الطبيعية الجميلة الساحرة. وهو من شل المؤسسات الدستورية مع مرشده الأعلى خامنئي وصولا إلى نجاحه مع نصر الله في إفشال كل المبادرات وإفراغ كرسي الجمهورية.
وكأنه لا يكفيه كل هذه الأعمال المضرة، فآخر تصريح له يؤكد سوء نياته تجاه لبنان وشعبه المتعب جدا من المهرجين، حيث قال البارحة"ان هناك خطوات عملية قريبة ضمن الاطر السلمية الديموقراطية ولكن هذه المرة لن نكون في مكان واحد، ففي المرة السابقة اعتصمنا في ساحة رياض الصلح، أما اليوم فسنعتصم في كل مكان".
وهل يريد الآن السيد عون شل البلد بكامله من جنوبه إلى شماله وإغلاق محلاته وتعطيل شعبه وإفقاره لتهجيره على طريقة نصر الله؟
وهل أيضا "من ضمن الاطر السلمية الديموقراطية" ما حدث في كانون الثاني من اعتداءات على المواطنين الآمنين، واستباحة دمائهم وسقوط جرحى وشهداء، وقطع طرقات وإشعال إطارات وتكسير محلات وتحطيم سيارات عليها صور شهيد الوطن الكبير الرئيس رفيق الحريري وهجوم على الطريق الجديدة البيروتية الآمنة وانتهاك حرمة الجامعة العربية وغيرها الكثير من أعمال شغب تخريبية وتصرفات عنفية استبدادية لا علاقة لها بالديمقراطية السلمية؟
ويريد بعد كل هذا أن يعتلي على كرسي الرئاسة، أعلى منصب في الدولة! كم هي كرسي الرئاسة اليوم في قصر بعبدا: مرتاحةُ الضمير بفراغها، تتمتعُ سعيدةٌ بوحدتها، مطمئنةٌ بصفاء خلوتها، على أن يملأها إنسان دميةٌ عميل أو أحمقٌ أرعن؟
وليس الفراغ في كرسي الرئاسة هو الأسوأ وإنما إذا اعتلاه شخص على شاكلة عون أوصل البلد بأنانياته وعقدة أوديب الرئاسية إلى الفراغ الحالي. وأيضاً للأسباب التالية:
فإذا كان لحود قد عمل من وراء ستار لضرب أسس النظام الديمقراطي، فإن عون سيعمل مع الحزب المذهبي الإلهي والنظام السوري الشمولي على المكشوف لتحويل الجمهورية إلى دكتاتورية.
وإذا كان لحود قد خرج بهدوء من قصر بعبدا بعد التمديد له نصف ولاية، فإن عون لن يخرج أبدا وسيمدد لنفسه على طريقة بشار وباقي جماهيريات العرب، وإن خرج فسيخرج على طريقة غريمة السابق حافظ الأسد من القصر إلى القبر.
وإذا كان لحود قد احترم البطريرك صفير أو تظاهر باحترامه، فإن عون لن يحترم أحداً وله سوابق مشينة في هذا الشأن وهو القائل وبكل وقاحة: على البطرك أن يضع اسما واحدا في اللائحة. أي أن يختاره رئيسا للجمهورية.
على كل حال الفراغ هو فقط في الكرسي، لأن الحكومة موجودة ودستورية وما زالت تتمتع بثقة البرلمان وتقوم بواجباتها في خدمة الوطن والمواطن والدفاع عن مصالحهما بالكامل، مدعومة من الجيش وكافة القوى الأمنية والروحية والشعبية والأكثرية النيابية ومعترف بشرعيتها عربيا وعالميا. رغم كل ذلك الوضع غير طبيعي ويجب أن لا يطول، بل ويحسم في أسرع وقت ممكن لحماية لبنان من آل تحريض وجماعة تخوين، وأبالسة فتن وثرثاري توطين، وباقي المصطادين في المياه الآسنة للعبث بأمنه واستقراره.
لقد برهن السيد ميشال عون للشعب اللبناني وللعرب ولكل دول العالم المهتمة بلبنان ومشاكله المفتعلة من قبل إيران وسوريا وعملائهم الكثر في الداخل، على أنه تماما كنصر الله. وإذا كان نصر الله يدوس على مصالح اللبنانيين خدمة للنظامين الإيراني والسوري، فإن عون يدوس على مصالح اللبنانيين خدمة للكرسي.
وبخفة يرمي عون المتناقض أخطاءه على الاخرين
تناقض: هو يعلن أنه علماني ومع فصل الدين عن السياسة وفي الوقت نفسه يتحالف مع وكيل المرشد خامنئي ورجل الدين نصر الله. مشروعين متناقضين لا يجمع بينهما إلا المصلحة الآنية.
خداع: عون يهمش الموقع المسيحي الأول في الدولة بعدم نزوله مع نوابه لانتخاب الخلف ويتهم الذين نزلوا للبرلمان من اجل انتخاب الرئيس الماروني بتهميش المسيحيين.
نفاق: عون يريد إسقاط الحكومة "بقرد ودب" وشغب وحرب وفي الوقت نفسه يعمل على إطالة عمرها بإيصاله البلاد للفراغ في الكرسي. مع العلم أنه عند انتخاب الرئيس القادم ستقدم له الحكومة إستقالتها.
من يتحمل المسؤولية الأولى في شغور منصب الرئاسة؟ سؤال وجيه لا بد من طرحه في هذا الظرف الدقيق.
فبعد رحيل لحود عن قصر بعبدا طاويا بذلك صفحة سوداء قاتمة من عمر الجمهورية التي أوصلها إلى هذا المفترق الخطير بسبب خنوعه وتبعيته لمن عينه في هذا المنصب الأول وفرض له التمديد الذي لم يجلب للبلد إلا الدماء والحروب والدمار. وقد تسبب بسبب سياسته الكيدية الخبيثة إلى خلق شرخ عميق في الوطن ككل وفي طائفته التي ينتمي إليها.
فاليوم لبنان بسبب تبعية لحود العمياء لسياسة النظام السوري الذي لم يكن لبنان بالنسبة إليه إلا دجاجة تبيض ذهباً وورقة تفاوض، وبسبب التصاقه بالحزب اللاهي الذي يعمل لتحقيق مصالح إيران في لبنان على حساب الوطن، وصل الحال إلى ما نحن فيه من انقسام على الصعيد اللبناني والماروني والذي أدى بالتالي إلى شغور منصب الرئاسة.ومن هنا فمن يوضع في منصب ليس أهلا له لا عجب أن يوصل الأمور إلى ما نحن عليه اليوم.

الخميس، نوفمبر 29، 2007

من ذاكرة التحقيق..حكايتي مع "الكندره"


راسم عبيدات
الإنتخابات الطلابية لمجلس طلبة جامعة بيت لحم على الأبواب، والصراع والتنافس بين الكتل الطلابية على أشده،والمعركة معركة كسر عظم بين جبهة العمل الطلابي التقدمية الكتلة الأكبر في الجامعة، وكتلة الشبيبة الطلابية والتي لديها قرار بالسيطرة على المجلس وفي أعلى المستويات السياسية، ومعها الكتل الطلابية الأخرى،كتلة الوحدة الطلابية والكتلة التقدمية( الأذرع الطلابية للجبهة الديمقراطية وحزب الشعب)، وكل الكتل تقوم بالإعداد لهذه الإنتخابات، وتطرح برامجها الانتخابية والتي تركز على الهموم الطلابية والوطنية، وجبهة العمل الطلابي التقدمية واحدة من هذا الكتل، ويقع الاختيار علي وعلى عدد آخر من أعضاء الكتلة لوضع اللمسات الأخيرة لهذه الإنتخابات والإعداد لها والإشراف عليها، حيث لم يتبق على التصويت سوى أربعة وعشرين ساعة، أي ستجري الإنتخابات يوم 8/5/1982، وفي المساء نبحث عن بيت من أجل أن نعد ونفرز أسماء وقوائم الطلبة، من أصوات مضمونة للكتل، وأصوات عائمة، وتحديد وتوزيع المهام والمسؤوليات على أعضاء الكتلة فيما يتعلق بالطلبة واليات دخولهم ووصولهم لصناديق الاقتراع، مسؤولية من هذه المجموعة أو تلك وغيرها من الأمور المتعلقة بالدعاية والاستقطاب، ويتبرع أحد الأصدقاء لأخذنا إلى بيت يستأجره في منطقة بيت جالا، وهناك نقوم بتفريغ وفرز كل الطلبة وإتجاهات تصويتهم، وتحديد إمكانيات الفوز والخسارة في هذه الإنتخابات.
ولم يدر في خلدنا أن هذا البيت يأوي بداخله إنسان مطارد، أو انه مراقب من قبل سلطات الاحتلال، وما أنهينا العمل في الساعات الأولى من الصباح، حيث دار نقاش بيننا نحن الطاقم المكلف بالأمور والقضايا الانتخابية، وعلى ما أذكر كان هناك الأصدقاء رضوان ياسين وإبراهيم التلبيشي وموسى الرجوب صاحب البيت، وما أن قاربت الساعة على الثالثة صباحاً، حتى سمعنا صوت آليات ومجنزرات، وطائرة هيلوكبتر في الجو، وإضاءة شديدة من الكشافات، وطرق عنيف يصاحبه استخدام مطارق وعتلات وكلاب بوليسية ضخمة لإقتحام البيت، وفجأة يفتح باب الغرفة المغلقة ويهجم علينا خضر أبو عبارة أحد الرفاق المطاردين ، والذي لم نكن نعرف انه مختفي في هذا البيت، وهو أيضاً طالب في الجامعة، ويقول لنا الجيش يقتحم البيت، وهنا كانت المهام تتطلب منا، أن نقوم بإتلاف الأوراق خشية أن تقع في يد القوة المهاجمة، وبدأنا في عملية تمزيق وحرق، وبالمقابل كان الرجوب يعد لعمل آخر، وأخذ قرار بالمواجهة من خلال ما كان عنده من وسائل في البيت، ولكن قوات الاحتلال وكلابها البوليسية اقتحمت البيت، وخضنا معركة شرسة مع كلاب الاحتلال قبل قواته، والتي كان الواحد منها بحجم الحمار الصغير، ومن ثم بدأت القوات الخاصة بضربنا بالأيدي وأعقاب البنادق وأدوات الاقتحام التي أحضرتها معها، وعلى ما أذكر كان هناك خزانة قديمة من الخشب القديم والثقيل، تم وضعها فوق الرفيق أبو عبارة بعد إلقاءه على الأرض، وأتذكر جيداً أن اثنان من القوة المهاجمة،فارعين في الطول، كانا يقولان بالعبرية التي لا أعرفها جيداً"تشكاف"، أي إنبطح وأنا أرد علية بأنني واقف، وأخيراً بعد جولة عنيفة من الضرب والمواجهة ألقوني أرضاً، وكان لدينا مجموعة من الأسرة الحديدية وضعوها فوقنا، أنا ورضوان ياسين، ومن ثم أخرجونا مكبلين،بعد ان منعونا حتى من ارتداء ملابسنا وليقودني حظي العاثر، ان أجبر على لبس " كندرة" عتيقة كان يحتفظ بها موسى يبدو للتصليح، وهذه "الكندره" لم ينجز تصليحها على ما يبدو، حيث أن المسامير لم تدق في أرضيتها بشكل جيد وبقيت بارزة، بعد أن قاموا بتحطيم كل ما البيت وهدم جدرانه، وآخر ما وعيته" أن المسئول عن القوة كان يقول لهم" تلقحو كل ما كتوف بيد"، أي خذوا كل ما هو مكتوب باليد، ووضعنا في سيارة بيجو تندر مثل الشوالات، كل إثنين فوق بعض، مع ضرب وتكسير مستمر من قبل الجنود، حيث تم أخذنا إلى مركز تحقيق "المسلخ" المسكوبية".
وبعدما أنزلونا من السيارات، مارس الجنود حفلتهم السادية علينا بالضرب والركل لمدة ساعة أو أكثر، ثم أدخلونا إلى قسم عشرين، مركز تحقيق "الشاباك"، وهنا بدأت جولات الاستجواب والتحقيق المترافقة بالضرب المبرح، حيث كان يتم شبحنا مغطيي الرؤوس بأكياس لها رائحة نتنة جداً، وتمنع عنك الهواء بشكل كلي، وتشعرك بالاختناق الشديد، ويتم ربطك مغطى الرأس، مع توثيق اليدين بكلبشات إنجليزية إلى الخلف، على أحد مرابط الخيل، حيث أن المسكوبية كانت على زمن الإنجليز، مربط لخيولهم ، بشكل لا يمكنك من الجلوس أو الوقوف، ولا يسمح لك بالنوم بتاتاً، أو يتم شبحك من خلال إجبارك على الوقوف لمدة طويلة جداً، ويترافق ذلك مع الحرمان من النوم لفترة قد تمتد إلى 72 أو أكثر، وأصدقكم القول أن التحقيق والتعذيب عندي، لم يكن يعادل الألم الناتج عن لبس "الكندره"، حيث كنت أشعر ان المسامير، تنقر في رأسي، وبعد عدة أيام من التحقيق تحينت الفرصة، التي حل فيها وثاقي للذهاب للدورة"الحمامات"، وأكل بقايا الطعام التي تقدم لنا على أساس أنها وجبة، خبزة يابسة محشوة بالأرز الناشف، وقلت الآن الفرصة أمامك للتخلص من هذه "الكندره"اللئيمة، التي تحالفت مع طاقم التحقيق ضدي، وقلت لربما معرفتي "بالمسكوبية" تمكنني من التخلص منها، من خلال رميها، لتكون خارج مركز التحقيق، ولكن لم تجد هذه "الكندرة" مكاناً تسقط فيه إلا أمام مكتب التحقيق، وما هي إلا نصف ساعة، حتى تم جّري من قبل سجانيين متمرسين في التعذيب إلى غرفة التحقيق، ويسألني المحقق" إيفوه نعلايم شلخاه" أين كندرتك، قلت له لقد تم إحضاري بدون حذاء، وليرد علي " آتاه ممزير، كاخ نعلايم شلخاه"،أي أنت كاذب وخذ هذه "كندرتك" ومن شدة الألم بدأت رجلي بالانتفاخ، حتى غدوت لا أستطيع ان أقف عليها، وما يسمى بممرض السجن، والذي هو جزء من عملية التحقيق ، يكتب في تقريره، انه ليس بحاجة للعلاج ، وكل شيء على ما يرام، ولا أخفيكم القول، ان جّل تفكيري أصبح منصباً على كيفية التخلص من هذه "الكندرة" ليس إلا، وتحينت فرصة لاحت لي، أنه تم شبحي في أحد الأيام بالقرب من مكان تتجمع فيه أكوام ملابس المعتقلين التي يتم نزعها عنهم، أثناء التحقيق حيث جلب لي أحد السجانين قطعة الخبز لإكلها هناك، ولم يكن همي الأكل بل البحث عن طريقة تريحني من هذه "الكندره"، وقلت أسلم طريقة أن أخفيها في كوم الملابس هذا، وناديت على السجان قبل إنتهاء الربع ساعة المعطاة لي للأكل والذهاب للدورة، حيث قام بوضع الكيس على رأسي ووضع الكلبشات في يدي على المربط وخازوق الحديد في ظهري، حتى يمنع أية إمكانية أن أغفو ولو للحظات، ولم يمضي على الأمر أكثر من ساعة حتى كنت في غرفة التحقيق.
وإذا طاقم التحقيق يسأل عن "الكندره"، والتي بات واضحاً لي، أنها جزء من عملية التحقيق، فاخبرتهم أنني أحضرت من أحد البيوت حافياً، ولكن المحقق قذفها في وجهي، وقال إياك أن تخلعها مرة ثانية، وإلا خلعت رأسك، ولكن الألم الناتج عن المسامير الموجودة فيها أصبح لا يطاق، وقررت مهما تكن النتائج أن أتخلص منها، وتحينت فرصة شبحي بالقرب من حاوية القمامة، وفك القيود من أجل الذهاب للدورة لإخفائها في قلب حاوية الزبالة، متأملا أن لا تعود إلي مطلقاً، ولكن تابى هذه "الكندرة "اللعينة مفارقتي، حيث أقسم طاقم التحقيق هذه المرة بأنه سيهرس عظامي ويحطم جمجمتي، أن تخلصت من "الكندره"، ويمضي على التحقيق شهر كامل أو أكثر، ليقوم المحققين بإنزالي إلى غرف السجن لسبب لا أعرفه، أو لربما كان في الغرفة أحد او بعض المتعاونين مع "الشاباك"، ويأملوا بالحصول على معلومات مني، ولكي أجد شاباً من مخيم العزة يدعى رائد العزة سيفرج عنه، فاقترحت عليه بما انه سيفرج عنه، أن يعطيني "بوطه" الذي يلبسه ويأخذ "الكندرة" معه، ويحرقها حال وصوله مخيم العزة ، وعند المساء جاء الشرطي يستدعيني للتحقيق، وكنت أشعر بأنني إنسان جديد، حيث بدأت لأول مرة أشعر بالراحة، ولم يعد صوت المسامير يطرق في رأسي، وإذا بالمحقق يبادرني بالسؤال، وهو لم يكن من الطاقم المخصص للتحقيق معي أين "الكندرة"؟ قلت له سلامة نظرك، انا أحضروني بهذا "البوط "، فقال لي أنت كاذب، فقلت له أنا اريد ان أسألك، هل أنتم تحققون معي حول الجبهة الشعبية ونشاطي فيها، أم حول "الكندره"؟، فإذا كان التحقيق حول حيازتي "كندره" ، فأنا معترف، أما شيء آخر فلا، وهنا طلب مني أن استعد لكي نذهب إلى مخيم العزة لكي نحضر "الكندره "، وهنا لا أخفيكم إسودت الدنيا في وجهي يا لها من فضيحة راسم قادم مع المحققين إلي بيت رائد العزة لأخذ "كندره "، وفعلاً تم وضعوني في سيارة فورد بيضاء اللون خصوصية، وعصبوا عيني، وشعرت أن السيارة تسير بسرعة عالية جداً وتخيلت أنها وصلت الحدود اللبنانية ، ولكي أكتشف أنها خدعة، حيث لم يخرجوا من المسكوبية، ولكي تنتهي معي قصة "الكندرة" عند هذا الحد، بعد أن لعبت وأدت دوراً أراده لها المحققون في التحقيق معي ، وطبعاً دون أن ينتهي التحقيق.

القصر الفارغ


رشا أرنست

منذ فجر يوم السبت 24 نوفمبر والقصر الرئاسي اللبناني فارغ، ليس به رئيس يذكر بعد انتهاء الفترة الرئاسية للجنرال إميل لحود ورحيله عن القصر. بالتأكيد رحيل رئيس حيّ يرزق في بلد عربي حدث كبير، وربما اللبنانيون عرفوا بعد تسع سنوات لرئاسة لحود قيمة انتهاء رئاسة لا يريدونها، وتذكروا من جديد قيمة أن يكون لهم الحق والحرية أن يختاروا رئيساً لهم. ولكن مع الأسف المعرفة شيء والتطبيق شيء أخر. أن تعرف انك حرّ أمر جيد، ليس سهلاً في أحيان كثيرة بل انه في أوضاع كثيرة يعتبر منحة إنسانية وليست إلهية كما خلقنا الله أحرار. ولكن أن تعيش حريتك تلك هي المعضلة. ولكي نكشف عنها لابد هنا أن نتطرق إلى جزئيين، الأول: هل تعرف كيف تعيش حريتك؟ والإجابة لا تكفي هنا بكلمة نعم. لأنها تحتاج إلى أكثر من ذلك، تحتاج إلى دليل. دليل انك حرّ، دليل انك لن تسجن إذا تكلمت، دليل انك تقول رأيك ويصل فعلا دون تزييف، دليل انك قادر على ممارسة حقك القانوني دون تمييز، وغيرها من الدلائل. أما الجزء الثاني فهو: أتعيش حريتك دون أن تتعدى على حرية الآخرين؟ وهذا هو الجزء الأصعب لأنه معقد جداً، وأيضاً يحتاج إلى دليل، دليل انك لا تتعدى على غيرك لأنه يمارس حريته، أو انه يفعل ما لا يرضيك، أو انه يختلف عنك في العقيدة أو التفكير، دليل انك لن تقتل أحداً إذا خالفك الرأي ومارس حريته، دليل انك لا تمارس القهر على من هو اضعف منك وتقول انك حرّ. مشكلتنا نحن العرب نريد أن نكون أحرارا ولا نعرف كيف، إذا مارسنا الحرية نختلف، وإذا قُمعنا نثور، وإذا ثورنا تكون ثورتنا همجية فيقتل احدنا الآخر. ماذا نريد وماذا ينفع لنا؟ تلك هي المعضلة الرئيسية والتي حتى الآن لا حل لها.

الحرية نعمة كبيرة ولا يدرك قيمتها إلا من جرب السجن، أو من ذاق مرارة أن يكون محدود الحركة أو التفكير بشكل إجباري. أما الآخرون لا يشعرون بها إلا عندما تُسلب منهم يوماً. اللبنانيون يتأرجحون اليوم بين إمكانية اختيار رئيس توافقي وبين عدم التوافق ووضع البلد على حافة الهاوية مع احتمال قيام حرب أهلية. مع العلم انه مهما كان هذا الرئيس لن يَرضى عنه الجميع، فلكل منا وجهة نظره في الآخرين حسب طريقة التفكير والتقييم. وظروف لبنان تجعل المسئولون يفكرون بما بقى لديهم من ضمير حيّ، أن يفكروا بشيء من المنطق، أي رئيس يحتاج له لبنان الآن؟ بعيداً عن أي طموح في الكرسي الرئاسي. فكما رأينا الكرسي الرئاسي داخل القصر الفارغ، فالقصر الفارغ أفضل بكثير من قصر لا يعرف العدل.
كل إنسان يعيش حرّ في مجتمع حرّ يكون قادر على إدارة شئونه ومسئولياته جيداً، والرئيس مهما كان لن يستطيع أن يضمن للجميع الرضا عن حياتهم أو عن آرائه وتصرفاته هو شخصياً. فليكن رئيس لبنان من يكن المهم أن يكون قادراً على اتخاذ قرار عادل لمصلحة لبنان واللبنانيون. عام 1937 قال والتر ليبمان عميد الصحفيين الأمريكيين في ذلك الوقت "في المجتمع الحر، لا تدير الدولة شؤون الناس. إنها تدير العدالة بين الناس الذين يديرون بأنفسهم أعمالهم الخاصة بهم".
لكل شيء ثمنه والحرية ثمنها غاليً جداً، ومن يُقرر أن يحيا الحرية لابد أن يكون قادراً على دفع هذا الثمن. لبنان كان دائما قادراً على دفع ثمن حريته وإرادة شعبه قادرة على الاستمرار بدفع الثمن أكثر حتى لا تتنازل عن دماء الشهداء التي راحت حتى تضمن للبنان الكرامة والتميز بين دول العرب جميعاً. ولكن ما يحتاج إليه الشعب اللبناني أن يصحو من غفلة هذا الاختيار العنيد وان يمارسوا حقهم كاملاً في الحرية. لابد أن يستيقظ الجميع على حقيقة كل مرشح دون النظر إلى المصالح الشخصية أو إلى الكلمات الحماسية التي ينطق بها المرشحون جميعاً. أمامكم الوقت لتقرروا وتختاروا من تريدون رئيساً يبذل حياته من اجل أن يعيش لبنان. تملكون الوقت الآن ولا تعرفون ماذا يحدث غداً!!

نـواب الأمـة وسياسة الربع ساعة الأخير!

لاحظ س. حداد

الدولة اللبنانية لن تبقى محطة انتظار.. وإذا ما استمرءَ الساسةُ تفضيلَ التمسُّكِ بمواقفهم دون الوطن، فإن الشعب سينبذهم ويلفظهم لفظ النواة بعدَ أن أكلوا الأخضر واليابس في وطنه.. فالأرض تغلي تحت أقدام هؤلاء الساسة، معارضة وموالاة، ولن تلبث أن تفجِّرُ بركاناً وطنياً يُطيح بهم جميعاً؛ فلا الإحساس بالمسئولية يحركهم ولا التاريخ يوقِظُ ضمائرهم.

إن المجلس العالمي لثورة الأرز يُحذّرُ جميع السياسيين اللبنانيين من مغبة التماهي في "جبر خواطر" بعضهم البعض.. اللبنانيون في جميع أنحاء العالم باتوا اليوم أكثر قلقاً على المصير وهم يرون تقاعص قياداتهم عن النهوض بوطنهم والقيام بواجبهم الدستوري وانتخاب رئيسٍ للبلاد..
إن التمادي في اختراع مبررات تعطيل الاستحقاق الرئاسي من قبل البعض، والتواني باتخاذ الخطوات الضرورية لتحقيقه من قبل البعض الآخر، باتت اليوم أشد خطراً على الوطن من أي وقتٍ مضى.. ففيما النظام السوري يتقدم بتؤدة إلى اقتناص جميع الفرص التي يتيحها له تخاذل نواب الأمة لإعادة الإمساك بعنق الوطن، وفيما النظام الايراني يناور حيث أمكن من أجل تنفيذ أحلامه في استكمال وضع قدميه على التراب اللبناني، نجد الجميع سادرُ في تمثيل أدوار مختارة في المهزلة.. مهزلة المعارضة والموالاة!

إن المجلس الأعلى لثورة الأرز بات على يقين من أن رئيس مجلس النواب، الاستاذ نبيه بري، يفقد مصداقيته تدريجياً، المُصدقة أحياناً، كونُه لا يستطيع الفكاك من ارتباطاته المحلية والاقليمية، لذا نراه يقفز في خطواتٍ لا تستند إلى أي منطق دستوري لتعطيل هذا الدستور، ونراه يتخطى كافة تعهداته نحو المراجع الوطنية ليعلن ما يُملى عليه.. والأهم أنه، حتى اللحظة، يتجاوز النصوص الدستورية ويتصرّف بها مذاجياً بتعيين جلسات انتخاب الرئيس وتأجيلها حتى بعد فقدانه الحق الدستوري مع نهاية اليوم السابق للعشرة أيامٍ التي تسبق نهاية الفترة الانتخابية.. أما الإدعاء الدائم بعدم شرعية الحكومة لإقفال أبواب مجلس النواب فهو باطلٌ أساساً كون المجلس النيابي وحده هو المخوَّل دستورياً لحجب الثقة عن الحكومة وإسقاطها..

إن المجلس العالمي لثورة الأرز يرى في طروحات أركان المعارضة ومبادراتها المتتالية المُبهمَة وغير المجهولة المصادر أو الغايات ، ما هي سوى مبارات لتعطيل الاستحقاق الرئاسة بانتظار أحداث اقليمية أو دولية تدعم تحقيق أحلام أطرافها..

فأهداف حزب الله وكذلك رئيس تكتل الاصلاح والتغيير [ البطريرك السياسي للمسيحيين ] لا يحتاجان عناء التوضيح وعليه، فعلى الوطن الانتظار.. انتظار الفراغ أو إفراغ الوطن من شعبه وإرقاده في كهوف المقاومة ودهاليز السياسة الغوغائية لتحقيق الأغراض الشوفينية والنرجسية، كانما الوطن أصبحَ "مرجَ زهورٍ" مباحاً أمام كل ذي طموح سياسي أو شبق نحو سلطة..

لم يعد من المُبَرَّر قط أن يستمر قادة ثورة الأرز في سياسة المراضاة والتكويع والوقوف على خواطر من أثبتوا ويثبتون يومياً أن تخليهم عن أهدافهم الخاصة، ولو على حساب ضرب الوحدة الوطنية، والعودة إلى الوطن وإنقاذه من مخططات محور الشر المتربص به، أضحى أمراً مستحيلاً تماماً.. وهؤلاء وَجَبَ اليوم إنقاذَهم من عقدهم لتُفكّ عقدة الوطن..

لذلك، فإن،
المجلس العالمي لثورة الأرز، بعد نفاذ جميع محاولات التراضي والتوافق التي بُذلت إلى الآن، إن من قِبَل المجتمع الدولي أو العربي، يهيب بهؤلاء القادة أن يبادروا، وفورَ وصولهم إلى المجلس النيابي، يوم الجمعة المقبل، 30 نوفمبر الحالي، وبعد انتظار، لا يزيد عن ساعة واحدة من الزمن، وليس ربع ساعة أخير، وصول زملائهم النواب، وندعوهم إلى القيام بواجبهم الدستوري وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وليتحمَّل الجميع مسئولياتهم.. وليشهد العالم كله أن ثورة الأرز لم تكُ مجرَّدَ طارئٍ يزول بزوال الاحتلال بل هي باقية أبداً للدفاع عن الوطن الغالي ... لبـنان.

صانك الله لبـنان
المجلس الوطني لثورة الأرز / نيوزيلندا
المجلس العالمي لثورة الأرز.


"ميجاريح"

ناصر الحايك
عاجل الى المؤتمرين فى أنابوليس الى الذين يستحمرون عقولنا
الى أصحاب الجلالة والفخامة و المعالى والعظمة والسمو
أهديكم هذه المقتطفات المثيرة المصحوبة بأغنية "ميجاريح" الوطنية
وأقول لكم:اذا كنتم تعتقدون أن مؤتمر الفحش الذى هرولتم اليه هو الطريق الأمثل لتحقيق الفضيلة،
فاننى أفضل التفرج على ما يسمى بالمشاهد الاباحية والحاضنة "للرذيلة"
وأدعو الجميع للمشاركة تحت شعار "قبل أن تحاسبوا" عوضا عن مشاهدة وجوه "حماة الأمة" البائسة ،
الكالحة ،
الذليلة...
آخر الكلام : ساوموا كما شئتم
قبلوا مؤخرات من أحببتم
العقوا نعال من جمعكم
لن نكترث بعد اليوم
وسنعاهدكم وأنظارنا غير مشدوهة اليكم
وقلوبنا ليست معكم...
سنعاهدكم بلملمة أشلاء رجولتنا المترهلة والمبعثرة
وسنعلنها ثورة فقط فى أحضان النساء
اذا قبلن أصلا برجال مثلنا
وقسما أننا على العهد باقون
ويا عربى مايهزك
ك.......
فيينا النمسا

الاتحاد العام لطلبة فلسطين دور وطني بحاجة الى تفعيل


رضوان عبد الله
• مقدمة
ان المرحلة النضالية الراهنة التي يخوضها الشعب الفلسطيني، هي استكمال لمرحلة التحرر الوطني التي بدأت مع بدايات الخمسينيات من القرن الماضي و ذلك مع بدايات الوعي الفكري و الثقافي الفلسطيني المتمثل بالنهضة الطلابية الفلسطينية التي كان على رأسها الشهداء القادة ابو عمار و ابو جهاد و ابو الهول و ابو اياد و فيصل الحسيني و وعلي ابو طوق وبشير البرغوثي و معهم عشرات من الكوادر و القادة الاحياء ، الكثر بالكم و النوعية ، امد الله بعمرهم . تلك النهضة التي اثمرت حركة طلابية فلسطينية عريقة و ولدت الظاهرة النقابية الفلسطينية الفريدة من نوعها في العالمين العربي و الاسلامي كأول مؤسسة فلسطينية تقوم على حق الانتخاب جاءت ايضا اول رد عملي على تقسيم فلسطين ، تلك الظاهرة هي الاتحاد العام لطلبة فلسطين ، و كان اول رئيس له الاخ القائد الرمز الشهيد الرئيس ابو عمار .
وفي هذه المرحلة ايضا تتداخل وتتكامل المهمات الوطنية مع المهمات الديمقراطية والاجتماعية لذا فإن التناقض الرئيسي في هذه المرحلة هو بين الشعب الفلسطيني بكافة طبقاته وفئاته الاجتماعية و شرائحه وبين الاحتلال الإسرائيلي بعنصريته الكاملة ، و هكذا فان النضال من أجل تحقيق أهداف شعبنا الوطنية يكمن في احقاق حقوقنا الوطنية و على رأسها حق كل فرد من افراد شعبنا بانجاز العودة وتقرير المصير و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
و إن قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، على جزء من الارض الفلسطينية ، رغم تدمير كافة معالمها من قبل الاحتلال الاسرائيلي بما فيها مقرات الاجهزة الامنية و مطار غزة و المباني الحكومية الخ ... و رغم الانقلاب الذي ارتكبت حماقته حركة حماس و اجهزتها الظلامية الاجرامية ، رغم كل ذلك فان قيام السلطة الوطنية على اراضي فلسطينية قد أحدث تحولا نوعيا في مجرى قضية النضال الديمقراطي والاجتماعي والاقتصادي منذ اعلان الاستقلال الذي اقره المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 في دورته التي عقدت في الجزائر ، و ذلك من خلال المسؤوليات المباشرة التي تتحملها السلطة الوطنية الفلسطينية ، تجاه جماهيرنا داخل الوطن ، استنادا للثوابت الوطنية الفلسطينية بمرجعيتها الشرعية و الوحيدة الا وهي منظمة التحرير الفلسطينية. و إن ما تتميز به المرحلة الراهنة من التداخل الجدلي العميق بين المهمات الوطنية والمهمات الديمقراطية والاجتماعية بات يتطلب تحديدا دقيقا للمهام على الصعيد الوطني العام، مستندا في تحقيقها على الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه بكافة طبقات وفئاته الاجتماعية وفصائله وأحزابه وقواه السياسية والاجتماعية، كما يتطلب أيضا تحديدا دقيقا للمهمات الديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية، مستندا في تحقيقها على أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى أساس احترامها للديمقراطية والتعددية السياسية، والحقوق الأساسية وتطبيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تكفل الحياة الكريمة للمواطنين، وتمسكها بالبرنامج الوطني بأهدافه المتمثلة في حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وهكذا كان ، فقد لعب الطلاب الفلسطينييون دورا بارزا في الحركة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها فكان الاتحاد العام لطلبة فلسطين أحد أول وأهم المؤسسات الوطنية والنقابية التي تأسست في الخمسينات من القرن العشرين. ولم يكن الاهتمام بالقضايا الطلابية المعروفة الدافع الرئيس من وراء إنشاء الاتحاد ، فقد كان الهدف هو تجميع شباب وطلاب فلسطين في شكل من أجل الحفاظ على هويتهم الوطنية والقومية والمساهمة العملية في النظال من أجل تحرير فلسطين. لذا فإن جل نشاطه انصب على العمل الوطني الفلسطيني والمساهمة في الثورة الفلسطينية. واصبح الاتحاد فيها بعد ممثلا للشباب الفلسطيني في المحافل الدولية والعربية وكانت فروع الاتحاد المنتشرة في إنحاء من العالم تقوم بنشاط على محاور عدة لدعم القضية الفلسطينية.
• الصراع الحزبي على الحركة الطلابية الفلسطينية
وقد شكل إنشاء الاتحاد العام لطلبة فلسطين مبادرة شبابية على درجة عالية من حمل المسؤولية الوطنية والاجتماعية للحفاظ على الشباب الفلسطيني وهويتهم الوطنية والثقافية ولامساهمة في لعب دور فاعل على الصعيد الوطني والسياسي إضافة الى الجوانب الاخرى، وهو فعلا شكل من أشكال العمل النقابي الرائد في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية.
فقد كانت الجمعات والكليات الفلسطينية في الاراضي المحتلة مسرحاً لنشاط وطني واجتماعي بدأ يبرز منذ أواخر السبعينات. ولم تكن الجامعات والكليات مجرد أماكن للدراسة بل انها كانت خلية من النشاط والحركة، فعدا على تنظيم الفعاليات الوطنية والمظاهرات ضد الاحتلال الاسرائيلي، فقد قامت الاطر الطلابية ومجالس الطلبية بتنظيم المهرجات الفنية والتراثية السنوية والفصلية وتنظيم العمل التطوعي في قطف الزيتون وكذلك إقامة المعارض الفنية والتراثية الفلسطينية.
الى ذلك، ثمة نشاط سياسي فلسطيني في الخارج، حيث دأب الطلاب الفلسطينيون على اصدار الصحف، وتنظيم علاقات وطنية بالاحزاب العربية، من اجل قضية بلادهم الوطنية، اذ أن نكبة 1948 الفلسطينية أحدثت تغييرات ملحوظة في المشهد، من بينهما تدمير البنية السياسية الفلسطينية، وتدفق الفلسطينيين الى مصر ولبنان وسوريا والاردن اضافة الى قطاع غزة والضفة الغربية. ومن المعروف بأنه قد ننجح القسم الانشط من التجمع الشيوعي في الضفة في تأسيس رابطة في الوسط الطلابي الفلسطيني وفي مصر نجح الماركسيون ايضا حيث ترأس الطالب في كلية الطب، ابن صفد نديم نحوي في تأسيس عصبة طلابية. ومع مرور الوقت، نجح "حزب البعث" في الضفة الغربية في تأسيس فرع له في الوسط نفسه، وتبعته "حركة القوميين العرب" في الاتجاه نفسه. اما الاخوان المسلمون فتضافروا من قطاع غزة ومصر، فكان فرعهم في الوسط الطلابي الفلسطيني الاكثر عدداً، حتى سنة 1957.
اما الهيئة العربية العليا، وحكومة عموم فلسطين فقدتا مبرر وجودهما. واكتفتا باليافطة، لذا كان طبيعياً ان يتركز النشاط السياسي الفلسطيني هنا في "رابطة الطلبة الفلسطينيون"، التي غدت بمثابة مدرسة كادر لتخريج القيادات السياسية اللاحقة. فكان الرئيس ياسر عرفات، أول رئيس لهذه الرابطة (1950-1956)، وأيضا الشهيد صلاح خلف (ابو اياد)، الذي كان نائبا للرئيس ياسر عرفات، وخلفه في رئاسة الرابطة سنة 1956، فضلا عن السيد فاروق القدومي ابو اللطف، و الشهيد خليل الوزير ( ابو جهاد ) الذي كان سكرتيراً عاماً لرابطة الطلاب الفلسطينين في غزة، و الشهيد فيصل الحسيني الذي انضم عام 1959 الى حركة القوميين العرب، ورابطة الطلبة الفلسطينيين التي تحولت في نفس العام الى الى الاتحاد العام لطلبة فلسطين، والشهيد هايل عبد الحميد ( ابو الهول ) والشهيد بشير البرغوثي ونشطاء آخرين من بينهم السيد تيسير قبعة.
• إرهاصات تشكيل الاتحاد
مما تقدم يمكن فهم الصراع الحزبي الذي احتدم من اجل الاستحواذ على قيادة "رابطة الطلبة" ومن بعدها "الاتحاد". ومعروف بأن "الاتحاد العام لطلبة فلسطين"، اتخذ من القاهرة مقراً له، منذ قام سنة 1959، بعد اتحاد الروابط الطلابية الفلسطينية في مصر وسوريا ولبنان وغيرها من الاقطار العربية والاجنبية.
منذ سنة 1957ـ بدأت الحكومة المصرية تتدخل ، باطراد، في أمر تشكيل قيادة " الرابطة" ومن بعدها "الاتحاد"، فيحن كان النظام المصري راضيا عن "البعث" – جانب عوامل اخرى – تولى اعضاء من "البعث" رئاسة الاتحاد، وكانت لهم الاغلبية في هيئتة التنفيذية. حتى اذا ما اصطدم النظام الناصري بالبعثيين، صيف 1963، نقل دعمه الى "حركة القوميين العرب"، حتى اواسط الستينيات، حيث انتقل بدعمة الى طلبة "الطليعة العربية"، الموالية لعبد الناصر. مما قلل من الوزن السياسي لهذا الاتحاد، الامر الذي تعزز بعد قيام منظمة التحرير في اواسط السيتنات، بمؤسساتها السياسية والثقافية والعسكرية فضلا عن تنظيمها الشعبي.
الى جانب "الرابطة" تاسس في القاهرة "النادي الفلسطيني العربي" سنة 1953،ومن عام 1957 انتقل مقر النادي الى مصر الجديدة، ثم عاد الى وسط القاهرة، عام 1960، وبقي هناك حتى سنة 1964 وفي موازاته تأسس "النادي الفلسطيني العربي"، في الاسكندرية، عدا فرعان للنادي في مدينتي العريش وبور سعيد وقد استهدفت هذه النوادي تعزيز الروابط بين الفلسطينيين المقيمين في مصر، ونشر الوعي السياسي بينهم، وتبني مشاكلهم الاجتماعية والثقافية.
تعود أصول الحركة الطلابية الفلسطينية ما بعد النكبة الى 29/11/1959 تاريخ تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين حيث اقره المؤتمر لاعام الذي عقد في القاهرة للروابط الطلابية الفلسطينية التي جاءت من غزة ودمشق وبيروت و الاسكندرية كذلك رابطة طلبة القاهرة. ففي تشرين ثاني عام 1959 قرر الطلبة المجتمعون في المؤتمر التأسيسي في القهرة بتأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين كـ "منظمة طلابية ديموقراطية تمثل طلبة فلسطين في جميع انحاء العالم"، إيماناً "بالدور الطليعي لاذي يجب على الطالب ان يقوم به في نضال شعبه"، حسب ما ورد في دستور الاتحاد، وذلك تحت تأثير الوعي الجماهيري، والذي اطلق بدوره مسيرة النضال الفلسطينية و حصل على عضوية دائمة في الجامعة العربية كأول مؤسسة فلسطينية بعد النكبة تقوم على حق الانتخاب.
• قاعدة من قواعد الثورة الفلسطينية
منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، صيف 1964، ازداد النشاط العلني الفلسطيني في مصر الى ما بعد حرب 1967. ونشط مكتباها في القاهرة والاسكندرية، عدا مقر اللجنة التنفيذية للمنظمة في العاصمة المصرية، حيث سمحت السلطات المصرية، بعد هذه الحرب وصعود المنظمات الفدائية لحركة "فتح" بالنشاط العلني في مصر، فافتتحت الحرة عدة مكاتب، غالبيتها في القاهرة، فيما اعتبرت قيادة اتحاد الطلاب "ان الاتحاد قاعدة من قواعد الثورة الفلسطينية" ، و ليس كما هو حاصل اليوم من تحويل الاتحاد الى بؤر للصراع على انجازاته و مكتسباته المهمة التي يحاول السيطرة عليها المتسلقون ممن يسمونهم كوادر او قيادات منظماتية رغم ان تلك المكتسبات كانت قد احرزت خلال الست و خمسين عاما المنصرمة بهمة و كفاح الطلبة و القيادة الفلسطينية و على رأسها القيادة الفتحوية التي اخذت على عاتقها حماية الاتحاد من اي انقسام او تجزأة .
• تعزيز دور الاتحادات
و قد عزز المجلس الوطني في دورته الحادية عشرة التي عقدت في القاهرة 6-10/ كانون ثاني 1973 دور التنظيمات الشعبية والنقابات والاتحادات حيث اكد على:-
- ضرورة زيادة تمثيل الاتحادات الشعربية والنقابات في المجلس الوطني الفلسطيني واي مجلس سيط بينة وبين اللجنة التنفيذية.
- ضرورة مشاركة الاتحادات والنقابات ذات الاختصاص في المؤتمرات والوفود التي تشارك فيها منظمة التحرير.
- على منظمة التحرير الفلسطينية تقديم كافة الامكانيات لتسهيل عمل المنظمات الشعبية والنقابات عن طريق دائرة التنظيم الشعبي ومكاتب المنظمة ومن خلال الامانات العامة فقط دون إخلال بأنظمة الاتحاد ولوائحها الداخلية.
- تقوم المنظمات الشعبية والنقابية بالتشاور مع اللجنة التنفيذية ودائرة التنظيم الشعبي ببحث كافة الوسائل التي تمكن الاتحادات الشعبية والنقابات من اجراء اتصالات مع القطاعات الشعبية داخل الارض المحتلة لاستكمال بناء المنظمات الشعبية والنقابية للنضال ضد مشاريع الاستيعاب والاستيطان الاسرائيلي.
و قد تم دعم العمل النقابي الفلسطيني من قبل منظمة التحرير الفلسطينية من خلال ما اقره المجلس الوطني الفلسطيني ، في نفس الدورة ، بتوصيات لدعم العمل النقابي الفلسطيني من خلال لجنة التنظيم الشعبي كان اهمها :
1. التنظيمات الشعبية والنقابية الفلسطينية هي بناء ديمقراطي شعبي تنظيمي يقوم على اساسا المهنة او المجنس او العمر. وهي تنظيمات نضالية مهمتها تنظيمية انتاجية تشارك في النضال السياسي لإبراز الكيان النضالي وتعمل على تحقيق الوحدة الوطنية.
2. التنظيمات الشعبية والنقابية هي أطر لتعبئة وتنظيم قطاعات الشعب الفلسطيني وربطها في المجرى العام لحركة النضال الوطني المتمثل في الثورة الفلسطينية المسلحة.
3. تلتزم التنظيمات الشعبية والنقابية الفلسطينية تشكل بطريق ديمقراطي من القاعدة.
4. تطوير واستنباط الاشكال والبنيات التنظيمية للمنظمات الشعبية والنقابات من خلال مؤتمراتها وأطرها التنظيمية بما يخدم المنطلقات السابقة الذكر.
5. المنظمات الشعبية والنقابات قوى مراقبة وضاغطة على القيادة السياسية للثورة الفلسطينية.
6. التأكيد على حق المنظمات الشعبية والنقابية في تسمية ممثليها الى المؤتمرات والهيئات القيادية في منظمة التحرير كافة.
7. جعل المعونات التي تقرر للمنظمات الشعبية والنقابية الى معونات ثابتة تدفع بشكل دوري دون ربطها بقرارات مسبقة من اللجنة التنفيذية.
8. ضرورة ان تعمل منظمة التحرير الفلسطينية على زيادة قبول الطلبة الفلسطينيين في الجامعات العربية بعد ان خفضت الدول العربية قبولهم في جامعاتها بنسبة كبيرة بعد سنة 1970. على أن يكون قبولهم عن طريق دائرة التعليم في منظمة التحرير.
9. تتعاون الدائرة الثقافية في المنظمة مع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في اختيار البعثات الدراسية المقدمة من الدول الصديقة لمنظمة التحرير وأجهزتها.
و تم التجديد لمثل هذه الدعوة من قبل الدائرة السياسية للمنظمة ببيانها الصادر في تونس مع حلول الذكرى السابعة و الخمسين لنكبة فلسطين ، و بتاريخ 15/5/2005 حيث عقد لقاء بتونس في بمقر الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بين الاخ ابو اللطف ، فاروق القدومي ، رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وزير خارجية دولة فلسطين ، و بين وفد من ممثلي بيان الجاليات الفلسطينية في الشتات و الذي اعلن يوم 15/12/2004 و ما تبعه من بيانات و لقاءات في 8/1/2005 الخ ... تم خلالها تبنـــي بيان الجاليــــات الفلسطينيـــة في الشتات و الاتفاق على:
1- تفعيل مؤسسات و هياكل منظمة التحرير الفلسطينية و الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني وفقا لمركبات القضية الفلسطينية .
2- التمسك بالثوابت و الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة و على راسها حق العودة للاجئين الفلسطينيين و ازالة الاحتلال و اقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس .
3- الدعوة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني باسرع وقت ممكن ، و قبل نهاية هذا العام و اشراك الجاليات في التشاور و الانتخابات له.
4- التأكيد على ان الجاليات الفلسطينية في الشتات و المهجر هي جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني الواحد و الداعم لصمود شعبنا .
5- الدعوة لعقد مؤتمر عام للجاليات الفلسطينية في الشتات في الربع الاخير من هذا العام وفقا لما تم الاتفاق عليه كحد ادنى .
طبعا فان تفعيل مؤسسات و هياكل المنظمة يعني تفعيل كافة الهياكل و من ضمنها الاتحاد العام لطلبة فلسطين بفروعه كلها.
• مقاومة الاحتلال
منذ اواسط السبعينات، بدأت تتشكل لجان العمل التطوعي في الاراضي الفلسطينية وكان لهذه اللجان دورا فاعلا نحو تعزيز العمل التطوعي كأحد أهم أشكال العمل المجتمعي، وربما شكلا من أشكال المقاومة والاثبات للاحتلال أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وثراه. وكانت تتركز أنشطة هذه اللجان في تنظيم فعاليات قطف الزيتون وحملات النظافة في المدن والقرى وزراعة الاشجار وتنظيم المعسكرات التطوعية الشبابية، وبدأت تتشكل من خلال هذا حلقة اتصال بين الشباب في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل ما يسمى "بالخط الاخضر".
وفي فترة الانتفاضة الاولى (1987-1993) فقد بدأت الحياة الفلسطينية عموما تأخذ نمطا وتفكير جديدا. فلقد أدرك الجميع اولا أن الانتفاضة ستستمر الى فترة طويلة، لذا فقد بدأت تتشكل اللجان الشعبية المختلفة من أجل تنظيم فعاليات الانتفاضة من أعمال مواجهات وإصدار البيانات وغيرها. وكان الطلاب العنصر المحرك والقائد للانتفاضة في كافة أشكالها وتوجهاتها، وبدأت القيادة الموحدة والتي تضم جميع الاطر المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية في تشكيل اللجان المختلفة من اجل الاشراف المباشر على فعاليات الانتفاضة. واصبحت فيما يعرف بالقوات الضاربة احد اهم اذرع الانتفاضة. والقوات الضاربة هي القوة التنفيذية لفعاليات الانتفاضة وهي تتشكل اساسا بنسبة كبيرة من الطلاب. وباتت هذه القوات الجهة المحركة والموجهة لنشاط الشارع الفلسطيني على مدار فترة الانتفاضة، ولم يقتصر عملها على رشق الحجارة والمقاومة ضد الاحتلال، فقد قامت بمهمات اجتماعية متعددة تتعلق بالانتفاضة مثل توزيع المواد التموينية على الاسر المحتاجة وزيارة بيوت الشهداء وتقديم العزاء لهم وكذلك الجرحى والمصابين والمعتقلين. وقامت بتنظيم فعاليات الحراسة والتعليم الشعبي في القرن والمدن الفلسطينية في ظل استمرار الحصار ومنع التجول على القرى والمدن والبلديات والمخيمات الفلسطينية. وكذلك حل بعض المشاكل والخلافات بين افراد المجتمع. ومن هنا يمكن النظر الى دور جديد للطلاب في معالجة القضايا المجتمعية والتي نتجت في المجتمع. ومن هنا يمكن النظر الى دور جديد للطلاب في معالجة القضايا المجتمعية والتي نتجت بشكل مباشر عن الانتفاضة.
وبعد توقيع اتفاقية " اوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية في العام 1993 ومن ثم إنشاء السلطة الفلسطينية، بدأت مرحلة جديدة من تاريخ الشعب الفلسطيني الذي بدأ يملك وللمرة الاولى السيطرة على جزء من ارضه. وقد اعقب انشاء السلطة الفلسطينية انشاء الوزارات ومنها وزارة تعني بالشباب والرياضة و وزارة اخرى تعني بالتربية والتعليم و اخرى تعني بالثقافة. وقد بدأت تبلور لدى المنظمات الشبابية رؤية جديدة لعملها، ولا سيما تلك المنظمات التي تتبع لمنظمات سياسية وفصائل طنية. فقد أخذت تتحول الى شكل أخر من العمل الشبابي يتماشى مع الواقع الجديد ومرحلة بناء المجتمع المدني والدور المجتمعي الجديد للقطاعات المختلفة.
وقد بادرت هذه الاتحادات الى تأسيس مجلس الشباب الفلسطيني في العام 1998 ليكون مظلة تجمعها و نحو بلورة رؤية جديدة للعمل الشبابي في فلسطين. وقد برز من خلال عمل هذه المؤسسات والاتحادات الحاجة الملحة الى العمل بشكل مبرمج وممنهج من أجل صياغة خطط عملية لتطوير وتنمية قطاع الشباب في فلسطين. ومما لا شك فيه، ان هذه الخطط ستعالج بشكل شمولي الجوانب المختلفة من العمل الشبابي والعوامل التي تؤثر في تنمية الشباب وبالتالي تكون شكلا من المؤسسات الاجتماعية لتمكين وتعزيز دور السياسة ظلت هاجس الفلسطينيين، اينما حلوا، منذ النكبة، لذاغرقت المؤسسات النقابية ولاشعبية الفلسطينية في النشاط السياسي، على حساب الشأنين النقابي والمطلبي.
• بطاقة تعريف للاتحاد العام لطلبة فلسطين
- الإسم: الاتحاد العام لطلبة فلسطين
- تاريخ الميلاد: 29/11/1959
- الجنس: منظمة غير حكومية حتى قيام منظمة التحرير الفلسطينية حيث اعتبر نفسه قاعدة من قواعد الثورة الفلسطينية.
- الوزن: 46 فرع في دول عربية و اوروبية وعالمية مختلفة.
- المهنة: نقابة طلابية.
- العنوان: القدس مقره الدائم.
• هيئات الاتحاد العام لطلبة فلسطين
- الهيئة التنفيذية: عددها احدى عشر عضوا وتقود الاتحاد بمهامه المتعددة.
- المجلس الاداري: ويتألف من ثلاثة وثلاثين عضوا ويشرف على عمل الهيئة التنفيذية.
- الفروع: 46 فرع، ذو هيئات ادارةي موجهة ( من 7 الى 13 عضوا ).
- الوحدات: هيئات مصغرة تتشكل منها الفروع.
- الرئيس الشرفي: سلطة معنوية منتخب من المؤتمر.
- المؤتمر العام: هيئة عليا تجتمع بصورة غير دورية وحيتن تقتضي الضرورة. ( تم عقد عشر مؤتمرات كان آخرها في ايار 1990 في بغداد ).
• الخطوط العريضة للنشاطات
- الدفاع عن القطاع العام في التعليم.
- مساهمة الطلبة في النقاش السياسي الوطني.
- شؤون الشباب وخصوصاً الطلاب.
- الحقوق النقابية والاجتماعية للطلبة.
• الاتحاد العام لطلبة فلسطين عضوا في:
- اتحاد الشباب العربي.
- الاتحاد العام للطلبة العرب.
- الفيدرالية العالمية للشباب الديمقراطي.
- الاتحاد العالمي للطلبة.
خطوة لاعادة تجديد الحياة
بعد عودة القيادة الفلسطينية الى ارض الوطن ، و في خطوة حيوية باتجاه اعادة الحياة النقابية لاطره بادر الاتحاد العام لطلبة فلسطين بعقد دورته السابعة والثلاثين على ارض الوطن في مدينة غزة بحضور الرئيس الشهيد ابو عمار وعدد من اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح واعضاء المجلس الثوري وجمهوري واسع من المسؤولين واعضاء الاتحاد وممثلي المنظمات الشعبية. وقد اكد المتحدثون على اهمية عقد هذه الدورات ودعوا الى باقي التنظيمات الشعبية لعمل ذلك على ارض الوطن.
كلمة الرئيس الشهيد ياسر عرفات كان قد القاها الطيب عبد الرحيم امين عام الرئاسة الفلسطينية حيث اكد ان الوضع الحالي يتطلب اعداد طلائع طلابية وتنظيمية تكون دائماً في حالة استنفار لمواجهة الهجمة الاستيطانية التي تشنها حكومة نتنياهو مؤكداً ان التعنت الاسرائيلي لا يواجه الا بالاستنفار.. واشاد بمبادرة الاتحاد العام لطلبة فلسطين بعقد الدورة السابعة والثلاثين له على ارض الوطن واعرب عن امله ان تقوم باقي التنظيمات الشعبية الفلسطينية بعمل ذلك على رض الوطن وذلك ايماناً بأن مركز العمل الوطني قد انطلق فوق ساحات الوطن مع عدم التقليل من ساحات العمل الاخرى مشيراً الى ان الاتحاد كان مصنعاً للرجال ومدرسة للحركة الوطنية الفلسطينية وشهد كل مراحلها وساهم في خلق مراحل نضالها ومنعطفاتها بدءاً من الرئيس عرفات حتى جموع الشهداء والجرحى حيث كان الاتحاد القاعدة الاساسية للثورة عند انطلاقتها وقاعدة لـ م.ت.ف حيث ان معظم الوزراء والمكلاء من اعضاء الاتحاد.... حسب ما جاء في الكلمة.
كلمة مفوض المنظمات الشعبية القاها روحي فتوح نائب مفوض المنظمات الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية حيث أكد "انه بانعقاد هذه الدورة للمجلس الاداري للاتحاد العام لطلبة فلسطين، تبدأ دورة الحياة الطلابية من جديد بكل عنفوانها وفاعليتها باعتبار هذا الاتحاد قاعدة من قواعد الثورة الفلسطينية، وقاعدة اساسية من قواعد منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني عبر اتحاداته ونقاباته ومنظماته الشعبية..."
كلمة الاتحاد القاها ابراهيم خريشة رئيس الهيئة التنفيذية للاتحاد حيث ذكّر "بالطلائع الاولى لطلبة فلسطين التي اسست الاتحاد كردّ نضالي حضاري على النكبة التي المّت بشعبنا، بادئة بروابط الطلبة في القاهرة والاسكندرية ودمشق وبيروت، التي كانت المشاركة الاولى فيها لقائد المسيرة الاخ ابو عمار والشهيد صلاح خلف والاخ زهير العلمي في صوفيا عام 54 حيث كانت هذه المشاركة هي الانطلاقة الاولى نحو العالم للتعريف بقضية شعبنا العادلة ولتؤكد بان شعبنا قد عقد العزم على حمل الرسالة، مسلحاً بعدالة قضيته وقوة ارادته للدفاع عن حقوقه الوطنية والمشروعة، وكانت بدايات العمل الطلابي الفلسطيني هي القاعدة الاساسية لانطلاقة ثورتنا الفلسطينية المعاصرة، وقد لعب الاتحاد دوراً ريادياً ومشرفا في خوض معارك الثورة الفلسطينية في كل الميادين وعلى كل الجبهات فكان اعضاؤه ولازالوا سفراء لشعبنا في انحاء المعمورة حيث وصلوا الى اكثر من 46 دولة من خلال 46 فرع في العالم. وكان لامتداد اتحادنا الطبيعي في الوطن الدور الاول والاساسي في انطلاقة الانتفاضة الباسلة التي تصدرها الطلبة والشباب والتي جاءت لتمثل البعد الابداعي النضالي لشعبنا الفلسطيني ولطلبتنا وشبابنا".
واضاف خريشة " يأتي اللقاء الاول على ارض الوطن تحت اسم الاخ ورفيق الدرب الشهيد ابراهيم اسد الرئيس الاسبق لاتحادنا واحد عناوينه النضالية ليعيد اللحمة لاتحادنا كاطار نقابي وديمقراطي ولمشاركة اوسع لكل القواعد الطلابية والشبابية عبر الاتحاد ولتوحيد كافة الاطر الطلابية على ارضية الالتزام بثوابت اتحادنا النضالية والقضية والتنظيمية ومن اجل تطوير هياكل وتحديث دستوره ونظامه الداخلي بما يكفل التفعيل والتماسك".
ودعا لان "تشكل هذه المحطة الدستورية انطلاقة لقد المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد في اقرب فرصة عملية الامر الذي يستدعي من كل الطلبة والشباب ومن كل القوى والتيارات بذل المزيد من الجهد ولاعطاء لانجاح تجربة جديدة وبمواصفات عصرية قاعدة على ان تجيب على المتطلبات الاساسية لطلبتنا وشبابنا مرتكزة على الوحدة المصيرية التي تربطنا والمصلحة الوطنية التي تجمعنا حتى يتسنى لنا ان نساهم بشكل فاعل وديمقراطي في بناء المجتمع الفلسطيني والذي يشكل الطلبة منه والشباب لاغالبية على اسس علمية".
و اختتم خريشة كلامه مشددا على ان "نتطلع لتجربتنا الجديدة بكل شفافية وحرص من اجل انجاحها كي تشكل نموذجاً يحتذى لباقي المنظمات الشعبية الفلسطينية الامر الذي سيعزز العمل الشعبي لافلسطيني ويضعه في اطره السليمة فالعمل الديمقراطي وبناء المجتمع المدني لا يمكن ان يتم عبر الافرازات اللامدروسة وعبر الطفرات الزمينة، فهناك العشرات من الاطر الطلابية والشبابية التي تشكلت وتتشكل كل يوم تحت مسميات مختلفة لا جديد فيها مكررة احياناً الاسم والاشخاص والبرامج لتوقعنا في حالة من الفوضى، وتشتت جهودنا وتبعدنا عن المسؤوليات الاساسية تجاه قواعدنا الطلابية والشبابية وتعطي مجالا واسعاً للدسائس والاختراقات وبدون قصد او بعفوية توقعنا في شباك الخصم، فالاطر الوطنية ضرورة ملحة والتوجهات المدروسة والمبادرات النوعية في التجاهات المختلفة يجب ان تنطلق من ارضية واضحة ومتماسكة ومعدة جيداً، فالشعلة لا زالت مضيئة وجيل الشباب ولاطلبة قادر على حملها بامانة وصولاً للقدس الشريف عاصمة دولتنا المستقلة".
• تجربة لبنان
من خلال متابعتنا للمراحل النضالية التي خاضها الاتحاد العام لطلبة فلسطين في لبنان قبل و بعد مرحلة الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 كان للاتحاد عدة محاولات من اجل رفع الغبن عن الطلاب الفلسطينيين في لبنان حيث قام برفع مطالب الطلاب الفلسطينيين للاونروا من خلال المدير العام في لبنان ومن خلال رفعه لعدة تصورات لمؤسسات اهلية ولمنظمة التحرير الفلسطينية.
• اهم ما تقدم به الاتحاد من مطالب للاونروا:
- تحميل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ومن خلالها المجتمع الدولي مسؤولياته الادبية والتاريخية عن مأساة اللاجئيين ومطابهم، بالاستمرار في الوفاء بالتزاماتهم تجاه اللاجئين في الوطن والشتات، وذلك بالتعاون والتنسيق مع دائرة شؤون العائدين في منظمة التحرير الفلسطينية والبلد المضيف، لبنان، والعمل على تحديث وتطوير البنية التحتية لهذه المخيمات واتاحة الفرص لتوسيعها ليتلاءم مع النمو السكاني وتأمين وتطوير الخدمات الاساسية الصحية والتعلمية والثقافية وفرص العمل لأبنائنا.
- العمل على رفع مرحلة التعليم الالزامي والمجاني الى نهاية المرحلة الاعدادية واتخاذ اجراءات فعالة لوقف ظاهرة التسرب من المدارس.
- العمل على توحيد وفلسطنة، وتطوير المناهج التعليمية واعادة تعليم تاريخ وجغرافية فلسطين واعطاء اهتمام اكبر للعلوم والتكنولوجيا.
- زيادة عدد المدارس والغرف التدريسية وتزويدها بأحدث الوسائل التعليمية العالي في متناول من يستحقونه وفقا لمؤهلاتهم وليس لقدراتهم المالية؟.
- تطوير برامج الدراسات للطلاب الفلسطينيين ووضع سياسات مركزية لتطوير التعليم المهني والتقني في المدارس والمعاهد، خصوصاً معهد سبلين.
- توفير المنح الدراسية الخارجية للطلاب المتفوقين لإستفادة من التخصصات النادرة والعالية.
- تحسين اوضاع المدرسين المعيشية ورفع كفاءاتهم من خلال الدورات الدراسية والتأهيلية.
- تفعيل دور لجان الاهل في مدارس الاونروا لتحمل المسؤولية جنباً الى جنب مع الادارة و الاهالي.
• مطالب المنظمات الطلابية
وكان في الوقت ذاته مطالب من قبل المنظمات الطلابية الفلسطينية من اجل تفعيل دور اتحاد الطلاب نحو الافضل:
- العمل على اعادة تنظيم وتوحيد الاتحاد العام للطلاب الفلسطينيين على أسس ديمقراطية، ووفق قاعدة التمثيل النسبي وضمان استقلاليته وتمكينه من القيام بدوره في الدفاع عن قضايا ومصالح وحقوق الطلاب خدمة لدورهم المستقبلي في المجتمع.
- اعادة تنظيم وتطوير دور اللجان الطلابية في الجامعات والمعاهد العليا،من اجل الدفاع عن حقوقهم المطلبية النقابية ورفع مستواهم التعليمي وتطوير كفاءاتهم العلمية والتربوية.
- العمل على توفير الخدامات التربوية لافة ابناء الشعب الفلسطيني في المدن والقرى والمخيمات حيث يعتبر احد المسؤوليات الاساسية التي يجب ان تحلها منظمة التحرير الفلسطينية، والاتحاد بشكل خاص.
- الضغط من اجل تطوير وتحديث الجهاز التربوي في مدارس الاونروا و تفعيل دائرة التربية والتعليم في منظمة التحرير الفلسطينية من اجل اخذ دورها التربوي والتطويري الانمائي، وعلى وجه الخصوص التعاون مع الاونروا من اجل توفير المستلزمات التعليمية الحديثة في المدارس وتوسيعها وزيادة عد المدارس والغرف فيها.
- الضغط على الاونروا لتطوير نظام الضمان الصحي ليشمل الطلاب ايضا ، مع تحسين الخدمات المقدمة للمدرسين .
- توفير العلاج والادوية، بأسعار معقولة ، للطلاب ولتكون وفي متناول الجميع.
- حماية التراث الشعبي والثقافي الفلسطيني الذي يحمل ويعكس المضامين الانسانية والحضارية في تاريخ شعبنا.
- نشر وتشجيع الانتاج الادبي والثقافي والفني وتنمية روح الابداع والبحث العملي.
- وضع نظام للحوافز لتشجيع المبدعين في مجالات الثقافية والفنون الجميلة.
بالمقابل فان فرع لبنان بلجنته التحضيرية ( التي ما زالت قائمة ومعطلة بالوقت ذاته منذ العام 1997 الى نهايات هذا العام ( الـ 2007 ) يهمل كثيرا من الامور الهامة التي يجب ان يكون له دور بحلها او الرد على الافتراءات الحاصلة ضد الاداء الطلابي و التربوي الفلسطيني ، فعلى سبيل المثال ما تم تناوله جريدة البلد اللبنانية عدد 288 الصادر في 11 تشرين الاول 2004 ، تحت عنوان ( احوال التعليم الرسمي في لبنان حلقة 3 ) ، حيث تم تناول موضوع الطلبة الفلسطينيين من منظور سيئ و من باب مذهبي ان لم نقل عنصري ، و لا ندري ما الذي دفع بالمدعو شادي عبود (كاتب المقال ) ان يتناول الطلبة الفلسطينيين من هذا المنطلق ، اذ يقول عن حالة التعليم في السبعينيات "...تفاعلت الطالبات الفلسطينيات اللواتي يشكلن قسما كبيرا من الجسم الطالبي في الثانوية (و يقصد ثانوية البنات ) ....و صادقت الفلسطينية بنات العائلة السنية و الشيعية و المسيحية ...." ، لا ندري ما هي المصادقات التي يقصدها عبود في مقالته تلك بل ماذا تفيد الا في اثارة الشكوك حول اللحمة الوطنية للطلبة الفلسطينيين و اللبنانيين ان كانوا اناثا او بنينا ، بل واي ضرر يحصل من مصادقات الطالبات او الطلاب بشكل عام ؟؟!!! .
اما الجملة الاخبث في موضوع عبود فهو ما جاء في معرض حديثه عن اكثرية للطلبة الفلسطينيين في ثانوية الصبيان في قوله ".... هذا كله اثر في تركيبة الجسم الطالبي الذي صار فيه الفلسطينيون يؤلفون اكثره مما اخاف العديد من العائلات التي اغتنمت اية فرصة لنقل ابنائها الى ثانوية اخرى اكثر امنا و استقرارا ..." و عن العامل الجغرافي يسترسل عبود في معرض وصفه (للاخطار لوجود دعم طالبي للقضية الفلسطينية من قبل طلاب و معلمين الثانوية فيدعي بان الثانوية اصبحت "... مرتعا للمظاهر المسلحة داخل الصفوف و في الملاعب ونقطة انطلاق للكثير من المواقف المؤيدة لقضايا الشعب الفلسطيني ...." اما ما يتعلق بنسبة النجاح في الثانويات فنتركه الى مديري الثانويات الذين لهم الحق بالرد على المهاترات الواردة في الصحيفة المذكورة ، و ان يبينوا الحقائق كاملة و خصوصا حول الدور الفلسطيني و عن الاكثرية الطلابية الفلسطينية كما ادعى كاتب المقالة و عن النسب و نجاح الطلاب و عن مراتع الاسلحة و لا نعلم اين هي تلك المراتع !!!....
وكان العديد من الدراسات الصادرة عن روابط و جمعيات للخريجين الفلسطينيين قد تناولت تعليم الفلسطينيين في لبنان و من ضمنها موضوع تعليم الفلسطينيين في المدارس الرسمية حيث ان الفلسطيني مثله مثل اي طالب اجنبي لا يحق له التعليم في المدارس الحكومية الا بنسبة قليلة لا تتجاوز الخمسة بالمئة حسب القوانين الللبنانية ، و تطرقت تلك الدراسات الى معاناة الفلسطينيين في مدارس الاونروا و بالمقابل نسبة النجاح للطلاب في تلك المدارس مقارنة بطلاب فلسطينيين يرفعون من نسبة النجاح لدى المدارس الحكومية حيث ان الكثير من تلك المدارس يكون المتفوقون فيها هم من الفلسطينيين و من المخيمات تحديدا ، و هذا موثق لدى سجلات العلامات الحكومية في دوائر التربية و التعليم (بالاسم و العلامات ) اضافة الى العديد ممن استطاع اهاليهم الحاقهم بمدارس خاصة وكانوا على لوائح الشرف في تلك المدارس ، و لا مجال لذكر الاسماء هنا .
و اذا كان بعض الزملاء الصحفيين تنقصهم الخبرة بالتقاط المعلومات فنحن على استعداد لتزويدهم و ارشادهم الى من يمكنه تزويدهم بما يريدون من نواقص لتثبت ما نقوله لا ان يكون الموضوع ثرثرة و تلصق بالتعليم الصاقا ، حيث نرى و بكل اسف ما لا يمكن قوله الا افتراء على قدرات شعبنا و اتهامهم لبعض المدراء بانهم افسحوا المجال للفوضى الفلسطينية في مدارسهم مما ادى الى تدني مستوى التعليم و هذا امر ليس مغلوطا فقط بل انه محض افتراء و لا يمت للحقيقة باي صلة و هنا نتوجه للسادة مدراء المدارس الثانوية الحكومية ( بنين و بنات ) لان يقولوا كلمتهم الحقة الصادقة و التي تتحدث عن ضميرهم المهني ، حيث ان المعدلات موجودة لديهم و بامكان الجميع الاطلاع عليها .
و نستطيع ان نستند الى وثيقة وردت لدينا من اهالي بعض الطالبات اللواتي تقدمن أهاليهن للحصول على منحة دراسية من الاونروا العام الدراسي ( 2002 ـ 2003 ) ، و لم يتم اموافقة على اعطائهن المنح لان ذنبهن أنهن تفوقن وحصلن على نتائج جيدة أعلى من 75% و لكن في مدارس حكومية ( طبعا غير الاونروا ) ، و هذا معروف لدى عامة الناس ، و في هذا الخصوص لم يحرك الاتحاد ساكنا لانه لم يكن على دراية او متابعة لمثل هذا الموضوع المهم .
فيما يتعلق بباقي الاموروالنعرات الطائفية و المذهبية بل و العنصرية التي اراد اثارتها كاتب المقالة حول الدور الفلسطيني في المدارس و خوف العائلات على ابنائهم فهذا كان له دعوة من قبل هيئات الخريجين الفلسطينيين لكافة الهيئات الحزبية اللبنانية الوطنية منها و الاسلامية او المسيحية ان تأخذ دورها لردع العنصرية من بين سطور بعض الصحف اللبنانية و ان تقول كلمتها بذلك و ان توضح الحقائق الواضحة وضوح الشمس في ظهر النهار و لم يكن للاتحاد اي دور و هذا يدعو للقلق من تحوله فقط الى بوق اعلامي لبعض الفصائل الفلسطينية صغيرة كانت او كبيرة ، رغم ان التحرك النقابي للاتحاد من شأنه دعم السلم الاهلي من قبل من قبل كافة الفصائل و الجمعيات الفلسطينية و بالتالي مدعوم هذا جموع الشعب الفلسطيني الذي يقدر و يثمن جهود كافة الشرائح اللبنانية لدعمها القضية الفلسطينية بكافة مراحلها ، ... كما انه ، و بكل اسف شديد ، لم يكن لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في لبنان ، على سبيل المثال ، اي دور مهم هذا العام الدراسي ، 2005 ـ 2006 ، رغم ضياع مليون دولار ـ في مكاتب الاونروا ـ هم مجموع رسوم لمنح جامعية لطلبة فلسطينيين حازوا على معدل فوق الستين بالمئة و تشملهم شروط المنحة التي ضاعت بين جوارير مديرة دائرة التربية و التعليم بالاونروا المدعوة عفاف مكية و لم يتحرك القيمون على لجان الاتحاد التحضيرية باي ساكن تجاه هذه السرقة للمنح الاوروبية ، و بالتالي احيل الطلاب الى معهد سبلين و رمي الطلاب المتقدمون خارج الجامعات ، رغم نجاحهم بمعدلات عاليا ، فكثير منهم حصلوا في الشهادة الحكومية على معدلات جيد او حتى جيد جدا ، و تم رميهم الى معاهد دنيا او متوسطة و بالتالي حرموا من المنح الجامعية التي كانت من حقهم من الاونروا او حتى من الاتحاد الاوروبي عبر مؤسسات محلية و دولية لها مكاتب و ادارات في لبنان !!! .
• وبعد
فقد كان للاتحاد العام لطلبة فلسطين في الخارج دور فاعل وهام جدا في رفد الثورة الفلسطينية بالرجال فضلاً عن دورة كوسيلة اعلامية واسعة الانتشار عبر فروع هذا الاتحاد المنتشرة في انحاء العالم ، وكذلك الامر كانت الحركة الطلابية في فلسطين ، عندما بدأت بالتراجع عن دورها الفاعل في مرحلة العمل العسكري السري ثم مرحلة الانتفاضة الاولى ومصانع الرجال في الجامعات بالانتقال الى مرحلة التسوية السليمة وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية حيث حصل التباس للدور الطلابي في فهم حقيقة دوره في المساهمة بالبناء .
ولم تعد الحركة الطلابية اليوم كسابق عهدها والتي كانت فيه السمة الرئيسية للثورة الفلسطينية في كافة مراحلها فهي غائبة عن مساحة الفلسطينية اليوم ، ويبدو ان المرحلة الحالية ( مرحلة انتفاضة الاقصى ) لم تستطع حتى الآن ان تظهر على السطح قادة من الطلبة لقيادة المرحلة والمراحل القادمة كما حدث سابقاً في تاريخ ثورتنا الفلسطينية التي تخرج غالبية قياداتها من المدرسة النضالية الطلابية ، ابتداءً من الرئيس الشهيد ابو عمار الى العشرات من القيادات والكادرات الفلسطينية مروراً بالشهداء ابو جهاد وابو الهول وابو اياد وعز الدين القلق وفيصل الحسيني وعلي ابو طوق وبشير البرغوثي الى آخر المواكب من شهداء الثورة الفلسطينية المعاصرة ووصولاً الى القادة فاروق القدومي وتسير قبعة ومروان عبد الحميد ، ناصر القدوة ، مروان جيلاني ، ابراهيم خريشة ، هشام قاسم ، ورئيس فرع لبنان الاسبق الشهيد كمال شحرور ، والاخوة رضوان عبد الله ، وسميرة درباج ، محمد عوض ، يحيى حجير ، كمال الحاج،.... و غيرهم العشرات ان لم يكن المئات بل مئات العشرات ممن توالوا على حمل الراية الفلسطينية ، راية القائد الرمز ياسر عرفات ، بعيدا عن التجاذبات التنظيمية الضيقة والانفعالات التشكيكية بعمل الطلاب وقادتهم وتجاهل انجازاتهم و التآمر عليهم من قبل بعض المتنفذين على رقاب عمل الاتحاد العام لطلبة فلسطين .
واليوم ، نحن ندخل إطار مرحلة جديدة وهامة تتمثل بمفاوضات عسيرة لما بعد انتفاضة الاقصى التي تحافظ على استمراريتها منذ ايلول 2000 ، ولو من الناحية المبدئية ، بتحول وتطور اساليبها في المقاومة حتى تحرير الارض من الاحتلال وقيام الدولة وعاصمتها القدس الشريف ، تلك الانتفاضة التي فرضت الكثير من الامور سواء على القوى والفصائل الفلسطينية في تأكيدها الوحدة الوطنية والعمل المشترك وتأكيدها استمرارية الانتفاضة ، كما انها ( انتفاضة الاقصى ) أخذت السلطة الوطنية وأجهزتها دور الدفاع عن شعبنا بكل الوسائل المتاحة ، وهي ايضاً ( مرحلة انتفاضة الاقصى ) تفترض على الحركة الطلابية ان نستفيق من عجزها الحالي وتتطلع إلى خلق واقع جديد تضع به على رأس اولويتها الهم الشعبي كهدف مشترك لكل الكتل الطلابية في الجامعات اولا ، وفي باقي المؤسسات التعليمية ثانيا ، وبالتالي عودة الى ممارسة الدور الحقيقي الفاعل للحركة الطلابية وكسابق عهدها خصوصا في هذه المرحلة الصعبة و التحولات التنظيمية و الحزبية الموجودة والمستجدة على ارض الوطن وفي الشتات ، وهنا يتطلب العمل على تفعيل انشطة الطلاب ، حيث يتم تحقيق الأهداف العامة للأنشطة الطلابية كما يلي :
تأكيد انتماء الطلاب لأمتهم ووطنهم ومساعدتهم للتزود بالمعرفة الإنسانية في شتى مجالاتها.
تعميق القيم الاجتماعية السليمة وترجمتها إلى أفعال وسلوك للطلاب، متخذين من الشهداء القادة المثل والقدوة .
غرس المعاني السامية لحب الوطن والانتماء له وأداء الواجب نحوه من المبادئ والثوابت الوطنية .
تنمية شخصية الطالب من خلال تنوع مصادر الثقافة في ضوء التربية الوطنية .
الإسهام في الإعداد المتكامل للشباب روحياً وعلمياً وفكرياً وجسدياً وتنمية الثقة بالنفس لأداء واجبهم لتحرير وطننا السليب.
الإفادة من أوقات الفراغ لدى الشباب وحسن استثمارها و تنمية وصقل مواهبهم وتوجيهها التوجيه السليم وتدريبهم على المشاركة الفكرية الفعالة
إعداد قادة متمكنين من الطلاب في كافة مجالات الأنشطة.
الإسهام في تعويد الطلاب على التسامح والوسطية والحوار البناء وتقبل الآخرين والآراء المخالفة .
إيجاد روح التعاون والترابط بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في كافة المدارس .
العمل على اندماج الشباب بالمجتمع المحلي ومؤسساته والتعود على التطوع .
تشجيع روح الإبداع والابتكار.
مواكبة التطور والتعرف على ما توصلت إليه التقنيات الحديثة ووسائل جمع المعلومات.
نشر الوعي في كافة مجالات الحياة بين الشباب بما يتوافق مع عاداتنا وتقاليد مجتمعنا الفلسطيني و امتنا العربية و انسجاما مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
بعد ثمانية واربعين عاما سنبقى نذكر ياسر عرفات
لا بد ان للحركة الطلابية ، وبأسرع وقت ، مراجعة نفسها وصياغة برامجها بشكل متوحد ، من خلال الرجوع الى الدستور والانظمة الداخلية للاتحاد العام لطلبة فلسطين ، بدءاً من الجامعات اولا وعلى اعتبار ان الهم الشعبي اكبر منا جميعا ، ومن دون ذلك ستبقى الحركة الطلابية مجرد ادارة تحركها التنظيمات وبالتالي ان نأخذ دورها الحقيقي ، وهذا ليس مدعاة للتشاؤم وانما هو مدعاة لتفاؤلنا بالحركة الطلابية الفلسطينية ، و التي كانت بعد اثني عشرة سنة قد حولت اللاجئين الى مناضلين بقيادة طالب فلسطيني اكمل دراسته الجامعية في جامعة فؤاد الاول ( جامعة القاهرة لاحقا ) ، بعد ان كان قد أمضى بعض طفولته في غزة ، ودرس في مدرسة الزيتون الثانوية ، والتحق بمنظمة "الفتوة" ثم عمل مع "جيش الجهاد المقدس" الذي أسّسه الشهيد عبد القادر الحسيني وقاده حتى استشهاده في معركة القسطل يوم 3/4/1948.
ياسر عرفات الذي انتقل الى مصر للدراسة و باشر فور وصوله عملاً دؤوباً لجمع الأسلحة التي خلفتها دول الحلفاء والمحور في الصحراء الكبرى ثم إرسالها الى القاهرة كي ترسل الى فلسطين ، وما كاد العام 1946 ينصرم حتى صار ياسر عرفات شخصية معروفة في حقل تهريب السلاح الى فلسطين ، واشتهر كرجل شجاع ومقدام.
التحق بجامعة فؤاد الأول (القاهرة لاحقا) سنة 1947، واقترب من جماعة الاخوان المسلمين، لكنه لم ينتم إليها البتة ثم راح يجتمع مع مجموعة من رفاقه في مقر جمعية الشبان المسلمين في القاهرة. وفي هذه الأثناء انبثقت "رابطة الطلاب الفلسطينيين"، وكان عبد القادر الحسيني أول رئيس لها، ثم تولى ياسر عرفات رئاستها بين 1951 و1956. وقبل ذلك، في أثناء معارك الحرب في فلسطين تطوع للقتال مع مجموعات الاخوان المسلمين، وساهم في القتال في غزة.
عندما رجع الى القاهرة سنة 1949 أصدر مجلة "صوت فلسطين" وكرئيس للاتحاد العام لطلاب فلسطين (بعد تغيير اسم الرابطة) خرج على رأس تظاهرة سنة 1953 إلى مقر قيادة الثورة وقابل الرئيس جمال عبد الناصر، وطلب إليه السماح بتشكيل قوة مسلحة فلسطينية. وقرر عبد الناصر استجابة له تدريب بعض الفلسطينيين. و بعد ان اصبح فيما بعد الرئيس الاول للاتحاد العام لطلبة فلسطين ورئيس حركة فتح و رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، نفتخر به كرئيس لجمعية الخريجين الفلسطينيين و كرئيس لدولة فلسطين شاء من شاء و ابى من ابى ، ذلك هو ياسر عرفات الذي قال عنه ناحوم غولدمان، بعدما استمع إلى خطابه في الأمم المتحدة عام 1974: "لقد هز ياسر عرفات في داخلي تاريخا من غياب الوعي ، وجعلني أشعر بأنه ما زال ممكنا أن تلد أرض فلسطين الأنبياء" ، و لم يخف ايضا بعض من اختلف معهم بالرأي من حبهم له ، ففي مقابلة له على احدى الفضائيات العربية منتصف العام 2003 ، اعلن جوني عبدو المديرالعام السابق للمخابرات اللبنانية ، و كان قد تم تكليفه بالاتصال بالرئيس ياسر عرفات من اجل نقل رسالة له من رئيس الوزراء السابق شفيق الوزان تتعلق بالانسحاب من بيروت ، و بعد ان خرج من عنده سئل عبدو من قبل بعض المقربين منه عن الرئيس ياسر عرفات و اللقاء به ـ و كان ذلك اللقاء الاول و الاخير بينهما ـ فكانت اجابته حرفيا " الحمد لله الذي لم اكن اعرف هذا الرجل من قبل لانني من اول هذه المقابلة احببته من اول دقيقة قابلته ...." .
هذا هو القائد الفذ ، الذي يعجب به بل و يحبه حتى المختلفين معه بالراي او بالفكر ، و نذكره اليوم بذكرنا لذكرى تأسيسه الاتحاد العام لطلبة فلسطين في 29 / 11 / 1959 ، ذلك الفدائي الذي لم يستطع كل حكام الكيان الإسرائيلي الغاصب امثال مناحيم بيغن وإسحق شامير وبنيامين نتنياهو الى إيهود باراك وأرييل شارون ان يزيلوه من خارطة القادة السياسيين الصعاب ، فيتحول دوما و مع كل خط دفاع عن فلسطين الارض و الشعب و المقدسات الى فدائي يقاتل بالرصاص دفاعا عن شعبه كما في كل مرة . وهذا ما حصل عندما واجه بيغن عدة مرات من خلال محاولات الانزال المتكررة على قلعة الشقيف في جنوب لبنان ، تلك القلعة الايوبية الصامدة بصمود مقاتليها العرب والفلسطينيين اثناء حرب الاستنزاف الفلسطينية ـ الاسرائيلية ما بين عامي 78 و 82 ، و ما حصل بعدها في الانتفاضة الاولى عام 1987 و الانتفاضة الاخرى بتاريخ 28/9/2000 عندما اندلعت انتفاضة الأقصى ، ولم يستطع أحد أن ينتزع البندقية من يده إلا الموت.
هنا لا نستطيع الا ان نوجه البوصلة الفلسطينية بالاتجاه الفلسطيني الصحيح الذي وجهنا اليه الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، ايوب المسلمين ، يوسف العرب و سبارتاكوس الاحرار في العالم ، الطالب الفلسطيني الذي قاد حركة طلابية فلسطينية تحولت فيما بعد الى ثورة فلسطينية معاصرة لا يوجد مثيل لها في تاريخنا المعاصر ، وحول بالوقت ذاته قضية اللاجئين الفلسطينيين من قضية بحت انسانية الى قضية سياسية اركانها شعب مناضل ، فهو راية المناضلين و منارة الثوار المتوجهين الى فلسطين ، اسطورة النضال والجهاد ، القائد الذي قال عنه يفغيني بريماكوف انه " بلا ريب قائد متألق يجسد نضال الشعب الفلسطيني في سبيل حقوقه. كما انه غدا بمثابة راية للمناضلين من اجل قيام الدولة الفلسطينية " ، فلا بد الا ان تكون للحركة الطلابية الفلسطينية الكلمة الاولى في استمرار بهج الانتفاضة والثورة حتى النصر والتي تجسد حلمنا العرفاتي ، مفخرة شعبنا العظيم و الكبير ، منذ تفجيره للثورة الفلسطينية العملاقة بالايمان بحتمية النصر المؤزر و الاكيد بدولة فلسطينية مستقلة و عاصمتها القدس الشريف و دوما و ابدا كما كان يعلمنا اياها الطالب الذي حوّل اللاجئين الى مناضلين ، ذلك الجبل الذي ما هزته رياح و لن تهزنا رياح من بعد استشهاده ما دمنا نستلهم نور كفاحنا من روحه العلياء الشامخة في عنان السماء، وكما قال عنه الكاتب الفلسطيني الكبير بكر ابو بكر " لقد استطاع ياسر عرفات أن يضع أرجل الشعب الفلسطيني على طريق الوطن والسلطة والدولة بعد أن نجح بجدارة في استعادة الشخصية والهوية والكيانية الفلسطينية التي تآمر عليها القريب والبعيد والشوفيني القومي والاسلاموي والشيوعي .... فالرمز الراحل ياسرعرفات يكفيه فخرا أن صنع بكوفيته مجد أمة وعظمة شعب كان من المقدر له أن يكون قضية منسية فالكبار يموتون والصغار ينسون - كما قال جون فوستر دالاس- ولكن الكبار ظلوا أحياء وهم شهداء والصغار تسلموا الراية...." ففي ذكرى تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين في 29 تشرين ثاني من كل عام سنبقى نذكرك ابا عمار طالبا فلسطينيا حمل قلمه وحوله الى شعلة نضالية أنارت طريق الحرية و النضال امام احرار العالم اجمع ، فرحمك الله يا ياسر عرفات .
*كاتب و باحث فلسطيني مقيم في لبنان

فلسطين..ما بين "التقسيم الأممي" و"التقسيم الفلسطيني"...!



د. صلاح عودة الله

"كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حالة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار، ومن البدء حتى النهاية لم تكن ممتلكاتهم سوى حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وآشور وفينيقيا ذلك التاريخ الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم". المؤرخ البريطاني ج.هـويلز "موجز التاريخ". صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/1947، على مشروع القرار 181، والذي نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وتدويل القدس. صدر القرار نتيجة الجهود المكثفة التي بذلتها الصهيونية العالمية، مدعومة بالقوى الاستعمارية الكبــرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وشملت هذه الجهود الضغوط السياسية والاقتصادية على أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والرشاوى المادية التي قدمت لهذه الدول ورؤساء وفودها، كما ورد في مذكرات الرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان. منح القرار اليهود الذين كانوا يبلغون في ذلك الوقت (608225) شخصاً الأراضي الخصبة في منطقة السهل الساحلي الفلسطيني والمدن الساحلية الهامة، حيفا، عكا، يافا، ومناطق الأغوار الشمالية التي تعد خزان المياه الطبيعية للأراضي الفلسطينية (بحيرة طبــريا ـ روافد نهر الأردن)، إضافة إلى مناطق النقب، والمنافذ البحرية على البحر الميت والبحر الأحمر. وبالنسبة للفلسطينيين الذين بلغ عددهم آنذاك (1227274) نسمة، يملكون 86% من أراضي وعقارات فلسطين، فقد خصص لهم بموجب القرار مناطق في الجليل والمثلث وما بات يعرف اليوم بالضفة الفلسطينية إضافة إلى مدينتي بئر السبع واللد، وقطاع غزة وجزء من صحراء النقب. القرار رفضه اليهود، بالرغم من انحيازه الواضح تجاههم، وفور صدور القرار، باشرت العصابات الصهيونية بتنفيذ الخطة القاضية بتهجير السكان الفلسطينيين من القسم اليهودي الذي نص عليه القرار 181، والذين كانوا يشكلون أكثر من نصف سكان هذا القسم، ويمتلكون أكثر من ثلثي الأراضي والعقارات، فارتكبت العصابات الصهيونية ـ التي تشكلت من عناصر محترفة قاتلت في صفوف الجيوش الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، وتأمن لها تسليح جيد ـ مجازر رهيبة بحق الفلسطينيين بغية دفعهم إلى الهجرة وترك أراضيهم في القسم اليهودي، وتحديداً من المدن والمناطق الساحلية، وهو ما أدى إلى نشوء قضية اللاجئين واضطر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى ترك أراضيهم وممتلكاتهم واللجوء إلى الأقطار العربية المجاورة، وإلى المدن والبلدات الفلسطينية الأخرى. ونتيجة لسياسة الكيل بمكيالين، التي استخدمتها الأمم المتحدة والدول الكبــرى في ذلك الوقت، حرم الفلسطينيون من كيانهم/ دولتهم، والتي نص عليها القرار 181، بحيث عطل الشق الثاني من القرار الذي نص على استقلال الدولة العربية ووضع دستور لها. واستمرت إسرائيل نتيجة لذلك بنهب الأراضي العربية وتهجير سكانها، لتستكمل احتلالها لكل الأراضي الفلسطينية وأجزاء من الدول العربية المحيطة في عدوان 5 حزيران عام 1967..! يعد قرار التقسيم في الفقه الدولي - وخاصة السائد حين صدوره - توصية غير ملزمة صدرت وفقا للمادة العاشرة من الميثاق. وهذه التوصية لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تمس الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ومن عجب أن (إسرائيل) وحلفاؤها إذ يتمسكون بهذا القرار- التوصية- ويضفون عليه صفة الإلزام القانوني المطلق، لا يقيمون وزنا لأي من قرارات الجمعية العامة اللاحقة الخاصة بفلسطين وشعبها وحقوقه الثابتة مدعين أنها مجرد توصيات لا إلزاما قانونيا لها..! إن هذا القرار رغم إجحافه وظلمه للشعب الفلسطيني إلا أن الأمم المتحدة لم تستطع تنفيذه بسبب المعارضة الصهيونية له. فالمطامع الصهيونية لم ترض بأن يكون لها أكثر من نصف فلسطين رغم أنهم يومها لم يكونوا سوى أقلية صغيرة داخل فلسطين. واليوم وبعد صدور مئات القرارات من الأمم المتحدة لصالح الشعب الفلسطيني تبقى الأمم المتحدة أضعف من أن تنفذ قرارا من قراراتها المتعلقة بفلسطين، وذلك لأن أمريكا الدولة العظمى التي كانت خلف استصدار القرار 181 لصالح المشروع الصهيوني ما زالت تسيطر على الأمم المتحدة وتمنع تنفيذ بقية قراراتها التي فيها نوع إنصاف للشعب الفلسطيني. لكن، لأنّ الوجود الصهيوني في فلسطين قام على باطل واريد أن يلد دولة لا اساس شرعيا لها من زاوية القانون الدولي الذي لا يعطي حق تقرير المصير الا للشعب الاصلي في البلد المعني، وليس لمهاجرين استوطنوا بقوة السلاح وتحت حراب الاستعمار، كان لا بد من ان يتعلق مخطط اقامة الدولة العبرية بخيوط العنكبوت (قرار 181). ومع ذلك لم تعلن قيادة الوكالة اليهودية (قيادة المشروع الصهيوني في حينه) اعترافها بقرار التقسيم المذكور او التزامها بتطبيقه، وانما استندت اليه باستخدام العبارات التالية: "صدر قرار 181 لعام 1947 عن هيئة الأمم المتحدة اعترف للشعب اليهودي باقامة دولته على ارض اسرائيل" وهذا بالطبع ليس اعترافا بالقرار وانما استخدام لجزء منه لا اكثر...! ومن هنا فمن الضروري، بهذه المناسبة، التأكيد على دحض تلك المقولة الواهمة الجاهلة، والتي ما زال يرددها كثيرون، بالقول: "الفلسطينيون والعرب لو قبلوا بقرار التقسيم 181 لعام 1947 لما حدثت النكبة، ولبقي الفلسطينيون في بيوتهم وقراهم ومدنهم واراضيهم، ولما هُجّروا (900 الف او اكثر من اصل مليون ونصف)، ولا اقاموا دولتهم الفلسطينية على 46% من ارض فلسطين التاريخية". الذين يرددون هذه المقولة جهلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، اذا ما قالوها عن قناعة وحسن نية. اما اذا قالوها وهم يعلمون انها فرضية وهمية لم تكن قابلة للتحقيق اطلاقا فإنّ دحض تلك المقولة يسهم في ابطال التضليل والمقصد الخبيث، لأنّ فيه تحميلا للفلسطينيين والعرب مسؤولية النكبة. الآن؛ لماذا يوصف الذين يرددون تلك المقولة عن قناعة وحسن نية بالجهل والجهالة ممزوجين بالسذاجة؟ الجواب، ببساطة، ما كان من الممكن ان تقوم الدولة العبرية وفقا لمنطوق القرار (التوصية) رقم 181؛ لأن الدولة العبرية لا تقوم الا على سلب الارض وتهجير اصحابها. اذا كانت الدولة العبرية وبعد 59عاما لقيامها ضائقة بوجود فلسطينيين مناطق الـ 48 اي اقل من 20% من سكانها، اذ ما زال تهجيرهم طوعا او كرها - تدريجيا وجماعيا- على الاجندة؛ فكيف يتصور عاقل ان القيادة الصهيونية عام 1947/ 1948 كان يمكن ان تقبل بقيام الدولة العبرية على 54% من ارض فلسطين، والعرب فيها، تقريبا، أكثرية او سيصبحون في اقل من خمس سنوات؟ وكيف يمكن ان تقوم تلك الدولة وملكية اراضيها والعقارات القائمة تحتها بنسبة تزيد على90% للفلسطينيين؟ هذا يعني ان قرار التقسيم لم يصدر إلاّ فقط لاعطاء "الشرعية" لاعلان اقامة "دولة اسرائيل" ولم يقصد منه التطبيق او الحل اللذين يتناقضان مع قيام تلك الدولة التي يراد لها ان تكون يهودية. فيما الأكثرية سكانا وملكية ارض وعقار ستكون عربية مهما تعاظمت الهجرة حيث لا ارض ولا مكان اذا لم تُصادر الارض وتُخلى المدن وتُهدم القرى. ومع ذلك لو حدثت لفقدت الأكثرية السكانية بعد حين. من يجادل في هذه الحقيقة جاهل بأهداف المشروع الصهيوني في اقامة الدولة وشروط ذلك. اما القضية الثانية، التي لا تقل اهمية، فمتعلقة بميزان القوى العسكري والاقليمي والدولي الذي يسمح للقيادة الصهيونية بشن الحرب وفرض التهجير القسري والتوسع في الارض كذلك. فكيف يمكن ان يتصور عاقل ان قادة المشروع الصهيوني سيقبلون بقرار التقسيم حتى لو سجد له الفلسطينيون والعرب سجودا، وبيد الإسرائيليين القدرة العسكرية لفرض قيام "الدولة" مع تهجير حوالي 900 الف فلسطيني وسلب اراضيهم وبيوتهم. ولم يبق غير حوالي 150 الفا فلتوا من التهجير لأسباب بعضها "دولي" وبعضها عن طريق "الخطأ" الاجرائي الذي كشف عنه بعض المؤرخين الاسرائيليين الجدد. كان جيش "الهاغناه" في ذلك الوقت اكثر عددا وافضل تسليحا بثلاثة اضعاف,، على الاقل، عن الجيوش العربية التي دخلت فلسطين في حينه. وهذا ما اثبته مجرى الحرب والمعارك شمالا ووسطا وجنوبا. ويمكن القول لولا خوف بريطانيا واميركا وفرنسا من ردة الفعل العربية والاسلامية في حالة سقوط القدس الشرقية وضياع كل فلسطين لكانت القوة العسكرية الصهيونية قادرة على عدم الاكتفاء باحتلال (تنظيف) 78% من فلسطين فقط. اي التوقف عند خطوط هدنة 1949، فبقاء هذا الجزء من فلسطين اريد منه ان يخفف من هول النكبة عربيا واسلاميا. علما ان امبراطورية بريطانيا ومناطق نفوذ فرنسا كانتا في أكثريتهما عربية واسلامية.
يضاف الى ما سبق الاجماع الدولي الذي تحقق مع انضمام الاتحاد السوفياتي لقرار التقسيم والوقوف الى جانب قيام دولة عبرية ودعمها حتى بالسلاح (التشيكي)؛ فكيف يمكن للقيادة الصهيونية التي تملك القدرة العسكرية الى جانب التأييد السياسي والمعنوي والعسكري الدولي، فضلا عن حالة عربية واسلامية مجزأة وتحت السيطرة البريطانية والفرنسية ان تقبل بتنفيذ "قرار التقسيم". الامر الذي يتكشف عن جهل مضاعف من جهة الذين يتبنون تلك المقولة الخرقاء، التي تلوم الفلسطينيين والعرب على عدم اعترافهم في حينه بقرار التقسيم والقبول بتنفيذه، انه جهل حقيقي في فهم اهداف المشروع الصهيوني واستراتيجيته حين يمتلك التفوق العسكري والتأييد الدولي (والضعف والتجزئة عربيا واسلاميا)، فيظن انه كان من الممكن تطبيق قرار التقسيم لو قبل به العرب والمسلمون، وقبلهم الفلسطينيون. بالمناسبة لو قبل الفلسطينيون ذلك القرار لاعطوا الشرعية لقيام الدولة العبرية مجانا، مع تهجيرهم وسلب اراضيهم، اي لكسب المشروع الصهيوني "الحسنيين" بالتأكيد:ما حدث من تهجير واستيلاء على الارض (ما اسهل افتعال الحرب والاشتباكات) والثاني انتزاع الشرعية من اصحاب الشرعية اي من الشعب الفلسطيني. تمر علينا الذكرى الستون لقرار التقسيم وقضيتنا تعصف بها حالة من التشرذم لم تشهد لها مثيلا منذ انتصاب الكيان الصهيوني..فاذا نحن الآن نتحدث عن هذا القرار الظالم بحق قضيتنا وشعبنا نشهد ونعاصر تقسيما جغرافيا بين ما تبقى من الوطن الجريح..لقد قامت حماس بحسمها العسكري المرفوض بفصل غزة عن الضفة الغربية, وان كان واضحا بانها استبقت التيار الانقلابي في فتح الذي كان يهدف للسيطرة على غزة وسحق حماس تنفيذا لبنود اتفاقية اوسلو المشؤومة والتي مهدت الطريق للاقتتال الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس. وأما مؤتمر الشؤم"انابوليس" والذي يسمى بمؤتمر السلام في الشرق الاوسط, فجاء لتصفية ما تبقى من قضيتنا الفلسطينية وتهرول الفلسطينيون والعرب نحوه وللأسف. وهنا أود أن أقول أنه ليس من قبيل الصدفة أن يقوم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بالدعوة لعقد مؤتمر أنا بوليس قبل ميعاد الذكرى الستون لقرار التقسيم بيومين , وهو اليوم الذي اعتبرته الأمم المتحدة باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني , لكأن الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس بوش يريدون أن يتوجوا الجهود الأمريكية الداعمة لإسرائيل بتحويل اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني إلى يوم عالمي للتضامن مع المغتصب الصهيوني للأرض الفلسطينية. فالإدارة الأمريكية التي تسعى بكل ثقلها لنصرة إسرائيل على حساب العرب والفلسطينيين, لن تكون يوماً حيادية , وستبذل كل جهد مستطاع من أجل قلب الحقائق , وإعاقة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. فهل في ذكري التقسيم وفي يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني سنكون أكثر تلاحماً ووحدة , أم سنقوم بتقسيم المقسم وتجزئة المجزئ ما بين غزة والضفة؟ وهل يا ترى ستتمكن الأمم المتحدة من فرض قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية على إسرائيل وحلفائها في المنطقة إحقاقاً للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني؟
وكلمة اخيرة اوجهها الى قادة حركتي حماس وفتح: عودوا الى رشدكم والى طاولة الحوار والمفاوضات, فأنتم ومهما كبرتم ستبقون اقزاما امام من هو اكبر واعظم منكم..وطننا فلسطين كل فلسطين...!
**تم الرجوع لبعض المصادر.
- القدس المحتلة

سلام الشجعان

محمد داود
توجه الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" إلى حضور مؤتمر انابوليس وهو مسلح بعمق عربي وإسلامي وعلى قناعة تامة بأهمية تحقيق اختراق سياسي أمام التصلب الإسرائيلي، من أجل إجبار هذا الكيان على إنهاء جرائمه وحصاره بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما تجسد في خطابه الصريح أمام الإرادة الدولية التي حضرت المؤتمر، والذي أكد فيه المحافظة على ثوابتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة والغير قابلة للتصرف أو التنازل بأي ثمن وأي حال من الأحوال، ويكون بذلك أدى مهمة كبرى اتجاه القضية ونحو الشعب الفلسطيني بوضعهما أمام المجتمع الدولي المتمثل في مؤتمر "أنابوليس" ليتحملوا مسؤولياته تجاه تحقيق الأمن والأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وفق رؤية "بوش" نحو حل الصراع العربي الإسرائيلي، وحصر إسرائيل في الزاوية تمهيداً لإجبارها على الاعتراف العملي والنهائي الصريح بحقنا وكياننا المستقل على أرضنا وإلزامها على التوقف عن ممارساتها وجرائمها التي ترتكب على مدار الساعة دون حسيب أو رقيب، بجعل مأساتنا تتصدر سلم أعمال المجتمع الدولي، من أجل كسر الجمود والعزلة، التي أصابتها سيما في الأعوام الأخيرة التي مضت والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فالرئيس "أبو مازن" توجه وهو مسلح بإيمان شعبة وبحلم الدولة الموعودة التي تحدث بها سلفه الصالح " الشهيد ياسر عرفات" لا سيما وأن هناك فرصة بدأت تطفو على السطح وبحضور دولي غفير من أجل وقف الاستيطان والجدار العنصري وإطلاق سراح الأسرى ووقف المذابح والمجازر والاغتيالات التي ترتكب بحق أهلنا ورفع الحصار والإغلاق، وكنس الاحتلال عن مدننا وقرانا وأقصانا، وإيجاد حل عادل لمسألة اللاجئين الفلسطينيين التي هي قضية شعب وأفراد ولا يمكن التنازل عنها.
فلا جدال بأن الرئيس "أبو مازن" تخرج من مدرسة الشهيد "ياسر عرفات"، فالطريقة واحدة والنهج والأسلوب هو نفسه المتبع، وإن كان الخلاف في المظهر الخارجي، بين عسكري ودبلوماسي، تبقى الحنكة وإدارة الصراع واحدة، في لحظات باتت قضيتنا أمام محاولات شطبه وتغييب، واستبدالت طريق الصمود والتحدي إلى شعب مشرد في الشتات والمنافي والمخيمات، خاصة بعدما انقسمت وحدته وخارطته الجغرافية بين ضفة وقطاع.
فيكفينا ذل وهوان وضياع، ورضوخ، واستعباد استعماري للمقدسات، وللأرض ولإنساننا، وهو ما أسقطه شعبنا الفلسطيني على مر المراحل والأزمنة ومازال يمثل الرقم الصعب، في معادلة الحرب والسلام في الشـرق الأوســط، طبقاً للشرعية الدولية وقراراتها التي طالبت بحقنا المشروع نحو تقرير مصيرنا وفق القرارات الشرعية الدولية / "242، 338، 425، 194، 1397 " وغيرها من الاتفاقيات، وخارطة الطريق، التي تؤكد على رحيل الاحتلال وإحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية.
ولنجاح هذه الفرصة السانحة علينا أن نوفر الدعم للقيادة الفلسطينية المتمثلة بالرئيس "محمود عباس" ونعزز من ثقتنا به حتى يفرض أجندته ومطالبه على المفاوض الإسرائيلي الذي يبحث ويستثمر كل فرصة للمماطلة والمراوغة أو الانشقاق الحاصل في قرارانا، لا سيما وأنه يسعى جاهداً على تكريس هذا الانشقاق والاقتتال،وهذا لا يعني رفضنا للمعارضة، واستذكر هنا قول الشهيد "ياسر عرفات" إن لم يكن هناك معارضة فاصنعوها، لأنها ظاهرة صحية، ولكن في حدود المنطق الذي يخدم الطرف الفلسطيني المفاوض، بالتالي كما نحن موحدين في مقاومتنا أيضاً علينا أن نكون موحدين في قرارانا وخطابنا السياسي، في مواجهة العصف المقبلين عليه سيما اتجاه قطاع غزة.
كاتب وباحث

الأربعاء، نوفمبر 28، 2007

أسرار ورقة تفاهم عون – نصر الله

سعيد علم الدين
ظهر اليوم للعيان الجوهر الخفي لمعادلة ورقة تفاهم كنيسة مار مخايل التي وقعها ميشال عون مع حسن نصر الله في 6 شباط عام 06 .
هذا الجوهر نراه اليوم بوضوح وقد انفضحت أسراره وطغت على كل ما جاء في الورقة من بنود علنية هي للاستهلاك المحلي فقط، وبالأخص بعد هذه المعركة الإرهابية الشرسة التي يخوضها الحزب اللاهي منذ أكثر من سنة للتحضير لفرض عون رئيسا للجمهورية خلفا للحود وذلك للإمساك بالدولة اللبنانية من رقبتها وترويضها لمشروعه الإيراني.
ومن هنا هو راض عن عمر كرامي الخانع لأنه مروض، وأعلن الحرب على السنيورة الممانع لأنه لم يستطع ترويضه.
وفي هذا السياق نستطيع أن نفهم تتالي الأحداث الدموية الانقلابية الفوضوية الفاشلة لإسقاط الحكومة والاستيلاء على السلطة والتي توجتها "معارضة"، أي ورقة تفاهم عون – نصر الله، باحتلالها الخانق لرئة بيروت ووسطها التجاري كنقطة ضغط عملية مستمرة لابتزاز الأكثرية والشعب والحكومة تحت شعار: عون أو الفوضى. وفي هذا السياق نستطيع أن نفهم أيضا وصف عون في 13 تشرين أول 06 للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بـ"طبخة بحص". وفي هذا السياق نستطيع أن نفهم أيضا ربط النائب اللاهي محمد رعد الموافقة على ترشيح العماد سليمان بموافقة عون. وعون يقول: أنا أو لا أحد!
المعادلة السرية وباختصار هي التالي: السلاح + رفض المحكمة مقابل الكرسي + الأموال الإيرانية الطائلة.
أي يحصل نصر الله من عون على تغطية شرعية مسيحية مرموقة للتمسك بسلاحه المقدس أي دولته المذهبية الإلهية، لأن الدول لا تقوم دون سلاح يدعمها التعصب الأعمى، ورفض المحكمة مع السماح بالقبول بها من حيث المبدأ فقط ذرا للرماد في العيون. وبالمقابل يحصل عون على كرسي الجمهورية وعلى الأموال الإيرانية الطاهرة له ولمفاتيح قيادة تياره. وهكذا اشتراهم الحزب اللاهي واحدا بعد الآخر مخترقا التيار ممسكا بخناقه أمنيا حتى أن الحزب يرصد كل مكالمات عون وتحركات ويمنعه من القيام بها في اللحظة المناسبة. وقد زجره من اللقاء مع جنبلاط ولم يسمح له بلقاء الحريري إلا بعد أن تأكد له بأن اللقاء لن يثمر عن شيء.
من الرابح والخاسر استراتيجيا في هذه المعادلة؟
الرابح الأكبر نصر الله. لأنه حافظ على مبادئه ومواقعه بل عززها بالحصول على تغطية شرعية مسيحية مارونية لسلاحه الإلهي بعيدة المدى. هم تفاهموا ببقاء السلاح حتى تحرير مزارع شبعا وعودة الأسرى.
وإذا سوريا لم تستطيع بعد أربعين سنة تحرير شبر من الجولان، هل سيستطيع الحزب اللاهي الذي خسر جبهة الجنوب بعد حرب تموز مقيدا بالقرار 1701 تحرير شبر من شبعا؟
وبما أننا نتحدث عن التحرير، فإن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب عام 2000 تم سياسيا وليس عسكريا، ولم يحرر حزب الله شبرا واحدا من الجنوب فقط كان يقوم بضربات عسكرية ويتراجع إلى مواقعه الآمنة. أي أنه لم يحتل الأرض بالقوة من الإسرائيليين ويبقى فيها. لو فعل ذلك عندها نستطيع نعتها بالمحررة!
إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب حصل سياسيا عندما وعد رئيس الحكومة السابق براك الذي كان ينافس نتنياهو، الشعب الإسرائيلي بالانسحاب من الجنوب اللبناني في حال انتخابه. نجح في الانتخابات ونفذ وعده. هذا ما حصل لا أكثر ولا أقل. ولو نجح يومها نتنياهو لربما ما زالت إسرائيل حتى اليوم في الجنوب اللبناني.
للتذكير أقامت إسرائيل مستوطنات يهودية في كل الأراضي العربية التي احتلتها من سيناء إلى غزة إلى الضفة الغربية إلى الجولان ما عدا الجنوب اللبناني لم تقم فيه مستعمرة واحدة والسبب أن إسرائيل ليس لها أطماع في لبنان ومياهه ولو كان لها أطماع لبنت مستوطنات يهودية من الصعب التخلي عنها أو التخلي عنها بثمن باهظ سيدفعه لبنان. إسرائيل دولة عدوة ومغتصبة لأرض فلسطين هذا شيء مفروغ منه ولكن يجب أن ننظر إلى الأمور بموضوعية وليس بمبالغة تكسر الرقبة، ونصر إلهي يدمر البلد على الفاضي.الخاسر الأكبر من معادلة التفاهم التي أشرنا إليها هو ميشال عون الذي خسر مواقعه مقدما لبنان على طبق من ذهب لنصر الله ومشاريعه الإيرانية، منقلبا على قاعدته الانتخابية التي انتخبته على أساس مبادئه وشعاراته في السيادة والاستقلال، خائنا أرواح الشهداء الذين سقطوا بسبب حروبه، وكل ذلك على أمل الحصول على كرسي الرئاسة. وماذا لو وصل إلى الكرسي مع أن هذا أصبح مستبعدا جدا؟ عندها لن يستطيع مخالفة نصر الله بأمر، وإلا! فجماعة الحزب اللاهي لا يمزحون بهذه الأمور.

العنف الفلسطيني وتنامي الشعور بالعار


عطا مناع
للوهلة الأولى اعتقدت وبسذاجة أن العنف الذي تمارسه حركة حماس في قطاع غزة لن يجتاز الحدود ليصلنا في الضفة الغربية، حاولت أن اقنع نفسي أننا في الضفة الغربية في مأمن من ممارسات العار التي شاهدناها عبر شاشات التلفزة حيث يتم التعامل مع الفلسطيني وكأنة"حيوان" يستحق ما يتلقاه من وجبات القمع بالعصي والجنازير والفلقة والاهانات والاذلاال الغير مسبوق، وكل ذلك باسم الوطن والوطن من هذه الممارسات براء
للوهلة الأولى شدني الخطاب الضفاوي المناهض لممارسات حماس في غزة، لدرجة أن المتابع البسيط يعتقد أنة يعيش في واحة الضفة الديمقراطية التي تستوعب كافة الأطياف السياسية والاجتماعية، وتتعامل مع المعارضة كظاهرة صحية يتوجب الحفاظ عليها للحيلولة دون تنامي حالة السقوط في وحل الدكتاتورية والتصفيات السياسية للأخر.
لقد أثبتت الضفة الغربية يوم الثلاثاء أي يوم انعقاد مؤتمر انابولس أن غزة والضفة وجهان لعملة واحدة،بمعنى لا فرق بين عصا الانقلابيين في غزة وجنازير حكومة رام اللة الذي قال وزير إعلامها أن المحتجين تحدوا قرار الحكومة ، وكان لسان حالة يقول"العصا لمن عصا وقد اعذر من انذر" ولذلك فليتحمل كل فلسطيني ما جنت يداه، لأننا نعيش في زمن الممنوع وحالة الطوارئ التي تفتح الباب واسعا أمام العنف المفرط بالقوة تجاه من يقول كلمة لا في وجه أسياد المرحلة.
إننا كفلسطينيين نعيش الظلم المركب الذي تفرع ليضاعف الشعور بالهزيمة والعار تجاه ممارسات لا ترتقي لمعاناتنا من الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يجد وسيلة قهر إلا وجربها فينا، إن العقل الفلسطيني يخضع لضغط هائل عندما تتقاطع الصورة ، ولا نستطيع أن نفرق بين قوانا الوطنية التاريخية التي تعتبر حركة تحرر وطني وبين قوى القهر التاريخي، هذا غير مقبول وطنيا لما لذلك من تفاعلات خطيرة على التكوين الفلسطيني وتعاطيه مع قضاياه المصيرية.
هناك فرق شاسع بين متابعة قمع المتظاهرين على شاشات التلفزة ومشاهدتها على ارض الواقع وبالعين المجردة، أن تشاهد بعينيك كيف تنهال العصي وأعقاب البنادق والجنازير على أخيك الفلسطيني مختلف، وخاصة انك تشعر بالعجز أمام هذا المشهد القاسي الخالي من أي معنى سوى العنف من اجل العنف، هذا يشعرك باليأس والإحباط والعار من انك تواجدت في المكان والتزمت الصمت سوى اضعف الإيمان، عار الصمت هذا يضاف إلى غار الهزيمة الداخلية التي ألحقها بك أبناء جلدتك ورفاق الأمس الذين تحولوا لماكينة خالية من أية مشاعر،ماكينة محكومة بقرارات جامدة لا حياة تفيها هدفها إفراغ ما تبقى فينا من إنسانية ، ماكينة تحولونا إلى جثث خالية من ابة تفاعلات إنسانية، تأكل وتشرب وتنام وتتكاثر بغريزية مقززة تنتظر رحمة اللة.
من المضحك ان نتحدث عن مستقبل للشعب الفلسطيني في ظل انتهاك كرامة وحرية هذا الشعب، لان فلسطين بدون الإنسان تصبح مجرد ارض مفرغة من مضمونها وضمانة بقائها، وقد يكون الوقت مناسبا أن تقف القيادة الفلسطينية بشتى ألوانها أمام نفسها لتقيم الورطة التي أدخلتنا قيها، هذه الورطة التي مست عصب الحياة في المجتمع الفلسطيني، نحن كشعب نعرف أن هناك مصالح وأجندة لاقطاب الصراع، اعتقد أن مصلحة الشعب بما فيهم عناصر الأجهزة الأمنية في غزة والضفة أن يرفض الغرق في عار الاقتتال الأهلي وسيادة شريعة الغاب وأمراء الحرب.

الجنرال عون والاستكبار السرطاني

الياس بجاني
الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

اشعيا 5- 21/20: "ويلٌ للقائلين للشرِ خيراً وللخيرِ شراً، الجاعلين الظلام نوراً والنورَ ظلاماً، الجاعلينَ المُرَّ حُلواً والحلوَ مُراً. ويلٌ للحكماءِ في أعينِ أنفسهم والفهماءِ عند ذواتهم".

مسكين الجنرال ميشال عون فقد قاده مرّكب العناد والحقد إلى حالة جنوح قاتلة تستدعي منا الشفقة والتحسر في آن. الشفقة على النهاية الوطنية والسياسية لقائد واعد رأى فيه العديد من اللبنانيين السياديين، ونحن من بينهم، نموذجاً وطنياً مختلفاً وفارقاً عن خامة وممارسات وتقلبات باقي السياسيين.

اعتقدنا، أو بالأحرى توهمنا، وطبقاً لخطابه والوعود، أنه لن يتعاطى الشأن السياسي بمفهومه اللبناني الضيق والمشخصن، بل سيكرس حياته وطاقاته والوزنات التي أنعم عليه بها الله، والثقة التي منحه إياها الناس، في خدمة القضايا الوطنية البحتة التي لا تحتمل المساومة والتلون والأنانية والعدائية والاستكبار وحب النفوذ والشعبوية والطروادية.

أما التحسر فعلى ما فُجعنا به مع أهلنا في الوطن الأم وبلاد الانتشار من صدمة وخيبة أمل كبيرتين بنتيجة سقوط الرجل صاغراً في فخ، وشباك، ومكائد، وخطاب، وأطماع، وخطط، كل الذين بنى شعبيته وهالته منذ سنة 1988 على تبعيتهم، ودناءة نفوسهم، وتقلباتهم، وأخطائهم والخطايا.

أمتهن آليتي التبرير المرضي (RATIONALIZATION) والديماغوجية وراح يسوِّق لممارساته المعيبة مبرراً إياها بممارسات أولئك السياسيين والقادة خلال حقبة الاحتلال السوري، علماً أن السواد الأعظم منهم تاب واعترف بأخطائه وعاد إلى الخط السيادي، وبعضهم قدم حياته كفارة عن توبته.

نعم، وبراحة ضمير، نقول أن الرجل نقض كل مسار ماضيه السيادي والمؤسساتي والأخلاقي وانتقل بين ليلة وضحاها من قاطع إلى آخر، حتى انتهى به الأمر ملحقاً وبوقاً ليس إلا في الضاحية الجنوبية وقصر المهاجرين الشامي وطهران الفرس.

بالتأكيد لم يعد خافياً حتى على السذج والأطفال أن الرجل وبعد عودته من المنفى تنكر بوقاحة غير مسبوقة لكل شعاراته، وانقلب كلياً على كل وعوده والعهود، وراح يبرر بأسلوب مقزز وجنوني وتحريضي، هوسي ووهمي كل ذنوبه المميتة، وهرطقاته المفضوحة، وانحرافاته المرضية، وتحالفاته الهجينة، وخطابه العدائي، ومفرداته الشوارعية، واستهزائه بالثقافة والثوابت المارونية. فشل فشلاً ذريعاً في خداع أصحاب الثوابت والضمائر مما حدى بالمئات من مؤيديه المثقفين إلى تركه والعمل على فضح انحرافاته والهرطقات.

مركبات الوهم الرئاسي، وعشق الكرسي، والأنانية والحقد، أوصلوا الرجل إلى حالة جنونية من الإستكبار والإنسلاخ عن الواقع، فراح يخبط خبطاً صبيانياً وعشوائياً في كل الاتجاهات، حتى وصل به الأمر إلى تنصيب نفسه بطريركاً سياسياً على الموارنة.

اصدر فرماناً انكشارياً استدعى من خلاله كل الكبار والنافذين من بني قومه بمن فيهم رجال الدين بهدف التشاور معه، معتبراً أن مرجعية بكركي هي لإسداء النصائح فقط. إن هذا التصرف الأهوج والصبياني الاستكباري المستنكر يبين بما لا يقبل الشك الحالة النفسية والعقلية والأخلاقية المرضية المتقدمة جداً التي يعاني منها الرجل، والتي هي بالواقع وطبقاً للظواهر والأعراض حالة ميؤس من علاجها.

إن مجد لبنان قد أعطي لبكركي ولسيدها، وتطاول العماد عون على هذا الصرح وعلى شخص البطريرك هو معيب وبعيد كل البعد عن القيم والأخلاق ويدل بوضوح على الدرك التحتي والذي هو تحت التحت الذي انحدر إليه هذا الجامح والشارد.

ردنا على هذا التصرف الأحمق نستعيره من الكتاب المقدس – سفر ملاخي 4-1: "فهوذا يأتي اليوم المتقدُ كالتنورِ، وكلُ المستكبرينَ، وكلُ فاعلي الشرِ يكونونَ قشاً ويجرفهم اليوم الآتي قال رب الجنود، فلا يُيقي لهم أصلاً ولا فرعاً". ومن عنده آذان صاغية فليسمع.

تورنتو – كندا في 29 تشرين الثاني 2007
عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com

الثلاثاء، نوفمبر 27، 2007

لا بطريركية سياسية في الديمقراطية

سعيد علم الدين
مع احترامنا الكبير للبطريركية المارونية ولغبطة البطريرك صفير وحكمته وصبره وجهاده بالكلمة الطيبة من أجل قيامة لبنان السيد الحر المستقل وخلاصه من محنه.
ومع إجلالنا لمقامه الروحي وما يمثل في لبنان والشرق والعالم والذي هو أكبر بكثير من كل المناصب السياسة التي تبقى في المراتب الدنيا بالنسبة إلى مقامه الديني.
والدليل على ذلك أنهم بعد أن رجوه وضع لائحة بالأسماء انقلبوا على لائحته، لأنهم رجال سياسة من الحجم الصغير. أي من المراتب الدنيا ولو كانوا رجال سياسة كبار يحترمون كلمتهم لعملوا بلائحة البطريرك لحل مشكلة رئاسة الجمهورية.
ولأنهم رجال سياسة من المراتب الدنيا افتعلوا هذه المشكلة ليتلاعبوا ويحتالوا ويغتالوا قرار الشعب اللبناني الذي انتخب أكثرية برلمانية لتحكم البلد حسب الدستور لا لتسكن خوفا من إجرامهم في الفينيسيا.
وميشال عون هنا يتحمل المسؤولية الأولى في إفشال لائحة البطريرك صفير والوصول إلى الفراغ في الكرسي والقصر الرئاسي وليس على صعيد الحكومة والدولة.
ما نقصده هنا مباشرة هي البطريركية السياسية الجديدة على الأرض المارونية الفريدة التي يحاول السيد ميشال عون خلقها من العدم وفرضها على قطيعه السياسي في كتلة التبعية والانبطاح لحسن نصر الله ومن ورائه المشروع الإلهي الإيراني السوري، ليبقى لبنان ساحة لحروبهم التي يبشرون بها اللبنانيين يوميا، وورقة ضغط لتحسين شروطهم التفاوضية التي يحلمون بها مع الغرب والأمريكان.
ولكي لا نبقى في التنظير فسنقدم هذا المثال الحي للتأكيد على أنه لا بطريركية في الديمقراطية. وإن كان هناك بطرك للديمقراطية فهو الشعب السيد وإرادة الناخب المعبرة عن قراره الحر فقط.
عام 1982 انتخب الألمان المستشار هيلموت كول الذي انتصر على هيلموت شميت واستطاع تحقيق أعجوبة توحيد الألمانيتين سلميا عام 1990 وإنهاء الاحتلال السوفيتي لألمانيا الشرقية، ليس هذا فحسب، بل والنجاح أربع دورات متتالية، أي حكم ألمانيا 16 سنة ناجحة من مختلف الوجوه حتى شُبِّهَ بالمستشار بسمارك موحد ألمانيا الأول بعد أن كان الألمان دويلات مبعثرة وإمارات متناحرة مثل العالم العربي حاليا. الرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا سماه عندما التقاه بالمستشار الأكبر نسبة للملك الألماني الشهير فريدرك الأكبر.
هذا عدا أن المستشار السابق كول استطاع أن ينهض بألمانيا لتبقى إحدى الدول العظمى اقتصاديا ويؤسس للوحدة الأوروبية مع الرئيس الفرنسي الراحل ميتران ومن بعد الرئيس شيراك وباقي زعماء أوروبا.
هذا البطرك السياسي كول والذي استقطب الشرق والغرب وكان صديق حميم لغوربتشوف الروسي وأحم لكلينتون الأمريكي فشل في انتخابات عام 1998 فشلا ذريعا أمام الإشتراكي جيرهارد شرودر. الذي انتزع منه تاج المستشارية وكول مذهول لا تصدق عيناه ما يحدث وكيف أن الشعب الألماني خذله هكذا.
واليوم المستشار السابق هيلموت كول رجل عادي ولا بطريركية سياسية ولا هم ينوحون. زبدة القول أن السيد ميشال عون المغرور بنفسه إلى أعلى الدرجات عليه أن يعرف قبل أن يقع ويكسر رقبته أنه لا بطريركية سياسية في الديمقراطية ولا هم ينوحون. وكما قلنا الشعب وحده هو البطرك وهو الذي يصنع الزعماء فيكبروا ويعيدهم إلى أحجامهم فيصغروا.
وإذا كان السيد عون مغرورا وفخورا ومسرورا بكتلته البرلمانية العشرينية العدد فليعرف أنها إلى حين، وأن الشعب اللبناني قرف من السياسيين الذين يتاجرون به وبديمقراطيته وببرلمانه وبدستوره وبوطنه من أجل مصالحهم وكراسيهم وتحقيق نزعاتهم الأنانية وحل عقدهم المريضة على حساب مستقبل أطفاله.

أنابوليس وحسابات "أولمرت" الإنتخابية


د. عدنان بكريه
ليس لدينا أدنى شك من أن الوفود العربية ستعود من "مهرجان التهريج "في أنابوليس بخفي حنين ،فالمؤتمر المنعقد في الولايات المتحدة يفتقر إلى أدنى مقومات المؤتمر الذي من شأنه أن يبحث في القضايا الجوهرية التي تخص الصراع العربي الاسرائلي وحتى إن طبيعة الوفد الإسرائيلي لا تمكنه من طرح وتناول الحلول وإبرام الاتفاقيات ... فهذا الوفد وقبل مغادرته إلى انابوليس أكد أنه ذاهب إلى هناك لجس نبض الأطراف العربية وفحص إمكانيات الحل ! أي أنه لا ينوي طرح الحلول بل أن مهمته تتلخص بسماع وجهة نظر الوفود العربية ومن ثم العودة إلى المجلس الوزاري لبحث كافة الاقتراحات !
نعم .. هذه هي النوايا الإسرائيلية المعلنة ... إسرائيل ذاهبة إلى أنابوليس مسلحة بالدعم الأمريكي اللامحدود
غير آبهة بفشل اللقاء مراهنة على حصد مكاسب من الأطراف العربية من خلال فتح نوافذ التطبيع مع العالم العربي كشرط أساسي للتقدم في الحوار والمضي في بحث القضايا العالقة !
إسرائيل ذاهبة إلى اللقاء بدون امتلاك توجه جدي لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وذهابها لا يتعدى كونه نزهة تعارفية ومحاولة بائسة لابتزاز الأطراف العربية وبالتحديد الطرف الفلسطيني وإيهامه بأنها عازمة على حل القضية الفلسطينية وفق خارطة الطريق .. فلقد أعلن المسؤولون الإسرائيليين مرارا وتكرارا على إن تنفيذ خارطة الطريق منوط ببدء الطرف الفلسطيني ترجمة ما هو مطلوب منه على أرض الواقع أي محاربة (الإرهاب الفلسطيني )!! وبالتحديد حركة حماس .
وأضافوا إن شرط التقدم بالعملية السلمية ستحدده خطوات الطرف الفلسطيني ونجاعتها ! بمعنى آخر تفجير الوضع الفلسطيني المتأزم وإدخال الشعب إلى حالة اقتتال داخلي لا تحمد عقباه .
إن مثل هذه الاشتراطات الإسرائيلية من شأنها أن تضع الوضع الفلسطيني على فوهة بركان ومن شأنها أيضا أن تقضي على فرص الحوار بين الأخوة الفلسطينيين وتنسف إمكانيات الحوار والتقارب بين حركتي فتح وحماس ولا نعتقد بأن هذا الشرط سيكون مقبولا على الرئاسة الفلسطينية بل إن رفضه واجب وطني من الدرجة الأولى ... وإذا كانت إسرائيل تظن بأن السلام يبنى على جثث ضحايا الاقتتال الداخلي تكون مخطأة وواهمة .. فشعبنا الذي قدم الغالي والرخيص على مذبح التضحية الوطنية .. لن يقبل بأن يحول حلم التحرر والاستقلال إلى حرب أهلية ولا يمكنه القبول بدولة تبنى بمداميك من الجثث !
إن الشروط التعجيزية التي تطرحها إسرائيل يكشف خبث النوايا الإسرائيلية ومحاولاتها الدائمة بالبحث عن ذرائع تعفيها من الالتزام تجاه الشعب الفلسطيني والعالم العربي .. هي ذاهبة إلى انابوليس للبحث عن منفذ للهروب من دفع استحقاقات العملية السلمية وتتمنى فشل المؤتمر .. لأن نجاح أعماله يعني إلزام إسرائيل بدفع ثمن هذا النجاح .. ونجاحه سيترك انعكاسات سلبية على الوضع السياسي داخل إسرائيل وبالتحديد على ائتلاف (اولمرت) الحكومي فأي تنازل وحتى طرح وتناول لثوابت الحق الفلسطيني سيضع حكومة اولمرت على كف عفريت وهذا ما هدد به زعيم حزب يسرائيل بيتينو ( ليبرمان ) بأنه سينسحب من الائتلاف الحكومي فيما لو جازف ( أولمرت ) وتناول الثلاث قضايا .. القدس.دة.. القدس .. وإقامة الدولة الفلسطينية !
من هنا نلمس أن انابوليس مقيد بسلاسل اليمين الإسرائيلي ولا يمكن لليمين فك هذه القيود وإذا حاول اولمرت فكها فإنه سيدفع مستقبله السياسي ثمنا لذالك ..
اولمرت الذي تلاحقه ملفات الفساد وقرارات لجنة (فينوغراد) لا يمكنه كسر قيود اليمين حتى لو أراد .. فهو ذاهب إلى المؤتمر ليعود بقرارات ترفع أسهمه المنهارة داخل إسرائيل وتزيل كابوس الانهيار السياسي الذي يلاحق شخصه ومنذ فشل حربه الأخيرة على لبنان..إن الفشل العسكري الذي لحق به وجعله ضعيفا مطاردا من قبل لجان التحقيق ومن قبل خصومه السياسيين أجبره على البحث عن حصد ولو مكسب سلمي صغير لحفظ ماء وجهه ورفع أسهمه المنهارة في الشارع الإسرائيلي.. وهو يظن بأن أي تنازل عربي ولو كان بسيطا سيترجمه إلى مكسب سياسي أمام خصومه السياسيين وقد يحفظ له مستقبله السياسي الذي يتداعى يوما بعد يوم.
إن الضعف الداخلي لرئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت يقوده نحو تعويض هذا الضعف على مستويات عربية وإقليمية ... وتهديداته المتتالية باجتياح قطاع غزة دليل واضح على مدى تهوره واستعداده لشن حرب على قطاع غزة تحت حجة القضاء على بؤر الإرهاب.. وهو ينطلق من حسابات انتخابية خالصة ويظن بان اجتياح القطاع قد يمنحه القوة الجنرلاتية ويغطي فشله في الحرب ضد حزب الله وقد ينسف توصيات ( لجنة فينوغراد ) التي حملته المسؤولية عن الفشل الذريع في لبنان .
من هنا فإننا متخوفين من أن مرحلة ما بعد أنابوليس ستكون مرحلة حساسة وقد يصل التهور الإسرائيلي الأمريكي إلى حدود شن هجمات ضد أهداف سورية وإيرانية إضافة إلى اجتياح قطاع غزة وإشعال المنطقة
لا نستبعد أن يكون انابوليس مرحلة تحضيرية لعدوان عسكري بالطيران الأمريكي والإسرائيلي على إيران وسوريا واجتياح قطاع غزة وتفجير حرب أهلية في لبنان لحسم الصراع اللبناني الداخلي وخلق توازن بين أطراف الصراع ..إن الأجواء الداخلية في إسرائيل ترجح احتمال إشعال المنطقة وقادة الدولة العبرية معنيين باندلاع حرب خاطفة والعودة بنتائج مرضية لترجيح كفة ميزانهم الانتخابي.. إن التاريخ الإسرائيلي وحساباته الانتخابية بني على هذه القاعدة .. قاعدة أن الانتصار بالحرب كفيل بخلق إمكانيات النصر السياسي الانتخابي!!
وحسابات بوش تنطلق من قاعدة فشله في العراق ودخوله إلى أوحال بات من الصعب الخروج منها بسهولة فهو لن ينهي حياته السياسية بالخسائر التي تلاحقه في العراق وأفغانستان.. لذا سيجهد في سبيل إنهائها بنصر عسكري إذا فشل بفرض سلام مرفوض من قبل كافة الأطراف... لذا لن يتورع عن إنهاء حياته السياسية بضربة موجهة ضد إيران من اجل القضاء على المشروع النووي الإيراني دون إجراء حسابات دقيقة لتداعيات هذه الخطوة على الأمن والاستقرار العالمي .
إن سيناريو الحرب قائم ... لا يمكن نفيه أو تأكيده فالأيام وربما الأشهر القادمة ستكشف العديد من التوجهات والنوايا والتساؤلات الملحة... ما هو بديل انابوليس
الدكتور عدنان بكريه / الجليل / فلسطين أل 48