الأربعاء، نوفمبر 28، 2007

العنف الفلسطيني وتنامي الشعور بالعار


عطا مناع
للوهلة الأولى اعتقدت وبسذاجة أن العنف الذي تمارسه حركة حماس في قطاع غزة لن يجتاز الحدود ليصلنا في الضفة الغربية، حاولت أن اقنع نفسي أننا في الضفة الغربية في مأمن من ممارسات العار التي شاهدناها عبر شاشات التلفزة حيث يتم التعامل مع الفلسطيني وكأنة"حيوان" يستحق ما يتلقاه من وجبات القمع بالعصي والجنازير والفلقة والاهانات والاذلاال الغير مسبوق، وكل ذلك باسم الوطن والوطن من هذه الممارسات براء
للوهلة الأولى شدني الخطاب الضفاوي المناهض لممارسات حماس في غزة، لدرجة أن المتابع البسيط يعتقد أنة يعيش في واحة الضفة الديمقراطية التي تستوعب كافة الأطياف السياسية والاجتماعية، وتتعامل مع المعارضة كظاهرة صحية يتوجب الحفاظ عليها للحيلولة دون تنامي حالة السقوط في وحل الدكتاتورية والتصفيات السياسية للأخر.
لقد أثبتت الضفة الغربية يوم الثلاثاء أي يوم انعقاد مؤتمر انابولس أن غزة والضفة وجهان لعملة واحدة،بمعنى لا فرق بين عصا الانقلابيين في غزة وجنازير حكومة رام اللة الذي قال وزير إعلامها أن المحتجين تحدوا قرار الحكومة ، وكان لسان حالة يقول"العصا لمن عصا وقد اعذر من انذر" ولذلك فليتحمل كل فلسطيني ما جنت يداه، لأننا نعيش في زمن الممنوع وحالة الطوارئ التي تفتح الباب واسعا أمام العنف المفرط بالقوة تجاه من يقول كلمة لا في وجه أسياد المرحلة.
إننا كفلسطينيين نعيش الظلم المركب الذي تفرع ليضاعف الشعور بالهزيمة والعار تجاه ممارسات لا ترتقي لمعاناتنا من الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يجد وسيلة قهر إلا وجربها فينا، إن العقل الفلسطيني يخضع لضغط هائل عندما تتقاطع الصورة ، ولا نستطيع أن نفرق بين قوانا الوطنية التاريخية التي تعتبر حركة تحرر وطني وبين قوى القهر التاريخي، هذا غير مقبول وطنيا لما لذلك من تفاعلات خطيرة على التكوين الفلسطيني وتعاطيه مع قضاياه المصيرية.
هناك فرق شاسع بين متابعة قمع المتظاهرين على شاشات التلفزة ومشاهدتها على ارض الواقع وبالعين المجردة، أن تشاهد بعينيك كيف تنهال العصي وأعقاب البنادق والجنازير على أخيك الفلسطيني مختلف، وخاصة انك تشعر بالعجز أمام هذا المشهد القاسي الخالي من أي معنى سوى العنف من اجل العنف، هذا يشعرك باليأس والإحباط والعار من انك تواجدت في المكان والتزمت الصمت سوى اضعف الإيمان، عار الصمت هذا يضاف إلى غار الهزيمة الداخلية التي ألحقها بك أبناء جلدتك ورفاق الأمس الذين تحولوا لماكينة خالية من أية مشاعر،ماكينة محكومة بقرارات جامدة لا حياة تفيها هدفها إفراغ ما تبقى فينا من إنسانية ، ماكينة تحولونا إلى جثث خالية من ابة تفاعلات إنسانية، تأكل وتشرب وتنام وتتكاثر بغريزية مقززة تنتظر رحمة اللة.
من المضحك ان نتحدث عن مستقبل للشعب الفلسطيني في ظل انتهاك كرامة وحرية هذا الشعب، لان فلسطين بدون الإنسان تصبح مجرد ارض مفرغة من مضمونها وضمانة بقائها، وقد يكون الوقت مناسبا أن تقف القيادة الفلسطينية بشتى ألوانها أمام نفسها لتقيم الورطة التي أدخلتنا قيها، هذه الورطة التي مست عصب الحياة في المجتمع الفلسطيني، نحن كشعب نعرف أن هناك مصالح وأجندة لاقطاب الصراع، اعتقد أن مصلحة الشعب بما فيهم عناصر الأجهزة الأمنية في غزة والضفة أن يرفض الغرق في عار الاقتتال الأهلي وسيادة شريعة الغاب وأمراء الحرب.

ليست هناك تعليقات: