الأربعاء، نوفمبر 21، 2007

من ذاكرة الأسر 11

راسم عبيدات
الأسيران رأفت العروقي ورياض عيسى" الأرب"
شموع على طريق الحرية

......... هؤلاء الرفاق عرفوا المطاردة قبل الإعتقال، فهم من المطاردين لمجموعات النسر الأحمر في منطقة القطاع، ورياض عيسى"الأرب ، هو كالقطط بسبعة أرواح ، حيث أن سبب التسمية يعود، إلى ان المناضل رياض عيسى ، أثناء العمل في إحدى الورش ، سقط عليه أحد المصاعد، ونقل للعلاج في مصر، وذهب شقيقه لزيارته، وهناك نادي عليه رياض بالمصرية، حتى يقترب منه" أرب ... أرب "، و"الأرب" أثناء المطاردة ، ويبدو انه أثناء التدرب على السلاح، خرجت من مسدسه بطريق الخطأ طلقة لتصيب طفلة وتقتلها، ومن هول الصدمة، ترك رياض المسدس، وراح يعدو ويقول قتلتها قتلتها، ورياض ورأفت إلتقيتهما في سجن عسقلان عام 2001، ومجدداً إلتقيت برأفت في عسقلان عام 2005، وكذلك رياض في " معبار" بئر السبع، ورياض الذي سكنته معه في غرفة 13 في سجن عسقلان ، لديه عادة غريبة فهو، يثور لأتفه الأسباب، ثم بعد ذلك يهدأ، وكما يفعل رحمة الرئيس الراحل أبو عمار، يقوم بالإعتذار لك وخذ بوس، وأذكر انه عندما سكنت في هذه الغرفة ، قلت هذا عقاب من التنظيم لي ، حيث أن " الأرب " كان يحب ان ينام باكراً، وانا وعدد من الأسرى الآخرين، وتحديداً مصطفى المسلماني "أبو الأديب " وعماد عصفور " أبو العبد" كنا نسهر، وهنا تثور ثائرة "الأرب "، وثائرة"الأرب"، لم تكن لهذا السبب فقط ، بل أنه كان في الغرفة ، تلفزيون صغير 14 بوصة للرفيق عماد زعرب ، وكان" الأرب" يريد أن يحضر عليه مبارة رياضية ، وعماد يريد أن يحضر فيلم اجنبي ، وهناك تقع الواقعة ، وهات تحجيز وحل مشاكل، وفي يوم من الأيام، حيث كنت أتعلم العبري، على يد المناضل ياسين أبو خضير، قال لي إذهب إلى أخي " الأرب" ، حيث ان ياسين يعتبر " الأرب" شقيقه ، فوالدة المناضل ياسين ، والتي توفيت رحمها الله وياسين في المعتقل، كانت تقوم بشكل منتظم بزيارة" الأرب"، عندما كان اهله لا يتمكنون من زيارته، وقل له يا " أرب" بالعبرية" عبارة معينة والعبارة تحتمل معنين، إحداهما سلبي والآخر عادي، وهنا ثارت ثائرة " الأرب" وأرغى وأزبد، وفشلت كل المحاولات للصلح معه، وإقناعه بان القصد من العبارة المعنى الإيجابي وليس السلبي ، حتى تمكن ياسين من إقناعه، وعادت المياه إلى مجاريها ،"والأرب" ، من أشد الرفاق حرصاً وطيبة، وهو غيور على مصلحة الرفاق، وأشد ما يكره المسؤولين، الذين يستغلون مواقعهم من أجل قضايا شخصية وتغليفها بالمصلحة التنظيمية، ولعل الجميع يذكر أن"الأرب" عندما كانت "البيلفونات" أيام العز تملىء السجون ، كان يشرف على ترتيب الأدوار وكذلك الحرص على المولود وتأمين سلامته ،وعندما كان يجد ان من يقوم بإستغلال ذلك، يعلنها ثورة عارمة ويقول من الذي إبتلانا بهذه القيادات، و"الأرب" كان لديه أحاسيس ومشاعر جياشه، وعندما أحب فتاة معينة، أخلص لها اكثر من إخلاصه وولاءه للتنظيم والحركة الأسيرة، وكان صديقه ورفيقه رأفت العروقي، في إطار المزاح والدعابة، عندما يتكلم مع والدة "الأرب"، ويحاول ان يقنعها بعدم صوابية إختيار رياض، وأن لا توافق على هذه الزيجة ،"والأرب" كان يستشيط غضباً من رأفت من هذه القضية، وكان يقول على سبيل المزاح والدعابة" طيب يا رأفت الكلب"، و"الأرب" يحتفظ بعلاقات إعتقالية واسعة، وأضحى لديه خبرات واسعة في الشؤون والقضايا الإعتقالية ، ومن هنا تراه دائم الحرص على الرفاق والمعتقلين الجدد .
أما الأسير المناضل رأفت العروقي"أبوعلم"، والذي إكتسب خبرة واسعة في الشؤون والقضايا الإعتقالية ، بحكم عمله ودوره في لجنة الحوار الوطني والخارجية،والذي تعرفت عليه في سجن عسقلان 2001 ، عندما كان يسكن في غرفة 26 ، أذكر انه في إحدى المرات دعاني إلى زيارة لغرفتهم، عندما كانت الحركة الأسيرة في أيام عزها، وبطبيعته فهو يحب " النهفات"والمزاح، كان يحتفظ بعصير عنب معتق في غرفته ، حيث شربنا معاً، وطبعاً عصير عنب وليس شيئاً آخر وحتى لا يقوم البعض بتأويل الأمور، وفي يوم إستشهاد الرفيق والقائد الوطني أبو علي مصطفى، وكنت أسكن في غرفة 13، حيث كنت في أقصى درجات التوتر، حيث أن السجن حتى فترة الظهيرة، لم يأخذ قراراً بعمل تأبين للقائد الكبير في ساحات المعتقل ، وتوجهت بدون إذاً من الإدارة إلى حيث يسكن رأفت ، حيث أسمعت كل الموجودين من مختلف الفصائل كلاماً قاسياً ،بأنه لا يجوز لنا كأسرى ومناضلين ، ان يستشهد قائد بهذا المستوى والرمزية، ولا نقوم بعمل تأبين له على مستوى المعتقل، وحاول البعض أن يبرر ذلك بأنه منذ مدة لم يجري القيام بعمل من هذا النوع ، وأخيراً جرى الإتفاق على أن يتم عمل التأبين في الساحة الرئيسية للمعتقل ، وأن يقوم الرفيق المخضرم والقائد سامر المحروم بإلقاء بيانأ حول ذلك ، وبالفعل ألقى البيان، ومباشرة قامت إدارة المعتقل بعزله وترحيله إلى ، قسم العزل في سجن بئر السبع، ولكي تقوم إدارة المعتقل بعد الظهر، بوضع المناضل الرفيق العملاق مؤيد عبد الصمد"الشيص" في الزنازين بعد أن ألقى البيان الإعتقالي بمناسبة جريمة الإغتيال القذرة، والمناضل رأفت العروقي يقيم علاقات واسعة جداً مع مختلف ألوان الطيف السياسي في المعتقل، بالإضافة إلى كونه قادر على نسج العلاقات الإجتماعية مع الأسرى وعائلاتهم، حيث يقوم بالتراسل والتواصل معهم، والعروقي يحقد على القيادات كونهم، لا يعتقلون أو يعتقلون لفترات بسيطة، ولا يعيرون الأسرى الإهتمام الكافي ،إلا عندما تعتقل القيادات، والعروقي لا يحب القراءة كثيراً ، ودائم الوصف للمناضلين المثقفين بالثوار الكتبة والذي يرى أنهم فقط يستعرضون قدراتهم الثقافية على المناضلين الأسرى، ولعل طول مدة الإعتقال، فعدا عن كونها أكسبت المناضل العروقي خبرات واسعة في الإطار الإعتقالي والعمل الحزبي والتنظيمي، فهو يميل إلى النزق والحرد وعدم تحمل النقد أحياناً، وبالمقابل فإنه يهتم بشكل جدي بالرفاق والمعتقلين الجدد، وهذا الإهتمام يكون بالرفاق والمناضلين الجدد من الشباب، كونهم يفتقرون إلى الخبرة والتجربة الإعتقالية وواقع حياة الأسر، وهو يحنو على الرفاق الصغار، كما تحنو الأم على أولادها، والعروقي وحسب إعتقادي ومشاهداتي لرسوماته، فنان تشكيلي ورسام كاريكاتير جيد جداً، وإذا ما وجد جهة ترعاه وتهتم بطاقاته وإبداعاته، فلا شك انه سيكون مبدع في هذا الجانب والمجال، والعروقي قبل ذلك إنساني إلى أبعد الحدود ، وخصوصاً تجاه الأطفال، وأنا أذكر حادثة شخصية مع إبني مالك، وكون عمره لا يتجاوز السبع سنوات، حيث رفض الدخول لزيارتي من غرفة المعتقل إلى الشبك ،إلا إذا إشتريت له" play station "، وكون المناضل العروقي من المناضلين الذين يسمح لهم في تلك الفترة الدخول لغرف الزيارة، وزيارة أقسام السجن، دعوته لإقناع مالك والتعهد بإخراج هذه اللعبة له في الزيارة القادمة، ولم يتمكن العروقي في الزيارة القادمة من إخراجها، ومالك كال له اتهامات بالكذب وعدم الصدق، ولم يأتي لزيارتي إلا بعدما أخرج له رأفت اللعبة .
ورأفت ورياض هم من أبناء قطاع غزة ، والذين يفترض أن يتحرروا من الأسر، بخروج الإحتلال من القطاع، ولكن الإحتلال الذي يضرب بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق الدولية ،يصر على عنجهيته وغطرسته وتحديه لحقائق التاريخ ، وهؤلاء المناضلين الذين قضوا فترات طويلة في المعتقلات ، يجب أن يكون دائماً هناك إصرار على أن تكون لهم الأولوية في أية عمليات إفراج أو صفقات تبادل.


القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: