الجمعة، نوفمبر 09، 2007

الوطن يستحق التضحية

لاحظ س. حداد
برقية إلى رئيس تكتل الإصلاح والتغير النيابي
الجنرال ميشال عون المحترم
بيروت - لبنان

عزيزي الجنرال
نحن وجميع اللبنانيين في العالم نشاركك الرأي والغبة في وجوب إصلاح إدارة الوطن وتغيير نظامه السياسي نحو الأفضل.. لكن بالطرق الديمقراطية.
إن الإصلاح والتغيير لا يمكن أن يتم دفعةً واحدة إلاّ عن طريق انقلاب عسكري وفي أنظمة دكتاتورية.. ولبنان يتمتع بديمقراطية شوهتها دكتاتوريات الطوائف.. وهذه تستدعي الكثير من التأني والحكمة في بلدٍ رسالته تعايش الأديان.
أنتَ تعلم أن لبنان يخرج من سيطرة غريبة بعد معاناة نحو ثلث قرن وان عملية تثبيت استقلال سيادته تأتي في الدرجة الأولى وقبل المباشرة في إصلاح الفساد المتجذّر في إدارته وهذا يستوجب مساهمة جميع قياداته لتحسين نظامه السياسي وإبعاده عن سياسة المحاور..
أنتَ تعلم أن مقوِّقات كثيرة اعترضت مسيرة استنهاض مؤسسات الدولة واستعادة زمامها أهمها:
جرائم الاغتيال والتدمير التي عمت الكثير من مرافق البلاد الاقتصادية والانسانية وخاصةً تلك التي رافقت قيام المحكمة الدولية لمحاسبة المجرمين والقتلة.. وهذه وحدها أخذت حيِّزاً هاماً من اهتمام الدولة الناهضة حديثاً من تحت نير الاحتلالات.
الحرب التي اندلعت بين المقاومة الإسلامية وإسرائيل وقتلت وجرحت الألاف وشردت مئات الألاف وضربت لبنان من أقصاه إلى أقصاه، دون جُـرمٍ اقترفه شبه، واستدعت تدخل العالم أمنأً ومساعدات إنسانية؛ وحوَّلت بل أعاقت إلى حدٍ كبير مسيرة السلام والاستقلال.
الحرب الإرهابية التي قادها شذّاذ الآُفّـَاقُ وشراذم الأصوليين والمغامرين بل والحالمين بإنشاء امارة أصولية، وما ارتكبوه من جرائم ذبحٍ لجنود جيشنا الوطني واعتداء على كرامتنا الوطنية؛ وما رافق عملية استئصال شأفة إرهابهم من ضحايا ودماءٍ ذكية دفعها جيشنا ومدنيين لبنانيين ولاجئين فلسطينيين، ما استدعى تشريد عشرات الألاف منهم عن مواطنهم وتدمير شبه كامل لها.. حربٌ شرَف الجيش الوطني بتضحياته وفاءَه الكبير للوطن.
أنت تعلم أن الأزمة السياسية المفتعلة، بدأت مفاعيلها بأيدي غريبة أو مُغَرَّبَة إلى لبنان وانخرط فيها كل من له غاية في إبقائه ساحة صراع بين الدكتاتورية البائدة والديمقراطية المتجددة.. وأن ليس للبنان أية مصلحة للدخول في مداراتها..
أنتَ، من المؤكد علمك، بأن معركة رئاسة الجمهورية ليست ولن تكن من أجل استرجاع حق المسيحيين في السلطة بقدر ما هي للإيقاع بينهم وبين أخوتهم [ لن نقول: شركاءَهم ] في الوطن وتأتي من تشريع أبواب الفرقة مجدداً بينهم.. أُخوة، نحن لم نصدّق بعد أنهم عادوا إلينا بكل الأيمان والولاء والانتماء للوطن الكل المُوَحَّد.. فكيف نجرؤ بعد في التشكيك بهم؟
وبعد،
نحن لا ولن نصدّق أن الجنرال الذي قاد مسيرة تحرير الوطن من منفاه راغب فعلاً في التخلي عن مبادئه في سبيل الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية.. وتَعثُّر وصولك إلى رئاسة الجمهورية، ومهما كانت الدوافع وطنية، لا يستوجب دفع الوطن بأسره إلى المصير المعلوم.
إن خدمة الوطن ليست في المفام الذي يتبؤه المرؤ بل من الموقع الذي يحتله في قلوب الشعب والممارسة الحقيقية لتحقيق ما هو خيرٌ له.. ومتى هددت هذه الممارسة وجود هذا الشعب تصبح جريمة كبرى ترتكب في حقه، وإن ما هو حاصل اليوم على أرض الواقع لا يمكن أن يحقق هذا الخير.. فالشعب المنهك باقتصاده وحرية تحركه وخوفه بل رعبه من الآتي، يدفعه إلى الكفر بكل خيرٍ قد يأتي ويفرض عليه إما الهجرة وإمّا الاستعداد للدفاع عن نفسه... باقتناء السلاح!
المحصّلة، ايها الجنرال،
إن الذي ضحى بحرية إقامته في وطنه لسنوات طويلة عليه أن يضحي ببعض رُءاه " إلى روما من فوق" وسوف تجد أن بقاء الوطن وصموده أهمّ من جميع الرئاسات وصمود رؤسائه..
إن الواجب الوطني، ولن نقول الدستوري، هو الذي أوجب على السياسيين اللبنانيين التوجّه إلى الطائف والاتفاق على وثيقة الوفاق الوطني.. لم يكن تصرفهم كيديّاً نحوك ومنعاً لك من الوصول إلى كرسي الرئاسة، بل إنقاذا للوطن من طاحونة الحرب المدمرة له والقاتلة لشعبه.. واليوم أشبه بالأمس، تصرُّفُ النواب، جميع النواب، لن يكن كيدياً نحوك أو لمنعك من الوصول إلى الرئاسة.. فالأحرى بك أن تأتي المبادرة الانقاذية منك أنتَ شخصياً.
نناشدك أن لا تتخلى عن الترشُّح للرئاسة بل الاصرار عليها ولكن عليك القبول بمرشحٍ آخر والمُضي بالعملية الديمقراطية، ولن نقول الدستورية، حتى ول كنتَ متأكداً من عدم حصولك على النسبة اللازمة للفوز.. نذكرك بالرئيس كميل شمعون، رحمه الله، كيف أصر للترشح مقابل الجميل فقط من أجل تثبيت الديمقراطية..
إن مجالات الإصلاح والتغيير المزمع تطبيقها من خلال رئاسة الجمهورية هي أوسع وأكثر سهولة من خلال مشاركة فعلية في مجلس الوزراء الذي يجب الاتفاق على بيانه الضامن والشامل للمسلمات الوطنية الكبرى التي أعلنها نداء بكركي.. فهلاّ ارتأيتَ رأي السياديين الذي وقفوا معك والتضحية بما يصفك القوم من مقولة "أنا أو لا أحد" وتتجلى مجدداً في مسيرة تحرير لبنان.
صانك الله لبنان

التيار السيادي اللبناني العالمي / نيوزيلندا.

ليست هناك تعليقات: