الثلاثاء، نوفمبر 20، 2007

إسرائيل تنسف أنابوليس دون متفجرات

نقولا ناصر

عشية انعقاد لقاء أنابوليس ، يبدو المحتل الإسرائيلي حريصا جدا على أن يزود المعارضين للقاء من العرب ، وفي مقدمتهم الفلسطينيين ، بذخيرة تحريضية متفجرة لنسف اللقاء سياسيا وإعلاميا دون أي حاجة إلى متفجرات حقيقية لإفشاله ، كما تروج وسائل إعلام إسرائيلية .

وتندرج في هذا السياق تصريحات وزيرة خارجية دولة الاحتلال تسيبي ليفني يوم الأحد الماضي بأن الدولة الفلسطينية المأمولة ستوفر حلا لمطالب "عرب إسرائيل" بالمساواة في دولة لكل مواطنيها أو بالحكم الذاتي للأقلية القومية العربية فيها ، وهي التصريحات التي أثارت حركة احتجاج تتسع يوميا في أوساط عرب فلسطين عام 1948 لأنها تنذر بتحول دعوات وزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور ليبرمان إلى "الترانسفير" -- للإبعاد الجماعي لمليون وربع المليون عربي تحت يافطة "التبادل السكاني" مع الدولة الفلسطينية المرجوة -- إلى سياسة رسمية للحكومة الإسرائيلية .

وتكشف تصريحات ليفني هذه هدفا إستراتيجيا ثانيا في أولويات دولة الاحتلال الإسرائيلي ، وكان رئيس الوزراء السابق أرييل شارون السادر في غيبوبته قد كشف الهدف الإستراتيجي الأول عندما سوغ موافقته العلنية لأول مرة على إقامة دولة فلسطينية بالقول إنها ستحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بمنحهم "حق العودة" -- الذي ما يزال يمثل العقبة الأكبر في طريق السلام مع العرب – إلى الدولة الفلسطينية .

وتمثل قضية اللاجئين الفلسطينيين وقضية الأقلية القومية العربية في إسرائيل همٌان إستراتيجيان يؤرقان قادة الاحتلال الإسرائيلي لأن بقاء هذه الأقلية وعودة هؤلاء اللاجئين هما التهديد الإستراتيجي ، حتى دون حرب ، لنجاح مشروع الحركة الصهيونية لإقامة دولة يهودية في فلسطين ، ومن هنا مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بتجديد اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل ك"دولة يهودية" كشرط مسبق للدخول في مفاوضات مع قيادة المنظمة تقود إلى نجاح لقاء انابوليس أواخر الشهر الجاري .

إن تصريحات ليفني وقبلها تصريحات شارون تكاد ترسم ملامح الدولة الفلسطينية المرجوة عربيا وفلسطينيا كمشروع إسرائيلي إستراتيجي أمني يخلص دولة الاحتلال من همٌين إستراتيجيين بتحويلها إلى المخيم الكبر للاجئين في العالم لاستيعاب لاجئي عام 1948 وكذلك عرب فلسطين الذين لم تجد دولة الاحتلال مناصا من منحهم جواز سفرها دون حقوق جنسيتها بانتظار فرصة سانحة للتخلص منهم ، ومن الواضح أنها تجد الآن في أنابوليس مثل هذه الفرصة السانحة لتضرب عصفورين فلسطينيين بحجر واحد .

وتأمل دولة الاحتلال في الأقل أن تقود مثل هذه المطالب التعجيزية -- التي لا يمكن لأي عربي قبولها ، فكم بالحري العربي الفلسطيني – إلى إفشال اللقاء حتى لو انعقد وبالتالي للتنصل من أية التزامات قد تترتب على نجاحه من منظور أميركي يريد لأنابوليس أن ينجح ليس نجاحا لذاته بل لتحقيق الهدف الأصلي الذي سعت الإدارة الأميركية إليه باقتراح عقده وهو مبادلته بدعم "المعتدلين العرب" لمشرع احتلالها المتعثر في العراق ودعم خططها العدوانية ضد إيران وسوريا كعقبتين أخيرتين أمام الهيمنة الأميركية الكاملة على إقليم الشرق الأوسط وخصوصا على القلب العربي لهذا الإقليم .

ولم يحصل المعارضون العرب على ذخيرتهم التحريضية ضد لقاء أنابوليس من المتطرفين الإسرائيليين فقط بل وممن يُصنفون في أوساط الدعاة العرب للتسوية السياسية مع إسرائيل ب"أنصار السلام" من "المعتدلين" الإسرائيليين ، مثل يوسي بيلين (الشريك الإسرائيلي في "مبادرة جنيف") ، الذي يشن منذ أيام حملة إعلامية لعدم انعقاد اللقاء ، بحجة أن الذهاب إلى أنابوليس دون الاتفاق على القضايا الجوهرية سيقود إلى الانحشار في "مفترق الطرق" الذي تمثله أنابوليس في رأيه وبالتالي على فشل اللقاء مما يعرض الجميع للمتطرفين في الجانبين على حد قوله في مقال له نشرته هآرتس يوم الإثنين ، 19 الجاري .

ويأمل المفاوض الفلسطيني في أن يكون أنابوليس مدخلا لتحويل "إعلان الاستقلال" من طموح وطني إلى حقيقة واقعة على الأرض ، متجاهلا في أمله كل الحقائق الإسرائيلية التي "تغتال" يوميا هذا الأمل ، تجاهلا يثبت أن هذا المفاوض سادر في وهم لا يبدو أن الفشل الذي يكاد يكون مؤكدا في أنابوليس سيكون كافيا ليجعله يصحو من وهمه على الواقع المر .

وبينما يظهر المفاوض الفلسطيني متناقضا في تصريحاته ومواقفه وهو يبدي مرونة مفرطة تبدو كأنما تتجاوز الخطوط الوطنية الحمراء في حرصه على إنجاح لقاء أنابوليس -- الذي يجري التخطيط لعقده ليتزامن بالمصادفة أو عمدا مع الذكرى الستين لصدور قرار تقسيم فلسطين رقم 181 في 29 كانون الأول / نوفمبر 1947 -- يقوم نظيره الإسرائيلي بالتصعيد الميداني والسياسي ، التكتيكي والإستراتيجي ، حد التهديد بإفشال المؤتمر قبل أن يبدأ ، بهدف انتزاع تنازلات فلسطينية في القضايا المفروض أن يجري التفاوض عليها قبل بدء المفاوضات عليها ، خالقا وضعا حول المؤتمر فعلا إلى مناسبة علاقات عامة دون أي مضمون ودفع معلقا إسرائيليا إلى الاستنتاج بأنه يجري في إسرائيل الآن "اغتيال أنابوليس" قبل انعقاده ، كما كتب يوسي فيرتر في هآرتس في اليوم الذي كان فيه الفلسطينيون في عطلة وطنية الخميس الماضي بمناسبة "إعلان الاستقلال" .

إن التناقض بين عنوان خبر نشرته باللغة الإنكليزية وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" في 15 الجاري وبين نص الخبر ، عندما نسب العنوان إلى الرئيس محمود عباس القول إن "السلام القائم على العدل فقط هو الذي يحقق السلام لفلسطين وإسرائيل" بينما نسبت مقدمة الخبر لعباس القول إن "السلام القائم على الظلم فقط" هو الذي يحقق ذلك ، ... إن هذا التناقض عكس حالة التخبط التي يجد المفاوض الفلسطيني فيها نفسه بين "التشاؤم" وبين "التفاؤل" وبين الأمل وبين الوهم ، وهو تخبط لم ينتقل لحسن الحظ إلى شعبه الذي عركته التجربة لكي يعرف تماما كيف يفرق بين الطموح الوطني الواقعي وبين الواقعية السياسية الغارقة في الوهم .

وانعكس هذا التخبط بين التفاؤل وبين التشاؤم في تصريحات للرئيس الفلسطيني نفسه لا تفصل بينها إلا بضعة أيام . ففي يوم الجمعة الماضي أبلغ عباس خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز تشاؤمه إزاء فرص نجاح أنابوليس ، على ذمة سفيره في الرياض جمال الشوبكي ، وذلك بعد أربعة أيام فقط من التفاؤل الذي أبداه في العاصمة التركية أنقرة عندما كرر قوله إن أنابوليس "فرصة تاريخية" وشاركه في الوصف نفسه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ، مكررين كليهما وصفا يجري ترويجه منذ فترة من قبل قادة عديدين لإشاعة جو إيجابي يساعد ، كما يأملون ، في إنجاح أنابوليس . لكن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في اليوم التالي ، الأربعاء ، استخدم مصطلحا معدلا لمؤتمر أنابوليس عندما وصفه ب"فرصة فريدة من نوعها" . وربما يكون مصطلح "الفرصة الأخيرة" التي وصفه بها الملك عبد الله الثاني هو الوصف الأدق والأقرب إلى الواقع .

مرونة فلسطينية وتصعيد إسرائيلي

والمراقب لا يسعه إلا ملاحظة كيف تسعى إسرائيل عامدة متعمدة إلى "اغتيال" هذه "الفرصة" سواء كانت تاريخية أم أخيرة ، إذ بالرغم من التنازلات التكتيكية والإستراتيجية التي يحاول المفاوض الفلسطيني بواسطتها إثبات مرونته وحرصه على إنجاح مساعي السلام عبر بوابة أنابوليس فإن نظيره الإسرائيلي يقابلها بتصعيد إسرائيلي ميداني تكتيكي -- يتمثل بمواصلة الاعتداءات والاغتيالات وعمليات الاجتياح العسكري -- وإستراتيجي يتمثل في الاستعداد لإعادة اجتياح قطاع غزة بعد مؤتمر أنابوليس ، وبتصعيد سياسي لا يأبه بأي مرونة أو حرص مماثلين ، تكتيكيا بإثارة المزيد من العقبات أمام نجاح أنابوليس وإستراتيجيا بمحاولة فرض نتائج مسبقة لقضايا الوضع النهائي بطرح شروط جديدة للدخول في عملية التفاوض مثل انتزاع اعتراف فلسطيني بيهودية إسرائيل .

وكان القرار الذي صادق عليه الكنيست بالقراءة الأولى الأسبوع الماضي بتعديل قانون قديم يجيز إجراء أي تغيير في وضع القدس بأغلبية 61 صوتا لينص مشروع القانون الجديد على أغلبية 80 صوتا هو أحدث التكتيكات ألإسرائيلية "لاغتيال" أنابوليس باستباق أية نتائج يمكن أن تتمخض عن المفاوضات فيها .

إن تجديد الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل ليشمل يهوديتها يحسم مسبقا إذا ما تحقق أي "حل عادل ومتفق عليه" لقضية اللاجئين الفلسطينيين ويهدد مصير مليون وربع المليون عربي فلسطيني من الصامدين فوق أرضهم منذ عام 1948 بالتمهيد للإبعاد الجماعي لهم (الترانسفير) ، كما أنه يمثل ذروة الاستهتار بمبادرة السلام العربية التي نصت على ذلك ويمثل أيضا استهتارا بالدول العربية التي تسعى إسرائيل إلى التطبيع معها في أنابوليس لكنها تنتهك مبادرتها للسلام قبل ذلك .

وجعبة بائع وهم السلام الإسرائيلي مليئة دائما بوسائل الابتزاز . ففي منتصف الشهر الجاري بدأت المنظمة الصهيونية الأميركية حملة لكي تلغي حركة فتح التي يقودها عباس ميثاقها (المجمد حقا منذ ثلاثين سنة) كشرط مسبق لذهاب إسرائيل إلى أنابوليس !

وأسلوب إسرائيل هذا في محاولة الحصول على ما تريد أولا ثم تعد بدفع الثمن آجلا يتضح بصورة أكثر جلاء في ابتزازها ل"شريك" السلام الفلسطيني . فعلى سبيل المثال ذكرت الجروزالم بوست يوم الجمعة الماضي أن المؤسسة العسكرية أوصت حكومة إيهود أولمرت بعدم تقديم "مبادرات حسن نية" للجانب الفلسطيني ، مثل تطبيق الالتزامات الإسرائيلية بموجب المرحلة الأولى من خريطة الطريق الخاصة بتجميد الاستيطان أو إطلاق سراح أسرى فلسطينيين أو تخفيف الحواجز التي تحد من حرية حركة الناس والبضائع ، قبل لقاء أنابوليس ، وفي الوقت نفسه أوصت بالإصرار على تطبيق الجانب الفلسطيني لالتزاماته بموجب "الخريطة" قبل الذهاب وهو ما يحدث فعلا الآن من خلال التنسيق الأمني (نهارا للأمن الفلسطيني وليلا لقوات الاحتلال كما في مدينة نابلس) .

لقد راقب المواطن الفلسطيني بمشاعر اختلط فيها الألم والغضب كيف تحولت الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد ياسر عرفات إلى مناسبة دمويه لتعميق الانقسام الوطني ، بينما كان ينبغي استثمار المناسبة الجليلة لتوحيد الصف الوطني حول السبب المباشر لحصار الزعيم الراحل ثم استشهاده وهو الغدر التفاوضي به في قمة كامب ديفيد أواخر عام ألفين التي يصر المفاوض الفلسطيني الآن على تكرار خطأ الذهاب إليها بالذهاب إلى كمين تفاوضي إسرائيلي – أميركي جديد في أنابوليس ، لكي يلدغ المفاوض نفسه من الجحر ذاته مرتين .

ويبدو أن تسعير حدة الانقسام الفلسطيني لا هدف لها سوى صرف أنظار الرأي العام الوطني عن الكمين التفاوضي الجديد الذي ينساق أو يُساق إليه المفاوض الفلسطيني .

إن عدم وجود انقسام فلسطيني لم ينقذ عرفات من الكمين الإسرائيلي – الأميركي الذي نصب له في كامب ديفيد قبل سبع سنوات وعلى الأرجح أن الانقسام الفلسطيني الحالي يهدد القيادة الفلسطينية ومعها القضية الوطنية برمتها بعواقب أوخم إذا ما أصرت على الذهاب إلى الكمين الجديد بالرغم من وعيها المعلن بمخاطر ما هي مقدمة عليه لأن الانقسام الفلسطيني هو الحجة الأقوى التي يلقيها المفاوض الإسرائيلي في وجه نظيره الفلسطيني لكي يتهمه بالضعف تمهيدا لاتهامه بالعجز عن الوفاء بأية التزامات يوقع عليها في أنابوليس لكي يتنصل الإسرائيلي من استحقاقات دولية لعملية سلام يصر حلفاء الاحتلال الإسرائيلي على إحياءها لأسباب أصبح من المعروف أن لا علاقة لها بالسلام .

المفاوض الفلسطيني يكرر أخطاءه

والخطأ الأكبر الذي يكرره المفاوض الفلسطيني ، وهو ما زال نفسه لم يتغير ، هو الموافقة على الذهاب إلى مؤتمر دولي جديد بينما إسرائيل لم تف بعد بالتزاماتها التي وقعت عليها أو تعهدت بها للجانب الفلسطيني في مؤتمرات مماثلة سابقة.

في صيف عام ألفين تعرض عرفات لضغوط خارجية أميركية وأوروبية وعربية وضغوط داخلية أكبر منها من فريق بلغ التزامه بالتفاوض حد الإدمان لكي يذهب إلى كامب ديفيد لبحث قضايا الوضع النهائي قبل أن ينفذ الاحتلال الإسرائيلي التزاماته بموجب اتفاقات أوسلو الانتقالية ، فقد كان على الجانب الإسرائيلي تنفيذ المرحلة الثالثة لإعادة انتشار قواته المحتلة في الضفة الغربية قبل الشهر السابع من عام 1999 لكنه تنصل من تنفيذها بالهروب إلى الأمام ، إلى بحث قضايا الوضع النهائي في كامب ديفيد ، وما كان ينبغي الذهاب إلى هناك للتوقيع على اتفاقات جديدة قبل الانتهاء من تنفيذ ما تم التوقيع عليه مسبقا . وكان هذا الاستحقاق الإسرائيلي وما يزال برسم التنفيذ .

وها هو فريق التفاوض الفلسطيني نفسه يريد تكرار الخطأ نفسه بالذهاب إلى كمين أنابوليس الجديد قبل أن ينفذ الجانب الإسرائيلي ما سبق أن تعهد به للرئيس عباس بإعادة انتشار قوات الاحتلال إلى مواقعها قبل 28 أيلول / سبتمبر 2000 ، وهو المطلب الذي طالما أعلنه المفاوض الفلسطيني قبل أن يطويه النسيان مع غيره من المتطلبات التي كان يعلنها هذا المفاوض كشروط لنجاح أنابوليس مثل السقف الزمني (ستة أشهر) والوثيقة التفصيلية التي ستقدم إلى المؤتمرين والضمانات الدولية للتنفيذ وآلياته وغير ذلك مما تنازل عنه هذا المفاوض تكتيكيا في تهالكه على الذهاب إلى مؤتمر تشوب مرجعياته الإستراتيجية مطاعن وطنية يكاد يجمع الطيف الفلسطيني بألوانه كافة على التحذير منها .

إن تفاصيل عملية السلام التي أغرق بها التحالف الأميركي الإسرائيلي العرب بعامة والفلسطينيين منهم بخاصة قد غيبت عن وعيهم العام حقائق إستراتيجية أساسية أهمها أن هذه العملية تجري في ظل اختلال ساحق لموازين القوى لصالح هذا التحالف ، وأن هذه العملية لم تبدأ إلا بعد ضمان التفوق الساحق لهذا التحالف بعد إخراجه لقوى عربية أساسية من الصراع (مصر) أو تدمير قوى أخرى (العراق) أو حصار قوى ثالثة (سوريا) أو إشغال قوى رئيسية رابعة داخليا (السعودية والجزائر) أو تحييد قوى خامسة بربطها بطريقة أو بأخرى بهذا التحالف (الأردن وموريتانيا والكويت) أو بتهديد القوى الباقية ب"بعبع" الإرهاب الدولي أو بالبعبع الإيراني لكي لا تستغني عن "حماية" هذا التحالف (دول الخليج العربية) .

أما الحقيقة المغيبة الأهم فهي أن الحليفين اللذين يعتمدان استخدام القوة العسكرية أو التهديد بها كأداة رئيسة في السياسة الخارجية لا يمكنهما اعتماد الوسائل والحلول السياسية والدبلوماسية إقليميا وعالميا لتسوية الصراعات والمنازعات الدولية ، وأن من يصنع الحرب لا يمكنه أن يصنع إلا سلاما مبنيا على نتائج حروبه ، وأن من مارس الغزو فالاحتلال في العراق لا يمكنه أن ينهي الاحتلال في فلسطين ، وأن من دعم الاحتلال الإسرائيلي تمويلا وتسليحا وحماية سياسية ودبلوماسية طوال ستين عاما إنما يفتقد كل مصداقية وأهلية لإنهاء هذا الاحتلال دون ضمان مكاسبه .

وهذه الحقائق الأساسية التي يغيبها صانع القرار العربي عن جمهوره لأنه اختار السلام مع الحليفين المحتلين ك"خيار إستراتيجي" لم تغب عن الحركة الشعبية الأميركية المناهضة للحرب التي دعا ائتلافها مؤخرا إلى تنظيم مظاهرة في 27 الشهر الجاري أثناء "اجتماع السلام المزيف" الذي يعقده الرئيس جورج دبليو. بوش في الأكاديمية البحرية بمدينة أنابوليس في ولاية ميريلاند ، أو "متى انعقد هذا الاجتماع" كما جاء في بيان للائتلاف .

"إنها إهانة بالغة" لشعوب الشرق الأوسط ولكل محبي العدل أن "يتجرأ" بوش على عقد "اجتماع سلام" بينما تواصل واشنطن احتلالها للعراق وإثارتها لعدم الاستقرار في المنطقة وقد انكشف زيف هذا اللقاء بعد أن تقلص "مؤتمر سلام الشرق الأوسط" العتيد إلى مجرد "لقاء ليوم واحد" كما قال البيان ، الذي خلص إلى أن الهدف من لقاء أنابوليس هو "محاولة فرض تنازلات جديدة على الشعب الفلسطيني ، وفي الوقت نفسه محاولة تطبيع علاقات حكومات عربية مع إسرائيل بينما تستمر تل أبيب في عدوانها الشامل على الشعب الفلسطيني" وأن الهدف من اللقاء هو "الإعداد لحرب جديدة" .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*

ليست هناك تعليقات: